مع استمرار "عقدة غزة".. "هجوم النبطية" يدفع جبهة جنوب لبنان نحو الاتساع

time reading iconدقائق القراءة - 9
جندي إسرائيلي يقف بجانب وحدة مدفعية بالقرب من الحدود الإسرائيلية اللبنانية. 15 يناير 2024 - Reuters
جندي إسرائيلي يقف بجانب وحدة مدفعية بالقرب من الحدود الإسرائيلية اللبنانية. 15 يناير 2024 - Reuters
بيروت -عماد عاصي

تتجه الأنظار نحو الوضع في جنوب لبنان خوفاً من دخوله دائرة الخطر الشديد، تمهيدا ًلاندلاع حرب واسعة؛ من شأنها أن تشعل المنطقة، في وقت يسعى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى تحقيق نصر ما، بعدما فشل في تحقيق الأهداف التي أعلنها من الحرب على غزة، ومن بينها القضاء على حركة "حماس".

تلك المخاوف باتت ملحة، بعد أسبوع من التراجع الملحوظ في حجم العمليات والقصف المتبادل بين "حزب الله" والقوات الإسرائيلية، وما أعقبه نهار الخميس الماضي من استهداف مسيرة إسرائيلية بصاروخين موجهين لسيارة مدنية، كان يستقلها مسؤول عسكري في "حزب الله" في منطقة النبطية البعيدة عن الخط الأزرق قرابة 25 كيلومتراً عند الحدود الفاصلة بين لبنان وإسرائيل، ثم ما تبعها، السبت، من تنفيذ طائرة مسيرة إسرائيلية، غارة على سيارة في بلدة جدرا شمالي مدينة صيدا؛ ما أدى إلى وقوع إصابات.

بدوره، قال الكاتب والمحلل السياسي أمين قمورية لـ"الشرق"، إن "التصعيد الأخير في جنوب لبنان، مرتبط بالتصعيد في غزة،" وإنه من الواضح أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، "يربط مصيره بتطورات الحرب، وحتى الآن هذه الحرب لم تحقق أي مكسب يمكن البناء عليه".

واعتبر قمورية، أن "نتنياهو يخشى أن تنتهي الحرب دون تسجيل انتصار، وتنتهي بمصيره السياسي إلى أسوأ الأماكن"، مضيفاً أن رئيس الحكومة الإسرائيلية يريد لهذه الحرب أن تستمر بالتصاعد، و"بطبيعة الحال ما يجري في غزة مرتبط إلى حد كبير بلبنان، يصعّد في غزة ويصعّد في لبنان بهدف القول إنني باق، للوصول إلى تسوية ما تنقذ مستقبله السياسي".

غزة.. العقدة والحل

وعما إذا كانت جهود تهدئة الوضع في جنوب لبنان في ضوء التحركات الفرنسية والأوروبية ستحقق أهدافها، قال قمورية، إنه قبل انتهاء الحرب على غزة، لن يكون هناك تهدئة في جنوب لبنان، معتبراً أن "غزة هي العقدة وهي الحل، فإذا تم وقف إطلاق النار في غزة سينسحب ذلك على لبنان".

وأشار إلى أن الأمور المطروحة من خلال التحركات الدبلوماسية هي محاولة لتحقيق مكسب إسرائيلي؛ كضمانات  للمستوطنين عند الحدود مع لبنان قبل وقف الحرب، مؤكداً أن "حزب الله لا يمكن أن يقبل بذلك قبل وقف النار في غزة".

إلى ذلك، رأى النائب اللبناني غياث يزبك، أن القصف في النبطية وصيدا هو رسالة من قبل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي يسعى إلى إقامة منطقة عازلة بعمق 10 كيلومترات في جنوب لبنان؛ لتصبح إسرائيل بأمان نسبي لإعادة مستوطني الحدود الشمالية، الذين تركوا المستوطنات منذ إعلان "حزب الله" عن "مشاغلته للإسرائيليين" دعماً لقطاع غزة في 8 أكتوبر الماضي.

وقال عضو مجلس النواب عن كتلة الجمهورية القوية التابعة للقوات اللبنانية، لـ"الشرق"، إن إسرائيل تركز أيضاً على القول إنه إذا لم يستطع سكان المستوطنات العودة إليها، فلن تكون هناك عودة لـ100 ألف من النازحين اللبنانيين من القرى والبلدات  الجنوبية.

ودفع التصعيد خلال 4 أشهر، عشرات الآلاف من السكان على جانبي الحدود، إلى الفرار من منازلهم، في حين تضغط إسرائيل لإبعاد "حزب الله" عن حدودها الشمالية، من أجل ضمان أمن عودة سكان المنطقة الحدودية.

تجنب الحرب الواسعة

وأضاف أن "حزب الله"، "يحاول قدر المستطاع أن يتجنب الانزلاق إلى الحرب الواسعة، كي لا يخدم بنيامين نتنياهو الباحث بقوة عن استدراج الجماعة إلى هذه المعركة".

وعن التحركات الأميركية والأوروبية بشأن الوضع في جنوب لبنان، قال النائب غياث يزبك، إنه "لن يتغير  أي شيء في الجنوب؛ إذا لم يتم إرسال الجيش اللبناني بصورة جدية وكثيفة إلى مناطق الجنوب، للعمل مع قوات اليونيفل لتنفيذ القرار 1701".

في المقابل، قال عضو البرلمان اللبناني محمد خواجة، إن "جبهة الجنوب" على طبيعتها منذ أربعة أشهر،  فأحياناً تنخفض وتيرة المعركة وأحياناً ترتفع.

وأشار عضو كتلة التنمية والتحرير بالبرلمان، التي يرأسها رئيس مجلس النواب نبيه بري، إلى أنه لم يكن هناك أي نوع من التهدئة في الأسبوع الماضي، مشيراً إلى أن "السخونة" التي وقعت مؤخراً كانت من طبيعة المعركة المفتوحة في الجنوب. 

وأكد أنه "عندما تستهدف إسرائيل العمق اللبناني، حزب الله يرد، والتكتيك الذي يستخدمه أنه في حال  استهدفت إسرائيل هدفاً مدنياً يضرب في عمق المستوطنات الإسرائيلية، وكذلك عندما يحاولون اغتيال بعض القادة العسكريين التابعين لحزب الله يكون الرد باستهداف الثكنات العسكرية الإسرائيلية والقواعد الاستراتيجية كقاعدة ميرون"، موضحاً أن ما يجري هو "في صلب القواعد الحاكمة للاشتباك".

وأوضح خواجة، أن الحرب في الجنوب مرتبطة بالدفاع عن لبنان، وأن أكبر دليل على ذلك ما قاله الجنرال الإسرائيلي جادي إيزنكوت (الوزير في حكومة الحرب) في 11 أكتوبر، إنه منع  نتنياهو من شن حرب واسعة على لبنان، وذلك بعد 3 أيام من اندلاع "معركة طوفان الأقصى"، واعتبر أن ذلك يدل على أن سيناريو الحرب الإسرائيلية على لبنان قائم بكل لحظة.

ودلل على حديثه باستدعاء عدد كبير من قوات الاحتياط في إسرائيل، وتساءل: "لماذا هذا التحشيد إذا كان ليس هناك نية سيئة تجاه لبنان، اليوم جبهة غزة محدودة جغرافياً، ولا تحتاج إلى كل هذه القوات الإسرائيلية".

وقال إنه طالما استمرت الحرب على غزة فإن جبهة الجنوب ستبقى مفتوحة، مضيفاً: "كل الموفدين الذين يتقاطرون إلى لبنان يتلقون جواباً واحداً بأن الكلام عن الترتيبات مع الجانب الإسرائيلي وعن القرار 1701، يتم التطرق إليه بعد وقف الحرب على غزة".

وعن المبادرة الفرنسية والتحرك الأوروبي للتهدئة في الجنوب اللبناني، قال: حتى الآن لا تهدئة، وتساءل: "إذا كانت الولايات المتحدة غير قادرة حتى الآن أن تقنع الإسرائيليين بالتهدئة، فهل ستتمكن فرنسا من ذلك؟".

تخطي قواعد الاشتباك

على الصعيد العسكري، رأى الخبير العسكري والاستراتيجي، العميد ناجي ملاعب، أن إسرائيل تخطت، الخميس الماضي، قواعد الاشتباك، أي أنها اجتازت بقعة عمل قوات الأمم المتحدة "اليونيفل"، و"بدا الأمر وكأنه رد على عمل ما من قبل جماعة حزب الله"، ورجح أن يكون الأخير قد أوقع خسائر معيّنة لدى الجانب الإسرائيلي، الذي لا يعلن عن خسائره مباشرة، وردت عليها تل أبيب بهذه الطريقة.

وقال ملاعب، لـ"الشرق"، إن الجيش الإسرائيلي "يحاول دائماً الإعلان أمام الإعلام المحلي بأنه يستهدف قادة حزب الله رداً على أي عملية"، و"هذا يعطيهم نوعاً من الثقة بالنفس ، بأنهم قادرون على اغتيال قادة في صفوف الحزب".

وبحسب الخبير العسكري، فإن الأوضاع في جنوب لبنان، أمام مرحلة جديدة، "يمكن أن تتطور إلى توسيع جبهة الجنوب، غير أن ما يضمن بقاء الجبهة على حالها هو القرار الأميركي وليس القرار الإسرائيلي، وكذلك التفاهمات بين الولايات المتحدة وإيران، ومدى نجاح الدبلوماسية الإيرانية في التواصل مع الأميركيين؛ لأنه منذ بداية العمليات العسكرية في غزة حتى اليوم، تسلك إيران طريقاً دبلوماسياً كبيراً مواكباً لرسائل عسكرية".

وأضاف أن مدى الصراع لم يتغيّر تحديداً على جبهة جنوب لبنان، عدا حوادث معدودة خارج قواعد الاشتباك، لذلك نلاحظ أن هناك ضغطاً أميركياً على إسرائيل، إلى جانب الضغط الأوروبي والأميركي على لبنان لمنع توسيع الحرب.

وسيط أميركي مقبول

وأشار ملاعب إلى أن الموفد الرئاسي الأميركي آموس هوكستين، "لا يزال وسيطاً مقبولاً بين الجهتين"، وأجرى مؤخراً محادثات في تل أبيب، ومن المرجح أن يعود إلى لبنان، إذا كان لديه معطيات جديدة.

وأوضح أن هوكستين "يقوم بجهد دبلوماسي لوقف أي توسع في الجبهة"، الأمر الذي يؤشر إلى أن جبهة الجنوب اللبناني ستبقى "مضبوطة" ولن تتوسع "لا من قبل حزب الله ولا من الجانب الإسرائيلي".

وتشهد الحدود اللبنانية الإسرائيلية منذ اندلاع الحرب على غزة في السابع من أكتوبر الماضي، تبادلاً يومياً للقصف بين "حزب الله" وإسرائيل، ما أثار خشية دولية من توسّع نطاق التصعيد ودفع بمسؤولين غربيين إلى زيارة بيروت والحض على التهدئة.

ويعلن "حزب الله" استهداف مواقع ونقاط عسكرية إسرائيلية دعماً لغزة، بينما يردّ الجيش الإسرائيلي بقصف جوي ومدفعي يقول إنه يستهدف "بنى تحتية" للحزب وتحركات مقاتلين قرب الحدود.

تصنيفات

قصص قد تهمك