بعد 9 أشهر من الحرب.. "حماس" المنهكة تحبط "نصر إسرائيل"

محللون: تل أبيب ليست قريبة من تدمير الحركة.. والغموض يحيط بمصير محمد الضيف

time reading iconدقائق القراءة - 12
صورة مأخوذة من مقطع فيديو نشرته حركة "حماس" تظهر عدداً من عناصرها وهم يطلقون قذائف هاون على القوات الإسرائيلية أثناء الهجوم البري الإسرائيلي على غزة. 7 نوفمبر 2023 - REUTERS
صورة مأخوذة من مقطع فيديو نشرته حركة "حماس" تظهر عدداً من عناصرها وهم يطلقون قذائف هاون على القوات الإسرائيلية أثناء الهجوم البري الإسرائيلي على غزة. 7 نوفمبر 2023 - REUTERS
القاهرة/ القدس -رويترز

يعتقد مسؤولون كبار في الحكومة الإسرائيلية، أن تل أبيب تقترب من تحقيق أهداف الحرب على غزة، والمتمثلة في هزيمة حركة "حماس" عسكرياً، وإعادة الرهائن الذين خطفتهم الحركة وفصائل فلسطينية أخرى، في 7 أكتوبر 2023، لكن بقاء الحركة كقوة قادرة على شن هجمات على طريقة حرب العصابات، ونفوذها في قطاع غزة، ربما يلقي بظلاله على أي اتفاق.

بعد 9 أشهر من الضربات العنيفة التي يشنها أحد أقوى الجيوش في منطقة الشرق الأوسط، أصبحت "حماس" أضعف بكثير من القوة التي نفذت بها الهجوم على إسرائيل عبر الحدود في 7 أكتوبر.

وفي بداية الحرب، كانت مقاطع الفيديو لـ "حماس"، تُظهر عناصر مدربين تدريباً عالياً يرتدون دروعاً واقية وملابس عسكرية ويلفون أحزمة الذخيرة حول أجسادهم، أما الآن فتظهر في مقاطع الفيديو مجموعات صغيرة من أعضاء الحركة يرتدون قمصاناً وينتعلون أحذية رياضية، يشنون هجمات خاطفة في شوارع غزة التي دمرها القصف.

وتحدثت "رويترز" مع 3 مصادر مطلعة على تكتيكات "حماس"، و2 من مسلحي الحركة السابقين، و3 مسؤولين فلسطينيين، ومصدرين عسكريين إسرائيليين، ومسؤول دفاعي إسرائيلي، بهدف إلقاء الضوء على خسائر الحركة واستراتيجيتها.

قال مصدران إسرائيليان ومصدران فلسطينيان، إن شبكة الاتصالات التي بنتها "حماس" قبل الحرب، تضررت بشدة، وأوضح المصدران الفلسطينيان أن الضرر أدى إلى تفكك قيادة الحركة واعتمادها على الرسائل التي يجري تسليمها شخصياً لتجنب المراقبة الإسرائيلية.

وقال مصدر فلسطيني مطلع على التكتيكات العسكرية للحركة، إن الخسائر البشرية وتدمير شبكة الاتصالات، أديا إلى انهيار عملية اتخاذ القرار مركزياً، كما يزعم الجيش الإسرائيلي، أنه دمر قسماً كبيراً من شبكة الأنفاق الضخمة تحت غزة، أو لم يعد صالحاً للاستخدام.

لكن التكتيكات الحربية التي تبنتها خلايا "حماس" في الأسابيع الماضية، تستهدف ضمان بقاء الحركة وتقييد القوات الإسرائيلية وإلحاق خسائر بها، بحسب مصدر فلسطيني آخر مطلع على التكتيكات العسكرية للحركة.

وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت، في كلمة لجنود بمدينة رفح جنوب قطاع غزة، الثلاثاء الماضي، إن إسرائيل تقترب من هزيمة "حماس" عسكرياً، بحسب بيان أصدره مكتبه.

وأضاف: "نعمل على القضاء على (حماس) كمنظمة عسكرية.. نعمل على إيجاد وضع يسمح لنا بإبرام صفقة لتحرير الرهائن".

وبحسب إحصاءات إسرائيلية، احتجزت "حماس" نحو 250 رهينة خلال هجوم 7 أكتوبر، وقتلت 1200 شخص، ولا تزال الحركة وفصائل فلسطينية أخرى تحتجز 115 إسرائيلياً، أعلنت السلطات الإسرائيلية غيابياً وفاة نحو ثلثهم.

وتعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في كلمة أمام الكونجرس الأميركي خلال زيارة إلى واشنطن، الأربعاء الماضي، بإطلاق سراح المحتجزين قريباً، وطرح رؤية لما بعد الحرب بشأن "غزة منزوعة السلاح وخالية من التطرف" بقيادة فلسطينيين لا يسعون إلى تدمير إسرائيل.

ورفضت "حماس" تصريحات نتنياهو ووصفتها بأنها "محض أكاذيب" واتهمت نتنياهو بإفشال المفاوضات التي تستهدف إنهاء الحرب والتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن، وفقاً لمقترح من الرئيس الأميركي جو بايدن، في مايو، وبوساطة مصر وقطر.

وقال نتنياهو، الذي التقى بايدن، ونائبته كامالا هاريس، الخميس، إن "النصر لن يتحقق إلا عندما يتم القضاء على قدرات (حماس) العسكرية وقدرتها على الحكم وعندما يصبح القطاع غير قادر على تشكيل تهديد جديد لإسرائيل".

القضاء على "حماس".. هدف بعيد

وتصر "حماس" على أن هيكلها القيادي، على الرغم من الخسائر، ما زال موجوداً وإن كان ضعيفاً. وقال رئيس الدائرة السياسية للحركة بالخارج، سامي أبو زهري، لـ "رويترز"، إن روايات إسرائيل تضخّم خسائر الحركة.

وأضاف: "هذه محاولة لصناعة إنجاز مزيف، الحقائق على الأرض مختلفة تماماً".

وفي بيان في 16 يوليو بمناسبة مرور 9 أشهر من الحرب، قال الجيش الإسرائيلي إنه قتل أو اعتقل ما لا يقل عن 14 ألفاً من عناصر الحركة، من أصل ما بين 30 إلى 40 ألفاً عند بدء الحرب.

وتقول إسرائيل، إن 326 فقط من جنودها لقوا حتفهم في غزة منذ بدء الحرب، أي أكثر بقليل من نحو 300 قضوا في يوم واحد خلال هجوم 7 أكتوبر.

ويقول الجيش الإسرائيلي أيضاً، إنه قضى على نصف قيادات كتائب القسام، الجناح العسكري للحركة، وإنه يلاحق كبار قادة "حماس" في إطار هدفه لتفكيك قدرات الحركة.

واستهدفت غارة جوية إسرائيلية على منطقة كان يفترض أنها آمنة في جنوب قطاع غزة في 13 يوليو الماضي، قائد الجناح العسكري للحركة، محمد الضيف، الذي تقول إسرائيل إنه العقل المدبر للهجوم، وهي الغارة التي قتلت ما لا يقل عن 90 فلسطينياً، بحسب وزارة الصحة الفلبسطينية في قطاع غزة.

وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، دانيال هاجاري، في 19 يوليو الماضي، إن هناك علامات متزايدة على قتل الضيف ورافع سلامة، وهو قيادي كبير آخر في "حماس" يعتقد مسؤولون إسرائيليون، أنه كان جالساً إلى جوار الضيف في ذلك الوقت ولقي حتفه أيضاً.

وتؤكد مصادر فلسطينية، قتل عدد من القادة العسكريين البارزين في "حماس"، من بينهم أيمن نوفل، وأحمد الغندور، وكلاهما عضو في المجلس العسكري الأعلى، وهو الجهة العليا لاتخاذ القرارات في الجناح المسلح للحركة، كما قتلت إسرائيل صالح العاروري، نائب رئيس المكتب السياسي للحركة في لبنان.

لكن عناصر "حماس" نجحوا في إعادة القوات الإسرائيلية من جديد إلى القتال في نفس المناطق من قطاع غزة مراراً، على غرار القتال في خان يونس، هذا الأسبوع، ليمنعوا إسرائيل من إعلان انتصار يقول نتنياهو إنه عازم على تحقيقه.

ورأى الضابط السابق في المخابرات الحربية الإسرائيلية، ميخائيل ميلشتاين، أن إسرائيل تحتاج إلى مزيد من القوات على الأرض في مزيد من المناطق في غزة لتحقيق هدفها في القضاء على "حماس".

وأضاف ميلشتاين، الذي يرأس قسم الدراسات الفلسطينية في مركز موشيه ديان لدراسات الشرق الأوسط وإفريقيا ومقره تل أبيب: "نحن بعيدون للغاية عن هدف القضاء على حكومة (حماس) وقدراتها العسكرية.. لسنا قريبين حقاً من ذلك".

لكنه أشار إلى أن أي انتصار عسكري سينطوي على تجاهل للنفوذ الاجتماعي والسياسي والاقتصادي للحركة.

وتابع: "نواصل التعامل مع عدو متعدد الأبعاد في سلوكه على أنه تهديد عسكري فحسب".

ولم يرد الجيش الإسرائيلي بعد على طلب للتعليق.

واستدعت إسرائيل نحو 300 ألف من قوات الاحتياط لشن هجومها على غزة، وهي أكبر تعبئة للجيش الإسرائيلي منذ عقود، وبدأ تسريحهم بعد حوالي 4 أشهر.

غزة.. أرض الخراب والفوضى

تحول قطاع غزة إلى أرض خراب تعمها الفوضى بعد الحملة العسكرية الإسرائيلية التي قتلت فيها أكثر من 39 ألف شخص، وفقاً لإحصاءات فلسطينية.

وبدأ الجناح العسكري لـ "حماس" الحرب بـ 24 كتيبة، وقال مصدر عسكري إسرائيلي لـ "رويترز"، في 11 يوليو الماضي، إن 4 كتائب متبقية في منطقة رفح بجنوب غزة، حيث تركز إسرائيل أحدث عملياتها، "على وشك التفكيك".

ولتحقيق أهداف الحرب التي حددتها الحكومة، خطط الجيش الإسرائيلي لهجوم من 3 مراحل يبدأ بحملة جوية يليها هجوم بري ومرحلة أخيرة من عمليات التطهير.

ومعظم غزة في المرحلة الثالثة منذ 6 أشهر تقريباً، ويقول مسؤولون إسرائيليون إنه بمجرد قضاء القوات الإسرائيلية على الكتائب المتبقية في رفح، ستصبح غزة بأكملها أساساً في المرحلة الثالثة.

واستُنفدت ترسانة "حماس" من الصواريخ والقذائف التي قُدرت سابقاً بما بين 15 ألفاً و30 ألف صاروخ، وتشير تقديرات الجيش الإسرائيلي إلى إطلاق 13 ألف صاروخ على الأقل، كما استولى الجيش الإسرائيلي على مخابئ للقذائف أثناء اجتياحه لكل مدينة تقريباً في غزة.

وقال كوبي مايكل، من معهد دراسات الأمن القومي بجامعة تل أبيب، إن "حماس" لم تعد جيشاً مؤسسياً مقسماً إلى وحدات عسكرية تقليدية، يملك قدرات لتصنيع الأسلحة والتدريب والاستخبارات وقدرات جوية وبحرية وسيبرانية.

وأضاف: "يتعين علينا مواصلة الحملة حتى تصبح (حماس) عاجزة عن إعادة البناء"، مشيراً إلى "الحاجة لأن يتمتع الجيش الإسرائيلي بإمكانية دخول غزة حتى بعد الحرب لتنفيذ عمليات تستهدف أي خلايا مسلحة متبقية".

وتابع مايكل: "يجري الآن وضع أساس لكي يعمل الجيش الإسرائيلي على غرار الطريقة التي يعمل بها في الضفة الغربية. لم نبلغ ذلك بعد".

لكن مصدراً مقرباً من "حماس"، قال إن الحركة تستعد منذ سنوات لاحتمال اضطرارها للتحول إلى طريقة حرب العصابات للصمود في صراع مع إسرائيل.

وأضاف المصدر أن العمليات الرئيسية، ومن بينها مصنع لإنتاج القنابل والأسلحة الأخرى، ما زالت مستمرة.

تكيف "حماس" العسكري 

وقال مصدر آخر مطلع على خطط "حماس"، إن أفراداً جدداً ينضمون باستمرار إلى الجناح العسكري للحركة، كما سمح التحول إلى حرب العصابات للجماعة باحتواء الخسائر.

وقال خبراء ومصدران مقربان من "حماس"، إن شبكة الأنفاق ما زالت تحول دون تحقيق هدف إسرائيل في القضاء على الحركة على الرغم مما تعرضت له من دمار أو تعطيل.

وقال عنصر سابق بالحركة مطلع على عملياتها، إن زملائه يظهرون ليدمروا دبابة على سبيل المثال، ثم يختفون ليظهروا في نفق.

وأوضح: "يظهرون من عين نفق ليدمروا دبابة، أو يجهزوا كميناً لأخرى قبل أن يختفوا إلى حين يعاودوا الظهور مرة ثانية من نفق آخر".

وتقول مصادر قريبة من الحركة، إن بعض الأنفاق الجديدة يجري حفرها يدوياً، لكن "رويترز" لم تتمكن من التحقق من ذلك من مصدر مستقل.

وقال مسؤول عسكري إسرائيلي للوكالة، الاثنين الماضي، إنه على الرغم من تدمير الكثير من البنية التحتية العسكرية للحركة، بما في ذلك الأنفاق، ما زال هناك الكثير الذي يتعين القيام به.

تصنيفات

قصص قد تهمك