وزراء خارجية الحلف يبحثون تمويلاً بـ100 مليار دولار على مدار 5 سنوات

تحسباً لـ"عودة ترمب".. الناتو يخطط لإنشاء صندوق مساعدات عسكرية لأوكرانيا

الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرج أمام الصحافيين قبل اجتماع لوزراء خارجية الحلف في بروكسل. 3 أبريل 2024 - AFP
الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرج أمام الصحافيين قبل اجتماع لوزراء خارجية الحلف في بروكسل. 3 أبريل 2024 - AFP
دبي/ بروكسل -الشرقرويترز

اقترح الأمين العام لحلف شمال الأطلسي "الناتو"، ينس ستولتنبرج، إنشاء صندوق بنحو 100 مليار دولار لدعم أوكرانيا سيخصص لتمويل عمليات دعم البلاد بالأسلحة في الحرب ضد روسيا، في خطوة ينظر إليها بمثابة "تأمين" وضمان لاستمرار هذا الدعم في حال عودة الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى البيت الأبيض في الانتخابات الرئاسية المقبلة المقررة في نوفمبر.

ويجتمع وزراء خارجية دول الناتو، الأربعاء، في بروكسل، لوضع إطار للمخطط الذي يسعى التحالف للتوصل إلى اتفاق بشأن هذا الصندوق، قبل قمة الناتو المقررة في واشنطن في يوليو المقبل.

وقد طرح ستولتنبرج، الذي سيتنحى عن منصبه هذا الخريف، الاقتراح كوسيلة لـ"حماية الآلية ضد رياح التغيير السياسي"، وفقاً لأشخاص مطلعين.

وقال ستولتنبرج، خلال تصريحات صحافية قبل الاجتماع، الأربعاء، إن الدول الأعضاء ستناقش زيادة دعم أوكرانيا "بطريقة أكثر موثوقية"، لإرسال رسالة إلى روسيا مفادها أن موسكو "لا تستطيع كسب الحرب".

وأضاف أن أوكرانيا بحاجة إلى المزيد من الأموال من الناتو على مدى سنوات عديدة، إلا أنه رفض التعليق تحديداً على صندوق المساعدات المحتمل.

وذكر وزير خارجية لاتفيا، كريسجانيس كارينز، الأربعاء، أن الصندوق المقترح بقيمة 100 مليار يورو لمساعدة أوكرانيا "يمكن أن تموله الدول الأعضاء في الناتو".

وأوضح للصحافيين قبل اجتماع وزراء خارجية الناتو، أن "الأموال قد تكون نسبة معينة من الناتج المحلي الإجمالي لكل دولة".

ونقلت صحيفة "فاينانشيال تايمز" عن خمسة دبلوماسيين من التحالف، قولهم إن الخطة تنبني على تمويل بنحو 100 مليار دولار توفره الدول الأعضاء الـ32 بما يتناسب مع حجم اقتصاداتها.

ويأتي هذا المقترح في الوقت الذي تكافح فيه إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن للحصول على موافقة الكونجرس على حزمة دعم عسكري ثنائية لأوكرانيا بقيمة 60 مليار دولار، كما أثار احتمال عودة ترمب حديثاً متزايداً بين الحلفاء بشأن ما ينبغي لأوروبا أن تفعله لضمان استثمار الولايات المتحدة في الأمن عبر الأطلسي. كما أثارت مخاوف بين المسؤولين الأوروبيين من أن ترمب قد يسحب المساعدات الأميركية لأوكرانيا في ضوء التعليقات التي قال فيها إنه يسعى لإنهاء الحرب في يوم واحد.

ويرى العديد من الحلفاء أن المأزق نذير لكيفية تحول السياسة الأميركية تجاه كييف في ظل رئاسة ترمب.

ولم يتوقف ترمب عند هذا الحد، بل كان قد أثار استياء دول التحالف بعدما هدد بـ"تشجيع" روسيا على مهاجمة دول "الناتو" التي تتخلف عن سداد التزاماتها المالية. وينتقد ترمب بانتظام حلفائه في التحالف العسكري لعدم تمويل المؤسسة بشكل كاف. وهدد مرات عدة بالانسحاب من التحالف في حال عودته إلى البيت الأبيض.

الناتو يتولى الدفة

وكذلك، فإن الموافقة على المقترح، ستمنح التحالف أيضاً السيطرة على مجموعة دعم الأسلحة "رامشتاين" التي تقودها الولايات المتحدة وتسمح له بإدارة توريد الأسلحة الفتاكة إلى أوكرانيا لأول مرة منذ الغزو الروسي واسع النطاق في عام 2022.

ومع تولي القائد الأعلى لحلف شمال الأطلسي، الجنرال كريس كافولي، المسؤولية، فإن مثل هذه الخطوة من الممكن أن تحمي البنية من أي تغيير سياسي قد ينجم عن انتخابات نوفمبر في أميركا.

وقال أحد الدبلوماسيين للصحيفة "سيكون لحلف شمال الأطلسي دور في تنسيق الدعم الفتاك لأوكرانيا"، وأضاف "أرى أن الإجماع قد بدأ في الظهور، وأعتقد أنه سيحصل عندما نستقل الطائرة إلى واشنطن".

وإذا أيد الحلفاء اقتراح ستولتنبرج، فإن تحرك الناتو للقيام بدور أكثر نشاطاً في مساعدة أوكرانيا من شأنه أن يمثل تحولاً نموذجياً للتحالف العسكري، الذي نأى بنفسه في السابق عن تلك الجهود لتجنب احتمال الانجرار إلى حرب أوسع مع روسيا.

ومع ذلك، فإن إضفاء الطابع المؤسسي على دعم الناتو، يمكن أن يشير إلى التزامهم تجاه أوكرانيا على المدى الطويل، في الوقت الذي يراهن فيه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على قدرته على الصمود في وجه حلفاء كييف - خاصة أنه من غير المرجح أن يوجه الناتو دعوة رسمية إلى أوكرانيا للانضمام إلى الحلف عندما يجتمع القادة في أوائل يوليو في واشنطن.

تقسيم الأعباء المالية

وأشار الدبلوماسيون لـ"فاينانشيال تايمز"، إلى أن حصة الولايات المتحدة من مبلغ 100 مليار دولار ستكون أقل بكثير من حزمة المساعدات الثنائية المتوقفة، وأضافوا أن المناقشات مستمرة حول شكل التمويل، حيث يضغط البعض من أجل نفس التقسيم المستخدم لتمويل الميزانية المشتركة لحلف شمال الأطلسي - والتي في حال اعتمادها، فإن الولايات المتحدة ستحتاج إلى تقديم ما يزيد قليلاً عن 16 مليار دولار.

ونقلت "فاينانشيال تايمز" عن مصدر دبلوماسي قوله، إنه سيتم تخصيص "100 مليار دولار للسنوات الخمس المقبلة لدعم القوة الأوكرانية في المستقبل"، موضحاً أنه يمكن الاعتماد على تقسيم الميزانية المشتركة لحلف شمال الأطلسي لحساب الحصص الفردية من إجمالي الإنفاق، وأضاف أنه "يحل مشكلة تقاسم الأعباء".

ومن المتصور أن يكون "الصندوق المقترح" وسيلة لتأمين التمويل طويل الأجل قبل انتخاب ترمب المحتمل، ومنح كييف نتيجة ملموسة من القمة، بدلاً من إحراز تقدم في موضوع عضويتها المرغوبة في الناتو، والتي ينظر إليها العديد من أعضاء الحلف على أنها مستحيلة، بحسب "فاينانشيال تايمز". 

وتم إعداد هذا المقترح في الوقت الذي يشعر فيه حلفاء الناتو بالقلق بشأن حالة الصراع في أوكرانيا، حيث استعادت روسيا زمام المبادرة على الأرض، متفوقة على القوات الأوكرانية في العدد والسلاح.

ونقلت وكالة "فرانس برس" عن مسؤول في الحلف قوله، إن "وزراء الخارجية سيناقشون أفضل السبل لتنظيم دعم الناتو لأوكرانيا، لجعله أكثر قوة وتيقناً واستدامة"، وأضاف "لن تُتخذ قرارات نهائية في الاجتماعات الوزارية في أبريل، وستستمر المناقشات مع اقترابنا من قمة واشنطن في يوليو".

معارضة محتملة

ومن المتوقع أن تظهر بعض المعارضة من جانب الدول التي رفضت تزويد أوكرانيا بالأسلحة، مثل المجر، وتلك التي أبدت قلقها إزاء أي خطوات من شأنها أن تمنح حلف شمال الأطلسي، أو توحي، بأن له دوراً مباشراً في الصراع. وسعى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى تصوير الصراع على أنه حرب بين روسيا وحلف شمال الأطلسي.

وتشير "بلومبرغ" إلى أنه في حين أن تولي الناتو زمام المبادرة بشأن مساعدات أوكرانيا، قد يُغيب هذا الموضوع عن السياسة الأميركية، فقد يؤدي ذلك إلى إخضاع المناقشات إلى "تنافس داخلي" بين أعضاء الحلف البالغ عددهم 32 عضواً، وسط إمكانية اتخاذ تركيا والمجر مواقف أكثر تشدداً في دعم أوكرانيا.

وحذر اثنان من الدبلوماسيين من أن الاقتراح سيتطلب دعم جميع الأعضاء الـ 32، ومن المرجح أن تكون هناك أشهر من المفاوضات المقبلة، حيث يمكن التخلي عن أجزاء من الاقتراح، وفق "فاينانشيال تايمز".

وتأتي المناقشات في الوقت الذي يجتمع فيه وزراء خارجية الناتو في بروكسل، الأربعاء والخميس، للاحتفال بالذكرى السنوية 75 للحلف في الرابع من أبريل. وبالإضافة إلى الدعم المقدم لأوكرانيا، من المرجح أن يناقش الوزراء أيضاً ملف خلافة ستولتنبرج، عندما تنتهي فترة ولايته في أكتوبر المقبل.

وكانت الولايات المتحدة وحلفاء آخرون، يأملون في إنهاء المناقشات في الوقت المناسب لاجتماع الوزراء وتأكيد تعيين رئيس الوزراء الهولندي مارك روته، لهذا الدور. لكن رومانيا فاجأت حلفاءها مؤخراً بتقديم مرشحها، الرئيس كلاوس يوهانيس، مما يعني أن القرار من المرجح أن يتأخر، حتى مع حصول روته على دعم أغلبية كبيرة من التحالف.

وكانت بعض دول أوروبا الشرقية قد أثارت مخاوف بشأن التمثيل الجغرافي داخل الحلف، حيث جاء رؤساء الناتو، الجدد إما من دول الشمال أو هولندا. ولكن حتى زعماء البلطيق يلقون الآن بثقلهم خلف روته.

تصنيفات

قصص قد تهمك