آخرهم محمد هنيدي وأحمد حلمي.. وجوه المشاهير أداة تسويق "مزيفة"

time reading iconدقائق القراءة - 6
تزايد استخدام وجوه المشاهير لترويج منتجات مغمورة عبر تقنية "التزييف العميق" - GettyImages
تزايد استخدام وجوه المشاهير لترويج منتجات مغمورة عبر تقنية "التزييف العميق" - GettyImages
القاهرة-محمد عادل

صُدم جمهور الفنانين محمد هنيدي وأحمد حلمي بمقاطع فيديو مفبركة، تنسب لهما الترويج لبعض تطبيقات المراهنات، وبدأ عدد كبير من المستخدمين في الاقتناع بأن تلك الإعلانات حقيقية بالفعل.

المقاطع المفبركة اعتمدت على تقنية التزييف العميق DeepFake، إذ تظهر ملامح الفنانين واضحة مع حركة الفم بشكل دقيق مع طبيعة الكلام المنطوق، مما يوحي بمصداقية أكبر للفيديوهات، وتخدع بعض المستخدمين.

من جانبه، حذر حلمي متابعيه، عبر صفحته الرسمية على فيسبوك، من تصديق المقطع المفبرك، مشيراً إلى أن البعض بالفعل تواصلوا معه، ظناً منهم أن الفيديو حقيقي.

تقنية التزييف العميق

الاعتماد على شخصيات عامة ومشاهير في الحملات التسويقية أمر مُكلف لبعض الشركات، قد تصل تكلفته لملايين الدولارات، لذلك، بدأت بعض العلامات التجارية المغمورة، وكذلك المحتالون، في استخدام تقنية التزييف العميق، بدلاً من الاعتماد على أسلوب تسويقي مختلف لا يعتمد على استخدام نجم مشهور.

فكرة التزييف العميق Deepfake تعتمد على نماذج الذكاء الاصطناعي المدربة على قاعدة بيانات تتضمن مقاطع فيديو للشخص المراد التلاعب بملامح وجهه، بالإضافة إلى تدريبها على مقاطع صوتية لهذا الشخص، بعد ذلك، يٌدخل المستخدم الكلمات المرغوبة لإنتاج مقطع مصور للشخص المستهدف وهو ينطقها، فتخرج ملامح وحركات وجهه بدقة كأنه قالها في الواقع الفعلي.

تقنية التزييف العميق ظهرت عام 2017، عندما قام شخص بنشر عدد من الفيديوهات المنتجة بهذه التقنية عبر الشبكة، وكان حسابه يحمل اسم "deepfakes"، ومن هنا جاءت تسمية التقنية.

ومع التطور المتصاعد في تقنيات ونماذج الذكاء الاصطناعي، تسابقت عدد من الشركات التجارية في استخدام بصمات وجوه نجوم هوليوود والإعلام ومليارديرات سوق الأعمال في إعلاناتهم التجارية، فعلى سبيل المثال ظهر إيلون ماسك "مزيف" في إعلان لتسويق خدمات شركة عقارية.

فيما استغلت شركة تطوير نماذج الذكاء الاصطناعي Paperspace تقنياتها لإظهار احترافيتها، عبر إنشاء فيديوهات مزيفة للنجمين ليوناردو ديكابريو، وتوم كروز.

قد يكون ماسك وكروز وديكابريو لم يولوا اهتماماً بالغاً بالأمر، ولكن الممثل العالمي توم هانكس خرج في أكتوبر الماضي عن صمته ليحذر متابعيه على انستجرام من إعلان مزيف بالذكاء الاصطناعي، يظهره وهو يروج لبعض الخدمات الطبية.

كذلك حذرت جايلي كينج، المذيعة ببرنامج CBS Morning الأميركي، متابعيها على انستجرام أيضاً من استخدام صوتها وفيديو قديم لها، للتلاعب بالمقطع وإنشاء مقطع جديد يظهرها تروج لمنتج لم تسمع عنه من قبل.

كذلك، لم يسلم نجوم الإعلام مثل بييرس مورجان وأوبرا وينفري من إنشاء نسخة رقمية من أصواتهم والتلاعب بمقاطع فيديو قديمة لهم، وهذه المرة كان الهدف الترويج لدورة تدريبية تتعلق بالتنمية الذاتية.

الرابط المشترك بين جميع تلك الفيديوهات هو أنها جميعاً جرى إنشاؤها دون موافقة النجوم الذين ظهروا فيها، لذلك بدأت العديد من التشريعات القانونية في الظهور على مستوى العالم لتجريم استخدام أو إساءة استخدام بصمات وجوه وأصوات الأشخاص دون موافقتهم.

ولكن في الوقت نفسه بعض الفنانين والمشاهير اتجهوا نحو استخدام الذكاء الاصطناعي لكسب المال وتحسين أدائهم المهني، فمثلاً مغني الراب كيندرك لامار استخدم تقنية الذكاء الاصطناعي في أغنيته الشهيرة "The Heart Part 5"، إذ ظهر خلال أدائه للأغنية بوجوه العديد من المشاهير، من بينهم ويل سميث.

واستعانت عدد من شركات الإنتاج وبعض الممثلين بتقنيات الذكاء الاصطناعي لتحسين قدراتهم الإنتاجية في قطاع الترفيه، فقد وافق الممثل الأميركي جيمس إيرل (91 عاماً)، على منح شركة الإنتاج "Lucasfilm" حق استخدام صوته الخاص لأداء شخصيته Darth Vader الشهيرة بسلسلة أفلام Star Wars، بحيث يتم تدريب أنظمة ذكاء اصطناعي على أداء أي سيناريو بصوته، دون الحاجة إلى مشاركة صوتية من جانبه.

باب للتضليل

بدوره، أوضح المهندس حسن إبراهيم، خبير تقنيات الذكاء الاصطناعي والتزييف العميق، أن دخول تلك التقنيات إلى السوق الإعلاني فتح "باباً للتضليل"، عبر الترويج لمعلومات مغلوطة أو ظهور أحد الشخصيات العامة في إعلان تجاري، دون موافقته، مما قد يضر بالعلامات التجارية وكذلك بصورة المشاهير.

وقال لـ"الشرق" إنه رغم المخاوف التي تحيط بتقنية Deepfake، إلا أنه يراها كوسيلة أكثر فاعلية لجعل الرسائل الإعلانية أكثر تفاعلية وشخصية.

وركز الخبير التقني، والذي خاض العديد من التجارب في استخدام تقنيات التزييف العميق في حملات إعلانية وأعمال درامية، على أن عنصريّ التكلفة والوقت هم أساس تزايد اتجاه الوكالات الإعلانية نحو استخدام تلك التقنيات، لأنها أتاحت مساحة شاسعة من الإبداع بأقل تكاليف، إلى جانب إمكانية الاستعانة بأي فنان أو شخصية عامة، بعد موافقة صريحة منهم، دون الحاجة إلى تواجده في مكان التصوير من الأساس.

وتابع: "السيناريوهات التي تلجأ خلالها شركات الإنتاج الإعلاني لتقنيات التزييف العميق تكون حماية الشخص المؤثر في حال كان هناك مشهد خطر، أو إن كان غير متاح للتصوير وضيق الوقت، أو إن كانت هناك رغبة لإظهار شخصية رحلت عن عالمنا وتقديمها في رسالة إعلانية للجمهور".

وحول مستقبل استخدام وجوه وأصوات المشاهير، يرى إبراهيم أنه قريباً ستبدأ وكالات جديدة من نوعها في الظهور، وستكون متخصصة في التعامل التجاري والقانوني بشأن بيع تراخيص استخدام وجوه وأصوات الفنانين والشخصيات العامة ضمن الأعمال الفنية والتجارية، مما سيسمح سيخلق بيئة صحية لصناعة الترفيه تواكب التطور التقني، وفي نفس الوقت يضمن حقوق الجميع.

تصنيفات

قصص قد تهمك