أمين معلوف والنجاة من "الهويات القاتلة"

time reading iconدقائق القراءة - 4
الكاتب اللبناني الفرنسي أمين معلوف. 1 أكتوبر 2021 - AFP
الكاتب اللبناني الفرنسي أمين معلوف. 1 أكتوبر 2021 - AFP
دبي-الشرق

"والآن أجِل بصرك في سمرقند، ملكة الدنيا، مزهوّة على جميع المدن، وفي يديها مصائرهن"!

بهذه الجملة للكاتب إدغار آلان بو، افتتح أمين معلوف أشهر كتبه "سمرقند"، التي عرف من خلالها جيلنا الكاتب اللبناني الفرنسي بسردياته التاريخية التي طغت عليها النزعة الإنسانية. 

 توّج معلوف رحلة الهجرة من لبنان عام 1976، بعد اندلاع الحرب الأهلية بسنة واحدة، بانتخابه قبل أيام أميناً عاماً دائماً للأكاديمية الفرنسية، التي انضمّ إليها عام 2012، وهو سيشغل هذا المنصب مدى الحياة، ويعدّ أول شخصية من أصل غير فرنسي يتولى هذه المهمّة.

عقدٌ من الهجرة أحدثت تحوّلاً في مسيرة معلوف الشخصية والمهنية، إذ انخرط في مجال الأدب والكتابة عام 1983، وجاء كتابه الأول باللغة الفرنسية عن "الحروب الصليبية بعيون عربية"، ليعبّر عن اهتمامه بالتاريخ والثقافة، "إذ لم تكن الحروب الصليبية مجرد حروب دينية كما يُنظر إليها أحياناً، بل اشتباكات ثقافية لا يزال من الممكن رؤية تأثيرها حتى اليوم"، كما قال لصحيفة "لو فيغارو" الفرنسية.

قدّم لنا معلوف التاريخ بأسلوب موضوعي بعيد عن الأحقاد، ونفس إنساني طغى على معظم أعماله، وهو وظّف براعته السردية أثناء تنقيبه بخبايا التاريخ، ونشر عدداً من الروايات المستندة إلى تلك الوقائع، مثل "ليون الأفريقي" (1986)، "سمرقند" (1988)، "حدائق النور" (1991)، "صخرة طانيوس" (1993)، "الهويات القاتلة" (2015) وغيرها.

عالج الكاتب موضوعات إنسانية معاصرة مثل القلق الوجودي والخوف، وانطلقت أعماله من تجربته في الحرب الأهلية، وبحثه المستمر عن الهوية والتسامح الثقافي والمواطنة العالمية. كما اتّسمت شخصياته بتعرّضها للعنف والتهجير، وقدرتها في الوقت نفسه، على إعادة اختراع مصائرها من العدم وتأسيس حيوات مختلفة.

هويات قاتلة

أطروحته في "الهويات القاتلة" التي صدرت في خضمّ الحروب والثورات، قدّمت فهماً مغايراً للهوية، التي تصبح قاتلة بمعنى الكلمة، عندما تصير مستبدّة ومتعالية، وتطغى على انتمائها للإنسانية.

وكانت "جائزة الشيخ زايد للكتاب" اختارت معلوف شخصية العام الثقافية عام 2016، وعلّقت عل اختيارها بالقول:"إن خلفية معلوف وتجاربه الشخصية قادته إلى إدراك أن الهوية الفريدة القائمة بذاتها، والتي تراقب بغطرسة الثقافات والهويات الأخرى بدافع الخوف أو ضيق الأفق، هي نوع من السجن الذي يضرّ بالتحسين الجماعي للإنسانية". 

مزاج متوازن

ووصف أعضاء الأكاديمية معلوف بأنه "ليس شخصاً مندفعاً، وهذا ما تحتاجه الأكاديمية، شخص يتمتّع بمزاج متوازن، ولديه حسّ وظيفي، ويضع مصالحه الخاصة تحت المصلحة العامة للمؤسسة".

أمين معلوف، من مواليد لبنان عام 1949، حاصل على إجازة في الاقتصاد وعلم الاجتماع من جامعة بيروت. بدأ مسيرته المهنية في صحيفة "النهار" اليومية، في قسم الشؤون الدولية، عاش تجربة الحرب الأهلية قبل أن ينتقل إلى باريس مع زوجته وأولاده، ويعمل في صحيفة النهار العربي الأسبوعية، وفي مجلة "جون أفريك" الفرنسية.

في ردّه على سؤال حول وقع فوزه على اللبنانيين، قال معلوف أو "رجل القلب والأخوّة والحوار" كما وصفته وزيرة الثقافة الفرنسية ريما عبد الملك، "إن لبنان يمرّ بلحظة صعبة، وإنه لأمر جيد أن يتعلق أبناؤه بالثقافة، والخبرة، والعلم، وما يمكن أن يخفّف من المآسي والعنف".

أضاف: "أنا سعيد بهذا، وأفرح إذا كان انتخابي سيمنح اللبنانيين القليل من الفرح".

الخالدون في الأكاديمية 

ويخلف معلوف إيلين كارير دانكوس التي توفيت في أغسطس 2023، وقد فاز بهذا المنصب بأغلبية 24 صوتاً مقابل 8 أصوات لمنافسه وصديقه الكاتب جان كريستوف روفان.

شغل منصب الأمين العام للأكاديمية 32 شخصاً منذ عام 1634، ويوجد حالياً 35 عضواً في الأكاديمية، يعرفون باسم "الخالدين" في إشارة إلى شعارهم "A l'immortalite" أو "إلى الخلود"، ومن بين الأعضاء السابقين شخصيات بارزة مثل مونتيسكيو وفولتير وفيكتور هوغو.

وسيكون من أولويات معلوف استكمال قاموسه التاسع الذي تعمل عليه الأكاديمية منذ عام 1986، ويقال إنه شارف على الانتهاء.

تصنيفات

قصص قد تهمك