ارتفاع حرارة المحيطات يؤثر سلباً على قطاع صيد الأسماك في بيرو

عادت سفينة الصيد "تيبورون 7" التي يبلغ طولها 50 متراً إلى البحر بعد رسوّها لأشهر في ميناء كالاو وسط بيرو، لكنّ طاقمها كان قلِقاً، إذ مُني قطاع صيد الأسماك في بيرو بخسائر ملحوظة خلال 2023، ويسعى جاهداً إلى تجنب التأثيرات السلبية للاحترار المتزايد لمياه المحيط الهادئ على هذه الصناعة.

وتُحدث ظاهرة "إل نينيو" المناخية التي تؤدي بصورة دورية إلى ارتفاع حرارة المحيطات يسبب الجفاف والفيضانات، أضراراً بالغة في بيرو، المُنتج الأول عالمياً لزيت السمك ودقيق السمك المصنوعين من أسماك الأنشوفة من نوع "إنجراوليس رينجنز" الذي يعيش في المياه المعتدلة البرودة قبالة سواحل بيرو وتشيلي.

واتفق خبراء تحدثوا لوكالة "فرانس برس"، على أن ظاهرة الاحترار المناخي جعلت ظاهرة "إل نينيو" أكثر شدة وتكراراً.

وحاول القبطان لويس سيليس مع طاقمه الذي يضمّ 20 رجلاً، تعويض الخسائر. ويقول: "لم نتمكن من الصيد خلال الموسم الأول من العام الذي عُلّق بسبب ارتفاع درجات الحرارة".

ولهذا السبب، ركّز القطاع على الفترة الثانية التي بدأت في 26 أكتوبر، وامتدت إلى ديسمبر الماضي.

واقتربت سفينة الصيد الضخمة التي يمكن أن تصل حمولتها إلى 420 طناً إلى مسافة لا تتعدى 5 أميال بحرية (نحو 9 كيلومترات) من الساحل لترمي شباكها العملاقة التي وُضعت عوامات صفراء على أطرافها.

وما لبث سرب من طيور النورس أن أغار على الشباك المغمورة فيما تنافس العشرات من أسود البحر على الأسماك الموجودة في داخلها، قبل أن يسارع الطاقم إلى سحب الشباك.

وفي غضون يومين، تمكنت السفينة "تيبورون 7" من اصطياد 100 طن من أسماك الأنشوفة المعدة للمعالجة في مصنع في شانكاي، على بعد 70 كيلومتراً شمال العاصمة ليما. ورأى الكابتن سيليس  أن هذه الحصيلة تعود إلى تأثير ظاهرة الاحترار المناخي في المحيط الهادئ.

"أسوأ أزمة"

وأوضح سيليس أن "حرارة البحر أعلى بـ4 أو 5 درجات (من حرارته المعتادة)". وأضاف: "هذا يؤثر علينا كثيراً". وأكّد أن "قطاع صيد الأسماك ليس مستعداً لمواجهة ظاهرة إل نينيو لمدة عام أو عامين"، متخوفاً من أن "يكون الأمر كارثياً" إذا حصل.

فظاهرة "إل نينيو" التي بدأت رسمياً منتصف سنة 2023، قد  تستمر إلى مايو 2024، وفق التوقعات. وواجهت بيرو ظاهرة مماثلة في بداية 2023 تُعرف باسم "إل نينيو" الساحلي، تؤثر بشكل رئيسي على ساحلَي بيرو والإكوادور.

ولاحظ رئيس الشركة الوطنية للصيد البحري إدواردو فيريروس، أن الصيد "يواجه أسوأ أزمة منذ 25 عاماً (...). فغياب الموسم الأول فوّت علينا نحو مليار دولار من الصادرات".

وشهدت مبيعات القطاع ما بين يناير وسبتمبر تراجعاً بنسبة 26.3% عمّا كانت عليه خلال الفترة نفسها من عام 2022، وفقاً للمعهد الوطني للإحصاء والمعلوماتية.

وبسبب ارتفاع درجات حرارة المحيطات، لم تعد أسماك الأنشوفة تجد ما يكفي من العوالق لتتغذى عليها، وتشهد أعدادها تناقصاً، وفقاً للمعهد.

وقال مدير  شركة "لوسيانا" لصيد الأسماك في شانكاي روبرتو لارين "لم يعد يوجد غذاء في البحر، ولا تنمو الأسماك بشكل جيد بفعل ارتفاع الحرارة في السنوات الأخيرة".

وأفاد بأن متوسط طول أسماك الأنشوفة كان 14 سنتيمتراً قبل عام 2020، بينما لا يتعدى اليوم 11.5 سنتيمتراً.

وتمثل صناعة صيد الأسماك نحو 1.4% من الناتج المحلي الإجمالي في بيرو، وتنذر الأزمة التي تشهدها هذه الصناعة بعواقب وخيمة على القطاع الذي يبلغ عدد العاملين فيه نحو 250 ألفاً.