Open toolbar

دراجة نارية مشتعلة في العاصمة طهران خلال موجة الاحتجاجات التي تشهدها إيران. 8 أكتوبر 2022 - AFP

شارك القصة
Resize text
نيقوسيا (قبرص) -

ينقسم النظام في إيران حول طريقة الرد على احتجاجات غير مسبوقة متواصلة منذ أشهر ويتأرجح ذلك بين القمع ومبادرات التهدئة، حسبما يرى محلّلون.

أوضح نادر هاشمي، مدير مركز دراسات الشرق الأوسط في جامعة دنفر الأميركية أن "الرسائل المتضاربة التي نتلقّاها من النظام الإيراني تشير إلى جدل داخلي بشأن طريقة التعامل مع الاحتجاجات المستمرة منذ سبتمبر الماضي 2022".

وأضاف "في معظم الأنظمة الاستبدادية، هناك صقور وحمائم" تختلف حول مدى القمع أثناء الأزمات.

فالموافقة على إعادة محاكمة عدد من المحتجّين حُكِم عليهم بالإعدام، والإفراج عن معارضين بارزين، مؤشّرات على أن البعض يسعى إلى نهج "أكثر ليونة".

"مسار متشدد"

إلا أنّ تنفيذ إيران حكم الإعدام في حقّ رجُلين متهمين بـ"قتل عنصر من قوات الباسيج" المرتبطة بالحرس الثوري الإيراني خلال اضطرابات مرتبطة بالاحتجاجات، أتى ليُذكّر بالمسار المتشدّد.

وتشهد إيران منذ 16 سبتمبر احتجاجات إثر وفاة الشابة الكردية مهسا أميني (22 عاماً)، بعد ثلاثة أيام على احتجازها لدى شرطة الأخلاق لعدم التزامها القواعد الصارمة للّباس في إيران.

وتحوّلت التظاهرات إلى حركة مناهضة لإلزامية الحجاب وللنظام الإيراني، في أكبر تحدٍ للسلطات منذ ثورة 1979 التي أطاحت حكم الشاه، وردّت السلطات بعنف، ما أسفر عن مصرع مئات الأشخاص.

وأوقِف الآلاف وحكِم على 14 منهم بالإعدام، بينهم عدد كبير بتهمة قتل عناصر أمن أو مهاجمتهم، بحسب القضاء.

"حسابات سياسية"

ثبّتت المحكمة العليا بعض أحكام الإعدام، ونفذّتها في حق أربعة رجال حتى الآن. كذلك، أعلن القضاء إعادة محاكمة 6 من 14 شخصاً حُكم عليهم بالإعدام.

الخبير الإيراني مهرزاد بروجردي، المشارك في وضع كتاب "إيران ما بعد الثورة: دليل سياسي"، قال إن ذلك يعكس "حسابات سياسية".

وأضاف "هم يعلمون أن عمليات الإعدام الجماعية ستؤدي إلى نزول مزيد من الأشخاص إلى الشوارع. من جانب آخر، يريدون إرسال إشارة تفيد بأنهم لا يترددون في إعدام متظاهرين من أجل إخافة الناس".

ويعتبر محلّلون أن إطلاق سراح مجيد توكلي وحسين رونقي، وهما معارضان بارزان أوقفا في بداية الاحتجاجات، بعد أسابيع من اعتقالهما، هو محاولة أخرى لتهدئة الوضع.

وأشار بروجردي إلى أن النظام يستخدم "كل شيء من تنفيس الاحتقان إلى فترات سجن طويلة وعمليات إعدام. إنهم يجرّبون هذه الأساليب فيما يعانون من أجل صياغة سياسة أكثر وضوحاً".

من جهته، يقول أنوش احتشامي، مدير معهد دراسات الشرق الأوسط والدراسات الإسلامية في جامعة دورهام في إنجلترا، إن إعادة المحاكمات تعكس جزئياً الضغوط الخارجية والداخلية المتزايدة.

وتابع "لكن حتى داخل النظام، هناك انقسام حول طريقة التعامل مع الوضع" حيث يقف المتشددون في جانب، وفي جانبٍ آخَر من يرون أن الإعدامات تحفّز مقاومة المحتجّين.

احتشامي أشار كذلك إلى أن إعادة المحاكمات وإطلاق سراح معارضين "إجراءات تهدئة... لمحاولة إرضاء" المتظاهرين.

وفي حين قد تبدو هذه الإجراءات غير مهمة للبعض، إلا أن "نظاماً أمنياً متعثراً.. يعتبرها بادرة سخية من جانبه واستجابة لضغط الناس".

 "جس النبض"

كذلك، تم توقيف مشاهير، لكن لفترات أقصر بكثير. فقد أفرج عن الممثلة الشهيرة ترانه عليدوستي الأربعاء بكفالة بعد احتجازها ثلاثة أسابيع تقريباً بسبب دعمها الاحتجاجات، وفق ما أعلن محاميها.

ويرى بعض المحللين أن استراتيجية التوقيف وإطلاق السراح هي بمثابة تخويف لكن أيضاً "جس نبض لمعرفة رد الفعل".

أفشين شاهي، الأستاذ المشارك في دراسات الشرق الأوسط في جامعة كيل في إنجلترا، قال إن "التساهل" الذي تظهره السلطات أحياناً "هو محاولة لمنع حصول مزيد من الانقسامات داخل المؤسسة الأمنية" إذ إن القمع أدى إلى نفور بعض أعضائها.

وأضاف أن النظام "لا يبدو أن لديه استراتيجية واضحة" رداً على الغضب الشعبي.

ورغم إطلاق سراح بعض الأشخاص، أمضت شخصيات بارزة أشهراً في السجن، بينهم الناشط آرش صادقي والصحافيتان الإيرانيتان اللتان ساهمتا في كشف قضية أميني.

"نظام مكيافيلي"

في مطلع ديسمبر، أعلن المدعي العام محمد جعفر منتظري "حلّ" شرطة الأخلاق، لكنّ أيّ جهة رسمية أخرى لم تؤكّد ذلك.

واعتبر هاشمي أن هذا الإعلان يعكس الجدل الداخلي ويظهر أنّ "جزءاً واحداً على الأقل من النظام" يؤيد انتهاج طريقة أقل صرامة لفرض قواعد اللباس.

وبحسب احتشامي، فإن بعض أهل السلطة "بدأوا الآن يتحدثون عن حل وسط" رغم أنّ من السابق لأوانه معرفة ما سيكون ذلك.

لكن "بالمعنى الأوسع، لا أعتقد أن لديهم ما يريده الناس"، وهو تغيير شامل لم تُحَدَّد تفاصيله، وفق احتشامي.

مع ذلك، أظهر النظام تاريخياً قدرته على "تقديم تنازلات عندما يتعين عليه ذلك"، بحسب هاشمي.

وأوضح قائلاً "ينسى الناس أن هذا النظام صمد 44 عاماً لأن بإمكانه أن يكون ذكياً جداً وبارعاً جداً ومكيافيلياً جداً من ناحية ما عليه فعله للبقاء".

اقرأ أيضاً:

Google News تابعوا أخبار الشرق عبر Google News

نستخدم في موقعنا ملف تعريف الارتباط (كوكيز)، لعدة أسباب، منها تقديم ما يهمك من مواضيع، وكذلك تأمين سلامة الموقع والأمان فيه، منحكم تجربة قريبة على ما اعدتم عليه في مواقع التواصل الاجتماعي، وكذلك تحليل طريقة استخدام موقعنا من قبل المستخدمين والقراء.