إيران.. مكاسب خامنئي الانتخابية قد تؤخر التوصل إلى اتفاق في فيينا

time reading iconدقائق القراءة - 6
المرشد الإيراني علي خامنئي يدلي بصوته في الانتخابات البرلمانية - 26 فبراير 2016 - Getty Images
المرشد الإيراني علي خامنئي يدلي بصوته في الانتخابات البرلمانية - 26 فبراير 2016 - Getty Images
دبي-رويترز

تتزايد الاحتمالات ألا يتمكن المفاوضون من إحياء الاتفاق النووي المبرم عام 2015 بين إيران والقوى العالمية، قبل انتخابات الرئاسة التي تجريها طهران الشهر المقبل، غير أن تمديد المحادثات قد يحقق مكاسب سياسية في الداخل للمرشد الإيراني علي خامنئي.

وبحسب وكالة رويترز، يقول مسؤولون ومطلعون على بواطن الأمور، إن خامنئي، صاحب القول الفصل في المسألة النووية الإيرانية، يود أن تضع المفاوضات بين طهران والقوى العالمية في فيينا نهاية لعزلة إيران الاقتصادية.

والسؤال المهم في إيران، هو أي الفصائل السياسية في هيكل السلطة المركب في البلاد سينسب لنفسه الفضل في إلغاء العقوبات الأميركية، التي أعاد فرضها الرئيس السابق دونالد ترمب، بعد انسحابه من الاتفاق المبرم عام 2015.

تعزيز سلطة خامنئي

وسيعني إطالة أمد المحادثات لإعادة كل من طهران وواشنطن إلى الالتزام الكامل بالاتفاق، أن عملية إلغاء العقوبات الأميركية ستبدأ بعد الانتخابات المقررة في الـ18 من يونيو المقبل والمتوقع أن يحل فيها مرشح من حلفاء خامنئي محل الرئيس الحالي حسن روحاني.

وعلى الرغم من أنه لن يكون للانتخابات أثر يذكر في سياسات إيران الخارجية أو النووية التي يحظى فيها خامنئي بالكلمة الأخيرة، فإن انتهاء عزلة إيران الاقتصادية خلال وجود رئيس متشدد في السلطة، قد يعزز سلطة خامنئي في الداخل.

وقال مسؤول كبير بالحكومة الإيرانية: "في نهاية المطاف يريد الزعيم الإيراني رفع العقوبات الأميركية. غير أنه لا يمانع أن تطول المحادثات لفترة قصيرة".

وأضاف: "إذا تم إنقاذ الاتفاق في آخر لحظة ممكنة، فسيستفيد الرئيس التالي من رفع العقوبات في تحسين الاقتصاد. وهذا أفضل وقت إيجابي بالنسبة لخامنئي".

وفي خطوة اعتبرها محللون تحركاً يقصد به تحقيق هذا التأخير، قالت إيران الأحد، إن إطلاع الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة على صور المواقع النووية، سيتوقف لانتهاء أجل اتفاق مراقبة مدته 3 أشهر بين طهران والوكالة.

وقررت إيران الاثنين، تمديد اتفاق المراقبة شهراً، لتتحاشى احتمال انهيار المحادثات النووية الجارية في فيينا.

وقال دبلوماسي في المنطقة، أطلعه مسؤولون غربيون مشاركون في المحادثات النووية على تطوراتها، إنه سيتم في فيينا هذا الأسبوع الإعلان عن "اتفاق يوضح التزامات طهران وواشنطن من أجل إحراز تقدم".

مخاوف إيرانية

ربما تبدو فكرة أن خامنئي يرغب في تأجيل إنهاء العقوبات، متعارضة مع مساعيه لوقف ما يلحق باقتصاد إيران من أضرار على يد الولايات المتحدة التي يعتبرها "العدو رقم واحد" لإيران.

غير أن المسؤولين والمحللين قالوا إن من الضروري في نظر خامنئي الموازنة بين أهمية إنقاذ الاقتصاد وضرورة الحفاظ على سلطته من أي أخطار قد تحيق بها.

ويخشى الحكام في إيران من أن تتفجر من جديد الاضطرابات بين الطبقات في البلاد.

وكانت هذه الاضطرابات في السنوات الأخيرة تذكرة بمدى تعرض المؤسسة الحاكمة للتأثر بالغضب الشعبي بسبب المصاعب الاقتصادية.

ويغلي الاستياء الشعبي في إيران بسبب تزايد التضييق في البلاد على الأصوات المعارضة والقيود المفروضة على الحريات السياسية والحياة الاجتماعية.

ودعا ناشطون إلى مقاطعة الانتخابات، واستخدم الإيرانيون وسم "لا للجمهورية الإسلامية" على نطاق واسع على تويتر داخل البلاد وخارجها في الأسابيع الأخيرة.

وتتحدى هذه الأصوات المعارضة سلطة خامنئي الهائلة. فهو يسيطر على السلطة القضائية، وأجهزة الأمن، والبث الإذاعي والتلفزيوني، ومؤسسات تمتلك قطاعاً كبيراً من الاقتصاد.

وقال مسؤول أوروبي رفيع، إن السرعة لها أهميتها في الانتخابات المقبلة في إيران.

وتابع: "ضرورة الاستعجال قائمة. نحن بحاجة لاتفاق قبل الانتخابات، وعلينا أن ننتهز الفرصة الآن وألا ننتظر عدة أشهر. لست متأكداً أن الأميركيين سيلوحون بهذا الغصن مرتين".

ومنذ تخلى ترمب عن الاتفاق النووي مؤكداً أنه "مفرط في التساهل" مع إيران، عملت طهران على زيادة مخزونها من اليورانيوم، ورفعت مستوى التخصيب إلى مستويات نقاء جديدة، كما ركبّت أجهزة متطورة للطرد المركزي لزيادة سرعة الإنتاج.

ضغوط مالية

سبق أن قال الرئيس الأميركي جو بايدن، إن واشنطن لن تعود للاتفاق إلا إذا استأنفت طهران أولاً الالتزام بالقيود الصارمة التي يفرضها على تخصيب اليورانيوم، الذي يعد سبيلاً محتملاً لتصنيع قنابل نووية.

وإذا كانت هناك قضية تدور حولها الانتخابات الإيرانية، فهي ما إذا كان بوسع الرئيس الجديد تنشيط الاقتصاد والتخفيف من حدة الضغوط المالية الشديدة التي تواجه أغلبية الإيرانيين.

وقالت رويترز إن اقتران العقوبات الاقتصادية الأميركية بسوء الإدارة، دفع بأكثر من نصف سكان إيران البالغ عددهم 83 مليون نسمة، إلى ما دون خط الفقر، الأمر الذي أسفر عن صراع يومي لمجاراة الأسعار المتصاعدة والبطالة المرتفعة.

وتشير استطلاعات الرأي الرسمية، ومنها استطلاع أجراه التلفزيون الإيراني في مايو، إلى أن نسبة المشاركة في التصويت قد تكون منخفضة عند 30% أي أقل بكثير منها في الانتخابات السابقة.

وقال مسؤول إيراني آخر، إن خطر حدوث اضطرابات جديدة ستخف حدته إذا رفعت العقوبات قبل الانتخابات، لأن الإيرانيين سيكون لديهم أمل حينئذ في تحسن الأوضاع مستقبلاً.

وأضاف: "بعد الانتخابات سيكون تحسين الاقتصاد ضرورياً لتحسين مستويات معيشة شعبنا. أي اضطرابات بسبب المصاعب الاقتصادية يمكن أن تلحق ضرراً جسيماً".