بعد ثلاثة أعوام على إطلاقها، تكتسب مبادرة السعودية الخضراء، هذا العام، زخماً واسعاً بعد قرار مجلس الوزراء السعودي الأخير باعتبار السابع والعشرين من مارس كل عام يوماً رسمياً للمبادرة التي أطلقها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في مثل هذا اليوم من عام 2021.
وتشمل المبادرة قائمة طويلة من البرامج والمشروعات، في إطار خطة مستدامة وطويلة الأجل للعمل المناخي.
وتدعم الخطة طموح المملكة العربية السعودية في تحقيق هدف الحياد الكربوني بحلول عام 2060، عبر نموذج الاقتصاد الدائري للكربون، مع العمل على تسريع رحلة انتقال السعودية نحو الاقتصاد الأخضر.
ويهدف اعتماد "يوم رسمي" لمبادرة السعودية الخضراء إلى التوعية بالتقدم المحرز في المملكة، على صعيد تحقيق أهداف المبادرة، وتشجيع جميع المواطنين، والمقيمين على المساهمة في بناء مستقبل أكثر استدامة.
مبادرة السعودية الخضراء
ومنذ إطلاق المبادرة قبل 3 أعوام، ساهمت الجهود المبذولة في الحد من العواصف الغبارية والرملية، وزيادة معدلات هطول الأمطار في مختلف مناطق المملكة، الأمر الذي يدعم جهود مكافحة التصحر وزحف الرمال، وتحسين جودة الحياة، بالتوازي مع توفير فرص جديدة في مختلف مجالات الاقتصاد الأخضر.
وتسلط هذه المناسبة الضوء على التأثير الملموس لأكثر من 80 مبادرة يجري تنفيذها حالياً من قبل جهات عدة في القطاعين العام والخاص في مناطق السعودية كافة، بحجم استثمارات يزيد عن 705 مليارات ريال في الاقتصاد الأخضر.
وتندرج في مبادرة السعودية الخضراء 43 مبادرة تشجيرية، تستهدف زراعة نحو 400 مليون شجرة بحلول عام 2030.
وبحسب تصريحات صحافية للمتحدث الرسمي لوزارة البيئة والمياه والزراعة، ساهمت تلك المبادرات، حتى الربع الثالث من عام 2023 في زراعة 43.9 مليون شجرة في مختلف أنحاء السعودية، واستصلاح 94 ألف هكتار من الأراضي المتدهورة، وتحقيق زيادة بنسبة 300% في السعة الإنتاجية في خفض انبعاثات الكربون، وأكثر من 8 جيجاواط في السعة الإنتاجية لمشاريع الطاقة المتجددة.
كما أُعيد توطين أكثر من 1660 حيواناً مهدداً بالانقراض. وخلال العام الماضي وُلدت 7 من صغار النمر العربي في إطار برنامج إكثار وحماية الأنواع المهددة بالانقراض في محافظة الطائف.
وتحث مبادرة السعودية الخضراء المجتمع على تبني 3 عادات مستدامة جديدة في الحياة اليومية تسهم في دعم الجميع للأهداف المبادرة من خلال إجراء تغييرات صديقة للبيئة تحدث الأثر الكبير.
فعاليات متنوعة
وفق الموقع الرسمي للمبادرة، فإنها تشجّع جميع المواطنين والمقيمين في المملكة على المشاركة بفعاليات النسخة الأولى من يوم مبادرة السعودية الخضراء، وذلك من خلال الاطلاع على التقدم المحرز في مجال العمل البيئي في السعودية، والمساهمة بدعم هذه الجهود عبر تبنّي عادات مستدامة، والالتزام بها، وتشجيع الآخرين على ذلك سواءً عبر الإنترنت أو ضمن محيطهم الاجتماعي.
ومنذ إطلاق رؤية 2030 في عام 2016، اتخذت المملكة خطوات حثيثة لبناء مستقبل أكثر استدامة، وفق ما يقول الموقع الرسمي للمبادرة.
ومنذ انطلاقها في عام 2021، تواصل مبادرة السعودية الخضراء العمل على تعزيز جهود حماية البيئة، وتسريع رحلة انتقال الطاقة، وبرامج الاستدامة لتحقيق أهدافها الشاملة في مجال تعويض وتقليل الانبعاثات الكربونية، وزيادة أعمال التشجير واستصلاح الأراضي، وحماية المناطق البرية والبحرية في المملكة.
وتسعى مبادرة السعودية الخضراء إلى تحقيق أهداف الاستدامة في المملكة العربية السعودية من خلال: الإشراف على جميع جهود المملكة وتوحيدها لمكافحة تغير المناخ تحت مظلة واحدة وفق أهداف واضحة، وتوحيد جهود القطاعين الحكومي والخاص لتحديد ودعم فرص التعاون والابتكار، وتعزيز الاقتصاد الأخضر، حيث تم إطلاق أكثر من 80 مبادرة تمثل استثماراً مهماً تتجاوز قيمته 705 مليارات ريال سعودي، وتسريع الانتقال الأخضر والاضطلاع بدور رائد عالمياً في تطبيق نموذج الاقتصاد الدائري للكربون، ورفع مستوى جودة الحياة وحماية البيئة للأجيال القادمة في السعودية.
وتشرف مبادرة السعودية الخضراء على تنفيذ خطة مستدامة وطويلة الأجل للعمل المناخي، وتسترشد المبادرة بثلاثة أهداف شاملة هي: تقليل الانبعاثات الكربونية، والتشجير واستصلاح الأراضي، وحماية المناطق البرية والبحرية.
3 مبادرات رئيسة
وبحسب وكالة الأنباء السعودية (واس)، نفَّذ المركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية 3 مبادرات رئيسة ضمن مبادرة "السعودية الخضراء" تتمثل في التوسع والإدارة المتكاملة للمناطق المحمية، وتقييم البيئات البحرية والساحلية، وإعادة تأهيل المتضرر منها وإدارتها إدارة مستدامة، إضافة إلى مبادرة إكثار وإعادة توطين الكائنات المهددة بالانقراض واستعادة نظمها البيئية.
وتأتي مبادرة التوسع في المناطق المحمية لحماية 30% من مساحة المملكة البرية والبحرية، بما يتيح ثراء تنوعها البيولوجي وتحقيق الريادة عالمياً في تمثيل النظم البيئية، وحماية المناطق المهمة بيئياً، وحماية الأنواع الفطرية، وتعزيز الأمن الغذائي حيث تعد المحميات بنوكاً أحيائية، إضافة إلى تنشيط السياحة البيئية، حيث توفر المناطق المحمية الفرص السياحية لـ 100 مليون سائح مستهدف للمملكة العربية السعودية في 2030.
وحقق المركز في هذه المبادرة تقدماً كبيراً، بحسب الوكالة نفسها، حيث ارتفعت نسب المناطق المحمية في المملكة، فبعد أن كانت النسبة لا تتجاوز 3.76% من المساحة البحرية للمملكة، و4.56% من المساحة البرية في العام 2017، وصلت النسبة في عام 2023 إلى 6.48% للمحميات البحرية، و 18.1% للمحميات البرية.
كما تأتي مبادرة تقييم البيئات البحرية والساحلية وإعادة تأهيل المتضرر منها وإدارتها إدارة مستدامة، لوضع استراتيجية وطنية للاستخدام المستدام للموائل البحرية والساحلية للحفاظ على التنوع الأحيائي البحري، والحد من تضرر النظم البيئية البحرية، بالإضافة إلى تطوير خطط لإدارة وحفظ الموائل الساحلية بشكل مستدام، مع تحديد التهديدات التي تؤثر على البيئة البحرية من خلال نتائج المسوحات الميدانية المنهجية، كما عمل على تدريب كوادر وطنية لترسيخ مهارات ومفاهيم وأخلاقيات المحافظة على البيئة البحرية وما تحويه من أحياء فطرية.
الموائل البحرية بالساحل السعودي
وفي هذا الإطار، أطلق المركز رحلة العقد التي تعد أول رحلة ومسح شامل لمناطق وبيئات لم يسبق دراستها في البحر الأحمر بدأت من منطقة عفيفي جنوباً حتى خليج العقبة شمالاً.
وشارك في الرحلة التي استمرت 19 أسبوعاً 126 باحثاً محلياً وعالمياً، حيث رصدت الرحلة لأول مرة عدداً من الثقوب الزرقاء، وكشفت عن تكاثر بعض الحيتان في البحر الأحمر، وأدلة على وجود القرش الأبيض العظيم، كما رصدت الرحلة كتلاً حيوية ضخمة على أعماق سحيقة وخصائص فريدة لقيعان البحر الأحمر.
وضمن جهود تقييم حالة الموائل البحرية على طول الساحل السعودي في البحر الأحمر، نفَّذ المركز عدداً من المسوحات الميدانية لأكثر من 600 موقع للشعب المرجانية و200 موقع للحشائش البحرية و100 موقع لأشجار المانجروف، إضافة إلى رصد المخاطر المرتبطة بالأنشطة البشرية.
ونتج عن مبادرة إكثار وإعادة توطين الكائنات المهددة بالانقراض في بيئاتها الطبيعية، إطلاق أكثر من 7000 كائن مهدد بالانقراض، من خلال برامج إكثار قائمة وهي: إكثار المها العربي، وظبي الريم، وظبي الإدمي، والوعل الجبلي، وطائر الحبارى، وطائر النعام، إضافة إلى برامج مستهدفة تتضمن إكثار الذئب العربي، والوشق، والضبع المخطط، والفهد الصياد، والأرنب البري.
وتسهم هذه البرامج في إثراء التنوع الأحيائي واستعادة النظم البيئية في المملكة، حيث تؤدي هذه الكائنات دوراً محورياً في سلامة السلاسل الغذائية وتحقيق التوازن البيئي.