3 ضربات.. ثقوب في رواية "الخطأ الإسرائيلي" باستهداف قافلة "وورلد سنترال كيتشن"

time reading iconدقائق القراءة - 13
دبي-الشرق

ألقت صور وبيانات الغارة الجوية الإسرائيلية على قافلة "وورلد سنترال كيتشن" على الطريق الساحلي في قطاع غزة، مساء الاثنين، الشكوك بشأن التصريحات الإسرائيلية بأن الغارة لم تكن مقصودة، وأنها وقعت نتاج "خطأ جسيم" في تحديد الأهداف، خاصة أنها جاءت بعد غارة دقيقة على القنصلية الإيرانية في دمشق استهدفت قادة عسكريين إيرانيين.

وقال خبراء عسكريون إنه من الصعب الاعتقاد بأن الغارة كانت "حادثة" إذ إن المسيرة التي أطلقت الصواريخ القاتلة كانت تعمل مع مسيرة مراقبة، وهو ما يعني أن الجيش الإسرائيلي كانت لديه رؤية واضحة تماماً للسيارات، مشيرين إلى أنها كانت غارة "معقدة".

والأربعاء، اتهم الطاهي الشهير خوسيه أندريس، مؤسس منظمة "وورلد سنترال كيتشن" الخيرية، إسرائيل بـ"استهداف ممنهج" لموظفي المؤسسة، وطلب تحقيق "طرف ثالث"، وقال إن الغارة الإسرائيلية، التي قتلت 7 من موظفي المنظمة في غزة، استهدفتهم "بشكل منهجي وعربة تلو الأخرى".

ووقعت الضربة في الساعة 11 مساءً، وفقاً لـ"وورلد سنترال كيتشن"، وقالت متحدثة باسم المنظمة، الأربعاء، إن السيارات تحركت في وقت متأخر من الليل، بسبب احتجاز إسرائيل عدداً من موظفيها لساعات في منطقة تفتيش قريبة من الرصيف البحري الذي بنته المؤسسة وسط الركام، لتتمكن من تلقي المساعدات القادمة إلى غزة.

وبعدما سمح الإسرائيليون لموظفي "وورلد سنترال كيتشن" بالدخول إلى الرصيف لاستلام المساعدات، أكملوا طريقهم إلى مستودع في دير البلح يستخدمونه لتخزين المساعدات، قبل أن يتوجهوا جنوباً إلى مقر إقامتهم في رفح، قبل الحادية عشر مساءً بقليل، وفق ما نقلت "وول ستريت جورنال" عن المنظمة.

وقالت "وورلد سنترال كيتشن" إن ضباط الحراسة الذين كانوا يرافقون القافلة، لم يكونوا مسلحين، مشددة على أن قواعد المنظمة تنص على عدم وجود سلاح في أي من قوافلها.

وخلال توجه القافلة إلى رفح، ضربت القوات الإسرائيلية القافلة 3 مرات، بـ3 صواريخ، وذكرت مصادر دفاعية إسرائيلية لصحيفة "هاآرتس"، أن المسيرات الإسرائيلية استهدفت القافلة سيارة تلو الأخرى، إذ ضربت السيارة الأولى بصاروخ، ثم ضربت السيارة الثانية بعد انتقال الركاب إليها من السيارة الأولى، قبل أن تضرب السيارة الثالثة بصاروخ ثالث أثناء محاولة نقل الجرحى من السيارتين الأخريين إليها، ما أودى بحياة موظفي الإغاثة الـ7، نظراً لأن السيارة الأخيرة لم تكن مدرعة.

ونقلت "وول ستريت جورنال" عن مسؤول أميركي سابق بقوة مكافحة الإرهاب قوله إنه بناءً على تعقيد الضربة الجوية، من المرجح أنها شملت عدة مسيرات وفريقاً ما بين 24 إلى 36 شخصاً من مشغلي المسيرات وفرق الدعم.

وقال المسؤول إن الفريق الإسرائيلي "إما أنه تجاهل البروتوكولات الخاصة به خلال الضربة، أو أنه خلال الحرب، تخلت إسرائيل تماماً عن بروتوكولات وقواعد الاشتباك، والتي تحدد كيف ومتى تستخدم القوة".

الرواية الإسرائيلية الرسمية

الجيش الإسرائيلي قال الجمعة، إن الغارة الجوية نتجت عن خطأ جسيم، إذ أن قوات الجيش "رصدت مسلحاً واحداً على متن إحدى شاحنات المساعدات، ثم اعتقدت بوجود مسلح آخر. وبعد مغادرة السيارات للمستودع الذي تم إفراغ المساعدات فيه، أخطأ أحد القادة الاعتقاد بأن المسلحين يتواجدون في السيارات المرافقة وبأنهم من عناصر حماس".

وأكد أن القوات "لم تتعرف على السيارات المذكورة باعتبارها تابعة لمنظمة وولد سنترال كيتشن WCK، وعقب خطأ القوات في تحديد هوية السيارات، هاجمت القوات سيارات الـ WCK الثلاث، بناءً على الاعتقاد الخاطئ بأنها كانت تقلّ عناصر من حماس".

وذكر الجيش الإسرائيلي أنه "كان بالإمكان منع وقوع الحادث ومع ذلك كانت الجهات التي وافقت على الهجوم على قناعة بأنها تستهدف عناصر مسلحة من حماس". 

وزعم أن استهداف سيارات المساعدات "عبارة عن خطأ جسيم نجم عن خلل خطير يعود إلى التعرف الخاطئ، وإلى الخطأ في اتخاذ القرارات وشن هجوم بصورة تتعارض مع أوامر وتعليمات إطلاق النار".

وذكر متحدث الجيش أن رئيس الأركان هرتسي هاليفي قرر اتخاذ إجراءات عزل ضابطين كبيرين من منصبيهما بسبب الحادث، أحدهما برتبة ميجور وصفه بأنه "قائد الإسناد اللوائي"، والآخر ضابط احتياط برتبة كولونيل قال إنه يشغل منصب "رئيس أركان اللواء".

وتتعارض رواية الجيش الإسرائيلي مع نفي "وورلد سنترال كيتشن" وجود مسلحين مع القافلة وتأكيد المنظمة على سياستها الخاصة بعدم وجود سلاح في أي من القوافل، وكذلك تنسيقها مع الجيش الإسرائيلي بشأن تحركاتها، التي كانت على طريق حددته الأمم المتحدة لتوزيع المساعدات.

كما أن إسرائيل لا تعلن عن قواعد الاشتباك (إطلاق النار) التي تتبناها، ويقول مسؤولون إسرائيليون إن تلك القواعد "تتغير وفقاً للموقف"، وهو ما يجعل من الصعب تحديد المعايير التي كان الجيش يتبعها أو خرقها، وقت الغارة.

"تتبع مباشر وحي للقافلة"

وحددت منصة Bellingcat الاستقصائية المستقلة موقع السيارات الثلاث وقت وقوع الضربة عبر تقنيات التعرف على الموقع الجغرافي، وتحديد الموقع بواسطة علامات في الصور يمكن مطابقتها عبر صور للأقمار الاصطناعية.

ووفقاً للبيانات التي جمعتها Bellingcat، كانت السيارات المستهدفة تمتد على مسافة ميل ونصف، وكان الموقع الجغرافي لاثنتين من السيارات الثلاث يشير إلى أنهما كانتا على الطريق الذي حددته الأمم المتحدة على أنه مفتوح أمام المساعدات الإنسانية، فيما كانت السيارة الثالثة في حقل بجوار هذا الطريق.

وأشارت Bellingcat إلى أن الفتحات التي تسببت فيها الضربة بسقف السيارات تشير إلى استخدام ذخائر دقيقة التوجيه مشابهة لتلك التي تستعملها إسرائيل في جنوب لبنان.

ولفتت إلى أنه لضرب أهداف متحركة بذخيرة من هذا النوع، لا بد أن الإسرائيليين كانوا يتتبعون تلك الأهداف بشكل مباشر، وأن تلك الذخائر كانت موجهة بالليزر عبر مسيرة.

وأشارت بيلينج كات إلى أن السيارات الثلاث كانت جميعها بيضاء، وتحمل إحداها على الأقل شعار المؤسسة الخيرية على السقف بشكل واضح للغاية، وهو ما قالت إنه كان ليكون مرئياً، اعتماداً على النظام البصري الذي استخدمته القوات الإسرائيلية لتتبع تلك السيارات.

وفيما قال الضابط الرفيع السابق بالقوات الجوية الأميركية ويس برايانت، والذي كان مسؤولاً عن وحدات المسيرات في العراق وسوريا وأفغانستان، إنه قد يكون من الصعب التعرف على الشعارات على السيارات، بناءً على جودة الكاميرات المستخدمة، إلا أنه أشار إلى أن ضرب أهداف على طريق يستخدم لتوزيع المساعدات هو مثال على "إهمال كبير" من جانب الجيش الإسرائيلي.

وأضاف: "كان يجب أن تكون هذه المنطقة آمنة تماماً من الضربات العسكرية، إلا في حالة الأهداف الثمينة للغاية".

مواقع السيارات الثلاث

ويظهر الموقع الجغرافي أن السيارات كانت على تخوم دير البلح، في مكان لا يبعد كثيراً عن منشآت وورلد سنترال كيتشن في دير البلح.

وتظهر صور ما بعد الغارة السيارة الأولى، وقد لحق بها ضرر خفيف نسبياً، أما السيارة الثانية، فلحق بها دمار كبير جراء الضربة، واحترقت على بعد 800 متر من السيارة الأولى، وكانت السيارة الثالثة على بعد 1.6 كيلومتر من السيارة الأولى، إلى الجنوب الغربي منها.

وتظهر الصور أن هذه السيارة لحق بها أكبر الضرر، وهو ما يتوافق مع وصف وورلد سنترال كيتشن للسيارات الثلاث، بأن اثنتين منهما كانتا مدرعتين، وتظهر الصور أن الثالثة كانت سيارة عادية، وهي التي لحق بها أغلب الضرر.

وتبعد السيارات الثلاث 12 كيلومتراً من الرصيف الجديد الذي بنته وورلد سنترال كيتشن لاستقبال المساعدات.

وقال محللون لـ"CNN" إن الصور تشير إلى أن القافلة ضربت عدة مرات.

"رؤية واضحة للسيارات"

وأشار كوب سميث، وهو ضابط مدفعية بريطاني سابق إلى أن الضرر الكبير الذي لحق بالقافلة يتسق مع استخدام صواريخ دقيقة للغاية أطلقت من مسيرات، مشيراً إلى أنه من "الصعب جداً" الاعتقاد بأن الغارة كانت "حادثة".

وقال سميث إن المسيرة التي أطلقت الصواريخ القاتلة كانت تعمل مع مسيرة مراقبة، وهو ما يعني أن الجيش الإسرائيلي كانت لديه رؤية واضحة تماماً للسيارة، بما في ذلك شعار وورلد سنترال كيتشن.

ولفت إلى أن الانفجار المحدود، والنطاق الضيق للضربة، يشير إلى ضربة مسيرة إسرائيلية. ولكنه أشار إلى أن فحص بقايا الصاروخ ضروري للتعرف على الذخيرة المستخدمة بالضبط.

"ذخيرة خاملة"

وذكرت Bellingcat أن صور الدمار الذي لحق بالمركبات يتسق مع صواريخ R9X Hellfire، إلا أن لتلك الصواريخ علامتها التي لا تبدو واضحة هنا، وخلصت Bellingcat من الفتحة التي أحدثتها الذخيرة المنفجرة في سقف إحدى سيارات القافلة وعدم تناثر شظايا السيارة وكون النوافذ السليمة، إلى أن كل العلامات تشير إلى استخدام مقذوف خامل.

ورغم أن سيارتين من القافلة مدرعتان، وهو ما يفسر عدم وجود شظايا كبيرة، إلا أن الدمار الذي لحق بالسيارة الثالثة، لا يزال يتسق أيضاً مع مقذوف خامل أكثر منه ذخيرة تقليدية.

طريق متفق عليه مسبقاً مع إسرائيل

ونقلت صحيفة"هآرتس" الإسرائيلية عن مصادر دفاعية روايتها لما حدث في استهداف القافلة، مشيرة إلى أن مسيرة إسرائيلية أطلقت 3 صواريخ واحداً بعد الآخر على القافلة.

وقال مصدر دفاعي إن السيارات كانت تحمل علامات بشكل واضح على السقف والجوانب على أنها تنتمي إلى المنظمة، لكن غرفة الحرب في الوحدة المسؤولة عن هذا الطريق حددت مسلحاً على إحدى الشاحنات، وكانت تشتبه في أنه "إرهابي"، على حد قوله.

وذكر أنه بعد عدة دقائق، غادرت السيارات الثلاث المستودع الذي فرغت فيه شحنة المساعدات، دون الشاحنة التي "كان يفترض أن هذا الرجل المسلح عليها".

وذكرت مصادر دفاعية إسرائيلية للصحيفة أن "هذا المسلح، لم يغادر المستودع"، وأشار إلى أن السيارات كانت تقود على الطريق المتفق عليه مسبقاً والمنسق مع الجيش الإسرائيلي بشأنه.

وأضافت أنه "حين بدأت السيارات في القيادة عبر الطريق المتفق عليه مسبقاً، طلبت غرفة الحرب في الوحدة المسؤولة عن الطريق من مشغلي المسيرات مهاجمة إحدى السيارات بصاروخ.

وقالت "هاآرتس" إن بعض الركاب بدأوا يخرجون من السيارة التي تعرضت لضربة بصاروخ، وانتقلوا إلى سيارة أخرى. وواصلت السيارتان الأخرتان السير، وأبلغتا المسؤولين بتعرض القافلة لهجوم، ولكن بعد ثوان، ضرب صاروخ آخر السيارة الثانية.

وأضافت المصادر أنه حين اقتربت السيارة الثالثة، بدأ الركاب في نقل المصابين الذين نجوا من الضربة الثانية إلى السيارة الثالثة، وحينها ضربهم صاروخ ثالث، قتل جميع من كان في القافلة.

تصنيفات

قصص قد تهمك