الممثلة التجارية الأميركية: لن نرفع الرسوم الجمركية عن الصين

time reading iconدقائق القراءة - 8
الممثلة التجارية الأميركية كاثرين تاي خلال جلسة استماع للجنة المالية في مجلس الشيوخ- 25 فبراير 2021 - REUTERS
الممثلة التجارية الأميركية كاثرين تاي خلال جلسة استماع للجنة المالية في مجلس الشيوخ- 25 فبراير 2021 - REUTERS
دبي-الشرق

في أول مقابلة لها منذ توليها منصبها، قالت الممثلة التجارية للولايات المتحدة، كاثرين تاي، إن بلادها ليست مستعدة لرفع الرسوم الجمركية عن الصين في الوقت القريب، مضيفة في تصريحات لصحيفة "وول ستريت جورنال"، أن واشنطن قد تكون منفتحة على المفاوضات التجارية مع بكين.

وفي 17 مارس الجاري، وافق مجلس الشيوخ الأميركي بالإجماع على تعيين كاثرين تاي في منصب الممثل التجاري للولايات المتحدة، ما يجعلها أول أميركية من أصول آسيوية، وأول امرأة غير بيضاء البشرة، تتولى هذا المنصب.

وكانت تاي تعهدت في فبراير الماضي، بعد ترشيحها للمنصب من قبل الرئيس جو بايدن، بالعمل مع حلفائها لـ"مواجهة" الصين، واعتماد نهج "براغماتي" تجاهها، معتبرة أنها "منافس وشريك في آنٍ واحد، تحتاج واشنطن إلى تعاونه لمواجهة التحديات العالمية."

وتتمتع الممثلة التجارية الجديدة بسمعة طيبة، باعتبارها من "تقدميّي" الحزب الديمقراطي، غير أن اللافت أنها تحظى بالاحترام من أعضاء الحزبين، الجمهوري والديمقراطي، ما يفسر حصولها على 98 صوتاً مقابل صفر، خلال تصويت مجلس الشيوخ.

التعريفات الجمركية

واعبترت كاثرين تاي، خلال مقابلتها مع "وول ستريت جورنال"، أنها  تُدرك الآثار السلبية التي يمكن أن تسببها التعريفات الجمركية المفروضة على الصين، ولا سيما تداعياتها على الشركات والمستهلكين الأميركيين، وقالت "لقد سمعت الناس يرددون: من فضلك فقط ارفعي هذه التعريفات".

لكنها أشارت من جانب آخر إلى الرأي المؤيد للتعريفات، والذي يرى أنها تساعد في حماية الشركات الأميركية من المنافسة الأجنبية المدعومة، ولذلك حذرت في حديثها من أن إلغاء الرسوم الجمركية قد يضر بالاقتصاد، ما لم يتم "الإبلاغ عن التغيير بطريقة تمكن الفاعلين في الاقتصاد من إجراء تعديلات".

وأضافت: "سواء كانوا شركات أو تجاراً أو مصنّعين، فإن القدرة على التخطيط للتغييرات التي تؤثر على أعمالهم أمر أساسي". كما أشارت تاي إلى أسباب تكتيكية لترددها قائلة: "لا يوجد مفاوض يبتعد عن النفوذ، أليس كذلك؟".

وتتبنى الممثلة الجديدة للتجارة الأميركية نهجاً يمنح الأولوية للاستثمارات داخل الولايات المتحدة، بالنسبة للأفراد والبنية التحتية، من أجل تعزيز القدرة التنافسية. وفي مقابلتها مع "وول ستريت جورنال"، جددت التأكيد على الالتزام بسياسة تجارية تهتم بالعمال كأفراد، وليس كمستهلكين فقط. 

وأضافت "يجب أن يكون التركيز على الوظائف والأجور، وليس فقط خفض الأسعار".

مواجهة ملفات صعبة

وتواجه كاثرين تاين، بصفتها الممثلة التجارية للولايات المتحدة، ضغوطاً كبيرة من الشركات الأميركية التي تتطلع إلى تسوية قريبة للنزاع التجاري مع بكين، وفي ضوء ذلك، سيكون على تاي التعامل مع ملفات في غاية الصعوبة، داخلياً وخارجياً.

ويحاول المجلس الوطني للتجارة الخارجية الأميركية، وهو اتحاد لكبار المصدرين، يمثلون صناعات متنوعة مثل السيارات والتجزئة وغيرها، الضغط من أجل إلغاء التعريفات.

وقالت المجموعة المسماة "تحالف (إصلاح الرسوم الجمركية)، إن "التعريفات المرتفعة التي فُرضت على عجل من دون تحليل دقيق، لم تكن فعالة في حث الصين على إصلاح ممارساتها، في حين تسببت بأضرار اقتصادية خطيرة للشركات الأميركية".

وفرضت إدارة الرئيس السابق دونالد ترمب، تعريفات جمركية على ما قيمته 370 مليار دولار من البضائع الصينية سنوياً، أي ما يقارب ثلاثة أرباع صادرات الصين إلى الولايات المتحدة، وذلك كجزء من حرب تجارية أعلنها ترمب بهدف حمل الصين على إلغاء الحواجز التجارية. وبدورها، ردت الصين بفرض رسوم جمركية على ما قيمته 110 مليارات دولار من السلع الأميركية.

وبحسب "وول ستريت جورنال"، على الرغم من توقيع الولايات المتحدة والصين على اتفاقية عام 2020 لإنهاء الحرب التجارية بينهما، لكن التعريفات الجمركية ظلت قائمة، إذ اعتبرتها إدارة ترمب وسيلة ضغط لضمان امتثال بكين لشروط الصفقة، بما في ذلك زيادة مشتريات البضائع الأميركية وحماية حقوق الملكية.

 لكن الصحيفة، ترى أنه من غير الواضح على الإطلاق مدى تأثير تاي على سياسة الصين، لا سيما أن الكلمة الأولى في السياسة الأميركية، لا تزال تخضع لهيمنة مجلس الأمن القومي ووزارة الخارجية.

وتأمل بكين أن تتمكن من إقناع إدارة بايدن برفع تلك التعريفات، لأنها تجعل سلعها أغلى ثمناً وتدفع الشركات الأميركية إلى تحويل بعض مشترياتها لدول أخرى مثل فيتنام والمكسيك وغيرهما. وفي الوقت نفسه، لا تزال الصين بعيدة عن الحد المطلوب في شراء البضائع الأميركية والزراعية منها بشكل خاص، والذي حدده الاتفاق التجاري بقيمة 200 مليار دولار، على مدى عامين.

وكانت تاي قد قالت إنها ستنفذ الصفقة التجارية، لكن من دون أن توضح الطريقة التي ستتّبعها. ومن المفترض وفقاً للاتفاق التجاري، أن تجتمع الممثلة التجارية الأميركية كل 6 أشهر مع نائب رئيس مجلس الدولة الصيني، لكن الاجتماع المنتظر تأخر شهرين ولم يتم تحديد أي جلسة بعد.

وفي تعليقها حول ذلك، قالت تاي "سيحدث الاجتماع عندما يحين الوقت المناسب".

تاي والخلفية الصينية

خلال السنوات الثلاثة الأولى من الإدارة الأميركية السابقة، كان الممثل التجاري روبرت لايتهايزر، ووزير الخزانة ستيفن منوتشين، اللاعبين الرئيسيين في الملف الصيني. واليوم هناك شخصية جديدة تتقدم لتولي هذه المهمة، ولعل أبرز ما يميزها عن سابقيها، خلفيتها الصينية وإتقانها لغة الماندرين، إذ ترى "وول ستريت جورنال" أن ذلك سيضفي بعداً إضافياً على العلاقات بين واشنطن وبكين.

وأشارت الصحيفة إلى أن تاي المولودة في واشنطن عام 1974، كانت تترأس قسم إنفاذ القانون الصيني في مكتب الممثل التجاري للولايات المتحدة خلال سنوات حكم الرئيس باراك أوباما، ولديها فهم عميق لقضايا التجارة الصينية. فضلاً عن أنها أمضت عامين في الصين بعد نهاية دراستها الجامعية.

وكان تعيين تاي الممثلة التجارية الأميركية، قد أثار ردود فعل متباينة على مواقع التواصل الاجتماعي الصينية، إذ اعتبر البعض أن معرفتها بالثقافة الصينية وكفاءتها في اللغة، يجب أن يسهل على الجانبين التواصل وفهم بعضهما البعض. لكن من جانب آخر، هناك من رجح أن تكون أكثر قسوة على الصين.

وتعود أصول والد ووالدة كاثرين تاي إلى الصين، حيث وُلدا هناك، ثم عاشا فترة من الزمن في تايوان، قبل أن ينتقلا إلى الولايات المتحدة لغرض إكمال دراستهما العليا. وتعمل الأم باحثة في مجال إدمان المواد الأفيونية في المعاهد الوطنية للصحة، أما والدها الراحل فقد كان باحثاً في مركز "والتر ريد" الطبي العسكري.

وخلال مقابلتها الصحافية الأولى، لم تبدِ تاي استعدادها لمناقشة كيف يمكن أن تساعد خلفيتها الصينية أو تعيقها في مهمتها الجديدة، لكنها قالت: "هذه أوقات عصيبة، لكن، يا له من شرف أن يكون لدي هذا المنصب".

وتولت كاثرين تاي منصبها، في وقت تصاعدت فيه أعمال العنف التي تستهدف الأميركيين من أصل آسيوي، وأودى آخر هجوم دموي في أتلانتا مؤخراً بحياة 8 أشخاص، بينهم 6 نساء من أصل آسيوي.

وقالت تاي إنها، كعضو في الحكومة الأميركية، تشعر بثقل المسؤولية لقيادة وتمثيل المجتمع الآسيوي الأميركي، لا سيما "في خضم ما يبدو وكأنه تمزق في نسيجنا الاجتماعي"، بحسب تعبيرها. وأضافت: "الشيء الاستثنائي في بلدنا هو أن شخصاً مثلي، وُلد هنا، لمهاجرين من آسيا، يتم اختياره على أساس خبرته ومؤهلاته لتمثيل الولايات المتحدة في جميع أنحاء العالم".