تسعى إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى الحفاظ على استقرار أسعار الطاقة قبل انتخابات الرئاسة المقررة في نوفمبر المقبل، وذلك عن طريق تشجيع تدفقات النفط في الأسواق العالمية، إلا أن هذه الجهود تتعارض مع أولوية التعامل بحزم وصرامة مع دول مثل روسيا وإيران وفنزويلا.
ونقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" عن دبلوماسيين ومسؤولين حكوميون سابقين، ومختصين في مجال صناعة الطاقة، قولهم، إن "هذه السياسة أدت إلى فرض عقوبات أقل حدة من المتوقع على كبار منتجي النفط".
وعمل الدبلوماسيون والمسؤولون في قطاع الطاقة الأميركيون، على مدى عقود في جميع أنحاء العالم، على المحافظة على تدفق النفط، حتى من خلال المشاركة في تحالفات وتسويات "غير مريحة" لواشنطن.
إلا أن بعض موظفي وزارة الخزانة الأميركية، يشعرون بالإحباط، حيال عدم اتخاذ إجراءات ضد شبكات تجارة النفط التي تضطلع بنقل النفط الروسي والإيراني، بما في ذلك الشبكة التي يجري المسؤولون حالياً تحقيقاً بشأنها.
وذكرت الصحيفة أن الشبكة يديرها تاجر غير معروف من أذربيجان يظهر كوسيط رئيسي لشركة "روزنيفت أويل" الروسية.
ووقعت الولايات المتحدة عقوبات جديدة على إيران، الثلاثاء الماضي، قال محللون إنها ستؤثر على شريحة صغيرة من صادرات البلاد النفطية، مستبعدين أن تؤثر على الأسواق العالمية.
دبلوماسية النفط
لكن مؤيدي هذه السياسة داخل إدارة بايدن، قالوا إن هذه الإجراءات "متوازنة بشكل دقيق" للمحافظة على انخفاض الأسعار، ولكنها تعيق عمل ماكينات تصدير النفط في روسيا وإيران، ما يعني تقليل مكاسب الدولتين عن كل برميل نفط يقومان ببيعه.
وذكر مسؤول رفيع في وزارة الخزانة الأميركية: "لدينا هدفان، خفض التكاليف على الشعب الأميركي وخفض أرباح الكرملين، وكلاهما متوافقان بدرجة كبيرة".
وعندما فرضت وزارة الخزانة عقوبات على شركة "سوفكومفلوت"، المالكة لناقلة النفط الحكومية الروسية، أصدرت الوزارة الأميركية، تراخيص تعفي جميع الأساطيل التابعة للشركة ويقدر إجمالي عدد سفنها بـ 91، ماعدا 14 أسطولاً، وفق شركة "كبلر" المختصة بجمع البيانات.
بدورهم، قال مختصون، إن تراخيص الإعفاء كانت بمثابة "ضوء أخضر" لتجار النفط للتعامل مع تلك السفن، ما يقلل من خطورة تعرضهم للاستهداف بعقوبات مستقبلية.
وفي فنزويلا، تراجعت الولايات المتحدة عن العقوبات التي فرضتها العام الماضي، شريطة إجراء انتخابات ديمقراطية نزيهة. ولم تجدد واشنطن في وقت لاحق، الترخيص العام للشركات للعمل في فنزويلا، بعد أن أيدت أعلى محكمة في البلاد يناير الماضي الحظر على ترشيح زعيم المعارضة.
وقال مسؤولون في الإدارة ومديرون تنفيذيون في شركات تعمل في مجال تجارة السلع الكبرى لـ "وول ستريت جورنال"، إن المسؤولين الأميركيين تواصلوا مع كبار تجار السلع الأساسية للتقدم للحصول على تراخيص خاصة لشحن النفط الفنزويلي، كما وافقوا على الطلبات الفردية.
وفي أماكن أخرى، كثفت الولايات المتحدة جهود دبلوماسيتها النفطية في العراق على وجه الخصوص، إذ زار وفد من وزارة الخاجية الأميركية مدينة أربيل في إقليم كردستان الشهر الماضي، في محاولة لإعادة فتح خط أنابيب يربط المنطقة الغنية بالنفط بميناء تركي.
وكان النزاع السياسي بين تركيا والعراق ومنطقة كردستان شبه المستقلة، قد أدى إلى إغلاق هذا الخط منذ أوائل عام 2023، ورغم أن النفط الموجود في هذا الخط ليس روسياً، إلا أن شركة "روزنيفت أويل"، تمتلك 60% من خط الأنابيب نفسه، كما تحصل الشركة على رسوم لدى تدفق النفط الخام عبر الخط. وفي أواخر العام الماضي، أرسلت الشركة مجموعة من التجار إلى كردستان في مهمة مماثلة.
مشكلات لوجستية
لكن المجلس الاقتصادي الوطني وسياسيين داخل الإدارة الأميركية، يخشون من أن تؤدي التدابير الأوسع نطاقاً إلى إصابة سوق النفط بمشكلات لوجستية وتعزز التضخم.
وقال محللون للصحيفة، إن "ارتفاع إنتاج النفط في الدول الخاضعة للعقوبات هو أحد أسباب انخفاض أسعار النفط الخام من أعلى مستوى لها في وقت سابق من العام الجاري".
ويبرز مثال آخر على تصادم السياسات الخارجية الأميركية مع سياسات الطاقة أنه في وقت سابق من العام الجاري طلبت واشنطن من أوكرانيا، التوقف عن مهاجمة بعض مصافي التكرير الروسية بالطائرات المسيرة، بعد أن تعرضت أسواق الديزل والبنزين العالمية لأضرار جسيمة.
في السياق، قال رئيس مجموعة "رابيدان إنرجي للاستشارات" ومسؤول سياسات البيت الأبيض السابق في ولاية الرئيس جورج دبليو بوش، بوب ماكنالي، إنه "لا شيء يخيف رئيساً أميركياً أكثر من ارتفاع أسعار البنزين في محطات البنزين. سيبذلون أقصى ما لديهم لمنع ذلك، خاصة في عام الانتخابات".
وفي الإطار، قال مسؤول رفيع في الإدارة الأميركية، إن "بايدن يريد أن يفعل كل ما بوسعه، للتأكد من أن المستهلكين الأميركيين يدفعون أقل سعر ممكن في محطات الوقود، لأن ذلك يؤثر على حياة الأسر اليومية".