ابتسامات ماكرون وشولتز "لا تبدّد" خلافات فرنسا وألمانيا

time reading iconدقائق القراءة - 5
المستشار الألماني أولاف شولتز والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال لقائهما في برلين - 3 أكتوبر 2022 - REUTERS
المستشار الألماني أولاف شولتز والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال لقائهما في برلين - 3 أكتوبر 2022 - REUTERS
دبي- الشرق

كان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني أولاف شولتز يبتسمان أثناء التقاطهما صوراً، قبل عشاء طويل في برلين، هذا الأسبوع، لكن عباراتهما الودية وكلماتهما المفعمة بالأمل بشأن التعاون في قطاعَي الدفاع والطاقة مستقبلاً، تتناقض مع توتر ظهر خلال العشاء، كما أفادت "بلومبرغ".

ثمة خلاف بين فرنسا وألمانيا بشأن مجالات سياسية أساسية، مع احتدام الحرب في أوكرانيا، وتباين بشأن كيفية حماية اقتصادات دول الاتحاد الأوروبي، في خضمّ أزمة طاقة ومشروع دفاعي بقيمة 100 مليار يورو معرّض للخطر، كما أن الطاقة النووية نقطة شائكة أخرى.

تشير الإحباطات الملموسة خلال العشاء الذي نُظم الاثنين، احتفالاً بإعادة توحيد ألمانيا، إلى مشكلات جديدة في علاقات أبرز دولتين في أوروبا.

منذ تأسيس الاتحاد الأوروبي، حُدّد مساره وزخمه من خلال وحدة الهدف، حين تعمل فرنسا وألمانيا معاً. وعندما يتقلّص ذلك، يتعثر التكتل، بحسب "بلومبرغ".

ألمانيا و"أولوية" فرنسا

إلى جانب الاختلافات في السياسة، ثمة شعور متزايد لدى ماكرون بأن شولتز وفريقه لا يعاملان فرنسا بوصفها أولوية، واستشهد مسؤولون بإلغاء المستشار الألماني اتصالاً هاتفياً رُتّب منذ فترة طويلة مع رئيسة الوزراء الفرنسية إليزابيث بورن، في 29 سبتمبر، بعد إصابته بفيروس كورونا، لكن شولتز شارك لاحقاً في اليوم ذاته، في مؤتمر صحافي افتراضي لتقديم خطة اقتراض بقيمة 200 مليار يورو تستهدف تخفيف وطأة أزمة الطاقة على الشركات والأسر الألمانية.

وبرّر ناطق باسم الحكومة الألمانية تأجيل اتصال شولتز وبورن، بإصابة المستشار بكورونا وإخضاعه لحجر صحي.

لكن مسؤولاً ذكر أن الفرنسيين انزعجوا من عدم إبلاغهم بإعلان خطة الاقتراض. وأعرب مسؤولون فرنسيون سراً، عن قلق من أن الحزمة الألمانية ستثير مزيداً من الانقسام الاقتصادي، إذ يُحتمل أن تشوّه الحكومة الألمانية التنافس داخل الاتحاد الأوروبي، من خلال دعم شركاتها لمواجهة أزمة الطاقة.

"انقسام أوروبي"

بعد الخروج من سيارته للمشاركة في اجتماع لوزراء المال الأوروبيين في لوكسمبورج، الاثنين، تمحورت الكلمات الأولى التي قالها الوزير الفرنسي برونو لومير لصحافيين، حول أخطار ما سماه "انقساماً" داخل الاتحاد. وبرّر نظيره الألماني كريستيان ليندنر الأساس المنطقي للخطة، بقوله إن الإجراءات تتماشى مع ما تفعله دول أخرى.

في المرة الأخيرة التي أزعجت فيها حزمة مساعدات ألمانية ضخمة الأوروبيين، أثناء أزمة كورونا، أبرم ماكرون اتفاقاً مع المستشارة السابقة أنجيلا ميركل أدت إلى تأسيس صندوق التعافي من الجائحة، وهذه المرة يمكن أن ينتهي الأمر بالبلدين في نهاية المطاف إلى أمر مشابه، وفقاً لـ"بلومبرغ".

يستند عدم الارتياح هذا إلى نظامين سياسيين مختلفين جداً، إذ يتمحور أحدهما حول رئيس فرنسي قوي جداً، فيما يشجّع الآخر إبرام تحالفات والتوصّل إلى تسويات في البرلمان الفيدرالي الألماني.

بين شولتز وميركل

فيما يستمتع ماكرون بإلقاء خطابات طويلة ومعقدة، يفضّل شولتز، مثل ميركل قبله، المحادثات المركّزة الخالية من الزخرفة. ولكن مع ميركل، كان الرئيس الفرنسي دوماً قادراً على إيجاد حلّ وسط. مع شولتز، يبدو أن ذلك بات أكثر صعوبة.

في السنوات الماضية، اختلفت فرنسا وألمانيا بشأن مناصب في الاتحاد الأوروبي، وموازنة منطقة اليورو، واتفاق التجارة الحرة مع الولايات المتحدة.

وباتت خلافات مديدة حول الطاقة النووية وسبل تحسين البنية التحتية للطاقة في الاتحاد، محور نزاع آخر، بعد الغزو الروسي لأوكرانيا. وفيما تُصدّر ألمانيا الكهرباء الآن عبر نهر الراين، خلص وزير الطاقة روبرت هابيك، خلال اجتماع مغلق عُقد في أغسطس، إلى أن فرنسا هي المشكلة، بحسب "بلومبرغ".

لكن ماكرون وشولتز ناقشا ملف الدفاع، خلال عشاء العمل في برلين. لطالما كان الرئيس الفرنسي مؤيّداً لمشروع دفاعي أوروبي مشترك، من أجل تحقيق استقلال أكبر عن الولايات المتحدة. لكن ألمانيا ودولاً أخرى في الاتحاد ترى في ذلك محاولة لدعم شركات فرنسا ونفوذها، علماً أن ثمة شكوكاً عميقة إزاء الجيش في ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية.

مشروع مقاتلة أوروبية

تجدر الإشارة إلى أن التقدّم بطيء أيضاً، بشأن "نظام القتال الجوّي المستقبلي"، وهو مشروع فرنسي ألماني إسباني يشمل صنع مقاتلة يُفترض أن تحلّ مكان طائرتَي "رافال" الفرنسية و"تايفون" الألمانية بحلول عام 2040.

ورغم تعليقات عامة مطمئنة من وزيرَي الدفاع الفرنسي والألماني، اللذين يتفقان على أن الأمر متروك الآن لقطاع الطيران لدفع هذا المشروع إلى الأمام، تفكّر برلين وباريس في المضيّ بمشروع خاص لكلاهما، بحسب "بلومبرغ".

وإذا انهار المشروع المشترك، فستطوّر شركة "داسو" الفرنسية مقاتلة خاصة، فيما يُرجّح أن تعتمد ألمانيا على طائرات حربية أميركية.

وسيحظى الوزراء الفرنسيون والألمان، بينهم مسؤولو الدفاع، بفرصة لمحاولة تسوية الخلاف، خلال اجتماع مرتقب في فرنسا في 26 أكتوبر.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات