روسيا والصين في أفغانستان.. تقاسم نفوذ أم تضارب مصالح؟

الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والصيني شي جين بينج - REUTERS
الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والصيني شي جين بينج - REUTERS
دبي-الشرق

رجّحت مجلة "فورين بوليسي" الأميركية، الاثنين، أن تشهد روسيا والصين تقارباً وتضارباً في المصالح عندما يتعلق الأمر بتعاون محتمل مع أفغانستان في ظل تولّي حركة "طالبان" السلطة في البلاد عقب انسحاب القوات الأميركية.

وأشارت المجلة في تقرير إلى أن خبرة موسكو وبكين الطويلة في تقسيم النفوذ في آسيا الوسطى يمكن أن توفر مساراً محتملاً لتقاسم المصالح في ذلك البلد. 

ولفتت المجلة إلى ما قاله الناطق باسم "طالبان"، ذبيح الله مجاهد، في 2 سبتمبر بأن الصين تعمل "كشريك رئيسي" لأفغانستان، وأشاد باستعداد بكين "للاستثمار وإعادة بناء بلدنا". 

كما لفتت إلى لقاء سفير روسيا لدى أفغانستان، دميتري جيرنوف، بمسؤولي "طالبان" في غضون 48 ساعة من استيلاء الحركة على كابول في 15 أغسطس، وإلى تعليق المبعوث الخاص للرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى أفغانستان، زامير كابولوف، بأن "طالبان" كانت "شريك تفاوض أسهل" من حكومة الرئيس الأفغاني السابق أشرف غني. 

واشنطن أفسحت المجال

وقالت المجلة إن الحرب في أفغانستان حوّلت انتباه الولايات المتحدة ومواردها خلال معظم العقدين الماضيين، وأفسحت المجال للصين وروسيا لتنمية نفوذهما على الصعيدين الإقليمي والعالمي، مشيرة إلى أن أفغانستان تقع في المنطقة التي تتعاظم فيها خبرة بكين وموسكو في آسيا الوسطى، لاسيما في بلدان مثل كازاخستان وأوزبكستان وتركمانستان وقيرغيزستان وطاجيكستان. 

وأضافت المجلة أن روسيا لطالما عملت كقوة خارجية مهيمنة في المنطقة التي كانت جزءاً من الاتحاد السوفياتي، وقبل ذلك الإمبراطورية الروسية، وحافظت على دور رئيسي حتى بعد انهيار الاتحاد السوفياتي؛ لكن الصين قامت بدور متزايد الأهمية في آسيا الوسطى خلال العقد الماضي.

وقالت المجلة إن الصين تفوقت على روسيا كأكبر شريك تجاري للمنطقة، إذ استثمرت بكين مليارات الدولارات في الطرق والسكك الحديدية وخطوط أنابيب الطاقة التي تجلب النفط والغاز الطبيعي والموارد المعدنية الهائلة في آسيا الوسطى، لتغذية الاقتصاد الصيني. 

الصين في "الفناء الخلفي"

وذكرت المجلة أن وصول الصين إلى "الفناء الخلفي لروسيا" أثار تكهنات حول صدام وشيك بين موسكو وبكين في ما يتعلق بمجال نفوذهما المتداخل في آسيا الوسطى. ومع ذلك، فإن مثل هذا الصدام لم يتحقق، بل نمت العلاقة الروسية الصينية بشكل أقوى في السنوات القليلة الماضية.

وقالت "فورين بوليسي" إن موسكو لديها هدفان أساسيان في آسيا الوسطى، هما الحفاظ على الاستقرار والمحافظة على مكانتها كضامن خارجي للأمن ومهيمن في المنطقة. 

وبحسب المجلة، توفر روسيا الدعم الأمني لحكومات آسيا الوسطى للمساعدة في مواجهة تهديدات التشدد، خصوصاً من الجماعات الإسلامية، ولدعم موقف قيادة آسيا الوسطى؛ كما أن روسيا هي المزوّد الرئيسي للأسلحة لكل من دول آسيا الوسطى، وتقوم في كثير من الأحيان بإجراء تدريبات عسكرية مشتركة في المنطقة. وتستضيف روسيا أيضاً وجوداً عسكرياً مباشراً في قرغيزستان وطاجيكستان، حيث تتمتع الأخيرة بحدود طويلة وسهلة الاختراق مع أفغانستان. 

وفي الوقت نفسه، فإن اهتمام الصين الأساسي ينصب على تأمين الوصول إلى الموارد الطبيعية في المنطقة، وكذلك تسهيل العبور البري للصادرات الصينية إلى المنطقة وخارجها نحو أوروبا، عبر روابط الاتصال التي تم تقديمها في المرحلة الأولية من مبادرة "الحزام والطريق". إضافة إلى أن الصين تهتم بالحفاظ على الاستقرار والاستمرارية السياسية في آسيا الوسطى كوسيلة لتأمين مشاريعها الاقتصادية. 

وترى المجلة أنه رغم ذلك، فإن اهتمامات بكين في المنطقة لا تتعارض بالضرورة مع مصلحة موسكو، نظراً إلى أن روسيا لا تمتلك نوع الموارد المالية اللازمة لبناء البنية التحتية على نطاق واسع والاستثمار فيها، ولا الحاجة إلى استيراد سلع من آسيا الوسطى، حيث إن روسيا هي نفسها منتج رئيسي للطاقة والمعادن. 

ورأت "فورين بوليسي" أن موسكو وبكين استطاعتا بذلك الوصول إلى صيغة عملية لتقاسم المصالح، مع تركيز روسيا على توفير الدعم الأمني، بينما تركز الصين على القضايا الاقتصادية مثل التجارة والاستثمار.

التعاون في أفغانستان

وختاماً، تتساءل "فورين بوليسي" عما إذا كان يمكن لمثل هذا النموذج من التعاون وتقسيم العمل بين روسيا والصين أن يعمل لمصلحة أفغانستان. 

وتقول إنه كما هو الحال مع آسيا الوسطى، لدى موسكو وبكين العديد من المصالح المشتركة المهمة في البلاد، مشيرة إلى الحاجة للحفاظ على الاستقرار ومنع انتشار العنف المسلح أو غيره من التهديدات الأمنية. 

وتختتم المجلة بأن أفغانستان كانت في السابق ملاذاً لجماعات مثل "الحركة الإسلامية لأوزبكستان" و"حركة تركستان الشرقية الإسلامية" التي تهدد روسيا والصين ومصالحهما في آسيا الوسطى. وتشير إلى أن موسكو وبكين جعلتا التعاون مع "طالبان" مشروطاً بحرمان هذه الجماعات من الملاذ الآمن، لافتة إلى أن "طالبان" أبدت على الأقل موافقتها خطابياً. 

اقرأ أيضاً: