لبنان: نتعرض لحرب نفسية.. وواشنطن: التهدئة بين إسرائيل و"حزب الله" باتت معقدة

مسؤولون: احتمالات تحول التوترات إلى "صراع كبير" بالجنوب بلغت ذروتها في يونيو

time reading iconدقائق القراءة - 10
دخان يتصاعد من بنايات في بلدة بليدة بجنوب لبنان القريب من حدود إسرائيل. 6 يناير 2024 - AFP
دخان يتصاعد من بنايات في بلدة بليدة بجنوب لبنان القريب من حدود إسرائيل. 6 يناير 2024 - AFP
دبي-الشرق

قال رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان نجيب ميقاتي، السبت، إن بلاده في حالة حرب، محذراً من أن التهديدات التي يتعرض لها لبنان هي نوع من الحرب النفسية، فيما قال مسؤولون أميركيون إن الجهود الأميركية الرامية إلى تهدئة التوترات بين "حزب الله" وإسرائيل باتت معقدة.

ونقلت وسائل إعلام لبنانية محلية عن ميقاتي قوله خلال زيارة لمقر عسكري في صور بجنوب البلاد: "التهديدات التي نشهدها هي نوع من الحرب النفسية، والسؤال الذي يتردد على كل الألسنة: هل هناك حرب؟ نعم نحن في حالة حرب وهناك عدد كبير من الشهداء من مدنيين وغير مدنيين والعديد من القرى المدمّرة بسبب العدوان الإسرائيلي".

وعبر ميقاتي عن ثقته في قدرة لبنان على الوصول إلى الاستقرار على الحدود بفضل "شجاعة الجيش وبسالته وتضحياته".

كانت شبكة CNN الأميركية نقلت عن مسؤولين أميركيين قولهم إن إسرائيل أبلغت واشنطن مؤخراً اعتزامها نقل عتاد من قطاع غزة إلى جبهة الشمال استعداداً لهجوم محتمل على حزب الله بجنوب لبنان.

وزار المبعوث الأميركي آموس هوكستين لبنان، والتقى مع قائد الجيش جوزيف عون وبحث معه التطورات على الحدود الجنوبية مع إسرائيل.

وذكرت وسائل إعلام لبنانية وقتها أن هوكستين "يحمل معه رسالة إسرائيلية شديدة اللهجة وأكثر خطورة من الرسائل الماضية بضرورة التفاوض ووقف إطلاق النار على الحدود، وإلا فإن التصعيد سيصبح حتمياً".

جهود معقدة

من ناحية أخرى، قال مسؤولون أميركيون إن الجهد، الذي تبذله إدارة الرئيس جو بايدن في سبيل تهدئة التوترات الحدودية بين "حزب الله" وإسرائيل بات معقداً بسبب عدم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، وربط الجماعة اللبنانية بين وقف الحرب على الجبهتين.

ونقلت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية عن المسؤولين قولهم إن المخاوف من إمكانية أن تتحول التوترات الحدودية بين لبنان وإسرائيل إلى صراع أكثر تدميراً بلغت ذروتها في يونيو الجاري، بعد أن اغتالت إسرائيل قائداً كبيراً في "حزب الله" وردت الجماعة بإطلاق وابل من الصواريخ على تل أبيب، فيما طلبت عدة دول هذا الأسبوع من مواطنيها مغادرة لبنان، في إشارة إلى وجود تهديدات بتفاقم الأعمال العدائية هناك. 

ورغم أن الولايات المتحدة لم تطلب من رعاياها مغادرة بيروت بعد، لكنها أرسلت السفينة USS Wasp التي تحمل جنود مشاة البحرية المدربين على عمليات الإخلاء إلى البحر الأبيض المتوسط، الأسبوع الماضي، لكن وزارة الدفاع الأميركية (البنتاجون) رفضت التعليق على وجود أي خطط إجلاء. 

وأضافت الصحيفة أن القلق بات يتزايد في كل من لبنان وإسرائيل بشأن التداعيات المترتبة على الحرب التي من المؤكد أنها ستؤدي إلى سقوط عدد كبير من الضحايا بين المدنيين، وذلك بعد أشهر من القتال الذي أدى بالفعل إلى نزوح ما يقرب من 200 ألف لبناني وإسرائيلي على جانبي الحدود. 

ورأت "واشنطن بوست" أن مثل هذا الصراع قد يشهد انخراط الولايات المتحدة، الداعم العسكري الرئيسي لإسرائيل، وهو ما قالت إنه سيوجه ضربة لهدف إدارة الرئيس الأميركي المُعلَن المتمثل في "منع حرب غزة من التوسع في الشرق الأوسط". 

بدوره، أكد "حزب الله"مراراً على أن مقاتليه لن يتوقفوا قبل وقف الهجوم الإسرائيلي على غزة، وأقر المسؤولون الأميركيون، الذين تحدثوا إلى الصحيفة، بشروط "حزب الله"، لكنهم أشاروا إلى أنه قد تكون هناك خيارات لإنهاء الصراع على الحدود الإسرائيلية- اللبنانية دون وقف إطلاق النار في غزة. 

ويشدد مسؤولون أميركيون وإسرائيليون على رغبتهم في التوصل إلى اتفاق واسع النطاق يؤدي إلى تحييد تهديد "حزب الله" لشمال إسرائيل ويسمح لعشرات الآلاف من النازحين الإسرائيليين من المنطقة بالعودة إلى منازلهم، لكن الصحيفة نقلت عن محللين قولهم إن من غير المرجح أن توقع الجماعة على أي اتفاق يقيد خياراته العسكرية في غياب وقف دائم لإطلاق النار في غزة. 

اتفاقات مقترحة ومساعدة قطرية

ووفقاً لما نقلته الصحيفة عن مسؤولين لبنانيين وأوروبيين، فإن مسودات الاتفاقيات المقترحة دعت "حزب الله" إلى نقل الأسلحة الثقيلة بعيداً عن الحدود الإسرائيلية، مع تقديم أموال لإعادة إعمار لبنان، من بين بنود أخرى. 

لكن الصحيفة نقلت عن عضو في المكتب الإعلامي لـ"حزب الله" قوله: "من المستحيل أن نتوقف، إذا لم تتوقف الحرب في غزة"، وأضاف: "إذا توقفت الحرب في غزة، ستتوقف في الجنوب أيضاً"، مشيراً إلى أنه في حالة التوصل إلى هدنة مؤقتة في القطاع، دون وقف دائم لإطلاق النار، فإن "حزب الله سيتصرف في لبنان كما حدث في المرة الأولى"، في إشارة إلى قرار الجماعة وقف إطلاق النار خلال الهدنة المؤقتة التي استمرت لمدة أسبوع في غزة في نوفمبر.  

وتابع: "لكن هذا لا يعني أن حزب الله سيقبل بالتوصل لاتفاق أوسع قبل توقف الحرب في غزة".

ويقود المبعوث الأميركي إلى لبنان بايدن آموس هوكستين الجهود الدبلوماسية الأميركية الجارية لوقف التصعيد في لبنان.

ووفقاً لما نقلته الصحيفة الأميركية عن شخص مطلع على هذه الجهود، طلبت الولايات المتحدة من قطر المساعدة في التوسط في المفاوضات أيضاً، إذ تواصل إدارة بايدن النظر إلى وقف إطلاق النار في غزة باعتباره نقطة انطلاق رئيسية لحل الأزمة في لبنان، لكن المسؤولين الأميركيين بدأوا أيضاً في استكشاف خيارات احتياطية أخرى لتهدئة التوترات. 

ورفض المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر الحديث عن احتمالات نجاح الجهود الدبلوماسية الأميركية، لكنه قال: "نعتقد أن من الممكن التوصل لحل دبلوماسي يصب في مصلحة جميع الأطراف".  

وقال مسؤول أميركي كبير إن هناك "فرصاً للمضي قدماً في الدبلوماسية. لن أتحدث عن الخطة أ، والخطة ب، والخطة ج". 

وخلال زيارته لواشنطن، الأسبوع الماضي، قال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت إن إسرائيل لا تريد حرباً مع "حزب الله"، لكنها "تستعد لكل السيناريوهات"، وأضاف: "لقد التقيت مع هوكستين مرتين هذا الأسبوع، ونتواصل بشكل مكثف، فإسرائيل تريد إيجاد حل يغير الوضع الأمني ​​في الشمال". 

وتابع: "لن نقبل بوجود قوات حزب الله وتشكيلاته العسكرية على الحدود مع إسرائيل، ولن نقبل تهديد مجتمعاتنا الشمالية، ونحن على استعداد لبذل كل ما في وسعنا لحماية شعبنا. لا نريد الدخول في حرب، لأنها ليست في صالح إسرائيل، ولدينا القدرة على إعادة لبنان إلى العصر الحجري، لكننا لا نريد أن نفعل ذلك". 

خطر إيران

وخلال اجتماعاته الخاصة مع المسؤولين الأميركيين، سعى جالانت إلى بث الرعب في أذهان نظرائه الأميركيين، إذ زعم  أن إسرائيل تقع تحت تهديد من إيران و"حزب الله" بطرق لم تثبتها تقييمات الاستخبارات الأميركية، حسبما نقلت الصحيفة عن مسؤول حضر أحد هذه الاجتماعات. 

وأضاف المسؤول أن جالانت حذرهم من أن طهران قد "تبدأ حرباً ضخمة بشكل عشوائي لتدمير إسرائيل، وهو ما اعتبره المسؤول "تحذيراً مُبالَغاً فيه بعض الشيء".

في الإطار، قال هيكو ويمين، مدير مشروع العراق وسوريا ولبنان في مجموعة الأزمات الدولية، إنه "عندما يتعلق الأمر بالتهديد بالحرب، فإن الجميع، بما في ذلك الإسرائيليون، يدركون أن هناك خيارات عسكرية محدودة وهي بالتأكيد ليست جيدة. لست متأكداً مما إذا كان هناك أي شخص يعتقد أن الغزو البري أمر مُستحسَن أو حتى ممكن في هذه المرحلة". 

وتابع: "حزب الله خصم من نوعية مختلفة تماماً عن حماس، فقد استغل الـ 20 عاماً الماضية منذ آخر توغل إسرائيلي في لبنان للتحضير لسيناريو مماثل على أرضه، وهناك تقارير موثوقة تفيد بأن الجماعة تمتلك شبكة أنفاق أكثر تقدماً وأصعب في ضربها من تلك التي بنتها حماس في غزة". 

وأردف ويمين: "هناك شعور عام بأن هذا الوضع قد ينتهي بشكل سيء للغاية، وهو ما يترك احتمالاً بأن تتجه إسرائيل إلى خيارات أخرى بخلاف الغزو البري، بما في ذلك شن الضربات الجوية، وهو اقتراح محفوف بالمخاطر أيضاً، لأنه لا أحد يعرف أبداً أين يقع الخط الأحمر، إلا بعد تجاوزه". 

ونقلت الصحيفة عن مسؤول أوروبي في لبنان قوله إن "حزب الله" يواصل الانخراط في المفاوضات مع واشنطن عبر وسطاء لبنانيين، رغم المعارك المستمرة في غزة.

وأضاف: "إذا كانت هناك هدنة مؤقتة في غزة وأوقف حزب الله إطلاق النار، فإن السؤال الذي نطرحه على أنفسنا الآن هو: هل ستقرر إسرائيل وقف إطلاق النار هي الأخرى؟". 

وقالت الصحيفة إن القلق الآن يكمن في أن تواصل إسرائيل القتل المستهدف لمقاتلي "حزب الله" في لبنان، حيث سقط 338 منهم منذ أكتوبر، ما قد يؤدي إلى رد انتقامي أو سوء تقدير يؤدي إلى نشوب حرب أوسع نطاقاً. 

تصنيفات

قصص قد تهمك