البشير ليس أولهم.. قادة سابقون حاكمتهم "الجنائية الدولية"

time reading iconدقائق القراءة - 8
منظر خارجي للمحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بهولندا -31 مارس 2021 - REUTERS
منظر خارجي للمحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بهولندا -31 مارس 2021 - REUTERS
دبي-الشرق

أعلن كريم أسد خان مدعي المحكمة الجنائية الدولية، الخميس، أن السودان والمحكمة وقعا مذكرة تفاهم حول تسليم المطلوبين للمحكمة، وعلى رأسهم الرئيس المعزول عمر البشير.

وصادق مجلس الوزراء السوداني، الأسبوع الماضي، على قانون روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، وهو ما اعتبر خطوة جديدة باتجاه محاكمة البشير أمام الهيئة القضائية الدولية في لاهاي.

وتطالب المحكمة منذ 10 سنوات بتسليم الرئيس السوداني السابق، واثنين من مساعديه على خلفية اتهامات تتعلق بارتكاب "إبادة" وجرائم ضد الإنسانية، خلال النزاع في إقليم درافور.

وتأسست المحكمة الجنائية الدولية في مدينة لاهاي الهولندية، في يوليو 2002، كأول محكمة مستقلة لمحاسبة مرتكي جرائم الحرب والإبادة والجرائم ضد الإنسانية، إذ تعمل على إتمام دور الأجهزة القضائية الوطنية، عندما تكون الدول غير راغبة، أو غير قادرة، على فعل ذلك بنفسها. وهي بذلك تُمثل الملاذ الأخير لتحقيق العدالة. وأقصى عقوبة يمكن أن تصدرها المحكمة هي السجن مدى الحياة.

البشير ليس الأول

بعد نهاية الحرب العالمية الثانية عام 1945، عقدت في لندن اتفاقية لمحاكمة كبار مجرمي الحرب في أوروبا، وتشكلت محكمة نورنبرج في ألمانيا، والتي تولت مقاضاة الأدميرال دونتز في نوفمبر 1946، الذي تولى رئاسة ألمانيا بعد هتلر، وحكمت عليه المحكمة بعقوبة السجن لارتكابه جرائم حرب، وقررت استبعاد حصانته كرئيس دولة.
 
وفي الفترة نفسها تأسست محكمة العدل الدولية في لاهاي، ومرت سنوات طويلة قبل أن يمثل فيها لأول مرة رئيس دولة.

ولم يكن الرئيس السوداني السابق عمر البشير، الزعيم الأول الذي تصدر بحقه لائحة اتهامات في المحكمة الجنائية الدولية، إذ أدانت المحكمة منذ تأسيسها قبل 20 عاماً تقريباً، العديد من المتورطين بجرائم حرب، لكنها لم تستطع إلزامهم جميعاً بالحضور إلى لاهاي.

محاكمة ميلوسوفيتش

في أبريل 2001، وفي إحدى ضواحي العاصمة الصربية بلغراد، ألقت السلطات اليوغسلافية القبض على الرئيس السابق سلوبودان ميلوسوفيتش، بعد الإطاحة به بعام واحد، لتقرر تسليمه إلى المحكمة الجنائية الدولية، ليكون أول رئيس يخضع للمسائلة في لاهاي بتهم "ارتكاب جرائم إبادة"، خلال الحروب في البوسنة وكرواتيا وكوسوفو.

وبعد 5 سنوات، وتحديداً في 6 مارس 2006، توفي ميلوزوفيتش بأزمة قلبية في زنزانته بالسجن الذي كان يقبع به في مدينة لاهاي. واتهم ميلوسوفيتش المحكمة منذ البداية أنها غير قانونية، ورفض تعيين محام له.

السجن مدى الحياة

في يوليو من العام 2008، وبعد 13 عاماً من الهرب، تمكنت السلطات الصربية من اعتقال القائد العسكري السابق رادوفان كاراديتش، المتهم بجرائم حرب، في العاصمة بلغراد.

 في الفترة الأولى خضع كاراديتش للتحقيق أمام قاض صربي، قبل أن يمثل بعد عدة سنوات أمام المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، حيث صدر بحقه حكماً بالسجن مدة 40 عاماً، ثم زاد قضاة الاستئناف الحكم إلى السجن مدى الحياة في عام 2019.

ويقضي رادوفان (75 عاماً)، عقوبته في مركز احتجاز تابع للمحكمة بمدينة لاهاي، بعد إدانته بتهمة الإبادة الجماعية، و5 تهم بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، و4 تهم بانتهاك قوانين أو أعراف الحرب.

رئيس ساحل العاج

في شهر نوفمبر من عام 2011، تم تسليم رئيس كوت ديفوار (ساحل العاج) السابق، لوران غباغبو، إلى المحكمة الجنائية الدولية للاشتباه في تورطه بارتكاب جرائم اغتصاب وقتل، ليصبح أول رئيس سابق يتم تسليمه للمحكمة. واتُهم بارتكاب جرائم ضد الإنسانية خلال عامي 2010 و2011، لكنها عادت وبرأته في مارس 2020.

وشهدت كوت ديفوار أعمال عنف واشتباكات، بعد رفض غباغبو الاعتراف بفوز الرئيس الحسن وتارا في الانتخابات.

وفي نهاية شهر مارس 2021، أيدت المحكمة الجنائية الدولية، الحكم الصادر عام 2019 ببراءة رئيس كوت ديفوار السابق لوران غباغبو، وأمرت بإزالة جميع شروط الإفراج عنه.

وقال القاضي الذي ترأس الجلسة، شيلي إيبوي أوسوجي، في تلاوته لحكم الهيئة: "بالأغلبية، لم تجد دائرة الاستئناف أي خطأ يمكن أن يؤثر بشكل جوهري على قرار غرفة المحاكمة".

وجادل المدعون بأن قضاة جرائم الحرب، ارتكبوا أخطاء جسيمة باستنتاجهم أنهم "فشلوا في إثبات قضيتهم ضد غباغبو وشريكه في التهمة تشارلز بلي جودي".

50 عاماً لرئيس ليبيريا

أول حكم للمحكمة الجنائية الدولية صدر في 30 مايو 2012، وقضى بالسجن خمسين عاماً على رئيس ليبيريا السابق تشارلز تايلور، وذلك لإدانته بدعم وتحريض المتمردين في سيراليون، أثناء الحرب الأهلية التي استمرت عشر سنوات.

قال القضاة آنذاك، إن الصراع في سيراليون كان من الممكن أن ينتهي بشكل أسرع، لو لم يقدم تايلور الدعم المالي والمعنوي واللوجستي للمتمردين، لافتين إلى أنه استغل منصبه للمساعدة والتحريض على ارتكاب جرائم حرب، في وقت لم يبد أي ندم على الجرائم التي أدين بها، ولم يتقبل المسؤولية عنها.

وكشفت التحقيقات خلال المحاكمة، أن تايلور تلقى ألماساً من المتمردين، مقابل تزويدهم بالأسلحة والذخيرة.

اعتقال.. محاكمة ثم براءة 

في ديسمبر  2014، أسقط ممثلو الادعاء في المحكمة الجنائية الدولية، اتهامات بارتكاب جرائم ضد الإنسانية عن الرئيس الكيني أوهورو كينياتا، في ما اعتبر حينها مؤشراً على فشل المحكمة في أكبر قضية بتاريخها.

ويُعتبر كينياتا، أول رئيس يحضر جلسات أمام المحكمة وهو في السلطة. وتم توجيه 5 تهم له، باعتباره مشاركاً بطريقة غير مباشرة، في ارتكاب جرائم لا إنسانية، يزعم أنها ارتكبت خلال أعمال العنف التي أعقبت الانتخابات في كينيا في الفترة بين عامي 2007 و2008، لكن ولنقص الأدلة، أقرت حكومة بلاده إسقاط التهم الموجهة إليه.

جرائم حرب

في 22 نوفمبر 2017 حكمت الجنائية الدولية بالسجن المؤبد على الزعيم العسكري السابق لصرب البوسنة، راتكو ملاديتش، بعد إدانته بارتكاب جرائم إبادة جماعية، وجرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية.

ورفضت المحكمة الجنائية الدولية الطعن المقدم من راتكو ملاديتش، وأيدت في 8 يونيو الماضي، بشكل بات حكمها عليه بالسجن مدى الحياة، بشأن دوره في مذبحة سربرنيتسا في 1995.

وحكمت الجنائية الدولية في مايو الماضي 2021، بالسجن 25 عاماً على دومينيك أونغوين، الذي كان من قادة حركة التمرد "جيش الرب للمقاومة" في أوغندا، والتي عرفت بوحشيتها، بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

 وأدين أونغوين (45 عاماً) بـ61 تهمة، من بينها ارتكاب جرائم قتل واغتصاب واستعباد جنسي وتجنيد أطفال.

وقال القاضي بيرترام شميت مخاطباً أونغوين: "في ضوء خطورة الجرائم التي ارتكبتها، تحكم عليك المحكمة بالسجن لمدة 25 عاماً".

سيف الإسلام

وسيكون البشير، بعد تسليمه، أول زعيم عربي يُحاكم في لاهاي. ومن بين الشخصيات العربية البارزة الذين صدرت ضدهم لائحة اتهامات، سيف الإسلام القذافي نجل الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي. والذي ترفض السلطات الليبية، حتى الآن، تسليمه للمحكمة.

ويمكن للجنائية الدولية البت في الجرائم التي يرتكبها مواطنو الدول الأعضاء، أو التي تقع على أراضي تلك الدول بواسطة أطراف أخرى. وهناك 123 دولة عضو بالمحكمة، وتبلغ ميزانيتها السنوية نحو 150 مليون يورو (180 مليون دولار).

ورغم دعم الكثير من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي للمحكمة، فإن دولاً كبرى أخرى مثل الولايات المتحدة والصين وروسيا وإسرائيل ليست عضواً فيها، وترى أنه يمكن استغلالها في محاكمات ذات دوافع سياسية.

اقرأ أيضاً: