توقيف المئات في احتجاجات إيران وسط إدانات وعقوبات غربية

time reading iconدقائق القراءة - 7
لقطة من مقطع فيديو تظهر سيدة تحرق غطاء رأسها خلال مظاهرة في بوشهر جنوب إيران - 25 سبتمبر 2022 - AFP
لقطة من مقطع فيديو تظهر سيدة تحرق غطاء رأسها خلال مظاهرة في بوشهر جنوب إيران - 25 سبتمبر 2022 - AFP
طهران-أ ف ب

أوقفت السلطات الإيرانية أكثر من 1200 متظاهر، وفق ما أعلن مسؤولون، الاثنين، خلال الاحتجاجات الشعبية التي دخلت يومها العاشر، على وفاة الشابة مهسا أميني بعدما أوقفتها "شرطة الأخلاق"، فيما دانت دول عدة "قمع التظاهرات"، كما فرضت أخرى عقوبات على طهران.

ونشرت السلطات الإيرانية عدداً كبيراً من عناصر الأمن في مواجهة تظاهرات في أنحاء البلاد، اندلعت إثر وفاة مهسا أميني (22 عاماً)، بعدما أوقفتها "شرطة الأخلاق" بسبب "لباسها".

وارتفع مستوى التوتر بين طهران والدول الغربية إثر استدعاء ألمانيا السفير الإيراني، غداة تنديد الاتحاد الأوروبي بالاستخدام "غير المتكافئ والمعمم" للقوة، واستدعاء طهران في المقابل للسفيرين البريطاني والنرويجي.

وأعلنت كندا، الاثنين، فرض عقوبات على مسؤولين إيرانيين رداً على "الحملة الأمنية الدامية التي تشنّها السلطات الإيرانية" ضد المتظاهرين المحتجّين على وفاة الشابة مهسا أميني، وذلك بعد عقوبات أقرتها الولايات المتحدة أيضاً.

وقال رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو في مؤتمر صحافي: "سنفرض عقوبات على عشرات الأفراد والكيانات، بما في ذلك ما تعرف بشرطة الأخلاق الإيرانية".

وأضاف: "نضم أصواتنا، أصوات جميع الكنديين، إلى أصوات ملايين الأشخاص حول العالم الذين يطالبون الحكومة الإيرانية بالإنصات إلى شعبها، ووضع حد لقمعها للحريات والحقوق وترك النساء وجميع الإيرانيين يعيشون حياتهم ويعبروا عن أنفسهم بشكل سلمي".

"خيارات متاحة للأوروبيين"

وزارة الخارجية الفرنسية أدانت بشدة ما وصفته بـ"القمع العنيف للاحتجاجات من قبل جهاز الأمن الإيراني"، مشيرة إلى أن باريس "تدرس مع شركائها الأوروبيين الرد على هذا الانتهاك الجديد والواسع النطاق لحقوق المرأة وحقوق الإنسان في إيران".

وطالبت الحكومة الفرنسية إيران بـ"إنهاء القمع الوحشي، والاحترام الكامل لالتزاماتها الدولية في مجال حقوق الإنسان، وخصوصاً الميثاق الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، واحترام حرية التجمع السلمي".

وانتقد الاتحاد الأوروبي، إيران، قائلاً إن "الاستخدام غير المتكافئ للقوة في حق المتظاهرين مرفوض وغير مبرر"، على ما جاء في بيان لمسؤول السياسة الخارجية للاتحاد جوزيب بوريل.

وقال بوريل إن "الاتحاد سيواصل درس الخيارات المتاحة قبل الاجتماع المقبل لوزراء الخارجية إزاء وفاة أميني والطريقة التي ترد فيها القوى الأمنية الإيرانية على التظاهرات التي تلت"، في البلد الذي فرضت عليه عقوبات على خلفية برنامجه النووي.

واستدعت الحكومة الألمانية، سفير إيران في برلين، بعد ظهر الاثنين "لمباحثات" بشأن قمع الاحتجاجات.  وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية كريستيان فاجنر في مؤتمر صحافي دوري: "استدعينا السفير الإيراني، وستجرى المباحثات بعد ظهر اليوم" الاثنين.

واستمرت الاحتجاجات في إيران لليوم العاشر، وأطلق محتجون في طهران شعارات مناهضة للمرشد علي خامنئي (83 عاماً) وهتفوا "الموت للديكتاتور"، وفق ما أظهره تسجيل نشرته منظمة "إيران هيومن رايتس" ومقرها في أوسلو.

وردد المتظاهرون شعارات مثل "امرأة، حياة، حرية"، وأحرقت نساء إيرانيات أغطية الرأس وقامت بعضهن بقص شعرهن دلالة على احتجاجهن على قواعد اللباس الصارمة.

"26 ضحية في التظاهرات"

وقامت عناصر شرطة مكافحة الشغب، الذين كانوا يحملون دروعاً، بضرب المتظاهرين بالهراوات، ومزّق طلاب صوراً كبيرة للمرشد وسلفه الخميني، وفق ما أظهرت مشاهد بثّتها وكالة "فرانس برس".

وأفادت منظمة "إيران هيومن رايتس" الأحد، بسقوط 76 متظاهراً على الأقل، لكنها أشارت إلى أن تغطيتها محدودة بسبب حجب الإنترنت وحظر خدمات "واتساب" و"إنستجرام"، وقبلهما "فيسبوك" و"تويتر" و"تيك توك".

وقال مدير منظمة "حقوق الإنسان في إيران" محمود أميري مقدّم: "ندعو المجتمع الدولي إلى اتّخاذ خطوات عملية بشكل حاسم وموحد لوقف قتل وتعذيب المتظاهرين"، مضيفاً أن "التسجيلات المصورة وشهادات الوفاة التي حصلت عليها المجموعة، تظهر بأن الذخيرة الحية تطلق مباشرة على المتظاهرين".

وارتفع العدد الإجمالي الرسمي للموقوفين إلى أكثر من 1200، وفق ما أفادت وسائل إعلام رسمية نقلاً عن مصادر عدة، بما في ذلك 450 في محافظة مازندران الشمالية و700 شخص في محافظة غيلان المجاورة والعشرات في مناطق أخرى.

انتشار الشرطة الإيرانية

ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية "إرنا" عن المدعي العام في محافظة مازندان محمد كريمي، قوله: "في الأيام الماضية، هاجم مثيرو شغب مقار إدارات حكومية، وألحقوا أضراراً بممتلكات عامة في بعض مناطق مازندران بتوجيه من عملاء أجانب مناهضين للثورة".

وقال رئيس السلطة القضائية غلام حسين محسني، إن شرطة طهران تنتشر "24 ساعة في اليوم"، شاكراً "العناصر المنهكين وقائد شرطة العاصمة" أثناء زيارة إلى مقرها الأحد، وفق ما أظهر فيديو نشرته وكالة أنباء السلطة القضائية "ميزان أون لاين".

وكان شدّد في وقت سابق على "ضرورة التعامل بدون أي تساهل" مع المحرضين على "أعمال الشغب". وأفادت وسائل إعلام إيرانية رسمية عن سقوط عدد من عناصر الأمن.

ورغم القيود الصارمة على الإنترنت، بما في ذلك حجب "انستجرام" و"واتساب"، أظهرت مقاطع فيديو جديدة تم تداولها على نطاق واسع على وسائل التواصل الاجتماعي احتجاجات ليل الأحد في طهران، ومدن بما فيها يزد وأصفهان وبوشهر المطلة على الخليج العربي.

وقالت منظمة "هنكاو" الكردية الحقوقية ومقرها النرويج، إن تظاهرة نُظمت في بلدة سقز مسقط رأس أميني "رغم الوجود العسكري الكثيف". 

وأفادت تقارير عن نقل فتاة تبلغ 10 أعوام إلى المستشفى، بعد إصابتها بإطلاق نار في بلدة بوكان الشمالية.

ونشرت وكالة "تسنيم" للأنباء الاثنين، حوالي 20 صورة لمتظاهرين بينهم نساء في شوارع عدة في مدينة قم، الواقعة على بعد حوالى 150 كيلومتراً جنوب العاصمة.

وذكرت تقارير أخرى أن طلاباً في جامعات طهران والزهراء والشريف، نفّذوا إضراباً ورفضوا حضور الصفوف، ودعوا أساتذتهم للانضمام إليهم.

"الإصغاء للشعب"

إلى ذلك، حضّ رجل الدين الإيراني حسين نوري الهمداني السلطات الإيرانية على "الإصغاء للشعب"، وجاء في بيان نشره موقعه الإلكتروني أن "القادة عليهم أن يصغوا لمطالب الشعب وأن يحلوا مشاكله وأن يبدوا اكتراثاً بحقوقه".

ولطالما كان الهمداني حليفاً للمعسكر المحافظ المتشدد، ومؤيداً بقوة للمرشد علي خامنئي في مناسبات عدة، خصوصاً إبان الاحتجاجات التي شهدتها إيران في عام 2009، اعتراضاً على فوز محمود أحمدي نجاد بولاية رئاسية ثانية.

وأكد الهمداني: "إدانة أي إهانة للمقدسات، وأي اعتداء على حقوق الناس والأملاك العامة".

في 18 سبتمبر الجاري، ندّد رجل الدين أسد الله بيات زنجاني المقرّب من الإصلاحيين، بما وصفها ممارسات "غير مشروعة" و"غير قانونية" تسببت بموت أميني، واصفاً الواقعة بأنها "حادثة مؤسفة".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات