قادة المدن الأميركية يريدون النأي بأنفسهم عن جدل حرب غزة

جدل واسع في عدة ولايات أميركية بسبب الحرب

time reading iconدقائق القراءة - 7
جانب من مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين أمام البيت الأبيض في واشنطن. 2 ديسمبر 2023 - REUTERS
جانب من مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين أمام البيت الأبيض في واشنطن. 2 ديسمبر 2023 - REUTERS
دبي-الشرق

على مدى الأشهر الأخيرة، وجدت حكومات المدن في جميع أنحاء الولايات المتحدة نفسها عالقة في حالة جدل شائك بشأن الحرب الإسرائيلية على غزة، وراحت تعقد جلسات استماع "متوترة" الواحدة تلو الأخرى، قبل إصدار تصريحات "رمزية" تدعو إلى إنهاء الأعمال العدائية. 

ومن ثم، يريد العديد من قادة المدن الديمقراطيين "النأي بأنفسهم عن جحور السياسة الخارجية"، وبسبب فزعهم من حدة الانقسام، أو سأمهم من حالة التشتيت، دعا المسؤولون إلى فرض قيود على إطلاق التصريحات "النبيلة" أو التوقف عن الإدلاء بها تماماً، وفقاً لمجلة "بوليتيكو".

في هذا السياق، قال جويل إنجارديو، العضو الديمقراطي في مجلس المشرفين بسان فرانسيسكو، الذي تبنى حلاً وسطاً تم التوصل إليه بعد جهود مضنية، في ينايرالماضي، وأدان كلا من حماس والحكومة الإسرائيلية، لـ "بوليتيكو": "نحن بحاجة إلى إنجاز المهمة التي انتخبنا الأميركيون من أجلها، والتي لدينا بالفعل القدرة على التأثير فيها". 

قرارات غير ملزمة

في الشهر الماضي، عندما كانت المشاعر متأججة، اقترح إنجارديو تشريعاً من شأنه أن يحد من قررات السياسة الخارجية المستقبلية غير الملزمة، وهي خطوة جريئة في مدينة اشتهرت بليبراليتها ومشاركتها الدؤوبة.  

ومع ذلك، فهي ليست فكرة هامشية. فمع إغلاق الاحتجاجات على الحرب، الشوارع والجسور، وإجبارها الهيئات الحكومية المحلية على تكثيف الاجتماعات الأمنية وتعطيل العمل، كان المسؤولون في جميع أنحاء البلاد، وهم في الغالب ديمقراطيين في مدن ديمقراطية، يشعرون بالغضب بسبب تورطهم في أمور خارج نطاق سيطرتهم، وخوضهم معارك متعلقة بقوانين مواقف السيارات وتقسيم المناطق. 

وقالت سارة نيلسون، عضوة مجلس مدينة سياتل، التي امتنعت رفقة عضوين آخرين عن التصويت على قرار لوقف إطلاق النار بعد جلسة استماع عامة استمرت لـ5 ساعات في نوفمبر الماضي، لـ"بوليتيكو"، إن "السياسة الخارجية ليست ضمن نطاق عملي، ولن أخبر أعضاء وفدنا في الكونجرس كيف يؤدون عملهم". 

تبادل الاتهامات

بدأت الدعوات الحماسية لاتخاذ القرارات بعد الهجوم الذي شنته حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر، وأسفر عن سقوط 1200 إسرائيلي واحتجاز نحو 250 آخرين، واستمرت خلال الحرب الإسرائيلية على غزة التي أودت حتى الآن بحياة 34 ألف فلسطيني على الأقل، بينهم الكثير من المدنيين. 

وحشد النشطاء لجلسات استماع عامة، وتبادلوا الاتهامات بمعاداة السامية والإسلاموفوبيا، في الوقت الذي كان قادة المدينة يناقشون فيه بحدة لغة القرارات التي لا تحمل قوة القانون.  

وكان الجدل محتدماً بشكل خاص في المدن الجامعية، بما في ذلك في بيركلي وكاليفورنيا وكمبريدج وماساتشوستس وبلومنجتون وإنديانا. 

وفي بيركلي، التي توجد بها جامعة كاليفورنيا، والتي تُعد مهد حركة حرية التعبير، قام عمدة المدينة جيسي أريجوين مراراً وتكراراً بمنع إصدار قرار وقف إطلاق النار في غزة في الأشهر الأخيرة، مؤكداً أن ذلك من شأنه أن "يغرق المدينة بلا داع في صراع مرير".

وقال أريجوين للمجلة: "لا أعتقد أنه من المناسب للمدينة أن تتبنى موقفاً في قضايا دولية ليست محل اتفاق أو إجماع موسع"، معرباً عن اعتقاده أن "هذه منطقة تعج بانقسامات طاحنة". 

منافسة شرسة

وتغلغل الصراع في سباق أريجوين إلى مجلس شيوخ الولاية، حيث يتنافس مع المرشحة الديمقراطية التقدمية المتحمسة لوقف إطلاق النار، جوفانكا بيكليز، والتي وصفت ما قام به أريجوين بأنه "عمل جبان تجاهل إرادة الناخبين"، حسبما أوردت "بوليتيكو".

وفي كمبريدج، حيث معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وجامعة هارفارد، بحث أعضاء مجلس المدينة إصدار قرار بعد أحداث 7 أكتوبر مباشرة، ولكنهم عدلوا عن الفكرة باعتبارها "مثيرة للانقسامات"، وفقاً لما قاله لـ"بوليتيكو" عضو المجلس بول تونر، الديمقراطي الذي اختار أن يكتب مقال رأي في صحيفة.    

ولكن المجلس عدل ثانية عن قراره مع ارتفاع عدد الضحايا، ومطالبات مجموعات محلية باتخاذ إجراء. 

وفي يناير، وافق المجلس بالإجماع على اتخاذ قرار دعا خلاله إلى إنهاء الأعمال العدوانية وإطلاق سراح المحتجزين، بعد نحو 30 ساعة من النقاشات العامة، التي احتدمت إلى الحد الذي دفع بأعضاء المجلس إلى إخلاء غرفهم لاستعادة النظام واستدعاء المزيد من رجال الشرطة.

ولا يختلف الحال كثيراً في ولاية نورث كارولينا، حيث أراد المسؤولون هناك أيضاً أن يتركوا الأمر للحكومة الفيدرالية في مدينة رالي، عندما رفض مجلس المدينة إصدار قرار وقف إطلاق النار بـ4 أصوات مقابل 4 أصوات في مارس الماضي. 

وصوت العمدة برو تيم جوناثان ميلتون، وهو ديمقراطي أيضاً، ضد القرار، رغم أنه قال إنه يؤيد إنهاء الصراع وإطلاق سراح المحتجزين. 

وأضاف أن "مسؤولينا الفيدراليين المنتخبين يعملون على هذه الجهود، ولكن مدينتنا منقسمة الآن، ولا أريد تعميق هذا الانقسام"، مؤكداً أن أمله أن يحل السلام "في الداخل والخارج". 

حق النقض

وفي بلومنجتون، موطن المبنى الجامعي الرئيسي لجامعة إنديانا، قالت العمدة كيري تومسون، إنها ستستخدم ببساطة حق النقض ضد القرار الذي تبناه مجلس المدينة خلال الشهر الجاري، والذي يدين تصرفات إسرئيل وحماس جميعاً ويدعو إلى إطلاق سراح المحتجزين. 

وقالت تومسون، الديمقراطية أيضاً، في بيان: "لن أستنزف وقت المدينة في قضايا بعيدة عن نطاق أو تأثير حكومة مدينتنا"، مضيفة: "أشجع زملائي في المجلس على التعبير عن مواقفهم في القضايا الولائية أو الوطنية أو الدولية بطرق لا تحتاج إلى وقت وطاقة وموارد موظفي المدينة أو توقيع العمدة".

من جانبها قالت عمدة سان فرانسيسكو، لندن بريد، إنها ترددت كثيراً بشأن استخدام حق النقض ضد القرار الذي أدى إلى موجة عارمة من معاداة السامية "الحقيقية والخطيرة".  

وكتبت بريد في خطاب تشرح فيه الأسباب التي دفعتها إلى اختيار عدم استخدام حق النقض ضد هذا القرار: "فقط لأن ذلك كان سيعيد القرار إلى المشرفين لعقد جلسات استماع أكثر إثارة للانقسام". 

وأضافت: "لا ينبغي أن يشعر أحد بعدم الأمان في مجتمعاتنا، ولا ينبغي أن يعتقد أحد أنه بينما ندافع عن السلام في الخارج، يصبح من المقبول إثارة الانقسام والكراهية في الداخل"، وفقاً لما أوردته "بوليتيكو".

وبموجب اقتراح إنجارديو، لن تمنع سان فرانسيسكو التصريحات المستقبلية بشأن القضايا الدولية، ولكنه سيوجه المجلس إلى "منح الأولوية لشؤون البلدية"، إذ قال المشرف إنه يدرك أن "الوصول إلى المسؤولين المحليين أسهل من السياسيين الذين يحددون السياسة الخارجية فعلياً".

وأشار إلى أن "المواطن العادي لا يستطيع الوصول إلى الحاكم نيوسوم أو نانسي بيلوسي، ولكنهم يستطيعون الوصول إلينا".

تصنيفات

قصص قد تهمك