قال عمدة إسطنبول الفائز في الانتخابات البلدية الأخيرة، أكرم إمام أوغلو، إن "الانتخابات، التي خسر فيها حزب الرئيس طيب رجب أردوغان مكاسبه في جميع أنحاء البلاد، تمثل إشارة واضحة إلى أن الناخبين رفضوا قبضة الرّئيس المشددة على مؤسسات الدولة التركية".
وأضاف أوغلو في مقابلة أجراها مع صحيفة "فايننشيال تايمز" البريطانية: "ينبغي للرئيس أردوغان أن يخشى على مستقبله السياسي إذا لم يتخل عن السياسات التي تهيمن من خلالها إرادة شخص واحد على مؤسسات الدولة".
وأعرب محللون محليون ودوليون عن قلقهم إزاء تآكل سيادة القانون واستقلال القضاء التركي مع دخول أردوغان عقده الثالث في قيادة البلاد التي يبلغ عدد سكانها 85 مليون نسمة، وفق الصحيفة.
وقال إمام أوغلو: "لقد تطور الأمر إلى نظام، نظام لا يستطيع حتى مدير مؤسسة في إسطنبول استخدام سلطته الحالية دون تعليمات سياسية"، مضيفاً: "إنه يمنحنا هيكل الدولة الذي يعكس إرادة شخص واحد".
وتعرض حزب العدالة والتنمية لهزة قوية بعد انتخاب أوغلو رئيساً لبلدية إسطنبول، وعزّزت نتائج الانتخابات الأخيرة مكانة أوغلو البالغ من العمر 52 عاماً باعتباره الخصم الرئيسي لأردوغان.
وفي مقابلة مع "فايننشيال تايمز"، حذر إمام أوغلو أردوغان من أنه "سيقضي على حياته السياسية إذا لم يفهم الرسالة، واستمر في القيام بنفس الأشياء"، وأضاف: "كل شيء بين يديه".
وأضاف إمام أوغلو في وصفه لنظام الحكم في تركيا: "يمكننا أن نطلق عليه نظاماً استبدادياً بين علامتي الاقتباس، لكنني أعتقد أن هذه الانتخابات أدانت ورفضت في نهاية المطاف هذا الأسلوب برمته، وهذه الممارسة برمتها".
"أكبر هزيمة لحزب أردوغان"
وألحق الناخبون في الانتخابات المحلية أكبر هزيمة انتخابية لحزب أردوغان الحاكم منذ تأسيسه قبل أكثر من عقدين من الزمن، إذ انتزع حزب الشعب الجمهوري بزعامة إمام أوغلو سباقات رئاسة البلديات في أكبر المدن التركية بما في ذلك العاصمة أنقرة، حيث فاز رئيس بلدية حزب الشعب الجمهوري الحالي منصور يافاش بأغلبية ساحقة.
وقام أردوغان بحملة مكثفة لصالح مرشحي حزب العدالة والتنمية، حيث عادة ما يُنظر إلى سباق إسطنبول على أنه محوري، منذ أن جعل الرئيس استعادة السيطرة على أكبر مدينة في تركيا أولوية، خاصة بعد إعادة انتخابه في الانتخابات العامة العام الماضي.
وأشار أردوغان إلى أن هذه الانتخابات ستكون الأخيرة له؛ لأن الحد الأقصى لولايته ينتهي قبل الانتخابات الرئاسية عام 2028. لكن العديد من المحللين ما زالوا يتوقعون أن يترشح مرة أخرى إذا حدث تغيير في الدستور، أو تمت الدعوة إلى انتخابات مبكرة.
سيبدأ إمام أوغلو ولايته الثانية كرئيس لبلدية إسطنبول مع قضيتين قانونيتين كبيرتين، فقد حُكم عليه في نوفمبر 2022 بالسجن عامين وسبعة أشهر، بالإضافة إلى تجريده من حقوقه السياسية بتهمة "إهانة" أعضاء لجنة الانتخابات، لكنه تمكن من استئناف هذا الحكم والاحتفاظ بمنصبه على رأس البلدية.
وعند فوزه بالمنصب في عام 2019، جُرد إمام أوغلو في البداية من هذا الفوز الذي حققه بفارق ضئيل في الانتخابات، لكنه عاد وفاز بفارق أكبر في جولة الإعادة.
ومن المقرر استئناف قضية فساد جنائية منفصلة وصفها محاميه بأنها "لا أساس لها من الصحة" في غضون أسبوع تقريباً. وردا على سؤال عما إذا كان يشعر بالقلق إزاء هذه المناورات القانونية، أجاب إمام أوغلو: "الشخص الذي سيخاف قد يكون أردوغان".