تشهد العلاقات السعودية الإيرانية خطوات جديدة على طريق المصالحة التاريخية بين البلدين، حيث استقبل مطار المدينة المنورة، الاثنين، أول طائرتين تقلان معتمرين من إيران منذ عام 2016، فيما كشف السفير السعودي في إيران لـ"الشرق"، عن تسمية قنصل عام سعودي في مدينة مشهد.
وصادقت السلطات السعودية على استيفاء جميع الاشتراطات الفنية المتعلقة بالطائرات والخدمات الأرضية في المطارات الإيرانية التي تسمح بوصولها لمطارات المملكة.
ورجّح السفير السعودي لدى إيران عبد الله العنزي في تصريحات خاصة لـ"الشرق"، أن يصل نحو 6 آلاف معتمر في غضون الأيام القليلة المقبلة، قبل أن يتوقف تدفقهم بسبب انتهاء موسم العمرة، وبدء الاستعدادات لموسم الحج.
وأكد العنزي، أن باب العمرة مفتوح أمام الإيرانيين فور استئناف الموسم الجديد بعد انقضاء مناسك الحج لهذا العام، وذلك إثر استيفاء جميع الاشتراطات الفنية السعودية من الجانب الإيراني التي اعتمدتها هيئة الطيران المدني والأجهزة السعودية المختصة.
وذكر العنزي أنه توجه إلى مطار طهران الدولي لحضور مراسم احتفال مغادرة أول طائرة تقل معتمرين إيرانيين نحو المملكة، مضيفاً لـ"الشرق": "شاركت في الحفل الخطابي منذ الثانية فجراً حتى أقلعت الطائرة عند السادسة صباحاً، وذلك برفقة مسؤولين إيرانيين وقيادات دينية محلية".
وتتوج هذه الخطوة سلسلة من خطوات استئناف العلاقات بين البلدين وفقاً لـ"اتفاق بكين" في 10 مارس 2023، ثم البيان (السعودي- الإيراني) الذي صدر عن أول اجتماع بين وزيري خارجية البلدين من العاصمة الصينية في 6 أبريل 2023 حيث تضمن الاتفاق بحث "تسهيل منح التأشيرات لمواطني البلدين بما في ذلك تأشيرات العمرة".
أكثر من 700 ألف معتمر سنوياً
وعبّر السفير الإيراني لدى السعودية، علي رضا عنايتي في تصريحات خاصة لـ"الشرق" بعد استقبال أولى طلائع المعتمرين الإيرانيين، عن سعادته، متمنياً "أن تفوق أرقام المعتمرين الإيرانيين حاجز الـ 700 ألف معتمر في السنة"، والذي كان تحقق قبل قطع العلاقات بين البلدين، وفقاً لقوله.
وكانت السعودية قررت قطع علاقاتها الدبلوماسية مع إيران، نتيجة الاعتداء على مقارها الدبلوماسية في العاصمة طهران والقنصلية في مشهد (يناير 2016)، في ثاني قرار من نوعه بعد قطع العلاقات الدبلوماسية أول مرة (عام 1987) بسبب مسيرة لعدد من الإيرانيين بالأسلحة البيضاء في أحد الطرق الرئيسة المؤدية إلى المسجد الحرام في مكة المكرمة، لتستأنف العلاقات بين البلدين بعد ذلك (عام 1991).
وستصل الطائرات الإيرانية لمطار المدينة المنورة على مدى الأيام التسعة المقبلة من مدن عدّة، بينما ستكون المغادرة عن طريق مطار الملك عبد العزيز الدولي في جدة.
واستقبل مطار المدينة المنورة ثاني طائرة قادمة من مدينة مشهد عصر الاثنين، ومن المقرر أن تصل طائرتان يومياً من مدن مثل مشهد في محافظة خراسان، ومدينة أصفهان والمدن الرئيسية في إيران.
وأعرب السفير عنايتي عن ثقته بأن المعتمر الإيراني "سيجد كل الحفاوة والعناية والاهتمام على الأراضي السعودية"، معتبراً أن أداء العمرة "هي رحلة عُمر".
قنصل سعودي في مشهد
وكشف العنزي، عن تسمية الدبلوماسي السعودي محمد نوار العتيبي، قنصلاً سعودياً عاماً في مدينة مشهد الإيرانية، حيث سيباشر مهام عمله فور إتمام الإجراءات، "ربما في غضون أسبوعين"، من أحد الفنادق كمقر مؤقت للقنصلية.
وفي ما يتعلق بإجراءات سفر المواطنين السعوديين لإيران، قال العنزي إن المواطن السعودي يحتاج إلى موافقة رسمية من خلال منصة "أبشر" لخدمات وزارة الداخلية السعودية قبل السفر إلى إيران، منوهاً بأن أمر السماح بعودة السفر بين البلدين لا يزال قيد البحث.
واعتبر أن العلاقة بين البلدين تشهد تطوراً على جميع الأصعدة، وأن هناك استمراراً لوصول الوفود الرسمية بين البلدين.
وأشار إلى أن "هناك زيارة مرتقبة لنائب وزير الخارجية السعودي وليد الخريجي إلى طهران، وسيصل الأسبوع القادم وفد من هيئة تنمية الصادرات السعودية للمشاركة في (إكسبو طهران)، بينما سيشارك معاون وزير الخارجية الإيراني للشؤون الاقتصادية مهدي صفري في الاجتماع الخاص للمنتدى الاقتصادي العالمي (دافوس)".
بحث تشييد مقر سعودي جديد في طهران
ولفت السفير السعودي، إلى أن المقار الدبلوماسية التي جرى الاعتداء عليها في (عام 2016)، كانت مستأجرة، وليست ملكاً للحكومة السعودية، مشيراً إلى أن هناك اتجاهاً قائماً لتشييد مقر دبلوماسي للبعثة السعودية في طهران في غضون السنوات المقبلة.
وأوضح أن أعمال البعثة الدبلوماسية السعودية في طهران والقنصلية في مشهد ستنتقل إلى مقار مكتبية مستأجرة، إذ تجري المفاضلة بين الخيارات المتاحة حالياً في المدينتين.
وأشار السفير الإيراني لدى الرياض، إلى مشاركة وزير الاقتصاد والشؤون المالية الإيراني إحسان خاندوري في اجتماعات مجموعة البنك الإسلامي للتنمية السنوية لعام 2024 في الرياض الأسبوع المقبل والتي ستشهد احتفال البنك بذكرى مرور 50 عاماً على تأسيسه.
وسبق لوزير المالية السعودي محمد الجدعان أن نوه في (مايو 2023) على حسابه في منصة "X"، بلقائه وزير الاقتصاد الإيراني، على هامش اجتماعات البنك الإسلامي السنوية لعام 2023 في مدينة جدة.
ويعتبر البلدان من كبار مساهمي البنك الإسلامي للتنمية الذي يضم في عضويته 57 دولة مسلمة ودولاً أخرى بصفات مختلفة.