كشف مجلس الشيوخ الأميركي، الأحد، عن مشروع قانون لأمن الحدود وافق عليه الحزبان الجمهوري والديمقراطي بقيمة 118 مليار دولار، سيوفر أيضاً مساعدات لأوكرانيا وإسرائيل وتايوان بعد أشهر من المفاوضات، لكن الإجراء يواجه مستقبلاً غامضاً وسط معارضة من رئيس مجلس النواب وأيضاً من الرئيس السابق دونالد ترمب والجمهوريين المتشددين.
وعقب الإعلان عن مشروع القانون، كتب رئيس مجلس النواب مايك جونسون عبر منصة "إكس" أن "مشروع القانون أسوأ مما توقعنا، ولن يقترب من إنهاء الكارثة الحدودية التي تسبب بها الرئيس"، متعهداً بأنه "إذا وصل مشروع القانون هذا إلى مجلس النواب (الذي يهيمن عليه الجمهوريون) فسيكون ميتاً عند وصوله".
ويقضي مشروع القانون بمقايضة إقرار المساعدات لكييف، إحدى أولويات الرئيس الأميركي جو بايدن، بتوفير تمويل لتشديد أمن الحدود، وفق مطالب الجمهوريين.
وقال زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ (الديمقراطي) تشاك شومر إنه سيتخذ خطوات لإجراء تصويت أولي على مشروع القانون الأربعاء المقبل، لكنه يواجه معارضة من أعضاء من الحزبين.
ووصف شومر صدور هذا الاتفاق بأنه "خطوة تاريخية صوب تعزيز الأمن القومي الأميركي في الخارج، وعلى طول حدودنا".
وقالت السيناتور المستقلة كيرستن سينما للصحافيين إن التشريع سيؤمّن الحدود الجنوبية للولايات المتحدة، عبر إجراءات من بينها مطالبة وزارة الأمن القومي بإغلاق الحدود إذا كان هناك أكثر من 5 آلاف محاولة عبور يومياً في المتوسط على مدار سبعة أيام.
هاجس ديمقراطي
واعتبرت صحيفة "وول ستريت جورنال"، أن صدور نص الاتفاق يُمثل "خطوة بالغة الأهمية في محاولة تمرير الإجراء المعقد لإصلاح قانون الحدود وإعادة تأكيد قوة الولايات المتحدة في الخارج".
وأضافت الصحيفة أن الحد من الهجرة غير الشرعية إلى الولايات المتحدة "طالما كانت أولوية قصوى لدى الجمهوريين"، ولكنه بات بصورة متزايدة "هاجساً ديمقراطياً" أيضاً، بعد أن بلغت أعداد عمليات الاعتقال على الحدود "مستويات قياسية"، وطلب رؤساء بلديات المدن الكبرى المساعدة الفيدرالية.
وتعكس بنود الاتفاق إلى درجة كبيرة "الأولويات الجمهورية"، فيما تستبعد المطالب الديمقراطية "القديمة"، مثل تقديم "مسار" لمنح المواطنة لمن يُسمون "الحالمون" الذين جُلبوا إلى البلاد في عُمر الطفولة.
أوجه الإنفاق في مشروع القانون الجديد
وإلى جانب 20.23 مليار دولار المخصصة لأمن الحدود، يتضمن مشروع القانون 60.06 مليار دولار لدعم أوكرانيا في حربها مع روسيا، و14.1 مليار دولار كمساعدة أمنية لإسرائيل، و2.44 مليار دولار مخصصة للقيادة المركزية الأميركية والصراع في البحر الأحمر، و4.83 مليار دولار لدعم شركاء واشنطن في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، حسب أرقام قدمتها السيناتور باتي موراي.
ويتضمن المشروع كذلك مبلغاً إضافياً قدره 10 مليارات دولار يخصص لتوفير المساعدات الإنسانية للمدنيين في قطاع غزة والضفة الغربية وأوكرانيا.
وستستفيد تايوان بدورها من الدعم الموجَّه إلى الشركاء في منطقتي المحيط الهندي والهادئ في ظل تصاعد التوترات مع الصين، كما سيستفيد النازحون الأوكرانيون من مساعدات بقيمة 2.33 مليار دولار، بحسب مشروع القانون المقترح.
وقدّمت الولايات المتحدة مساعدات لأوكرانيا بمليارات الدولارات منذ بدء الحرب مع روسيا قبل نحو عامين، لكن مشرّعين جمهوريين يبدون تردداً متزايداً إزاء مواصلة هذا الدعم لكييف، معتبرين أنه يفتقر لهدف واضح مع استمرار القتال ضد القوات الروسية.
بايدن يدعم "الصفقة"
وفي أول تعليق له على الإجراء، قال الرئيس الأميركي جو بايدن إنه "يدعم بقوة" الصفقة المشتركة، واعتبر أن الإصلاحات المتعلقة بأمن الحدود الجنوبية للولايات المتحدة هي "الأقوى والأكثر عدالة" منذ عقود، مشيراً إلى أنه سيستخدم الصلاحيات الجديدة لإغلاق الحدود إذا لزم الأمر.
وأضاف بايدن: "هنالك عمل كثير يجب القيام به لإيصاله (المقترح) لخط النهاية، وأضاف "الآن، على النواب الجمهوريين أن يقرروا. هل يريدون حل المشكلة؟ أم يريدون مواصلة لعب السياسة بشأن الحدود؟"
وحث بايدن الكونجرس على "الاجتماع معاً وتمرير هذه الاتفاقية بين الحزبين بسرعة، ووضعها على مكتبي حتى أتمكن من التوقيع عليها لتصبح قانوناً على الفور".
وأشارت وكالة أسوشيتد برس إلى أن مشروع القانون يخصص 20 مليار دولار لمسألة أمن الحدود، بما في ذلك توظيف آلاف الضباط الجدد لتقييم طلبات اللجوء، فضلاً عن المئات من عملاء حرس الحدود. وسيتم تخصيص بعض هذه الأموال للملاجئ والخدمات في المدن في جميع أنحاء الولايات المتحدة التي كافحت لمواكبة تدفق المهاجرين في الأشهر الأخيرة.
وعلى الحدود، يُحتجز ما يصل إلى 10 آلاف مهاجر يومياً بعد عبورهم بشكل غير قانوني من المكسيك وهو ما يصفه الجمهوريون بأنه "كارثة إنسانية".
ترمب يعارض ربط أمن الحدود بأوكرانيا
وفي نهاية يناير الماضي، أكد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب معارضته مشروع القانون الذي تَوافق عليه الحزبان الجمهوري والديمقراطي، وقال إن "اتفاقاً سيئاً للحدود أسوأ بكثير من عدم وجود اتفاق"، مضيفاً أن الوضع الحالي يشبه "كارثة على وشك الحدوث".
وتحوَّل مشروع القانون إلى مادة تجاذب باعتبار أن الهجرة قضية ساخنة تستخدم في الحملات للانتخابات الرئاسية التي تقترب على الأرجح من جولة إعادة بين ترمب وبايدن.
ووضع ترمب قضية الهجرة في مقدمة شعارات عودته إلى البيت الأبيض، محذراً من الوضع على الحدود التي يسهل اختراقها، ومنتقداً بشدة الجمهوريين الذين يدعمون مشروع القانون في مجلس الشيوخ.
وبينما يخوض حاكم ولاية تكساس الجمهوري جريج أبوت والحكومة الفيدرالية مواجهة بشأن السيطرة على الحدود، قال ترمب إنه سيمنح الولاية في حال انتخابه "دعمه الكامل" و"ينشر كل الموارد العسكرية وموارد إنفاذ القانون اللازمة لإغلاق الجزء الأخير من الحدود".
وقال ترمب: "سنبدأ أكبر عملية ترحيل داخلي في أميركا"، فيما أثار تعهده الذي تكرر خلال حملته الانتخابية هتافات الجمهور.
وبعد الضغط الكثيف الذي مارسه ترمب، أعلن رئيس مجلس النواب الجمهوري مايك جونسون في رسالة مفتوحة أنه في حال إقرار مجلس الشيوخ لقانون الهجرة، فإنه لن يمر أبداً في مجلس النواب.
وبينما يُتوقع أن يؤيد معظم الديمقراطيين في مجلس الشيوخ، الذي يضم 51 عضواً ديمقراطياً مقابل 49 جمهورياً، هذا المقترح، إلا أن أعضاء المجلس الجمهوريين أشاروا إلى أنهم سيقدمون فقط عدد الأصوات الذي يسمح بتجاوز عتبة الـ60 صوتاً المطلوبة للمضي قدماً، إذا التزم أكثر من نصف أعضاء مؤتمر الحزب الجمهوري في حزب الشيوخ (25 عضواً) بالتصويت بـ"نعم".