ملامح أزمة جديدة في دولاب المصالحة الفلسطينية

time reading iconدقائق القراءة - 7
قيادات حركتي فتح وحماس يرفعون أيديهم بعد إعلان اتفاق المصالحة الفلسطينية في مدينة غزة - 23 إبريل 2014  - REUTERS
قيادات حركتي فتح وحماس يرفعون أيديهم بعد إعلان اتفاق المصالحة الفلسطينية في مدينة غزة - 23 إبريل 2014 - REUTERS
رام الله-محمد دراغمة

أثارت تصريحات رئيس حركة "حماس" في قطاع غزة، يحيى السنوار، حول تغير معايير المصالحة، بعد الحرب الأخيرة، تساؤلات داخل حركة "فتح"، بينما أعاد متابعون تصريحات السنوار إلى رغبة الحركة في الحصول على "شرعية سياسية" في العلاقات الدولية.

وكان يحيى السنوار قال خلال لقائه عدداً من الأكاديميين والمثقفين في غزة، السبت، إن "ما كان مطروحاً بشأن المصالحة، وسبق التوصل إليه في القاهرة، لم يعد صالحاً بعد المواجهة الأخيرة مع إسرائيل"، واصفاً منظمة التحرير من دون حركة "حماس" بأنها "مجرد صالون سياسي".

وأضاف السنوار: "أمامنا استحقاق فوري لترتيب منظمة التحرير لتمثل الجميع"، لكنه قال إن "الحديث عن حكومات واجتماعات هدفها استهلاك المرحلة وحرق الوقت، ليس مُجدياً ولن يكون مقبولاً".

مطالب "حماس"

وكانت مصر وجهت دعوة للفصائل الفلسطينية، إلى القاهرة منتصف الأسبوع الجاري، لإجراء حوار "يهدف إلى إنهاء الانقسام وتشكيل حكومة وفاق وطني تُشرف على إعادة إعمار ما دمره القصف الإسرائيلي في قطاع غزة".

ووفقاً لمسؤولين في "حماس"، فإن الحركة ستطالب خلال الحوار المرتقب، بالدخول في منظمة التحرير الفلسطينية بوزن تمثيلي لا يقل عن حركة "فتح"، وبرنامج سياسي مشترك مختلف عن البرنامج الحالي للمنظمة، والمشاركة في حكومة وفاق وطني لا تقبل الاشتراطات الغربية والإسرائيلية مثل الاعتراف بإسرائيل ونبذ العنف.

وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس، كرر في خطاباته الأخيرة على أن الحكومة المشتركة المزمع البحث في تشكيلها "يجب أن تكون مقبولة دولياً"، مشيراً إلى شروط اللجنة الرباعية الدولية، وفي مقدمتها "نبذ العنف والاعتراف بالاتفاقات الموقعة مع إسرائيل".

من ناحيته، اقترح رئيس الوزراء الفلسطيني الأسبق، سلام فياض، في مقال نشره أخيراً، تشكيل إطار قيادي مؤقت يشكل المرجع لمنظمة التحرير الفلسطينية، بمشاركة مختلف القوى، بما فيها حركتا "حماس" و"الجهاد الإسلامي" ليكون الجسم الذي يقرر لمنظمة التحرير مواقفها وسياساتها، وذلك تفادياً لتعرض المنظمة لمقاطعة دولية، في حال دخول الحركتين إليها من دون قبول لشروط اللجنة الرباعية الدولية.

إلّا أن عدداً من المسؤولين في "حماس"، قالوا لـ"الشرق"، إن "المواجهة الأخيرة أظهرت أن الشعب الفلسطيني قوي، وأن العالم لا يحترم سوى الأقوياء"، مطالبين بتغيير جوهري في تركيبة ومواقف وبرنامج منظمة التحرير. 

وترى "حماس" أن المواجهة الأخيرة مع إسرائيل "عززت" مكانتها وشعبيتها في الشارع الفلسطيني على نحو يؤهلها لتولي مركز مهم لا يقل عن مركز حركة "فتح" في المؤسسات السياسية للشعب الفلسطيني، خاصة المجلس الوطني الفلسطيني ومنظمة التحرير.

لا للشروط

مسؤولون في حركة فتح، قالوا إن مطالب "حماس" "تُضعف فرص التوصل إلى اتفاق وطني في جولة الحوار المقبلة المتوقعة بعد أيام".

القيادي في حركة "فتح"، عزام الأحمد، رحّب في حديث لـ"الشرق"، بانضمام حركتي حماس والجهاد الإسلامي، لمنظمة التحرير الفلسطينية ولكن "من دون وضع شروط أو عراقيل"، قائلاً: "أدعوهم (الحركتين) للجلوس معنا، لنعزز وحدتنا الوطنية من أجل مواجهة الاحتلال بكل أساليب النضال المتاحة"، مؤكداً أن "من لم يقبل برنامج المنظمة لا مكان له فيها".

وأضاف: "نأمل أن نلقى تجاوباً من حماس والجهاد، وخاصة بعد الإنجاز التاريخي الذي حققناه ضد مشروع (صفقة القرن) الذي تبناه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب".

ووجه الأحمد رسالة لرئيس حركة حماس في غزة، قائلاً: "أنصح أخي السنوار، أن يفهم التاريخ، حول تطور منظمة التحرير وكيف أصبحت ممثلاً للشعب الفلسطيني من دون منازع بتأييد من الأمم المتحدة"، موضحاً أن المنظمة "ليست حكراً على حركة فتح، ولا تنقسم إلى نظام محاصصة".

وتابع: "اتفاق 2005 سعينا له من أجل جلب حماس والجهاد لمنظمة التحرير، وسنرحب بهم ونحتضنهم مثلنا مثلهم". وزاد: "نحن نسعى إلى تعزيز وضع منظمة التحرير لتمثيلها في إطار برنامجها الوطني"، موضحاً أن "الانقسام لم يكن صناعة فلسطينية، بل بدورٍ إسرائيلي وإيراني وأدوار أخرى لا تزال تدعم بالمال والسلاح، ويجب أن يزول بلا قيد أو شرط".

وحول الحوار المقبل في القاهرة، قال عزام الأحمد، إن مصر وجهت الدعوة إلى حركة "حماس" وحركة "فتح"، بشكل منفرد لكل منهما، وذلك قبل بدء الحوار مع الفصائل الفلسطينية كافة، مؤكداً أنه يرحب بـ"إعادة تشكيل المجلس الوطني الفلسطيني، بالانتخاب أو بالتفاهم".

بدوره، قال عضو اللجنة المركزية للحركة، صبري صيدم، لـ"الشرق"، إن الواقع الفلسطيني يحتاج إلى موقف فصائلي متكامل من دون أي خطوات استباقية، أو مواقف قد تجهض الحوار في القاهرة قبل أن ينطلق.

وأضاف أن "نجاح الحوار الوطني هو مصلحة فلسطينية، ولم يكن هناك أي شروط، وإنما توافق على ضرورة المشاركة، وعليه نرى أن من الأهمية أن يذهب الجميع بقلوب وعقول مفتوحة حتى يتم صياغة رؤية مستقبلية لشعبنا".

البحث عن شرعية 

ويقدر متابعون متخصصون في الشأن السياسي الفلسطيني أن حركة "حماس" تسعى للدخول إلى منظمة التحرير بهدف الحصول على شرعية سياسية في علاقاتها الدولية لجني ثمار شعبيتها المتسعة بعد الحرب الأخيرة. 

وفي السياق، قال أستاذ العلوم السياسية في "جامعة بيرزيت" علي الجرباوي، لـ"لشرق" إن "حماس تسعى للدخول إلى المعترك السياسي، وهذا يتطلب منها الدخول إلى منظمة التحرير".

ولم يبد الجرباوي، تفاؤلاً بشان نجاح جولة الحوار المقبلة في القاهرة، مشيراً إلى أن "القوى المهيمنة على المنظمة ستقاوم أي شراكة جدية مع حماس"، التي تُعد منافسة لها. 

وقال إن "حماس محقة في مطلبها"، مشيراً إلى أنه "من غير المقبول أن يكون أحد أكبر الفصائل الفلسطينية خارج المنظمة".