مراسم "الألف عام".. المملكة المتحدة تستعد لتتويج تشارلز الثالث

time reading iconدقائق القراءة - 8
الملك تشارلز الثالث وقرينته كاميلا يحضران حفلاً في قصر باكنجهام في لندن. 27 أبريل 2023 - via REUTERS
الملك تشارلز الثالث وقرينته كاميلا يحضران حفلاً في قصر باكنجهام في لندن. 27 أبريل 2023 - via REUTERS
لندن-أ ف ب

تستعد المملكة المتحدة من دون حماسة كبيرة، لتتويج الملك تشارلز الثالث في السادس من مايو المقبل، حيث ستبدأ مراسم التتويج الفخمة التي تعود إلى قبل نحو ألف عام من كنيسة ويستمنستر، حسب تقليد متبع منذ الملك وليام الفاتح في عام 1066.

ومعظم البريطانيين لم يشهدوا حدثاً من هذا النوع لأنهم شباب أو لم يكونوا قد ولدوا قبل 70 عاماً عند تتويج الملكة إليزابيث الثانية التي توفيت في سبتمبر الماضي عن 96 عاماً.

لكن الحماس لهذا الملك الجديد البالغ من العمر 74 عاماً والذي ظلوا يتابعون تحركاته منذ سنوات، ليس واضحاً في بلد يعاني من التضخم ومستقبل اقتصادي غامض. ومع ذلك سترفع الأعلام تدريجياً وتنتشر الرايات والقطع التذكارية بألوان علم بريطانيا في المتاجر.

ملك انتقالي

ويرث تشارلز الثالث الذي غالباً ما يُنظر إليه على أنه ملك انتقالي قبل اعتلاء ابنه وليام على العرش، نظاماً ملكياً يدافع عنه أكثر من نصف البريطانيين (58%) حسب استطلاع للرأي نُشر خلال الأسبوع الجاري.

وبما أنه يدرك هذا الفارق وخصوصاً بين الشباب، يحرص الملك الجديد المدافع بقناعة كبيرة عن البيئة والذي يميل إلى فتح أكثر الملفات حساسية مثل الماضي الاستعماري للمملكة، على إظهار رغبته في تحديث النظام الملكي.

ويفترض أن يكون حفل التتويج دليلاً على هذه الرغبة. فقد قلّصت مدة المراسم إلى ساعتين وستجرى بحضور ألفي مدعو، وهى المراسم التي استغرقت 3 ساعات وحضرها 8 آلاف شخص عند تتويج إليزابيث الثانية. ومن بين المدعويين نحو 500 شخص من المجتمع المدني لدورهم الاجتماعي.

وقال رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك لشبكة "سكاي نيوز": "سيكون احتفالاً عظيماً بتاريخنا وكذلك بما سيأتي في المستقبل وما سيفعله الملك".

ترقب حضور هاري

وسيشهد حفل التتويج لحظات غير مسبوقة من دور فعلي لممثلي طوائف غير مسيحية إلى تلاوة نصوص بلغات مقاطعات ويلز واسكتلندا وإيرلندا ودهن الملكة بالزيت وصلاة للملك بصوت عال.

لكن جوهر هذه التقاليد ثابت. فسيقسم رئيس كنيسة إنجلترا تشارلز الثالث اليمين ثمّ سيتلقى المسحة بالزيت من كبير أساقفة كانتربري ثم سيحصل على الرداء الملكي، والكرة الذهبية التي يعلوها صليب وصولجان وتاج القديس إدوارد الذي سيوضع على رأسه.

كما سيتم تتويج الملكة القرينة كاميلا، 75 عاماً، زوجة تشارلز الثانية بعد طلاقه من الأميرة ديانا.

بعد ذلك، سيتوجه الزوجان الملكيان يواكبهما نحو 4 آلاف جندي بعربة إلى قصر باكنجهام حيث سيُحيي أفراد العائلة الملكية الحشد من الشرفة الشهيرة.

وبعد أسابيع من الإثارة، أعلن القصر الملكي أن الأمير هاري سيحضر مراسم التتويج في الكنيسة، لكن من دون ميجان وطفليهما الذين بقوا في كاليفورنيا.

وفي ضوء هجماته الشرسة على العائلة الملكية، ستتم متابعة المكان الذي سيخصص لهاري بدقة من قبل الجميع، في ما قد يشكل رمزاً للمسافة التي ستفصله عن والده، وخصوصاً عن شقيقه وليام.

استثناء في أوروبا

ولم تبق أي عائلة ملكية أوروبية أخرى على هذه المراسم الرمزية. وقال الخبير في الشؤون الملكية ريتشارد فيتزويليامز لوكالة "فرانس برس"، "إنه إرث زمن تنازع فيه كُثر على العرش وكان التتويج يضفي فيه الشرعية على الملك" الذي يحكم حالياً المملكة المتحدة و 14 دولة أخرى بينها كندا وأستراليا.

وسيتزامن الحدث الذي سيجذب آلاف السياح البريطانيين والأجانب إلى لندن مع بدء عطلة نهاية أسبوع من الاحتفالات، بينها الأحد، حفلات محلية وحفل موسيقي في قلعة وندسور رفض النجوم البريطانيون المشاركة فيه، ثم عطلة عامة الاثنين دعي خلالها البريطانيون إلى القيام بأعمال تطوعية.

ومع اقتراب التتويج، تستمر الاستعدادات بلا توقف. فقد وصل "حجر القَدَر" الذي يعد قطعة أساسية في حفل التتويج ويوضع تحت العرش إلى لندن السبت وتم نقله خصيصاً من اسكتلندا.

"ليس ملكي"

يرث الملك تشارلز الثالث حكم مملكة يُريد قادة مقاطعتين فيها، اسكتلندا وويلز، التخلص من الملكية، بينما في إيرلندا الشمالية، يُشكل حزب "شين فين" الذي يدعو إلى إعادة التوحيد الأغلبية البرلمانية، في وقت وعد الجمهوريون بالاحتفال والتظاهر خلال حفل التتويج.

ووعد رئيس الوزراء الاسكتلندي حمزة يوسف برئيس منتخب في السنوات الخمس التي تلي استقلال اسكتلندا، وإن كان الهدف يبتعد بسبب زيادة الصعوبات التي يواجهها "الحزب الوطني الاسكتلندي" الذي يقوده.

لكنه سيحضر التتويج على غرار رئيس حكومة مقاطعة ويلز مارك دراكفورد، وهو أيضاً من المقتنعين بالجمهورية، وكذلك على غرار زعيمة حزب "شين فين" في إيرلندا الشمالية ميشيل أونيل التي ستشكل مشاركتها سابقة.

وأبعد من ذلك، في الكومنولث، تُهدد التشققات هذه البقية من الإمبراطورية البريطانية التي يتربع على عرشها تشارلز ملك المملكة المتحدة و14 دولة أخرى.

وتستعد الحكومة الأسترالية للتخلي عن الملكية بعد بربادوس التي فعلت ذلك.

يُريد المناهضون للملكية اغتنام الحدث لإحياء الجدل حول التاج، الذي طغت عليه منذ فترة طويلة الشعبية والاحترام اللذين كانت تتمتع بهما الملكة إليزابيث الثانية.

ويعتزم الجمهوريون التظاهر على طريق الموكب، بعد أن احتجّ عدد قليل منهم خلال رحلات للملك وهم يهتفون "ليس ملكي!"، وذلك منذ تولي تشارلز العرش بعد وفاة والدته إليزابيث الثانية في الثامن من سبتمبر.

لا تتجاوز نسبة الذين يعتبرون الملكية "مهمة جداً" في بريطانيا 29%،وهي نسبة قياسية، بحسب أرقام المركز الوطني للبحوث الاجتماعية (ناتسن). مع ذلك، تدافع الغالبية عن الملكية، لكن هذا الدعم يتراجع بشكل خاص بين الشباب.

"صبره ينفد سريعاً"

وولد تشارلز الثالث في 14 نوفمبر 1948. وكان عمره 3 سنوات عندما أصبحت والدته ملكة بعد وفاة الملك جورج السادس. وبصفته الابن الأكبر، أصبح تشارلز ولياً للعهد، وكان في الرابعة من عمره عندما حضر تتويج والدته.

وفي السنوات الأخيرة، كان تشارلز الثالث يحل مكان والدته بشكل متزايد، حيث سافر إلى حوالي 100 بلد والتقى العديد من الشخصيات البارزة حول العالم، كما صافح ملايين الأيدي.

وتحدّث ولداه عن أب يعمل كثيراً، وأحياناً كان ينام ليلاً على مكتبه.

ولطالما كان تشارلز متأكداً من صحة آرائه، حتى أنه لا يحب أن يُناقَض كلامه أبداً. كما أنه يغضب بسرعة، وأحياناً من قلم بسيط سرّب حبراً. وتقول عنه الملكة القرينة كاميلا، إن صبره ينفد بسرعة، مشيرة إلى "أنه يريد إنجاز الأمور بحلول الأمس"، لكنها تتحدث أيضاً عن جد يقرأ هاري بوتر لأحفاده، ويُقلد أصوات الشخصيات.

وبعد وفاة والدته في سبتمبر من العام الماضي، تعهّد الابن خدمة التاج كل حياته. ومنذ ذلك الحين، يتنقّل تشارلز الثالث بحذر بين التقاليد وبين تحديث النظام الملكي الذي تعرّض لانتقادات شديدة في الأشهر الأخيرة من ابنه هاري الذي سيحضر حفل التتويج، ولكن من دون زوجته ميجان.

ويبقى الملك أقل شعبية من والدته أو ابنه وليام، كما أنه لا يستثير حماساً كبيراً لدى الشباب، وفقاً لاستطلاعات الرأي.

وفي هذا السياق، يقول المعلق الملكي ريتشارد فيتزوليامز "من الصعب أن تكون ملهِماً عندما تكون في السبعين من عمرك، وبعدما كنت موجوداً منذ فترة طويلة وسط الكثير من التقلبات".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات