بعد فوز كاسح لبوتين.. ماذا ينتظر روسيا وأوكرانيا؟

موسكو أمام 3 سيناريوهات إزاء كييف: التصعيد أو الجمود أو فتح قنوات التفاوض

time reading iconدقائق القراءة - 15
رجل يشاهد نشرة أخبار على التلفزيون تعلن نتائج الانتخابات الرئاسية والأصوات التي حصل عليها الرئيس فلاديمير بوتين، موسكو. 17 مارس 2024 - REUTERS
رجل يشاهد نشرة أخبار على التلفزيون تعلن نتائج الانتخابات الرئاسية والأصوات التي حصل عليها الرئيس فلاديمير بوتين، موسكو. 17 مارس 2024 - REUTERS
موسكو-الشرق

على الرغم من أن فوز الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بولاية رئاسية، كان متوقعاً وفق أغلبية التوقعات واستطلاعات الرأي، إلا أن نتائج الانتخابات الرئاسية لم يسبق وأن حملت في روسيا هذه الأرقام والنسب.

كما يبدو أن التحديات الداخلية بدأت مبكراً بعد إعلان الفوز بأيام، إذ تبنى تنظيم "داعش" هجوماً قرب موسكو أسقط العشرات من الضحايا، وما زالت تداعياته مستمرة باعتباره أول تحد للرئيس الروسي بعد إعادة انتخابه.

ولم تحمل النتائج النهائية التي أعلنتها لجنة الانتخابات المركزية، الخميس، فقط نبأ الفوز نفسه، بل كانت نسب الإقبال غير المسبوقة على صناديق الاقتراع، وحجم الدعم الشعبي للرئيس الذي يتربع على كرسي الحكم منذ العام 1999، أبرز ما جاء في الإعلان. الأمر الذي يجعله مرشحاً لأن يكون أطول الحكام عمراً منذ قرنين كاملين، متفوقاً بذلك على جوزيف ستالين (29 سنة)، وحتى على الإمبراطورة يكاتيرينا الثانية التي اعتلت العرش لـ34 سنة.

ونظراً إلى أن ولاية بوتين الجديدة تمهد الطريق للبقاء في السلطة حتى عام 2036، وفقاً لتعديل دستوري أقر قبل عامين، يسمح له بموجبه الترشح لولايتين رئاسيتين جديدتين.

وتعتبر فكرة حصول رئيس دولة قضى في السلطة نحو ربع قرن، أكثر من 87% من أصوات الناخبين، "خارجة عن المألوف"، خصوصاً في الدول الأوروبية المحيطة بروسيا، والتي يتسابق فيها المرشحون لنيل نقاط معدودة تكاد تصل إلى حاجز الحسم.

ولكن روسيا لها طريقتها الخاصة، كما أن الظروف المحيطة بها، وحملات التعبئة النشطة التي ركزت على مواجهة "التهديدات الخارجية"، لعبت دوراً رئيسياً في تكريس هذا الواقع الذي لن تغير من مفاعيله كثيراً، الاتهامات الغربية بوقوع انتهاكات، أو بحرمان المعارضة من المشاركة الفعلية في الاستحقاق.

تفويض شعبي

قبل انطلاق العملية الانتخابية بدا واضحاً أن الكرملين يخشى بالدرجة الأولى ليس التدخل الغربي، أو محاولات التأثير على الناخبين، أو نشاط المعارضة الذي اتضح لاحقاً أنه لم يكن مؤثراً، بل عزوف الناخبين عن الإقبال على الصناديق لأن النتائج معروفة سلفاً. وذلك بعدما رددت أوساط مقربة من الرئاسة الروسية أن نسب الإقبال المطلوبة ليكون الاستحقاق ناجحاً ينبغي ألا تقل عن 70%. وتم حشد كل الطاقات في هذا الاتجاه.

وفي محاولة للتغلب على هذه العقبات، صدر قرار بجعل مدة الانتخابات 3 أيام، وذلك للمرة الأولى في تاريخ روسيا، إلى جانب تسهيل عمليات الاقتراع عبر التصويت الإلكتروني لتحفيز المواطنين على المشاركة، إلى جانب حملات التشجيع القوية التي تخللها الإعلان عن هدايا ومكافآت لمن سارعوا بالإدلاء بأصواتهم.

وجاءت النتيجة على هوى الكرملين، وعكس حجم الإقبال الذي زاد عن 77%، نجاح بوتين في حشد دعم داخلي غير مسبوق في معركته الكبرى التي تتجاوز الاستحقاق الانتخابي كثيراً. ذلك لأن هذا الإقبال مع نسب التصويت لصالحه 78.28% لا تقتصر على دعم مرشح رئاسي، بل تشكل استفتاءاً على سياساته، وتفويضاً جديداً له لمواصلة نفس النهج على الصعيدين الداخلي والخارجي.

ويعتبر هذا التفويض بالغ الأهمية لبوتين في مرحلة حاسمة من تاريخ البلاد. فهو يمثل شبه إجماع على تأييد خياراته التي كانت قبل عامين فقط عندما اتخذ قرار الحرب على أوكرانيا موضع تشكيك من جانب كثيرين.

وتبدو يد بوتين مطلقة حالياً. ومهما كانت سيناريوهات تطور الوضع لاحقاً، فإنه سينطلق في تحركاته من جبهة داخلية متماسكة وصلبة، لا مكان فيها لجنرالات الحرب، أصحاب الطموحات الشخصية مثل يفجيني بريجوجين مؤسس مجموعة "فاغنر" الذي اختفى من المشهد من دون أن ينجح في إحداث هزة كبيرة في أوساط النخب العسكرية والمالية والسياسية. ولا معارضين مؤثرين مثل أليكسي نافالني الذي لم يسفر موته في سجنه قبل أسابيع قليلة من الانتخابات عن نشاط واسع بين أنصاره.

تأثيرات داخلية

على الصعيد الداخلي، يضع خبراء احتمالات عدة لتحرك الكرملين خلال المرحلة المقبلة، كلها تصب في اتجاه تعزيز تماسك الجبهة الداخلية ومواجهة أي محاولات لزعزعة الوضع حتى لو اضطر بوتين إلى اتخاذ قرارات غير شعبية مثل إعلان تعبئة عسكرية جديدة لخدمة الجبهة.

ولا يستبعد معارضون أن يعمد الرئيس المنتخب إلى تعزيز قبضته بقوة باتجاه قمع أي محاولات لإعادة تنظيم صفوف المعارضة أو دفع نشاطاتها، انطلاقاً من فكرة أن الكرملين حرص على عدم تصعيد معركته داخلياً قبل الانتخابات لتجنب وقوع أعمال احتجاجية كبرى، لكنه الآن سيجد الفرصة مع التفويض الشعبي الواسع للنيل من خصومه الداخليين وعدم السماح بعرقلة داخلية لتحركاته على الصعيد الخارجي.

وفي هذا الإطار يضع هؤلاء تلويح الرئيس الروسي القوي بأنه سيتم التعامل مع "الخونة"، وفقاً لقوانين الحرب. أي أن الأصوات المعارضة ستلقى رد فعل مباشراً وقوياً "كما لو كانت في الميدان"، وفقاً لتعبير أطلقه بوتين أخيراً.

لكن هذا المدخل الذي تخشى منه المعارضة لا يبدو جديداً، فبوتين لم يتساهل في أي وقت مع معارضيه. كما أنه حالياً في أقوى حالاته داخلياً ولا يحتاج لتدابير إضافية من هذا النوع.

فضلاً عن ذلك، فإن بوتين يحتاج إلى مرحلة الهدوء الداخلي لدفع خططه الطموحة التي أعلن عنها في رسالته أمام البرلمان قبل أسابيع من الانتخابات.

وهناك جرى الحديث عن خطط استراتيجية وطنية للنهوض بالقطاعات الصحية، والتعليمية، والبنى التحتية، والتطوير العسكري، ومشروعات عملاقة لرعاية الأمومة والطفل، في مواجهة الأزمة الديموغرافية المستفحلة.

في هذا السياق، يرى خبراء أن بوتين قد يجري تعديلات في الهياكل الحكومية لدفع برامجه الموضوعة، لكن في الوقت ذاته، لا توجد مؤشرات إلى أن هذه الخطط قد تطال مواقع رئيسية يشغلها أصدقاء بوتين وحلفاؤه الرئيسيون في وزارات ومواقع حساسة مثل الدفاع والخارجية وعدد من الشركات الوطنية الكبرى.

ويبقى الموضوع الأبرز المتعلق باحتمال إعلان تعبئة عسكرية، وهذا خيار صعب بالنسبة إلى الكرملين، كونه لا يحظى بشعبية حتى بين أنصار بوتين. وهنا تشير تقديرات إلى أن روسيا قد تحتاج إلى تجنيد نحو 300 ألف عسكري إضافي على الجبهة لتعزيز قدراتها وإحراز تقدم ميداني واسع.

من المهم التذكير بأنه خلال السنة الأولى من الصراع، قامت روسيا بتعبئة جزئية، إذ تم تجنيد أكثر من 300 ألف شخص. وقد أدى ذلك إلى زيادة التوتر في المجتمع. وأظهرت وزارة الدفاع مرونة وانتقلت من التعبئة الجزئية إلى خطة لتعزيز القوات من خلال جنود متعاقدين، والذين عرضت عليهم رواتب عالية.

وكان من المخطط تجنيد 420 ألف جندي متعاقد في عام 2023، وبحلول نهاية 2024 زيادة عدد الجنود المتعاقدين إلى 745 ألفاً.

الأمر اللافت أن الرئيس لم يوقع أبداً على مرسوم بإنهاء نظام التعبئة الجزئية، وإلى حد ما، أصبح هذا بمثابة غذاء للشائعات بشأن موجة جديدة قادمة من التعبئة.

في بداية مارس 2024، بدأ نشر معلومات على شبكات التواصل الاجتماعي عن البداية المحتملة المفترضة لموجة ثانية من التعبئة في روسيا بعد الانتخابات مباشرة. لكن المصادر الرسمية تنفي حتى الآن صحة هذه المعطيات.

3 احتمالات

ومن المهم الالتفات إلى الظروف التي يمكن أن تجبر بوتين على إعلان تعبئة جديدة، وهي تقتصر على 3 احتمالات: وقف تدفق المتطوعين، أو أن يعاني الجيش الروسي من هزيمة خطيرة على الجبهة، أو بروز أهداف جديدة في المنطقة العسكرية الشمالية بمعنى أن يقرر بوتين التقدم نحو هدف كبير للسيطرة على مدينة مهمة مثلاً.

على سبيل المثال، تم الإعلان عن التعبئة الجزئية السابقة بعد الهجوم المضاد للقوات المسلحة الأوكرانية بمنطقة خاركوف في سبتمبر 2022، عندما تخلى الجيش الروسي عن إيزيوم وبالاكليا وكراسني ليمان وفولشانسك وكوبيانسك وسفياتوغورسك.

في الوضع الراهن قد يكون الهدف فرض سيطرة مطلقة على مدن كبيرة، مثل زابوروجيا وخيرسون، ناهيك عن الوصول إلى خاركوف أو كييف كما يقترح رمضان قاديروف ودميتري مدفيديف.

ويعتقد المتطوع العسكري والمدون العسكري الروسي أليكسي زيفوف، أنه من أجل تنفيذ "عملية كييف" في سبتمبر وأكتوبر 2024، يجب الإعلان عن التعبئة مباشرة بعد الانتخابات الرئاسية.

التغييرات المتوقعة في الجبهة

تواصل روسيا تنفيذ ما تصفه بـ"العملية العسكرية" على جبهة طويلة، ويواجهها عدو مسلح جيداً، ومدعوم عسكرياً وسياسياً من دول حلف شمال الأطلسي "الناتو" واليابان وأستراليا.

وعلى الرغم من العقوبات الاقتصادية واسعة النطاق، تمكنت موسكو من نقل اقتصاد البلاد إلى حالة الحرب. كما كان من الممكن التوصل إلى اتفاق مع الدول الصديقة بشأن المساعدة بالقذائف والمعدات العسكرية الأخرى. ونتيجة لذلك، تمتلك روسيا معدات عسكرية أكثر أهمية من أوكرانيا، على الرغم من أنها تم تزويدها أيضاً بكمية كبيرة من الأسلحة خلال العامين الماضيين.

لم يقم أحد بإلغاء المهمة العسكرية الرئيسية المتمثلة في السيطرة على منطقة دونباس بأكملها، بل ستبقى المهمة الرئيسية حتى بعد الانتخابات الرئاسية. وستكون الأهداف المباشرة الأكثر ترجيحاً هي السيطرة على مدن كراسنوجوروفكا وتشاسوف يار وسيفيرسك وأوغليدار.

لكن من بين السيناريوهات المطروحة تفجير معركة جديدة نوعياً باتجاه نيكولاييف وأوديسا، تهدف وفقاً لمصادر عسكرية، إلى فرض سيطرة مطلقة على الجزء الجنوبي من أوكرانيا، وحرمان كييف من مخرج يطل على البحر الأسود بعد أن تم حرمانها سابقاً من النفوذ في بحر أزوف وتحويله إلى بحيرة روسية مغلقة.

هذا الهدف ستكون له أهمية استراتيجية أخرى، لجهة فتح الطريق للوصول إلى إقليم ترانسنيستريا الإنفصالي في مولدوفا، والذي تتمركز فيه قوات روسية تدعم الانفصاليين.

في حين ترى الأوساط الروسية أن معركة ترانسنيستريا "قد اقتربت" ولا يخفي مسؤولون عسكريون أن هذا الهدف مطروح على الأجندة، وبعضهم يصف الاقليم المولدافي بأنه "دونباس الجديدة".

لكن شروط هذا التطور مرتبطة بالدرجة الأولى بحجم الاستعدادات الأوكرانية وطبيعة الإمدادات الخارجية لهذا البلد من المساعدات العسكرية. فضلاً عن الوضع على الجبهات الأخرى.

سيناريوهات محتملة

في المقابل، وضعت مصادر غربية أخيراً، 5 سيناريوهات محتملة، للخطوات المقبلة لبوتين بعد الانتخابات، غالبيتها تركز على احتمال مواجهة ثورة داخلية أو اضطرابات وهزات، وهي تبدو أقرب إلى التمنيات من أن تكون سيناريوهات واقعية يمكن أن تأخذ طريقها إلى التنفيذ.

لكن تبدو الاحتمالات الواقعية المطروحة مرتبطة بالدرجة الأولى بمسار المعارك ومستوى قدرة الغرب على تجاوز خلافاته بشأن تسليح أوكرانيا وانتهاج سياسة موحدة تفتح الطريق أمام توسيع المعركة أو على العكس من ذلك، تجميد الصراع ومحاولة تلمس آفاق للتسوية السياسية.

من جانب موسكو هناك 3 سيناريوهات محتملة لتطور الوضع، على رأسها احتمال أن تشهد الجبهات جانباً من التصعيد التدريجي يصل لذروته في نهاية الصيف. وفي هذا الإطار يبني خبراء عسكريون على أن السيطرة على إفدييفكا أخيراً منح زخماً واسعاً للقوات الروسية، وأثار حالة من الإحباط وخيبة الأمل لدى الطرف الآخر، وهذا يوفر أساساً صلباً لمواصلة التقدم ببطء ولكن بثبات.

ويرى الخبراء أنه في حال فشل محاولات بوتين، حمل الغرب على مواصلة تسليح أوكرانيا سيعمل على توسيع نطاق المعركة لهدف مباشر على الجبهات، وآخر يتعلق بالسعي إلى تعميق الأزمة في الغرب خصوصاً مع احتدام المعركة الانتخابية في الولايات المتحدة وتزايد السجالات في الغرب بشأن جدوى التدخل المباشر في الحرب. وهو ما أظهرته أخيراً ردود الفعل على تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن احتمال إرسال قوات إلى أوكرانيا.

السيناريو الثاني، يقوم على النجاح في إطلاق قنوات حوار وإن كانت غير مباشرة في البداية. وهو يستند إلى تكرار الكرملين في الآونة الأخيرة التأكيد على استعداده لحوار مفتوح مع الغرب على أن يقوم على وضع كل الملفات الخلافية في سلة واحدة، والبدء بمفاوضات تفضي إلى تسوية المشكلات المعقدة بشكل متواز.

يحمل هذا المدخل تطوراً في موقف الكرملين الذي كان يطالب في فترة سابقة بتلبية متطلباته الأمنية كشرط وحيد لاستئناف الحوار مع الغرب. حالياً، يتعامل مع الملف كرزمة متكاملة تبدأ بملف التسلح والأمن الاستراتيجي في أوروبا، ومسائل الرقابة على نشر القوات والمعدات، ومعالجة وضع أوكرانيا وربما ملفات إقليمية أخرى معها.

في هذا الإطار كان لافتاً أن بوتين تعمد قبل أيام أن يخاطب الداخل الفرنسي بعبارات مثل: "يمكن لفرنسا أن تلعب دوراً في التسوية السياسية"، وهي عبارة لها مدلولات لأن حديث ماكرون عن التدخل المباشر لقي معارضة داخلية، كما أنها تحمل في الوقت ذاته إشارة إلى تأييد روسي لاستئناف عمل قنوات الحوار المغلقة في حال قررت باريس لعب دور مغاير لدورها الحالي. مثل هذه الرسالة تم توجييها إلى الداخل الأميركي سابقاً وإلى ألمانيا أيضاً.

السيناريو الثالث، قد يسفر عن تعميق وضع جمود الجبهات عند خطوط التماس الحالية بانتظار نضوج الظروف الملائمة لفتح الحوار السياسي. من جانب موسكو تم الإعلان عن وضع خطط واسعة لتعزيز الجبهات على طول خطوط التماس لمنع الجانب الأوكراني من إحداث ثغرات فيها، ويمكن لمثل هذا السيناريو أن يعفي بوتين من خطوات غير شعبية، مثل التعبئة العسكرية ويصرفه إلى تعزيز الوضع الداخلي وتقوية الاقتصاد في مواجهة الضغوط الغربية وتمتين التعاون مع الحلفاء.

 لكن هذا مشروط بوقف تقدم الطرف الآخر أيضاً، وعدم تقديم رزم واسعة من الأسلحة والمعدات بعيدة المدى التي يمكن أن تؤدي إلى إخلال في موازين القوى القائمة حالياً.

في كل الأحوال يبدو بوتين في بداية ولايته الخامسة أكثر ثقة بفشل الغرب في تقويض الوضع الداخلي الروسي، وأكثر قدرة على المناورة مسلحاً بشبه إجماع وطني وبغياب كامل للمعارضة داخلياً، وغياب مماثل لقدرة خصومه على إحداث اختراق كبير ونوعي على الجبهات.

تصنيفات

قصص قد تهمك