مسؤولون أميركيون: واشنطن ساعدت في إغراق الطراد الروسي "موسكفا"

time reading iconدقائق القراءة - 7
الطراد الروسي "موسكفا" في ميناء سيفاستوبول بشبه جزيرة القرم بعد تعقبه سفناً حربية تابعة للناتو في البحر الأسود - 16 نوفمبر 2021 - REUTERS
الطراد الروسي "موسكفا" في ميناء سيفاستوبول بشبه جزيرة القرم بعد تعقبه سفناً حربية تابعة للناتو في البحر الأسود - 16 نوفمبر 2021 - REUTERS
دبي - الشرقبالشراكة مع "نيويورك تايمز"

زوّدت الولايات المتحدة أوكرانيا بمعلومات استخباراتية، ساعدتها في تحديد موقع الطراد "موسكفا"، أبرز سفن الأسطول الروسي في البحر الأسود، واستهدافه الشهر الماضي، ممّا أدى إلى غرقه، حسبما نقلت صحيفة "نيويورك تايمز" عن مسؤولين أميركيين.

جاء ذلك بعد نفي وزارة الدفاع الأميركية (البنتاجون)، تقريراً للصحيفة أفاد بأن واشنطن زوّدت كييف بمعلومات استخباراتية، مكّنتها من استهداف جنرالات روس قرب الجبهة. ووصف مجلس الأمن القومي الأميركي، هذا الزعم بأنه "غير مسؤول".

وتحدثت الصحيفة عن جهود سرية مستمرة تبذلها إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، لتزويد أوكرانيا بمعلومات استخباراتية في الوقت الحقيقي، عن ساحة المعركة. ونقلت عن مسؤولين إن هذه المعلومات تتضمّن أيضاً مشاركة التحرّكات المتوقعة للقوات الروسية، المستمدة من تقديرات أميركية لخطة موسكو لمسار الحرب في إقليم دونباس شرق أوكرانيا.

تجنّب استفزاز بوتين

وسعت الإدارة الأميركية إلى الحفاظ على سرية معلومات استخباراتية، حربية وبحرية، قدّمتها للأوكرانيين، خشية اعتبار ذلك تصعيداً يستفزّ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بحيث يشنّ حرباً أوسع نطاقاً، بحسب "نيويورك تايمز".

لكن الأسابيع الأخيرة شهدت إرسال واشنطن أسلحة ثقيلة إلى أوكرانيا، كما طلبت من الكونجرس مساعدات عسكرية واقتصادية وإنسانية إضافية، بقيمة 33 مليار دولار، في مؤشر إلى تحرّرها من قيود فرضتها على نفسها في هذا الصدد.

ونقلت الصحيفة عن مسؤولَين أميركيين بارزين قولهما، إن أوكرانيا جمعت بنفسها المعلومات الخاصة باستهداف "موسكفا"، وشددا على أن الدور الأميركي اقتصر على تأكيد هذه المعلومات. لكن مسؤولين آخرين قالوا للصحيفة إن الدور الأميركي كان حاسماً في إغراق السفينة.

صاروخا "نبتون" ومسيّرة "بيرقدار"

وكانت القوات الأوكرانية أطلقت، في 13 أبريل الماضي، صاروخين من طراز "نبتون" أصابا السفينة، وأشعلا حريقاً أدى في نهاية المطاف إلى غرقها.

وتركّز الاهتمام أيضاً على أنظمة الرادار الخاصة بالسفينة القديمة، وما إذا كانت تعمل بشكل مناسب. وفي هذا السياق، قال مسؤولون أوكرانيون وأميركيون لـ"نيويورك تايمز" إن انتباه الطراد الروسي قد يكون تشتّت، بعد نشر الأوكرانيين مسيّرة تركية الصنع من طراز "بيرقدار" على مسافة قريبة منه.

وبعد استهداف السفينة مباشرة، التزم المسؤولون في الإدارة الأميركية صمتاً تاماً، ورفضوا تأكيد حتى مجرد ضرب السفينة. ولكن في الأيام الأخيرة، أكد هؤلاء أن مصادر استخباراتية أميركية زوّدت الأوكرانيين بمعلومات لازمة لاستهداف "موسكفا"، في الساعات السابقة على إطلاق صاروخي "نبتون". وقال أحدهم إن هذه المعلومات تجاوزت مجرد تقديم تقرير عن موقع السفينة في البحر الأسود، على مسافة 65 ميلاً بحرياً جنوب أوديسا.

وشكّل غرق الطراد "موسكفا"، ضربة كبرى لروسيا، وأضخم خسارة لأيّ قوات بحرية منذ 40 عاماً، بحسب "نيويورك تايمز". ونفت موسكو أن تكون صواريخ أوكرانية أدت دوراً في تدمير "موسكفا"، وزعمت أن حريقاً نشب على متنها وأدى إلى انفجار ذخيرة، ثم تدمير الطراد. وأوردت وسائل إعلام روسية مستقلة أن تحطّم السفينة أسفر عن مصرع حوالى 40 شخصاً وجرح 100 آخرين.

تعقب أميركي لـ"موسكفا"

وسُئل الناطق باسم البنتاجون، جون كيربي، عن تقرير نشرته صحيفة "ذي تايمز أوف لندن"، بشأن تعقّب طائرة تجسّس تابعة للبحرية الأميركية، من طراز "بي-8 بوسيدون"، انطلقت من قاعدة "سيجونلا" الجوية في إيطاليا، لسفينة "موسكفا" قبل أن تستهدفها أوكرانيا، فأجاب: "لم تقدّم أيّ طائرة بي-8 تابعة للبحرية الأميركية كانت تؤدي مهمات لحفظ الأمن الجوي، أيّ معلومات استهداف" لكييف.

لكن "نيويورك تايمز" نقلت عن مسؤول أميركي أن الأوكرانيين سألوا الأميركيين عن سفينة تبحر في البحر الأسود، جنوب أوديسا، وحدّد الأميركيون أنها "موسكفا"، وأكدوا موقعها، قبل أن يستهدفها الأوكرانيون، دون علم مسبق من الولايات المتحدة. وأضاف أن واشنطن قدّمت تأكيداً للجيش الأوكراني، لكن مسؤولين آخرين استبعدوا أن تكون أوكرانيا قادرة على ضرب السفينة دون مساعدة من الولايات المتحدة.

وأقرّ مسؤولون أميركيون علناً، بتزويد الأوكرانيين بمعلومات استخباراتية، قبل الغزو الروسي الذي بدأ في 24 فبراير الماضي، استمرت في الأسابيع التالية. لكن هؤلاء تجنّبوا تأكيد مشاركة الولايات المتحدة، في عمليات أوكرانية أسفرت عن مصرع جنود روس.

ورغم أن الإدارة الأميركية لا تزال حذرة من استفزاز بوتين، إلى حدّ قد يدفعه إلى مزيد من التصعيد، إلا أن مسؤولين، حاليين وسابقين، قالوا للصحيفة إن الإدارة وجدت بعض الفائدة في تحذير روسيا، من أن الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي "الناتو" يدعمان أوكرانيا. 

وذكر هؤلاء أن لدى موسكو حسابات خاصة، بما في ذلك قدرتها على خوض حرب أوسع نطاقاً، لا سيّما تلك التي تمكّن "الناتو" من التذرع بميثاق الدفاع المشترك عن دوله، أو خوض الحرب بشكل أكثر مباشرة.

قتل جنرالات روس

وذكرت "نيويورك تايمز" الأربعاء، أن معلومات استخباراتية قدّمتها واشنطن لكييف بشأن تحرّكات القوات الروسية، مكّنت القوات الأوكرانية من استهداف جنرالات روس وقتلهم.

وأقرّ كيربي بمشاركة معلومات استخباراتية مع كييف، مستدركاً أن لدى الأوكرانيين مصادرهم الخاصة في الحصول على المعلومات، التي يضيفون إليها معلومات أخرى من أجل تحديد الأهداف التي يهاجمونها. وأضاف: "إنهم يتخذون قراراتهم بأنفسهم، وينفذون عملياتهم بمفردهم".

شبكة "سي إن إن" نقلت عن النائب الديمقراطي آدم شيف، رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب الأميركي، قوله إن إدارة بايدن لم ترغب في مناقشة مشاركة المعلومات الاستخباراتية مع كييف، خشية أن يؤدي ذلك إلى "تصعيد الصراع". وأضاف: "نزوّد أوكرانيا بمعلومات استخباراتية في الوقت الحقيقي، لمساعدتها على الدفاع عن نفسها. أعتقد بأن الإدارة لا تريد الخوض في تفاصيل بشأن ظروف (ذلك)، لكننا نريد أن نتأكد من نجاح أوكرانيا" في تصديها للغزو الروسي.

"طراد سوفيتي متقادم"

أشارت "نيويورك تايمز" إلى أن مسؤولي البحرية الأميركية، تفقدوا طرادات روسية خلال حقبة تعاون عسكري بين واشنطن وموسكو، في نهاية تسعينيات القرن العشرين وبداية العقد الأول من الألفية الجديدة، قالوا إن "موسكفا" كان يعاني من مشكلات، بما في ذلك عدم توافر معدات كافية للتحكّم بالأضرار، من أجل إخماد سريع للحرائق التي يمكن أن تنشب عليه. وأكد المسؤولون أنهم لم يروا طفايات حريق أو خراطيم إطفاء، في الممرات بالسفينة، عكس السفن الأميركية. 

وقال مايكل كوفمان، مدير وحدة الدراسات الروسية في "مركز التحليلات البحرية" الأميركي، إن "الجيش الروسي كان يناقش منذ فترة طويلة، إحالة (موسكفا) على التقاعد. كان طراداً سوفيتياً متقادماً، في حاجة ماسة إلى تحديث".

لكن نقص الطرادات والمدمرات في البحرية الروسية، دفع موسكو إلى تمديد خدمة "موسكفا"، بحسب الصحيفة.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات