الرئيس الصيني: "التدخل الخارجي" لن يمنع إعادة التوحيد مع تايوان

شي يلتقي رئيس تايوان السابق في بكين بالتزامن مع قمة أميركية تبحث "عدوانية الصين"

time reading iconدقائق القراءة - 10
الرئيس التايواني السابق ما ينج جيو خلال زيارة إلى سور الصين العظيم على أطراف بكين. 9 أبريل 2024 - Reuters
الرئيس التايواني السابق ما ينج جيو خلال زيارة إلى سور الصين العظيم على أطراف بكين. 9 أبريل 2024 - Reuters
دبي-الشرق

أجرى الزعيم الصيني شي جين بينج، الأربعاء، محادثات نادرة مع رئيس تايوان السابق، ما ينج جيو، الذي دعم علاقات أوثق مع الصين، في اجتماع غير عادي، يأتي قبل أسابيع فقط من أداء الرئيس المنتخب للجزيرة لاي تشينج تي، الذي يعارض بكين، اليمين الدستورية.

وشدد الرئيس الصيني خلال لقائه ما ينج جيو، إن "التدخل الخارجي" لن يمنع إعادة توحيد الجزيرة مع بر الصين الرئيسي، مشدداً على أن "الاختلافات في الأنظمة لا يمكن أن تغير الحقيقة الموضوعية المتمثلة في أننا ننتمي إلى أمة واحدة وشعب واحد"، وفق ما نقلت "فرانس برس".

وأضاف أن "التدخل الخارجي لا يمكن أن يوقف القضية التاريخية المتعلقة بإعادة توحيدنا"، بحسب مقطع فيديو للاجتماع نشرته قناة تلفزيونية تايوانية.

ويشمل مفهوم التدخل من القوى الخارجية بالنسبة للصينيين، مجالات مثل مبيعات الأسلحة الأميركية إلى تايوان وزيارات المسؤولين والمشرعين الأجانب إلى تايبيه.

وينتمي ما ينج جيو، إلى حزب الكومينتانج الذي يبدي رغبته في التقارب مع بكين التي تأسس فيها في مطلع القرن العشرين.

ويعد الاجتماع بين شي وزعيم حزب الكومينتانج السابق، الأول منذ قمتهما التاريخية التي عقدت في سنغافورة في عام 2015، كما أنه يحظى برمزية سياسية، إذ تعد أيضاً المرة الأولى التي يستضيف فيها الزعيم الصيني رئيساً سابقاً لتايوان في بكين منذ فرار حزب الكومينتانج إلى تايبيه في عام 1949.

وبدأ الرئيس السابق الذي تولى السلطة لولايتين في الفترة من 2008 إلى 2016، زيارته إلى الصين في الأول من أبريل وصفها بأنها "رحلة سلام" من أجل تهدئة التوترات مع بكين.

ويتزامن الاجتماع أيضاً مع أسبوع محموم من النشاط الدبلوماسي تشهده العاصمة الأميركية واشنطن، حيث يستضيف الرئيس جو بايدن، الخميس، قمة تجمع اليابان والفلبين، تناقش المخاوف المشتركة بشأن "عدوانية الصين"، بما في ذلك تجاه تايوان.

اقرأ أيضاً

"مواجهة الصين" وتعزيز ​​التعاون الاستراتيجي محور قمة واشنطن وطوكيو ومانيلا

تسعى الولايات المتحدة من خلال استضافتها لقمة ثلاثية مع اليابان والفلبين، الخميس، إلى تعميق التعاون لمواجهة التوترات مع الصين وتعزيز التعاون الاقتصادي والأمني.

وقال مصدر كبير في حكومة تايوان لشبكة CNN الأميركية، إن بكين أرجأت الاجتماع الذي كان مقرراً الاثنين، ليتزامن مع القمة بين بايدن ورئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا

ضغوط صينية على تايوان

على الجانب الآخر، ترى الشبكة الأميركية، أن اجتماع الطرفين، يسلط الضوء على الانقسام السياسي الآخذ في الاتساع عبر مضيق تايوان، وكيف أدى موقف شي في التعامل مع تايبيه إلى دفع المزيد من التايوانيين بعيداً عن الصين.

وتأكد هذا التحول في يناير الماضي، عندما تجاهل الناخبون التايوانيون تحذيرات الصين، ومنحوا الحزب الديمقراطي التقدمي الحاكم فترة تاريخية ثالثة من خلال انتخاب لاي تشينج تي، الذي واجه لفترة طويلة غضب بكين؛ بسبب دفاعه عن سيادة تايوان.

ومنذ ذلك الحين، كثفت بكين جهودها لاستمالة حلفاء دبلوماسيين آخرين لتايبيه، وكثفت دورياتها حول جزر الخطوط الأمامية في تايوان، بعد غرق صيادين صينيين في المياه القريبة، بينما واصلت مقاتلاتها التحليق بالقرب من الجزيرة التي تتمتع بالحكم الذاتي.

وفي هذا السياق، قالت كبيرة محللي الشؤون الصينية في مجموعة الأزمات الدولية، أماندا هسياو، إن تكتيكات الضغط الصينية تهدف إلى دفع إدارة لاي القادمة في تايوان نحو موقف سياسي "أكثر مرونة تجاه الصين".

وأضافت: "زيارة ما، تواصل هذه الجهود، من خلال التأكيد على موقف بكين المتمثل في أن الحوار عبر المضيق ممكن فقط مع أولئك الموجودين في تايوان الذين يقبلون فكرة أن جانبي المضيق ينتميان إلى صين واحدة".

وقطعت بكين الاتصالات الرسمية رفيعة المستوى مع تايبيه، منذ أن تولت الرئيسة تساي إينج ون، المنتمية للحزب الديمقراطي التقدمي، منصبها في عام 2016.

وعلى النقيض من حزب الكومينتانج، يرفض الحزب الديمقراطي التقدمي، شرط بكين المسبق لإجراء محادثات رسمية، وهو الاتفاق الذي بموجبه يقبل الجانبان وجود "صين واحدة"، مع تفسيرات خاصة لكل منهما حول ما يعنيه ذلك.

ومن غير المرجح أن يتم استئناف الاتصالات الرسمية مع لاي، الذي تعهد باتباع سياسات تساي عبر المضيق، وقد انتقدت بكين مراراً عرض لاي لإجراء محادثات، ونددت به ووصفته بأنه "انفصالي خطير ومثير للمشاكل".

رسائل بكين

وأصبح ما، أول رئيس سابق لتايوان تطأ قدماه البر الرئيسي في أواخر مارس من العام الماضي، عندما بدأ رحلة تستغرق 12 يوماً عبر مضيق تايوان، لكنه فشل في الفوز بمقابلة أي زعيم في اللجنة الدائمة للمكتب السياسي، الحلقة الأعمق للسلطة في بكين.

وكما هو الحال في المرة السابقة، تم تحديد توقيت الزيارة هذا العام ليتزامن مع "مهرجان تشينج مينج"، وهو الوقت التقليدي الذي يقوم فيه الناس بتكريم أفراد الأسرة المتوفين، ويأتي أيضاً قبل أسابيع فقط من تنصيب لاي رئيساً لتايوان في 20 مايو المقبل.

وقال وين تي سونج، من مركز الصين العالمي التابع للمجلس الأطلسي: "الاجتماع في هذه المرحلة يُمكن بكين من تسليط الضوء على الجذور الثقافية المشتركة بين تايوان والصين، وممارسة الضغط على الإدارة المقبلة في تايوان".

وأضاف: "بكين تستخدم هذا الاجتماع بين شي وما، للتأكيد على مصداقية ومتانة أصدقائها، سواء كانوا في مناصبهم أو متقاعدين. إنها تشير إلى أن مصادقة بكين هي استثمار مفيد على المدى الطويل".

وتابع: "ترحيب الصين بزيارة ما يعد إشارة إلى تايوان وغيرها من الدول على أن التوحيد السلمي من خلال كسب القلوب والعقول يظل الخيار المفضل لبكين، على الأقل في الوقت الحالي، رغم التوترات المتفاقمة عبر المضيق".

"رحلة سلام"

ووصف ما، الذي يسافر بصفة شخصية، رحلته بأنها "رحلة سلام وصداقة" قبل مغادرته إلى البر الرئيسي مع وفد من الطلاب التايوانيين.

وقد تلقى تغطية كثيفة من وسائل الإعلام الحكومية الصينية، التي أشارت إليه ببساطة باسم "السيد ما ينج جيو" أو "الرئيس السابق لحزب الكومينتانج"، دون ذكر دوره السابق كرئيس لتايوان.

وزار رئيس تايوان السابق، مدينة قوانجتشو الجنوبية، حيث انحنى ما أمام نصب تذكاري لتكريم انتفاضة أطلقها صن يات صن، مؤسس جمهورية الصين (الاسم الرسمي لتايوان الآن)، كما حضر حفل تكريم الإمبراطور الأصفر، الجد الأسطوري للشعب الصيني، وحض الشباب في تايوان على "تذكر جذور الثقافة والأمة الصينية"، وذلك في زيارة مقاطعة شنشي الشمالية الغربية.

وعلى سور الصين العظيم، أنشد ما نشيداً وطنياً صينياً عن القتال ضد الغزاة اليابانيين خلال الحرب العالمية الثانية، لكن تأكيده على الهوية الصينية المشتركة لا ينسجم على نحو متزايد مع المشاعر السائدة في تايوان، حيث أصبح أقل من 3% من السكان الآن يعتبرون أنفسهم صينيين في المقام الأول، وأقل من 10% يؤيدون التوحيد الفوري أو النهائي.

رد فعل تايوان

في المقابل، كان خط سير رحلة ما واجتماعه مع شي، موضع مراقبة عن كثب في تايوان، إذ يظل ما عضواً بارزاً في حزب الكومينتانج، الذي فاز بأكبر عدد من المقاعد في الانتخابات البرلمانية التي جرت في تايوان في يناير الماضي، لكنه فشل في الفوز بالرئاسة للمرة الثالثة على التوالي.

وقال الأستاذ المساعد في الدبلوماسية والعلاقات الدولية بجامعة تامكانج التايوانية، جيمس تشن، إن "حزب الكومينتانج، باعتباره أكبر حزب معارضة، حريص على إظهار أنه أكثر قدرة على إدارة العلاقات مع كل من الصين والولايات المتحدة، لكن اجتماع ما قد يضر أكثر مما يساعد. 

وأضاف: "شكك الحزب الديمقراطي التقدمي وأنصاره في ولاء ما في الداخل، ووصفوا حزب الكومينتانج بأنه مؤيد للصين. إن واشنطن، قد لا تقدر رحلة ما إلى الصين في ظل المشاعر المناهضة للصين بين الحزبين".

ويعتقد عدد قليل من الخبراء أن الاجتماع سيؤدي إلى أي تغيير جوهري في الوضع الراهن في العلاقات عبر المضيق، ولكن بالنسبة لما، فإن الاجتماع سيعمل على ترسيخ إرثه بشأن السياسة عبر المضيق بغض النظر عن نتائجه.

تصنيفات

قصص قد تهمك