في محاولة لتعزيز وضعها أمام الغزو الروسي، تقدمت أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي بطلب للانضمام والذي جاء مشفوعاً بتزكية نحو 8 دول أوروبية، إضافة إلى تجاوب رئيسة المفوضية أورسولا فون دير لاين.
ولكن يبدو أن الانضمام السريع للاتحاد الأوروبي أمراً ليس قريباً، نظراً لما تنطوي عليه تلك العملية من خطوات واشتراطات عدّة، قد لا تكون كييف على استعداد لاستيفائها مباشرة.
وفيما يُعد منح ملف انضمام أوكرانيا للاتحاد الأوروبي "حالة مرشح" تقديراً لدقة الوضع واستثنائيته، يرى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ضرورة تسريع الملف للطرفين أوكرانيا ودول الاتحاد، إلّا أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون صرّح أن البت في طلب كهذا قد يستغرق عقوداً.
موافقة مبدئية
ولأغراض التأكد من أن الدول المتقدمة بطلبات الانضمام للاتحاد الأوروبي، قادرة على الاضطلاع بدورها وواجباتها تجاه الاتحاد، يحرص الكيان الأوروبي أن يكون الطلب مدعوماً بسلسلة من الموافقات التي لا غنى عنها كشرط مبدئي لقبول الطلب.
ووفقاً للموقع الرسمي للاتحاد يستلزم الأمر 3 موافقات مبدئية، الأولى امتثال الدولة ذاتها لقواعد ومعايير الاتحاد بلا استثناء.
من جهة أخرى، يتوجب أيضاً موافقة الدول الأعضاء بالاتحاد، إضافة إلى الحصول على موافقة شعبية من الدولة الراغبة في الانضمام، سواء أكان ذلك عبر برلمان ممثل، أو عبر استفتاء المواطنين.
معايير كوبنهاجن
وينطوي طلب انضمام أي دولة أوروبية للاتحاد الأوروبي على استعداد ضمني على التوقيع على المعاهدات التأسيسية الثلاث للاتحاد الأوروبي: معاهدة روما (المعروفة بمعاهدة عمل الاتحاد الأوروبي والموقعة في 1958)، ومعاهدة ماستريخت (المعروفة بمعاهدة الاتحاد الأوروبي ووقعت 1992)، ومعاهدة لشبونة (المعروفة بمعاهدة الإصلاح وتتضمن تعديلات على روما وماستريخت ووقعت 2007).
ويُعد نص معاهدة ماستريخت: "يحترم الاتحاد الهويات الوطنية للدول الأعضاء التي تقوم أنظمتها الحكومية على مبادئ الديمقراطية" أول ظهور لصور الاشتراطات للانضمام للاتحاد الأوروبي.
أما الشروط الأكثر تفصيلاً، فجرى إقرارها عبر المجلس الأوروبي في كوبنهاجن عام 1993، وبالتالي يشار إليها باسم "معايير كوبنهاجن" والتي يجب أن تستوفيها الدولة كخطوة أولى للانضمام.
ووفقاً لإعلان كوبنهاجن، فإن الدول الراغبة في الانضمام، لابد أن يكون لديها مؤسسات مستقرة تضمن الديمقراطية وسيادة القانون وحقوق الإنسان واحترام الأقليات وحمايتها.
علاوة على ذلك، فلابد أن يكون لديها اقتصاد سوق فعّال وقدرة على التعامل مع المنافسة وقوى السوق في الاتحاد الأوروبي، فضلاً عن القدرة على الاضطلاع والتنفيذ الفعال لالتزامات العضوية، بما في ذلك التقيّد بأهداف الاتحاد السياسي والاقتصادي والنقدي.
خطوات وآليات
وبمجرد تقديم الدولة طلب العضوية إلى مجلس الاتحاد الأوروبي، يقوم المجلس بمطالبة المفوضية بتقييم قدرة مقدم الطلب على تلبية معايير كوبنهاجن.
ووفق موقع الاتحاد الأوروبي، إذا كان رأي اللجنة إيجابياً، يأتي دور مرحلة المفاوضات في كافة الملفات، كل على حدة.
أما عن موضوع المفاوضات، فتتناول شروط وتوقيت اعتماد المرشح وتطبيقه وإنفاذه لجميع تشريعات الاتحاد الأوروبي الحالية، وتنقسم تلك القواعد إلى مجالات مختلفة مثل النقل والطاقة والبيئة وما إلى ذلك.
كما تناقش أيضاً الترتيبات المالية، مثل المبلغ المحتمل أن يدفعه العضو الجديد إلى ميزانية الاتحاد الأوروبي ويتلقاه منها، والترتيبات الانتقالية؛ إذ أن في بعض الأحيان توضع قواعد انتقال خاصة بشكل تدريجي، لمنح العضو الجديد أو الأعضاء الحاليين وقتاً للتكيف.
مفاوضات
وتبدأ المفاوضات بمرحلة الفرز، وفيها تقوم المفوضية جنباً إلى جنب مع البلد المرشح بفحص كل ملف، لتحديد مدى جاهزية الدولة الراغبة، لتقدم أخيراً تقرير فحص إما يحمل توصية من المفوضية بفتح المفاوضات مباشرة أو يطالب بضرورة تلبية شروط معينة أولاً.
وتتفاوت إلى حد بعيد مدّة المفاوضات، إذ لا توجد ضمانة لإنهائها في موعد معين، كما لا يتم إغلاق أي مفاوضات بشأن أي فصل فردي حتى تشعر كل حكومة من حكومات الاتحاد الأوروبي بالرضا عن تقدم المرشح في مجال بعينه، كما تم تحليله من قبل المفوضية.
وباختتام المفاوضات يجري التوقيع على "معاهدة الانضمام" والتي تعد لبنة دخول الدولة في كتلة الاتحاد، غير أنها لا تدخل حيّز النفاذ قبل أن تحوز دعم المفوضية والبرلمان ومجلس الاتحاد، وتوقيع ممثلي الدولة المرشحة وكافة الدول الأعضاء، والتصديق عليها من قبل الدولة المرشحة وكل دولة من دول الاتحاد الأوروبي وفقاً لقواعدها الدستورية.
ملفات معلّقة
وفيما عمدت أوكرانيا، ومولدوفا، وجورجيا إلى طلب الانضمام للاتحاد بالتزامن مع الغزو الروسي، فإن عدداً من ملفات الانضمام معلقة بالفعل، إما في مرحلة الترشيح، أو في مرحلة مبدئية.
وألبانيا، ومونتنيجرو، ومقدونيا الشمالية، وصربيا وتركيا، يقعون ضمن فئة الدول الراغبة في الانضمام، في مرحلة الترشيح أيضاً.
أما البوسنة والهرسك، وكوسوفو، فضمن فئة المرحلة المبدئية، نظراً لأنهم لم يستوفوا بعد اشتراطات الانضمام.
اقرأ أيضاً: