وزير الخارجية السعودي: الحوار مع سوريا ضروري ونتفهم وجهة نظر الغرب

وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان والأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط خلال مؤتمر صحافي في ختام قمة جدة. 19 مايو 2023 - AFP
وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان والأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط خلال مؤتمر صحافي في ختام قمة جدة. 19 مايو 2023 - AFP
دبي/ جدة -الشرق

قال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، الجمعة، إن "الحوار مع سوريا كان ضرورياً"، لكنه أضاف: "نتفهم وجهة نظر حلفائنا الغربيين"، في حين شدد أمين عام الجامعة العربية أحمد أبو الغيط على أن سوريا "تحتاج مساعدة العرب"، معتبراً أن القمة العربية التي أقيمت في جدة "حققت أهدافها".

وأوضح وزير الخارجية السعودي، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع أمين الجامعة العربية، في ختام فعاليات القمة، "سنتحاور مع شركائنا الغربيين بشأن العلاقات مع سوريا"، لافتاً إلى أن "وجهة نظر المملكة أن الوضع القائم في سوريا غير قابل للاستدامة".

وأكد الأمير فيصل بن فرحان، وجهة نظر بلاده بأن "إيجاد حلول واقعية للأزمة السورية لا يكون إلا بالتعاون مع الحكومة في دمشق"، وإن الدول العربية "ستعمل مع الحكومة السورية، والمجتمع الدولي لتأمين عودة اللاجئين السوريين".

وأضاف الأمير فيصل بن فرحان أن "المواقف المتشددة لا تصب في مصلحة الشعب السوري"، مؤكداً أنه "سيتم دعم مشروعات التعافي الاقتصادي في سوريا".

ترحيب بعودة سوريا  

الملف السوري، كان حاضراً بقوة في فعاليات القمة العربية الـ32، خاصة أن الرئيس السوري بشار الأسد شارك في القمة لأول مرة من 2010، وقال وزير الخارجية السعودي، الذي رحب بعودة سوريا إلى الجامعة، "قناعتنا أن مكان سوريا داخل الجماعة، وذلك حتى يكون الحوار سليماً، لأننا نتحاور مع حكومة لها سيادتها".

وبشأن تحفظات الولايات المتحدة ودول غربية عديدة على تطبيع العلاقات مع دمشق، أوضح وزير الخارجية السعودي "نفهم وجهة نظر الولايات المتحدة وشركائنا في الغرب، لكن معالجة التحديات القائمة تحتاج إلى إيجاد مقاربة جديدة، وهذه المقاربة لن تأتي إلا بالحوار، وبالتأكيد سوف نتحاور مع شركائنا في أوروبا وأميركا لمعالجة مصادر القلق المشتركة بيننا وبينهم، حيث هناك في المقام الأول أزمة إنسانية، ولاجئون سوريون يريدون العودة لوطنهم ،ويجب أن نساعدهم لإيجاد سبل العودة، ونأمل أن يعمل شركاؤنا في الغرب لتحقيق ذلك".

وتابع: "يجب أن نهتم بمصالح الشعب السوري، حيث هناك وضع اقتصادي صعب والضرر الأكبر يقع على المواطن، ولذلك نحن مهتمون بحلول عملية واقعية، ولن يتم ذلك إلا بالتعاون والشراكة مع الحكومة في دمشق. بينما المواقف القاسية لن تساعد في ذلك".

تسوية تدريجية

بدوره، قال الأمين العام لجامعة الدول العربية إن "هناك رغبة وعزم أن تكون عودة سوريا بداية لانخراط عربي أكثر فاعلية لحل الأزمة السورية، واستعادة دمشق لدورها الطبيعي في المنظومة العربية، وتجاوز الظروف الصعبة التي مرت بها".

ورأى أبو الغيط في حديثه خلال المؤتمر الصحافي أن "سوريا تحتاج لمساعدة أشقائها، وفي نفس الوقت ينبغي عليها أن تتفاعل مع هذه الخطوة التي قامت بها المجموعة العربية".

ورداً على سؤال بشأن اعتراض الولايات المتحدة على تطبيع الدول العربية لعلاقاتها مع دمشق، قال أبو الغيط "أتصور أنه يجب أن نعمل بمعزل عن رؤية القوى الخارجية، لأن هذا أيضاً أمر خاص بالدول العربية. سوريا دولة مؤسسة للجامعة العربية وقد استعادت مقعدها. هذا شأن عربي، وعلينا أن نسعى لإقناع القوى الأخرى بصحة المنهج العربي، وبأن هذه إرادة عربية، ولا نسعى من خلالها للصدام مع القوى الخارجية".

وأشار إلى أن هناك اجتماعاً قادماً في القاهرة بين المجموعة العربية والمجموعة الغربية، متمنياً أن لا يُقرر الغرب مقاطعة الاجتماع بسبب عودة سوريا للجامعة.

وتابع الأمين العام لجامعة الدول العربية "موضوع سوريا سيحظى بأولوية، والقرار يتضمن بشكل واضحة السعي نحو تسوية تدريجية للوضع السوري من خلال خطوة مقابل خطوة، وهذا من خلال النقاش مع الحكومة السورية".

هدنة تؤسس لحوار سوداني

وفي الشأن السوداني، أكد الأمير فيصل بن فرحان، أن السعودية تعمل بالتعاون مع الولايات المتحدة على تهيئة الأجواء للوصول إلى هدنة إنسانية، وذلك بعد "إعلان جدة" الخاص بالمبادئ الإنسانية.

وقال "نطمح أن نصل قريباً إلى هدنة تؤسس لما سيأتي بعدها من حوار، وصولاً إلى حل النزاع، لكن التركيز حالياً منصب على التوصل إلى هدنة تُتيح للمواطنين السودانيين التنفس قليلاً تأمين احتياجاتهم الإنسانية المباشرة، إذ أن الوضع في الخرطوم ومناطق أخرى مؤسف للغاية".

ودعا وزير الخارجية السعودية كافة الأطراف في السودان إلى "التحلي بالمسؤولية، والجنوح إلى الحوار، والابتعاد عن استخدام السلاح لحل الخلافات، لأن المواطن السوداني هو من يدفع الثمن قبل كل شيء".

وفي ما يتعلق بالمحادثات لحل الأزمة السودانية، أكد الأمير فيصل بن فرحان أنها مستمرة بالفعل في جدة، لافتاً إلى وجود تقارب نوعاً ما، لكنه اعتبر أنه "من المبكر التحدث عن انفراجة أو الوصول لاتفاق".

وأردف "نلمس من الجانبين استشعاراً لخطورة الوضع، ولاسيما معاناة الشعب السوداني، ونأمل أن يُترجم استشعارهم هذا إلى تغليب لغة الحوار والابتعاد عن القتال، وتسخير ما يلزم، لوقف إطلاق النار، ومن ثم الدخول في حوار سياسي حتى إنهاء هذه الأزمة الخانقة".

بدوره، أشار أبو الغيط إلى أن "آلية التواصل التي تضم وزير الخارجية السعودي ووزير خارجية مصر والأمين العام للجامعة العربية، اجتمعت، الأربعاء، لبحث الوضع السوداني".

وتابع "استمعنا لتقرير ممتاز عن جهد المملكة في السعي بين طرفي الصراع في السودان لتحقيق وقف لإطلاق النار ثم الانتقال إلى هدنة مفتوحة ثم بدء البحث في صلب التسوية، وأتوقع أن يكون لدينا لقاءات أخرى على مستوى الثلاثي" (السعودية ومصر والجامعة العربية).

وأضاف "المؤسف والمزعج هو الأسى الذي يعيشه الشعب السوداني، لأنه يعاني، بينما هناك مصالح ضيقة تدفع بمصالحها (في هذا النزاع).

إيران وتركيا

خلال إجابته على أسئلة الصحافيين، أشار أحمد أبو الغيط، إلى "حيوية جديدة" في العالم العربي، معرباً عن أمله في أن تكون قمة جدة "بداية لأن يأخذ العرب أمورهم بأيديهم، ويتحركوا بإرادة جماعية لتسوية أزمات المنطقة التي شهدت الكثير من الصعوبات خلال العقد الفائت.

وأضاف: "الأزمات العربية احتلت مكاناً مهماً على أجندة القمة، وهناك شعور واضح أن العرب يرغبون في امتلاك ناصية التعامل والتفاعل مع مشكلاتهم، وعدم تركها إطلاقاً للقوى الإقليمية أو الأجنبية".

كما تطرق أبو الغيط إلى العلاقات مع دول إقليمية، موضحاً أن "هناك إحساساً بالهدوء مع الجوار العربي، ومن يرصد القرارات الصادرة عن القمة يجد أن الجانب العربي يطرح التهدئة، لكن ينبغي أن تلتقط الخيط دولتي تركيا وإيران تحديداً، لأنه كان هناك قرارات تم تهدئتها لإعطاء فرصة لدول الجوار لبدء صفحة جديدة".

في شأن ذي صلة، اعتبر الأمين العام لجامعة الدول العربية أنه "ينبغي الاعتراف أن غالبية المشكلات والأزمات العربية كانت تُعالج على سنوات الماضية خارج الإطار العربي، وبالكاد كانت الدول العربية تشارك، ومع ذلك هناك لجنة اليوم من 5 دول عربية (الأمانة العامة) خاصة بسوريا، ولجنة أخرى خاصة بالسودان. وهناك تفاعل من الجامعة العربية مع الأزمة الليبية في الإطار الدولي".

"حياد إيجابي" في العلاقات مع روسيا وأوكرانيا

خلال كلمته في قمة جدة التي حل ضيفاً عليها، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن الحرب الروسية على بلاده أضرت بعلاقات أوكرانيا التقليدية، ومن بينها العلاقات بالدول العربية.

واتهم روسيا بأنها تواصل الابتزاز النووي، وتستخدم محطة الطاقة النووية في زابوروجيا سلاحاً في النزاع، مضيفاً أن بلاده تريد الترحيب بالمزيد من الاستثمارات العربية، وخاصة في موانئها بعد انتهاء الحرب.

وتابع أن علاقات أوكرانيا والدول العربية متجذرة، لافتاً إلى عشرات الآلاف من الطلاب العرب الذين كانوا يدرسون في أوكرانيا قبل الحرب.

وخلال كلمته في المؤتمر الصحافي، رحّب وزير الخارجية السعودي، برسالة الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين، والصيني شي جين بينج الموجهة إلى القمة.

وقال "دعوتنا إلى الرئيس الأوكراني جاءت من باب الاستماع إلى وجهات نظر جميع الأطراف، والدول العربية منذ بدء الصراع اتخذت موقف الحياد الإيجابي، عبر الانخراط في فتح الحوار مع الطرفين، أملاً بالوصول إلى حل للنزاع".

وأضاف "لا شك أننا (كدول عربية) حريصون على علاقتنا مع أوكرانيا وعلى علاقتنا مع روسيا. لكن هناك أزمة وحرب، ولا بد من إيجاد سبل لإنهائها، وهذا لن يكون إلا بالانفتاح على جميع الأطراف. الرئيس الأوكراني كان حريصاً على الحضور وإيصال صوته للعرب.

وأردف "بعد اندلاع الأزمة الأوكرانية بفترة قصيرة توجه وفد يضم عدد من وزراء الخارجية العرب للقاء الطرفين في محاولة لدفع لتسوية عبر الحوار. قناعتنا هي الاستماع للجميع، لأن الأزمة توثر على كافة دول العالم، بما فيها الدول العربية".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات