الانتخابات البلدية في تركيا.. رسالة تحذير لأردوغان وحزبه الحاكم

time reading iconدقائق القراءة - 7
أنصار رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو يحتفلون في أحد شوارع المدينة. 1 أبريل 2024 - REUTERS
أنصار رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو يحتفلون في أحد شوارع المدينة. 1 أبريل 2024 - REUTERS
إسطنبول -الشرق

أمام مبنى مقر حزب "العدالة والتنمية" في مدينة إسطنبول التركية، وُضعت منصة كبيرة للاحتفال بالفوز المرتقب، إلا أن هذه المنصة تم إزالتها أثناء الظهور التدريجي لنتائج الانتخابات بعد "الصدمة" التي أصابت الحزب الحاكم وأحزاب المعارضة وحتى الناخب في تركيا.

وأظهرت النتائج النهائية الرسمية بعد فرز جميع الأصوات، تصدر حزب "الشعب الجمهوري" المعارض، بحصوله على 37.76% من الأصوات في عموم البلاد البالغ عدد سكانها 85 مليون نسمة، وحل بعده حزب "العدالة والتنمية" الحاكم بنسبة 35.48%.

فوز حزب "الشعب الجمهوري" الكاسح في إسطنبول وأنقرة وإزمير وباقي بلديات المدن التركية، كان له صدى على المستوى الإقليمي والعالمي، كون هذه الانتخابات المحلية التي رغم أنها "خدمية"، إلا أنها أخذت طابعاً سياسياً كبيراً.

وقالت القيادية في حزب "العدالة والتنمية" الحاكم آليكون تكين: "أكملنا هذه الانتخابات بالشكل الذي يليق بالديمقراطية التركية، حيث أوصل الشعب صوته إلى السياسيين عبر الصناديق، ومهما كانت النتائج، فهي تعكس ديمقراطية هذا البلد وإرادته الوطنية".

وأضافت تكين لـ"الشرق": "الآن علينا البدء للعمل من جديد، وسوف نتحرك بنفس الشعور بالمسؤولية، ولا نعترف بأي قوة فوق إرادة الشعب التركي".

انخفاض نسبة المشاركة

وعن الأسباب التي أدت إلى هزيمة "العدالة والتنمية" في هذه الانتخابات، قال الصحافي والمعلق السياسي التركي نوزت شيشك لـ"الشرق"، إن "هناك عدة أسباب رئيسية وراء انتهاء الانتخابات المحلية التركية بهذه النتائج، منها انخفاض نسبة المشاركة، فلأول مرة في الانتخابات العامة تكون نسبة المشاركة منخفضة كهذه".

وأشار إلى أن "انتخابات 2019 كانت نسبة المشاركة 84% واليوم هي 78%، ما يعني أن هناك انخفاض نحو 6% من الأصوات وهو ما يعادل 3 ملايين و600 ألف صوت".

وتابع: "يمكننا تحليل هذه الانخفاض على أنه كان هناك رد فعل كبيرة ضد حزب (العدالة والتنمية) من قبل ناخبيه الذين أظهروا له بطاقة صفراء تحذيرية، بسبب غطرسته، وقضية الرجل الواحد (في إشارة إلى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان)، فضلاً عن الظروف الاقتصادية، وكيفية تعاطي الحكومة مع ملف حرب غزة، إذ كان له أثر أيضاً على أصوات الناخبين".

واعتبر أن "البطاقة الصفراء تلك كانت لصالح حزب (الشعب الجمهوري)، لكن الشيء الذي يتم مناقشته في الشارع التركي الآن، هو هل أن المعارضة ستستطيع قراءة هذه الأصوات بشكل صحيح، أم ستعتبره نصراً فقط؟".

كما تساءل شيشك: "هل فهم حزب (العدالة والتنمية) ما فعله ناخبيه؟، وهل سيراجع نفسه على هذا الأساس؟"، معتبراً أن "ما حصل في الانتخابات هو أسلوب استخدمه الناخبون لمعاقبة الحزب الحاكم وذلك لعدة أسباب أهمها الأزمة الاقتصادية".

وذكر أن أغلب الناخبين "لم يذهبوا إلى صناديق الاقتراع، ومنهم من صوت لحزب (الرفاه من جديد) الذي حل ثالثاً، وكانت رسالة الناخبين للحزب الحاكم هي، راجعوا أنفسكم وعودوا إلى رشدكم، وقوموا بحل الأزمة الاقتصادية، وتعيين الأشخاص المناسبين، وغيروا من سياستكم".

"حقبة صعبة"

ورأى أستاذ العلاقات الدولية في جامعة إسطنبول والمحلل السياسي سمير صالحة، أن "هناك حقبة زمنية جديدة ستكون صعبة على حزب (العدالة والتنمية)"، موضحاً أن "نتائج الانتخابات قالت أكثر من شيء للناخب، وقيادة (العدالة والتنمية) قالت إنها تسلمت الرسالة، لكن كيف سيكون شكل النقد الذاتي وحدوده".

وتابع: "ربما تكون هذه خسارة كبيرة لـ(العدالة والتنمية)، خصوصاً إذا نظرنا إلى نتائج انتخابات البلديات في إسطنبول، وأقصد هنا الأقضية، قبل الانتخابات كان لدى (العدالة والتنمية) 24 قضاءً، والآن فقط 13، على عكس (الشعب الجمهوري)، وهذا يعني أن هناك مشكلة حقيقية تتطلب قراءة واقعية، وطرح خطاب بطابع اقتصادي اجتماعي يستجيب لما قالته الصناديق".

واستبعد صالحة أن يكون لهذه الانتخابات "تأثير مباشر على مستقبل أردوغان، أو على قراره في التعامل مع الملفات الخارجية"، مبيناً أن "السياسة الانفتاحية الخارجية ستستمر كما هي باتجاه التهدئة والتنسيق مع العواصم، وخصوصاً العربية منها، أما على مستوى الداخل سيعتمد سياسة مشابه للسياسة الخارجية، فهناك احتمال أن يبحث عن التهدئة والهدنة مع أحزاب المعارضة التي حصلت على هذه النتائج من الصناديق".

وأشار إلى أن "حزب (الشعب الجمهوري) رغم فوزه، عليه أن يقبل حقيقة أن هذه الأصوات منها استعارة من قبل بقية الأحزاب حيث صوت الناخب لتمرير رسالة لحزب (العدالة والتنمية) ونجح في ذلك، وفي نهاية الأمر هي انتخابات بلديات".

وشدد صالحة، على "أهمية رسائل الناخب للحزب الحاكم و(الشعب الجمهوري) الذي سجل الانتصار"، مرجحاً أن "يتعامل قيادات (العدالة والتنمية) وأردوغان بجدية كاملة مع ما أفرزته الصناديق".

المؤرخ التركي عادل داوود أوغلو، رأى من أهم أسباب خسارة "العدالة والتنمية"، هو "7 ملايين شاب (11% من الناخبين) الذين ولدوا وترعرعوا في ظل حكومات الحزب الحاكم، فشل في تنشئتهم واحتوائهم واحتضانهم، وغالبيتهم الساحقة صوتوا ضده، وهم شباب لا يعرفون ماضي تركيا، ولا يفكرون بمستقبلها، شباب الإنترنت والهواتف الخلوية".

أما عضو حزب "الشعب الجمهوري" المعارض نزيه كورو، فاعتبر أن "ما حصل هو دليل على أن الشعب التركي لم يعد يقبل خطاب وسياسة الرجل الواحد، هذه بلد ديمقراطية والقرار فيها للشعب، وليس لأردوغان الذي يريد أن يحكم كل شيء، ولا يشارك الآخرين برأيهم، حتى الذين كانوا أصدقاء مقربون منه سئموا ذلك، وتركوه لتأسيس أحزاب أخرى".

وأردف: "بالتأكيد أردوغان رجل قوي وداهية وسياسي محنك، لكن الوضع في السنوات الأخيرة كان سيئاً للغاية، والشعب لم يعد يمكنه المزيد لذلك يريد وجوهاً جديدة، يمكنني أن أقول لك أن أكرم إمام أوغلو (رئيس بلدية إسطنبول) هو الزعيم المقبل لتركيا".

تصنيفات

قصص قد تهمك