"التقدم في أوكرانيا" يعزز خطط بوتين بشأن "مواجهة طويلة" مع الغرب

مصادر: الرئيس الروسي يسعى لتغيير النظام العالمي.. وخصومه لا يستطيعون كبح طموحه

time reading iconدقائق القراءة - 6
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يترأس اجتماعاً عبر الفيديو مع أعضاء مجلس الأمن الروسي بمقر إقامته في "نوفو أوجاريوفو" خارج موسكو. 13 فبراير 2024 - REUTERS
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يترأس اجتماعاً عبر الفيديو مع أعضاء مجلس الأمن الروسي بمقر إقامته في "نوفو أوجاريوفو" خارج موسكو. 13 فبراير 2024 - REUTERS
دبي -الشرق

بينما يخوض الرئيس فلاديمير بوتين الانتخابات في روسيا والتي تبدو نتيجتها "محسومة"، يبقى خصومه، سواء داخل موسكو أو خارجها "عاجزين عن كبح جماح طموحاته" مع تحوّل دفة الحرب في أوكرانيا لصالحه، وفق "بلومبرغ".

ونقلت "بلومبرغ"، الجمعة، عن أشخاص مطلعين لم تكشف هوياتهم، قولهم إنه "إذا كانت فترة ولاية بوتين الأخيرة تدور حول محاولته تشكيل النظام العالمي بما يتناسب مع أفكاره، فإن الفترة المقبلة ستدور حول تصميمه على إكمال هذا المشروع".

وأشار خمسة أشخاص مطلعين، إلى أن الرئيس الروسي "يستعد الآن لمواجهة طويلة مع الغرب"، مشيرين إلى أنه حتى لو انتهت الحرب في أوكرانيا، فإن العلاقات بين موسكو والعواصم الغربية قُطعت، ولن يكون من السهل إعادتها.

وقال سيرجي ماركوف، وهو مستشار سياسي مقرب من الكرملين: "روسيا بحاجة إلى تأسيس عولمة موازية من أجل بناء عالم جديد، وهذا هو ما سيركز عليه بوتين".

ويبدو أن الرئيس الروسي سيبدأ فترة ولاية جديدة مدتها 6 سنوات وقواته في حالة هجوم للمرة الأولى منذ أشهر، حيث يواجه حلفاء أوكرانيا صعوبات للحفاظ على تزويد كييف بالذخيرة، كما لا تزال أكثر من 60 مليار دولار من المساعدات العسكرية الأميركية متعثرة بسبب الخلافات السياسية بين إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن والجمهوريين في الكونجرس، ما يجعل المسؤولين هناك يشعرون بالقلق من إمكانية حدوث تقدم روسي.

وقال مسؤول أوروبي كبير، لم تكشف "بلومبرغ" هويته، إنه كلما نجح بوتين في أوكرانيا، كلما قل استعداده لإنهاء الحرب، مشيراً إلى أن الهدف الحالي للغرب هو إبقاء كييف واقفة على قدميها لفترة كافية حتى يتساوى إنتاج الذخيرة مع المستويات الروسية بحلول عام 2025.

وذكرت "بلومبرغ" أن الكرملين يمارس الضغوط على دول مثل مولدوفا ودول البلطيق ومنطقة القوقاز باسم حماية الأقليات الروسية، كما يحذر قادة أوروبيون علناً من احتمال وقوع هجوم روسي على دولة عضو في حلف شمال الأطلسي "الناتو"، ويتساءلون عما إذا كانت الولايات المتحدة ستتخلى عنهم، إذا عاد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب إلى البيت الأبيض في نوفمبر المقبل.

واعتبرت "بلومبرغ" أن بوتين اكتسب فرصة لمواصلة تحدي الغرب من خلال دول الجنوب العالمي، وإضعاف العقوبات الدولية المفروضة على بلاده، لافتة إلى أنه أرسل الحبوب إلى ستة بلدان أفريقية، يدعم بعضها سياسته الخارجية في الأمم المتحدة والجهود الرامية إلى تقويض الغرب.

ووفقاً لما نقلته "بلومبرغ" عن أشخاص مطلعين، فإن الرئيس الروسي يرى أن هناك فرصة لإعادة تشكيل العلاقات العالمية لصالح بلاده وأنه يعتزم اغتنامها في فترة ولايته المقبلة.

وعلى الصعيد الداخلي، يستغل بوتين، وهو عميل سابق في الاستخبارات السوفيتية، الحرب باعتبارها العامل الحاسم في تشكيل نخبة سياسية وتجارية روسية قومية جديدة تحل محل الرأسمالية الجامحة التي ظهرت في التسعينيات في أعقاب انهيار الاتحاد السوفيتي.

"معارضة داخلية ضعيفة"

ولفتت "بلومبرغ" إلى أن خطط بوتين تواجه "معارضة داخلية ضعيفة" على نحو متزايد، فخلافاً لما حدث في السباقات الرئاسية السابقة، لم يسمح الكرملين حتى لمرشح مستقل بشكل رمزي بخوض الانتخابات هذه المرة.

في هذا السياق، قال توماس جراهام، وهو المدير السابق لشؤون روسيا في مجلس الأمن القومي الأميركي، والذي يعمل الآن في مجلس العلاقات الخارجية في نيويورك: "إن الجهود المبذولة لفرض العقوبات على موسكو بشكل أكثر فعالية تنطوي على خطر زيادة تنفير الدول الكبرى في الجنوب العالمي، وتقليل عزلة روسيا.. فالتحدي الذي يواجه الغرب وأوكرانيا الآن هو إقناع موسكو بأنها غير قادرة على تحقيق أهدافها في ساحة المعركة".

فيما قال كوستي سالم، وهو السكرتير الدائم في وزارة الدفاع الإستونية، إن الحرب هي عبارة عن "لعبة أرقام"، لافتاً إلى أن روسيا يمكنها تدريب ونشر ما يقرب من 40 ألف جندي خلال 6 أشهر، وهو ما يعني أن أوكرانيا ستكون بحاجة إلى القضاء على أكثر من هذا العدد خلال نفس الإطار الزمني، الأمر الذي أظهرت أنها تستطيع القيام به على مدى العامين الماضيين.

وقال كريستوف هيوزجن، الذي ساعد في التوسط في اتفاق مينسك لعام 2015 لوقف القتال في شرق أوكرانيا بصفته مستشار السياسة الخارجية للمستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل، وهو الآن يرأس مؤتمر ميونيخ الأمني: "على بوتين أن يعترف في مرحلة ما بأنه ارتكب خطأً فظيعاً".

مع ذلك، فإن الحرب لم تؤثر كثيراً على شعبية بوتين محلياً، إذ وجد استطلاع للرأي أجراه VTsIOM، ومقره موسكو، في الأول من مارس الجاري، وشمل 1600 روسي، أن أكثر من 77% يؤيدون أداء الرئيس.

وقالت إيرينا شيرباكوفا، وهي مؤرخة روسية وعضوة مؤسسة في منظمة "ميموريال" الحقوقية المحظورة من قبل بوتين، فإنه "على الرغم من أن القمع الحالي لا يضاهي نطاق القمع الذي كان موجوداً في الثلاثينيات في عهد جوزيف ستالين، فإنه يتساوى في مستوى القسوة، كما يشعر الناس بالخوف الشديد بسبب تأثير وسائل الإعلام".

ويبدو أن روسيا تخاطر الآن بالتحوّل إلى "ديكتاتورية تطلب من الجميع الولاء الكامل"، بحسب "بلومبرغ"، التي أشارت إلى أن المرشحين الثلاثة للرئاسة الروسية يمثلون أحزاباً موالية للكرملين بشكل تام، حتى أنهم لم يتظاهروا بفكرة التنافس ضد بوتين.

وتابعت: "يتمثل أهم أهداف الكرملين في هذه الانتخابات في الإقبال الكبير من جانب الروس غير المبالين في الانتخابات، وذلك للتأكد من أن يبدو فوز بوتين ساحقاً، وهو ما سيدعم رواية الكرملين بأن البلاد متحدة وراء مواجهته مع الغرب".

تصنيفات

قصص قد تهمك