رمضان في سوريا.. عائلات تشكو الشتات وغلاء يبدد بهجة طقوس قديمة

time reading iconدقائق القراءة - 5
سوريون ينتظرون الإفطار في رمضان بجانب أنقاض ومنازل مدمرة جراء غارات جوية في دوما، سوريا، 18 يونيو 2017. - AFP
سوريون ينتظرون الإفطار في رمضان بجانب أنقاض ومنازل مدمرة جراء غارات جوية في دوما، سوريا، 18 يونيو 2017. - AFP
دمشق- إدلبوكالات

بين نزوح فرَّق شمل الأسر السورية، وغلاء أرهق جيوب الصائمين، يعيش السوريون أجواء رمضانية خالية من طقوس اعتادوها طيلة أعوام مديدة مع الشهر الفضيل.

للعام الرابع على التوالي، يأتي شهر رمضان على النازح السوري فيصل حاج يحيى بمخيم على أطراف مدينة سرمدا في محافظة إدلب، بينما تفرقت عائلته خارج سوريا وداخلها، ولم يعد هناك سبيل للم شمل العائلة وقت الإفطار إلا "افتراضياً"، بإجراء اتصالات بين أفراد العائلة، وفق وكالة أنباء العالم العربي (AWP).

وعلى مدار سنوات الصراع في سوريا، منذ عام 2011، نزح ملايين السوريين عن ديارهم إلى مناطق أخرى داخل الأراضي السورية، ولجأ آخرون إلى دول الجوار، أو دول أخرى بعيدة.

وفي المخيم الذي تعيش به أسرة فيصل حاج يحيى، قالت زوجته سعاد: "قبل التهجير كانت أمورنا طيبة، كنا مرتاحين بين أهلنا وأقاربنا وجيراننا.. الوضع برمضان أكتر شيء كانت له بهجة، كنا نفرح بلمة الأهل والأقارب، وحين نطبخ طعاما نعطي منه للجيران، وكان الجيران يرسلون إلينا من طعامهم".

وأضافت: "كنا نتبادل الزيارات على الإفطار مع الأقارب، فكان رمضان فرحاً وسروراً كله.. الآن، بعد التهجير لم يبق من هذا شيء، انقلبت الأمور كلها، وصرنا إذا أردنا أن ندعو أي قريب لزيارتنا نعول هم الزيارة، وهو أيضاً لا يستطيع المجيء؛ لأن المسافات البعيدة".

 أما رب الأسرة، فقال: "عائلتي كبيرة بها سبعة أو ثمانية أشخاص، ذهب كل منهم في ناحية خارج البلاد وهنا في الداخل.. في شهر رمضان كنا نجتمع على الإفطار، وعلى السحور وفي السهرات، لكن الآن ما عاد بإمكاننا أن نلتقي".

وأضاف: "الاتصالات هي الوسيلة الوحيدة للتلاقي، لكن هذا ليس بيدنا، منذ 4 سنوات ونحن على هذه الحالة، كل سنة أسوأ مما قبلها.. هذا الوضع نفسه مع ابني، وفي كل يوم أتذكر أمي وإخوتي، فأجري اتصالات معهم للاطمئنان عليهم، وعلى إفطارهم في رمضان كيف كان، نتحدث عبر الاتصال مع بعضنا".

عادات تتغير بفعل الغلاء

ومن شتات تناثرت على خرائطه عائلات سوريا خارج الديار، يواجه المتمسكون بما تبقى من بيوتهم غلاءً فاحشاً أفقر جيوبهم، ويغيِّرُ من عاداتهم على موائد الطعام، وخاصة في شهر رمضان.

ووفق "رويترز"، يقول المهندس الكهربائي توفيق مشوح، إن الأسر والعائلات في دمشق تعيش أوقاتاً صعبة في شهر رمضان مع ارتفاع تكاليف المعيشة في سوريا.

عبر أسواق دمشق المزدحمة، يشق السوريون طريقهم بحثاً عن المواد الأساسية، وخيارات الشراء الأرخص لإعداد وجبات الإفطار اليومية في شهر الصوم.

ويقول مشوح، وهو أحد هؤلاء: "الدنيا صارت غالية جداً، وصرنا نختصر الكثير من حاجاتنا.. نشتري كميات أقل إلى درجة الاكتفاء بشراء الخضار والفاكهة بالحبَّة الواحدة.. اشتريت أشياءً اليوم لا أستطيع شراءها يومياً".

وحتى أطباق الحلويات التي يشتهر السوريون بها، يوضح توفيق مشوح، أنهم ما عادوا يشترونها مثلما كان في الماضي، بل يلجأون إلى حلول أقل تكلفة.

تعرضت سوريا للدمار بفعل سنوات طويلة من الحرب، منذ اندلاع الاحتجاجات ضد الرئيس بشار الأسد في عام 2011.

ومنذ ذلك الحين، أدى الصراع الدموي، والعقوبات الغربية، وضغوط العملة المرتبطة بالانهيار المالي في لبنان المجاور، وخسارة الحكومة للمناطق المنتجة للنفط في شمال شرق البلاد، إلى حالة انهيار اقتصادي.

سكبة رمضان.. طقس غائب

وفي الساعات التي تسبق الإفطار، كانت الوالدة، أم توفيق مشوح، تعد وجبة الإفطار لعائلتها.

وتأثرت التقاليد التي كانت منتشرة في السابق بالأزمة الاقتصادية؛ حيث كان الجيران يتبادلون وجبات الطعام، في تقليد معروف باسم "سكبة رمضان"، لكن أصبح ما يتقاسمونه الآن كميات أصغر مما كان عليه الحال في السابق.

وعن ذلك، تقول أم توفيق: "فيما مضى، كنا نطبخ ونوزع بالحارة، ونطعم الجيران، أما الآن لأولادنا بس، لأن كل شي صار أغلى".

في السابق، كان السوريون يتبادلون قسماً من طعام إفطارهم الرمضاني مع من حولهم من الجيران، أما اليوم فلا يستطيع توفيق مشوح، تكرار هذا الطقس بسبب الوضع الاقتصادي. 

ويضيف: "صارت كل أسرة تطبخ لنفسها.. المقتدر يوزع على من حوله، أما السكبة أيام زمان فكانت للكل".

تصنيفات

قصص قد تهمك