إيران تقطع الإنترنت عن خوزستان بعد تنامي الغضب جراء انهيار مبنى

time reading iconدقائق القراءة - 7
إيرانيون في موقع انهيار المبنى بمدينة عبادان - 24 مايو 2022 - AFP
إيرانيون في موقع انهيار المبنى بمدينة عبادان - 24 مايو 2022 - AFP
دبي- الشرق

قطعت إيران الإنترنت في محافظة خوزستان بعد تصاعد الغضب جراء ارتفاع حصيلة ضحايا انهيار مبنى سكني وتجاري بمدينة عبادان جنوب غربي إيران إلى 36، مع تواصل عمليات البحث عن المفقودين بعد أكثر من أسبوع على وقوع الكارثة.

وتشير الاحتجاجات التي تلت الكارثة إلى مستوى الغضب من الفساد في البلاد، مع تعثر محادثات فيينا لإحياء الاتفاق النووي الإيراني، بحسب صحيفة "فايننشيال تايمز".

ونقلت وكالة الأنباء الرسمية الإيرانية "إرنا" عن حاكم مدينة عبادان، إحسان عباس بور، قوله إن "عدد الضحايا بلغ 36 بعد انتشال جثث جديدة"، الثلاثاء، في موقع مبنى "متروبول" المنهار والذي كان مكوّناً من 10 طوابق، في 23 مايو.

ودفع انهيار المبنى المئات في آبادان ومدن أخرى من خوزستان، إضافة إلى بعض المناطق الأخرى في إيران، للنزول الى الشوارع في تحركات مسائية خلال الأيام الماضية، حداداً على الضحايا وتضامناً مع عائلاتهم، وللمطالبة بمحاسبة المسؤولين عن الكارثة، وفق الإعلام المحلي.

وأفادت وكالة "فارس"، الاثنين، بأن أهالي آبادان تجمعوا على مقربة من مكان انهيار المبنى، وعملوا على منع آية الله محسن حيدري، العضو المحلي في مجلس خبراء القيادة، من إلقاء كلمة.

ويعنى المجلس بانتخاب المرشد الأعلى لإيران والإشراف على عمله وحتى إقالته وفق شروط معينة.

من جهتها، أفادت وكالة "تسنيم" أن بعض المتجمعين رموا كاميرا تعود للتلفزيون الرسمي أرضاً، بينما دعت الشرطة الناس إلى "إخلاء الشارع".

وتحدثت وسائل إعلام محلية عن قيام قوات الأمن، مساء الجمعة، "باستخدام الغاز المسيل للدموع وإطلاق عيارات تحذيرية" لتفريق مئات المحتجين الذين كانوا قرب موقع الانهيار وطالبوا بمحاسبة المسؤولين "غير الكفوئين" عن الكارثة.

وعطّلت إيران الوصول إلى الإنترنت بعد تزايد الاحتجاجات على الكارثة، بحسب وكالة "أسوشيتد برس"، التي نقلت عن أمير رشيدي، وهو باحث في "مجموعة ميان" Miaan Group، التي تركّز على الأمن الرقمي في الشرق الأوسط، إن تعطّل الإنترنت في خوزستان بدأ في مطلع مايو، قبل أسابيع من انهيار المبنى. ثم اشتدّ في المحافظة بعد الكارثة الأسبوع الماضي.

"فساد فردي"

وألقت السلطات باللوم في انهيار المبنى على "فساد فردي وإهمال في إجراءات السلامة"، معلنة اعتقال 13 شخصاً لمخالفتهم قواعد البناء، بينهم الرئيس الحالي لبلدية المدينة ورئيسا بلدية سابقان، لكن محتجين إيرانيين اتهموا الحكومة بالإهمال والفساد، كما أفادت وكالة "رويترز".

وفي تسجيل مصوّر بُثّ على تويتر، والتُقط في جنوب طهران، سُمع هتاف "الموت لخامنئي"، في إشارة إلى المرشد الإيراني علي خامنئي.

وفي مدينة بوشهر الساحلية جنوب البلاد، سُمع هتاف المحتجين "الموت للدكتاتور"، في إشارة أيضاً إلى خامنئي. وردد هؤلاء، في إشارة إلى المسؤولين الإيرانيين: "يكذبون ويقولون أميركا.. عدوّنا هنا".

كذلك بُثّت تسجيلات مصوّرة على مواقع التواصل الاجتماعي، لاحتجاجات في مدن أخرى، واستخدمت الشرطة الإيرانية غازاً مسيّلاً للدموع وأطلقت أعيرة نارية في الهواء لتفريق حشود، وواجهت متظاهرين خلال الاحتجاجات المستمرة منذ أسبوع، بحسب "رويترز".

"نحن نسير على النفط"

وتشير أدلة إلى أن المطوّر العقاري حسين عبد الباقي كان أحد ضحايا الانهيار، إذ حصل تطابق رسمي لحمضه النووي، كما صُوّر في المبنى قبل الكارثة، وشوهدت أسرته تبكي على شاشات التلفزة.

لكن ذلك لم يكن كافياً لإقناع المحتجين على الفساد، إذ يشكّكون بالرواية الرسمية لوفاته، ويعتبرون أن شخصيات نافذة ساعدته على الفرار من البلاد، بحسب "فاينانشيال تايمز".

ونقلت عن رضا (28 عاماً)، وهو عاطل عن العمل من عبادان، قوله: "واضح أنه لم يمت. إذا كان وجهه وجسده مشوّهَين جداً، ما استلزم إجراء اختبار سريع للحمض النووي، فلماذا بقيت بطاقات هويته في جيبه سالمة؟ لماذا سُمح لعبد الباقي بتشييد مثل هذا المبنى غير المتوافق مع المعايير؟"

واعتبرت الصحيفة أن شكوك مواطنين بفرار عبد الباقي تشير إلى مستوى غضبهم من الفساد في إيران، إذ يعانون من الغلاء وتدهور الوضع الاقتصادي، فيما بلغ التضخم نحو 40%.

وكانت محافظة خوزستان التي تضمّ أضخم احتياطيّ للنفط والغاز في إيران، معقلاً للتظاهرات المناهضة للنظام في عام 2019، احتجاجاً على ارتفاع أسعار الوقود، والتي أسفرت عن مصرع أكثر من 300 شخص في كل أنحاء البلاد، بحسب "منظمة العفو الدولية".

ويعتبر سكان في المحافظة أن نصيبهم من ثروتها الطبيعية ليس فقط ضئيلاً، بل أن مشاريع التنمية الجديدة أفادت فاسدين، بحسب "فاينانشيال تايمز".

وقالت حسنى التي انتقلت من عبادان إلى طهران: "التمييز وفساد المسؤولين يزعج الناس في خوزستان أكثر من غيرهم. نحن نسير على النفط، لكن منازلنا لا تزال مبنية من الطين والطوب. مثل هذه الحوادث هي ذريعة للناس للنزول إلى الشوارع والتعبير عن غضبهم المكبوت".

"وضع كارثي"

أقرّ القادة الإيرانيون بأن الفساد يشكّل مشكلة كبرى، وتعهدوا بمواجهته، لكنهم يلومون أفراداً، معتبرين أن المشكلة لا تمسّ مؤسسات الدولة، فيما يشير محللون إلى ظهور جيل من رجال أعمال شبان، موالين للنظام، وتثير سياراتهم الباهظة الثمن ومنازلهم الضخمة غضب الإيرانيين العاديين، وفق الصحيفة البريطانية.

وكتب القيادي الإصلاحي مصطفى تاج زاده، على "إنستجرام": "هناك حسين عبد الباقي في كل مدينة. لديهم أشياء معيّنة مشتركة: ثروة فلكية، وإدارة جمعيات خيرية، وتنظيم احتفالات دينية... إنهم مقرّبون من نواب وأعضاء في مجالس مدن... ولديهم مشاريع بناء كثيرة ضخمة... بهذه البساطة".

وأشارت "فاينانشيال تايمز" إلى أن خامنئي كان هدفاً أساسياً لشعارات المحتجين في عبادان، مضيفة أنهم استخدموا أيضاً أسلوباً ثورياً جديداً، هو "مرحباً يا قائد"، الذي رُوّج له بشكل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي، في إشارة إلى عدم موافقتهم على أداء السلطات.

وينشر كثيرون تسجيلات مصوّرة للكارثة على مواقع التواصل الاجتماعي، قائلين: "مرحباً أيها القائد، انظر إلى هذا".

ونقلت الصحيفة عن أحمد (32 عاماً)، الذي انتقل إلى طهران من خوزستان بحثاً عن عمل في قطاع الفنادق، قوله إن الغضب "متجذر في الفقر المدقع في هذه المحافظة الغنية جداً"، مضيفاً: "حتى بالنسبة إلى شركات النفط، يتم توظيف أفراد من غير السكان المحليين. في كل مكان تذهب إليه، ترى كثيرين من الشبان يقفون في الشوارع بلا عمل ويتحدثون ويدخنون".

وأشار أحد سكان عبادان إلى "وضع كارثي"، وتابع: "تُنظم مظاهرات كل ليلة. كل الشوارع الأساسية مُطوّقة" من قوات الأمن.

لكن رضا يشكّك بإمكان أن تحدث الاحتجاجات تغييراً في البلاد، قائلاً: "سيحتج الناس أكثر قليلاً، وسرعان ما عليهم العودة إلى منازلهم ومواصلة حياتهم البائسة، بينما يستمتع عبد الباقي بحياته الفاخرة" في دولة أخرى.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات