"جرأة" هاريس في انتقاد إسرائيل.. خطوة محسوبة أم تجاوز لبايدن؟

time reading iconدقائق القراءة - 7
الرئيس الأميركي جو بايدن ونائبة الرئيس كامالا هاريس يلتقيان بقادة الكونجرس في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض في واشنطن، الولايات المتحدة. 27 فبراير 2024 - Reuters
الرئيس الأميركي جو بايدن ونائبة الرئيس كامالا هاريس يلتقيان بقادة الكونجرس في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض في واشنطن، الولايات المتحدة. 27 فبراير 2024 - Reuters
دبي-الشرق

عندما جلست نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس لإجراء مقابلة تلفزيونية خلال عطلة نهاية الأسبوع، اتخذت خطوة لم يقم بها أي مسؤول آخر في الإدارة حتى الآن، إذ لم تستبعد "عواقب" أميركية على إسرائيل إذا مضت في عملية رفح البرية ضمن حربها على حركة "حماس" بقطاع غزة

كان هذا هو الأحدث في سلسلة من التصريحات الحادة من هاريس التي انتقدت الحملة العسكرية الإسرائيلية على القطاع الفلسطيني المحاصر، كما أنها تتخذ خطوات أكثر تقدماً أو جرأة من الرئيس جو بايدن بشكل متواصل، وفقاً لمجلة "بوليتيكو".

وفي نهاية العام الماضي، قالت نائبة الرئيس الأميركي إن لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها، لكنها انتقدت أساليبها في أعقاب هجوم 7 أكتوبر، ووصفت الوضع الإنساني في المنطقة بأنه "كارثة" في تصريحات أدلت بها بمدينة سلما بولاية ألاباما الشهر الجاري.

وفي المقابلة التي أجريت معها نهاية هذا الأسبوع، لم تستبعد "رد فعل عنيف محتمل"، إذ تواصل الإدارة تحذير إسرائيل من اجتياح كبير لرفح.

ودعم فريق العمل الرئاسي استعداد هاريس للتقدم قليلاً على بايدن الذي أمضى عقوداً كواحد من أبرز مؤيدي إسرائيل في مجلس الشيوخ، وكان يكره الظهور وكأنه يدير ظهره للبلاد حتى وسط ازدرائه المتزايد لرئيس وزرائها بنيامين نتنياهو، وفقاً لـ"بوليتيكو".

وفي الواقع، قال مسؤولان بإدارة بايدن غير مخولين بالتحدث علناً عن المناقشات الداخلية، إن تصريحات هاريس خلقت مساحة أكبر لبايدن ليُعبر تدريجياً، وبشكل غير معلن، عن انتقاداته لنتنياهو وسلوكه في الحرب.

"قول من امرأة سمراء"

لكن الموقف السائد داخل الإدارة هو أن بايدن وهاريس يتبعان نفس النهج حتى لو كان بتأكيد مختلف.

وقال مسؤول كبير ثالث في الإدارة طلب عدم الكشف عن هويته للمجلة: "من وجهة نظرنا، لا يوجد اختلاف كبير وهي (هاريس) تتماشى تماماً مع نهج الرئيس". 

ويقول مراقبو السياسة الخارجة منذ فترة طويلة إنهم يرون اختلافاً، سواء كان متعمداً أم لا.

وقال ديفيد ماكوفسكي، الخبير في العلاقات الأميركية الإسرائيلية بمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى: "يتساءل المرء عما إذا كانت نائبة الرئيس هاريس قد تم تكليفها عمداً بدور الشرطي الصارم عندما يتعلق الأمر بإسرائيل، ما يمكن الآخرين من لعب دور الشرطي الطيب. نحن لا نعرف".

وتأتي تعليقات هاريس في سياق علاقتين تتضاءلان، الأولى بين الولايات المتحدة وإسرائيل، والثانية تلك التي تجمع الرئيس مع قاعدة داعميه المستائين من سلوك تل أبيب في الحرب.

ويعتقد الحلفاء والنشطاء الديمقراطيون أن التحرك الأكثر انفعالاً من هاريس مع القيادة الإسرائيلية يمكن أن يلقى صدى لدى الجمهور المحلي الذي يتطلع إلى رؤية تغيير في الاتجاه الذي تتبعه الإدارة.

وقال أحد حلفاء هاريس منذ فترة طويلة والذي طلب عدم الكشف عن هويته للتحدث بحرية بشأن الإدارة: "ما قالته (هاريس) متماشٍ مع ما قاله الرئيس و(منسق الاتصالات الاستراتيجية بمجلس الأمن القومي الأميركي جون) كيربي، ولكن هذا واحد من الأمور التي أعتقد أن الإدارة أخيراً فهمتها، وهي أن يأتي القول من امرأة سمراء، فقد يسمع مجموعة مختلفة من الناس ذلك بشكل مختلف، على الرغم من أنه نفس التعليق".

يقول مساعدو البيت الأبيض إن هاريس لم تطرح سياسات جديدة خلال الأشهر الستة الماضية، لكنهم يعترفون بأن تعليقاتها قد تم النظر إليها بشكل مختلف عن تصريحات بايدن، بما في ذلك المقابلة التي أجرتها مع محطة ABC.

وقال أحد مساعدي هاريس لـ"بوليتيكو"، طالباً عدم الكشف عن هويته: "امتنعت نائبة الرئيس عن التكهن بموقف افتراضي، بما يتفق مع موقف الإدارة. ولا تزال لدينا مخاوف بشأن عملية عسكرية كبرى في رفح. لن نترك إسرائيل غير قادرة على الدفاع عن نفسها".

وقال ديفيد ماكوفسكي، الخبير في العلاقات الأميركية الإسرائيلية بمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، إنه في حين أن تصريحات هاريس أثارت تساؤلات بشأن وجود هوة متصورة داخل الإدارة: "من الإنصاف القول إن هناك رسائل عامة مختلطة قادمة من الإدارة، لكن ما كان أكثر وضوحاً هو أن الإدارة أصبحت أكثر انتقاداً لإسرائيل مع مرور الوقت".

وامتنعت الولايات المتحدة عن التصويت في مجلس الأمن الدولي، الاثنين، للمطالبة بوقف إطلاق النار في غزة خلال شهر رمضان، وهو ما يسمح بإطلاق سراح حوالي 130 محتجزاً لدى حركة "حماس".  

وسرعان ما نفذ نتنياهو تهديده بعدم إرسال وفد إسرائيلي إلى واشنطن إذا فشلت الولايات المتحدة في استخدام حق النقض ضد الإجراء.  

وجاء ذلك في أعقاب خطاب "حالة الاتحاد" الذي ألقاه بايدن، والذي عرض فيه دعمه لإسرائيل، ولكنه سلط الضوء أيضاً على الأوضاع المتدهورة في غزة، وجاء في تسريب صوتي مسرب لبايدن أنه طالب نتنياهو بضرورة "القدوم إلى يسوع".

أزمة ثقة

وقال آرون ديفيد ميلر، مفاوض السلام السابق في الشرق الأوسط: "ما لدينا هو أزمة ثقة ناشئة في العلاقات الأميركية الإسرائيلية أسوأ من التوترات السابقة لأنها تمس جوهر العاملين اللذين أبقيا على العلاقة: المصالح والقيم المشتركة. وإذا لم يتمكن نتنياهو وبايدن من إيجاد طريقة لإدارة هذا الأمر، فسوف يزداد الأمر سوءاً ما يؤدي إلى لحظة حقيقية من الصدمة في العلاقات الأميركية الإسرائيلية".

وترفض شخصيات بالإدارة الأميركية أي تلميحات بأن تركيزها المتزايد على حماية المدنيين في غزة قد تم استجابة للضغوط المحلية، بما في ذلك أصوات احتجاج كبيرة ضد الرئيس في العديد من الانتخابات التمهيدية.  

لكن تعليقات هاريس قدمت مع ذلك إشارة إلى الناخبين الديمقراطيين، التقدميين والديمقراطيين الشباب والناخبين الملونين، الذين أبدوا انزعاجهم من بايدن بسبب دعمه لإسرائيل.

وبينما يحتفظ بايدن بتوبيخه اللاذع لإسرائيل في السر، فإن تعليقات هاريس لديها القدرة على تحريك موقف الإدارة على نطاق أوسع.

وقال مسؤول رابع في الإدارة الأميركية لـ"بوليتيكو": "لا يمكننا استبعاد هذا الاحتمال". 

تصنيفات

قصص قد تهمك