في يوم تنصيبه.. بوتين أمام اختبار تجديد حرس الكرملين القديم

time reading iconدقائق القراءة - 7
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قبل حفل تنصيبه في الكرملين. موسكو، روسيا. 7 مايو 2024 - AFP
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قبل حفل تنصيبه في الكرملين. موسكو، روسيا. 7 مايو 2024 - AFP
دبي-الشرق

أدى فلاديمير بوتين، الثلاثاء، اليمين الدستورية لولاية خامسة رئيساً لروسيا، يبدو خلالها أقوى أكثر من أي وقت مضى بعد أن "سحق معارضيه" في الداخل وتمكن من امتصاص آثار العقوبات الاقتصادية الثقيلة التي فرضها عليه الغرب جراء غزوه لأوكرانيا، حيث تحقق قواته تقدماً على أرض الميدان.

ورغم دخول الحرب الروسية الأوكرانية عامها الثالث، بما يعنيه ذلك من كلفة اقتصادية وسياسية تتحملها موسكو، لا يظهر بوتين أي إشارات على التراجع عن مساره المتمثل في إخضاع كييف وإحكام قبضته على الداخل الروسي ومواصلة استعداء الغرب، ومناهضة القيم التي ينادي بها، وفق مجلة "بوليتيكو" الأميركية.

"الحرس القديم"

وطوال رحلته في تسيير شؤون البلاد، اعتمد الرجل البالغ 72 عاماً على دائرة ضيقة من المقربين والأصدقاء القدامى لتولي المهام الحساسة، وأعطى الأولوية في أحيان كثيرة لعنصر الثقة على حساب الكفاءة في اختياره للمسؤولين، وهذا ما سمح لوزير الدفاع سيرجي شويجو مثلاً بالاحتفاظ بمنصبه رغم التقدم البطيء في أوكرانيا ومحاولة التمرد المفاجئة لقائد مجموعة "فاجنر" الراحل يفجيني بريجوجين في يونيو الماضي.

ومن ناحية أخرى، اعتمد بوتين على التكنوقراط الموالين له مثل رئيس الوزراء ميخائيل ميشوستين ورئيسة البنك المركزي الروسي إلفيرا نابيولينا لإبقاء اقتصاد البلاد صامداً أمام العقوبات الاقتصادية العديدة.

ولكن هذه الطريقة في القيام بالأمور تبدو غير مقبولة على نحو متزايد، مع اقتراب بعض أتباع بوتين الأكثر ثقة من سن السبعين أو تجاوز هذا السن، ومن بين هؤلاء، وزير الخارجية سيرجي لافروف الذي بلغ 74 عاماً، وشويجو، 68 عاماً، بالإضافة إلى كبار الصقور الأمنيين في البلاد ألكسندر بورتنيكوف، 72 عاماً، وسيرجي ناريشكين، 69 عاماً، وألكسندر باستريكين، 70 عاماً.

وفي هذا الصدد، قالت "بوليتيكو" إن الجيل الجديد الذي من المفترض أن يعوض رجال بوتين الأقوياء، ليس جاهزاً، وهو ما ينذر بمشاكل خطيرة بالنسبة للنظام، مبرزة أن التغيير حتمي بالنسبة للرئيس الروسي "إذا هو أراد الحفاظ على نظامه".

ومن بين الإشارات التي تم رصدها مؤخراً، الاعتقال المفاجئ الأخير لنائب وزير الدفاع الروسي تيمور إيفانوف بتهمة تلقي الرشوة، والذي ينظر إليه على أنه هجوم على وزير الدفاع شويجو، وإشارة محتملة إلى أن بوتين مستعد لتغيير أحد رموز نظامه.

وفي الأعوام الماضية، كان الكرملين عموماً يختار المرشحين الذين كان من السهل السيطرة عليهم بدلاً من أن يكونوا بالضرورة مؤهلين للوظيفة الحالية، مما أدى إلى ضم عناصر جديدة من الحراس الشخصيين السابقين لبوتين، أو الأقارب الأصغر سناً للمسؤولين الحاليين المقربين من الكرملين.

وفي هذا السياق، يوصف ديمتري باتروشيف، وزير الزراعة الحالي وابن أمين مجلس الأمن نيكولاي باتروشيف، البالغ من العمر 72 عاماً، بأنه شخص يمكن الاعتماد عليه في التعديل الوزاري القادم لبوتين.

وإلى جانب هذا كله، شكل غزو أوكرانيا، فرصة سانحة لاكتشاف "الصقور الشباب" غير المعروفين بعد، من أصحاب الخلفية العسكرية والذين أظهروا حنكة في ميدان القتال، للاستفادة منهم في مناصب سياسية.

هذا الطرح أعلن عنه بوتين صراحة وبشكل مباشر، حيث قال إنه يعتبرهم النخبة الحقيقية التي يجب مع مرور الوقت أن تحل محل النخبة الحالية.

وبحسب "بوليتيكو"، فإن هذه التغييرات قد يتم إجراؤها بشكل محدود وسريع في البداية من أجل ضمان استمرارية عمل كبار المسؤولين الحاليين بدون انقطاع أو تشويش.

تحديات داخلية

ولن تنتهي ولاية زعيم الكرملين الأطول خدمة منذ جوزيف ستالين، حتى عام 2030، لكنه مؤهلاً دستورياً للترشح لولاية أخرى، ومن هنا قد يطرح السؤال حول ما الذي يمكن أن يفعله بوتين في ولايته الخامسة، سواءً في الداخل أو الخارج.

ونقلت أوكرانيا المعركة إلى الأراضي الروسية من خلال هجمات الطائرات بدون طيار والصواريخ، وخاصة في المناطق الحدودية. وفي خطاب ألقاه في فبراير، تعهد بوتين بتحقيق أهداف موسكو في أوكرانيا، والقيام بما هو مطلوب "للدفاع عن سيادتنا وأمن مواطنينا".

وبعد فترة وجيزة من إعادة انتخابه في مارس، أشار بوتين إلى احتمال وقوع مواجهة بين حلف شمال الأطلسي وروسيا، وأعلن عن رغبته في إقامة منطقة عازلة في أوكرانيا لحماية بلاده من الهجمات عبر الحدود.

وفيما بدا بمثابة تحضير للمواطن الروسي العادي لسيناريو حرب أكثر دموية، فإن شعبية بوتين ترتبط ارتباطاً وثيقاً بتحسين مستويات معيشة المواطنين.

في العام 2018، بدأ بوتين فترة ولايته بتقديم وعد بإدخال روسيا إلى نادي أكبر خمسة اقتصادات عالمية، وتعهد بجعل البلاد "حديثة وديناميكية". وبدلاً من ذلك، تحول الاقتصاد الروسي نحو الحرب، ما أدى لارتفاع النفقات المرتبطة بالدفاع.

ويتوقع المحللون الآن، بعد أن ضمن بوتين ست سنوات أخرى في السلطة، أن الحكومة ستتخذ خطوات لا تحظى بشعبية تتمثل في زيادة الضرائب لتمويل الحرب والضغط على المزيد من الرجال للانضمام إلى الجيش.

ويستمر التضخم بسبب الارتفاع الكبير في الميزانية الفيدرالية الناجم عن النفقات العسكرية، ما يثير قلق السكان الذين تأثرت قدرتهم الشرائية أساساً بتداعيات العقوبات الغربية المفروضة على البلاد.

ويفترض أن يتجه الاقتصاد الروسي الذي يعتمد بشكل كبير على عائدات المحروقات، نحو آسيا بدفع من فلاديمير بوتين نفسه، لكن البنى التحتية الضرورية لذلك المكلفة والتي تحتاج إلى سنوات طويلة لإنشائها، لا تزال غير متوافرة.

"واجب مقدس"

وأدى فلاديمير بوتين اليمين الدستورية، الثلاثاء، خلال حفل في الكرملين، معتبراً أن قيادة روسيا "واجب مقدس"، وقال "أقسم (…) أن أحترم وأحمي حقوق وحريات الإنسان والمواطن، وأن أحترم وأحمي الدستور وسيادة واستقلال وأمن ونزاهة الحكوم" وأضاف في قاعة أندرييفيسكي "نحن شعب متحد وعظيم، ومعاً سنتجاوز كل العراقيل (...) معاً سننتصر"، مؤكداً أن روسيا ستخرج "أقوى" من هذه "المرحلة الصعبة".

ويأتي خطاب بوتين قبل يومين من ذكرى انتصار السوفييت على ألمانيا النازية في التاسع من مايو، وتشكل الاحتفالات بهذه الذكرى إحدى ركائز سياسة السلطة والنفوذ المنتهجة من قبل فلاديمير بوتين الذي يؤكد أنه يشن حرباً على "نازيين جدد" في أوكرانيا.

وأكد في خطابه الذي بثته جميع القنوات التلفزيونية الرسمية الروسية "سنحدد مصير روسيا بأنفسنا وأنفسنا فقط، من أجل خير الأجيال الحالية والمستقبلية".

واعتبر الرئيس الروسي أن النقاش مع الغرب "حول قضايا الأمن والاستقرار الاستراتيجي" أمر "ممكن"، وأضاف "الخيار لهم"، وتساءل "هل ينوون الاستمرار في محاولة احتواء روسيا، أو الاستمرار في سياسة العدوان، أو الضغط المستمر على بلادنا منذ سنوات، أو البحث عن طريق للتعاون والسلام؟".

وتابع بوتين: "الحوار، بما في ذلك حول الأمن والاستقرار الاستراتيجي، ممكن، ولكن ليس من موقع القوة. دون أي غطرسة أو غطرسة أو ادعاءات بالحصرية، ولكن فقط على قدم المساواة ومع الاحترام الواجب لمصالح بعضنا البعض.

تصنيفات

قصص قد تهمك