نيران صديقة أم عطل فني.. حادث غامض يهدد آمال أوكرانيا بشأن F-16

time reading iconدقائق القراءة - 9
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يتحدث إلى وسائل الإعلام أمام مقاتلة من طراز "F-16" في مكان غير معلن خلال الاحتفال بيوم القوات الجوية الأوكرانية- 4 أغسطس 2024 - Reuters
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يتحدث إلى وسائل الإعلام أمام مقاتلة من طراز "F-16" في مكان غير معلن خلال الاحتفال بيوم القوات الجوية الأوكرانية- 4 أغسطس 2024 - Reuters
دبي -الشرق

أعلنت أوكرانيا، الجمعة، فتح تحقيق دولي في تحطم طائرة F-16، أثناء اقترابها من هدف خلال غارة جوية روسية وسقوط قائدها، وذلك بمشاركة الولايات المتحدة ودول في حلف شمال الأطلسي "الناتو"، فيما تتضارب الروايات بشأن سبب التحطم، إذ هناك من ألقى بالمسؤولية للطيار، فيما تشير مصادر إلى احتمال تعرض الطائرة لـ"نيران صديقة".

وقال قائد القوات الجوية الأوكرانية، الفريق أول ميكولا أوليششوك، عبر تليجرام، قبل فترة وجيزة من إقالته من قبل الرئيس فولوديمير زيلينسكي، إن "تحليلاً مفصلاً" يجري بالفعل بشأن سبب سقوط الطائرة، عندما أطلقت روسيا وابلاً كبيراً من الصواريخ والطائرات بدون طيار على أوكرانيا.

وكتب أوليشوك في المنشور: "يجب أن نفهم بعناية ما حدث، وما هي الظروف، ومن المسؤول عن ذلك".

في الوقت نفسه، قال مسؤول غربي تم إطلاعه على التحقيق الأولي إن هناك "مؤشرات" على أن النيران الصديقة من بطارية صواريخ "باتريوت" قد تكون متورطة في الحادث، وفق ما نقلته "نيويورك تايمز".

وزودت الولايات المتحدة أوكرانيا بصواريخ "باتريوت"، والتي تشمل نظام رادار قوي وقاذفات متحركة تطلق الصواريخ على المقذوفات القادمة، واستخدمها الجيش الأوكراني بشكل متكرر كجزء من دفاعه ضد الهجمات الجوية الروسية، فيما لا تعتقد قوات الدفاع الأوكرانية أن خطأ الطيار كان وراء الحادث.

وقال مصدر لشبكة CNN الأميركية، إن الطيار أوليكسي ميس، المعروف باسم "مونفيش"، لقي حتفه في الحادث أثناء "صد أكبر هجوم جوي على الإطلاق" من قبل روسيا ضد أوكرانيا، مضيفاً أن الطيار دُفن الخميس.

وشكل الحادث بمثابة "ضربة قوية" لأوكرانيا، حيث لم تخسر كييف فقط طياراً مقاتلاً بارعاً، ولكن أيضاً واحدة من الطائرات النفاثة التي بحوزتها، بينما تنتظر المزيد من عمليات التسليم من الحلفاء الغربيين. وقد هددت هذه الحادثة بإثارة الشكوك بشأن قدرة القوات الأوكرانية على تسخير مجموعة من الأسلحة المعقدة في ساحة المعركة. وكان لدى الطيارين الأوكرانيين وقت أقل بكثير للتدريب على كيفية قيادة الطائرات مقارنة بالطيارين الغربيين الذين تبرعت دولهم بالطائرات، وفق وكالة NPR الأميركية.

خطأ الطيار أم نيران صديقة؟

قالت كييف إن طائرة F-16 تحطمت الاثنين، أثناء مهمة لصد الصواريخ الروسية، مؤكدة بذلك أول خسارة لواحدة من الطائرات المقاتلة الأميركية الصنع منذ أعلن زيلينسكي تسليمها إلى أوكرانيا. وقالت هيئة الأركان العامة للجيش الأوكراني، الخميس، إن الطيار المقدم أوليكسي ميس لقي حتفه في الحادث.

ولم يصدر أي تفسير رسمي بشأن سبب تحطم المقاتلة الأميركية. وأعلنت هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الأوكرانية، الخميس، تشكيل لجنة خاصة للتحقيق في الحادث.

ومع ذلك، أثار الحادث اتهامات متبادلة بين عضوة البرلمان الأوكراني، ماريانا بيزوهلا، وقائد القوات الجوية الأوكرانية، الفريق أول ميكولا أوليششوك، إذ زعمت بيزوهلا أن طائرة F-16 أسقطت بنيران صديقة، ونددت بـ "ثقافة الأكاذيب في قيادة القوات الجوية".

وفي منشورها على فيسبوك، الخميس، كتبت بيزوهلا، أن طائرة F-16 "أسقطتها منظومة صواريخ باتريوت المضادة للطائرات؛ بسبب عدم التنسيق بين الوحدات".

ورداً على ذلك، وصفها أوليشوك بأنها "أداة لتشويه سمعة" القيادة العسكرية الأوكرانية، وتشويه سمعة مصنعي الأسلحة الأميركيين وقال إنه يأمل أن تواجه عواقب قانونية لادعاءاتها.

تدخل الرئيس زيلينسكي، الجمعة، عندما أقال أوليشوك من منصب قائد القوات الجوية. وقال زيلينسكي في خطابه المسائي "لقد قررت استبدال قائد القوات الجوية.. أنا ممتن إلى الأبد لجميع طيارينا العسكريين"، دون إبداء سبب قراره.

وقال مسؤول في سلاح الجو الأوكراني، شريطة عدم الكشف عن هويته، لخدمة "صوت أميركا" الأوكرانية، إن "روايات مختلفة قيد النظر، بما في ذلك (النيران الصديقة) لأنظمة الدفاع الجوي، وعطل فني وخطأ طيار. لكن الأسباب الدقيقة لن تُعرف إلا بعد اكتمال التحقيق".

لكن صحيفة "وول ستريت جورنال"، نقلت عن مسؤول أميركي قوله، إن الحادث على الأرجح وقع نتيجة خطأ الطيار. كما نقلت وكالة "رويترز" عن مسؤول أميركي قوله إنه "لا يبدو أن تحطم الطائرة جاء نتيجة عمل عسكري روسي".

وأعلن زيلينسكي في الرابع من أغسطس أن أول طائرة من أصل 80 طائرة من طراز F-16 وعدت بها الدنمارك وهولندا وبلجيكا والنرويج وصلت إلى أوكرانيا. وفي حين لم يذكر عدد الطائرات التي تم تسليمها، نقلت صحيفة "وول ستريت جورنال"، الخميس، عن مسؤول أميركي لم يذكر اسمه قوله إن ست طائرات F-16 وصلت إلى كييف، وأن أوكرانيا لديها 6 طيارين مدربين على قيادتها.

من يكون الطيار؟

أصبح أوليكسي ميس، المعروف باسم "مونفيش"، والطيار الآخر أندريه بيلشيكوف، المعروف باسم "جوس"، وجهي حملة أوكرانيا للحصول على طائرات F-16.

كانت معركة شاقة، لكن جوس ومونفيش نجحا في اجتيازها معاً. كانا شابين متحمسين، ويتحدثان الإنجليزية بشكل جيد وكانا على استعداد للقتال من أجل السماح للطائرات الأميركية بالتحليق في سماء أوكرانيا، وفق شبكة CNN.

كان التحليق بطائرة F-16 حلمهما، وعندما توفي جوس في حادث تحطم طائرة أثناء مهمة قتالية في أغسطس الماضي، جعل مونفيش تحقيق هذا الحلم هدفه.

ويمثل الطيار الأوكراني، واحداً من 6 طيارين فقط في البلاد تم تدريبهم على قيادة الطائرة. 

وتشير الشبكة الأميركية، إلى أن مونفيش كان رجلاً قليل الكلام، شغوفاً بعمله، وكان يسيطر على عواطفه. ويتحدث بصراحة، ويعرف كل شيء عن طائرات F-16.

وفي حديثه إلى شبكة "سي إن إن"، أثناء التدريب، قال إنه كان من الضروري بالنسبة له وللطيارين الأوكرانيين الآخرين الخضوع لنسخة مختصرة من التدريب. وقال: "كان لدينا الكثير من الوقت لدراسة الطائرة بالكامل في وقت السلم، لكن ليس لدينا الوقت حالياً في زمن الحرب".

وفي فبراير، أخبر المقدم ميس وسائل الإعلام الأوكرانية، أن تدريب F-16 الذي كان يقوم به كان "برنامجاً مكثفاً حقاً".

وأضاف أن التحول من الطائرات النفاثة من النوع السوفيتي إلى الطائرات النفاثة الغربية، كان مثل "الانتقال من استخدام هاتف نوكيا مباشرة إلى استخدام هاتف آيفون دون كل هذه الخطوات بينهما"، وفق الشبكة الأميركية.

وفي بيان صدر، الخميس، قالت القوات الجوية الأوكرانية، إن مونفيش دمر ثلاثة صواريخ كروز وطائرة هجومية بدون طيار، قبل أن يسقط في الحادث. وقالت القوات الجوية إنه حصل بعد وفاته على رتبة عقيد.

ما تأثيرات سقوط F-16 على ديناميكية الحرب؟

معهد دراسة الحرب قال إنه كان متوقعاً أن تخسر أوكرانيا بعض المعدات العسكرية التي قدمها الغرب في القتال. لكن مركز الأبحاث الذي يتخذ من واشنطن مقراً له أضاف أن "أي خسارة بين حصة أوكرانيا المحدودة بالفعل" من طائرات F-16 والطيارين المدربين "ستكون لها تأثيرات كبيرة" على قدرة البلاد على تشغيل الطائرات الأميركية "كجزء من مظلة الدفاع الجوي المشتركة، أو في دور الدعم الجوي"، وفق "أسوشيتد برس".

ويقول المحللون العسكريون، إن الطائرات لن تكون عامل تغيير في الحرب، بالنظر إلى القوة الجوية الروسية الضخمة وأنظمة الدفاع الجوي المتطورة. لكن المسؤولين الأوكرانيين رحبوا بالطائرات الأسرع من الصوت، والتي يمكنها حمل أسلحة حديثة تستخدمها دول حلف شمال الأطلسي، لأنها توفر فرصة للرد على التفوق الجوي الروسي.

في بداية شهر أغسطس، قالت أوكرانيا إنها تلقت أخيراً الدفعة الأولى من طائرات F-16، التي كانت تطالب بها منذ فترة طويلة، والتي كانت تأمل أن تغير حسابات ساحة المعركة لقوات كييف، التي اعتمدت على طائرات من الحقبة السوفيتية.

وتُمثل السيطرة على السماء جزءاً جوهرياً من الحملة البرية في الحرب، إذ توفر الطائرات غطاء جوياً للقوات.

وتستطيع مقاتلات F-16 حمل الصواريخ كروز من طراز Shadow Storm، التي تزود بها المملكة المتحدة أوكرانيا، ويتم إطلاقها من الجو، بمدى يزيد عن 250 كيلومتراً (155 ميلا)، ويُحتمل أن تضرب أهدافاً داخل روسيا، بحسب "أسوشيتد برس".

وتشير بعض التقديرات إلى أن حجم أسطول المقاتلات، الذي تحتاجه أوكرانيا كان 69 طائرة في مارس 2023. ووفقاً لمعايير حلف الناتو، قد لا يزيد هذا العدد من الطائرات عن 3 أسراب مقاتلة (بواقع 18 طائرة لكل سرب).

وتحتاج أوكرانيا إلى ما يقرب من 12 سرباً مقاتلًا لتحقيق الدعم الجوي اللازم للحرب على الأرض، مع أربعة أسراب مسؤولة بشكل أساسي عن كل مجموعة من المهام الأساسية: (1) قمع الدفاعات الجوية للعدو، (2) الحظر الجوي، و(3) الدفاع الجوي المضاد، ويتطلب هذا الهدف 216 طائرة F-16، بحسب مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية CSIS.

تصنيفات

قصص قد تهمك