"ممر سوالكي".. أخطر بقاع الأرض إذا اندلعت حرب بين روسيا والغرب

وصول "فاجنر" لبيلاروس وقيود العبور من كالينيجراد تنذر بالخطر الروسي

time reading iconدقائق القراءة - 6
جنود بولنديون في ممر سوالكي خلال مناورات الناتو على الحدود الليتوانية البولندية. 25 نوفمبر 2022 - Reuters
جنود بولنديون في ممر سوالكي خلال مناورات الناتو على الحدود الليتوانية البولندية. 25 نوفمبر 2022 - Reuters
دبي-الشرق

"في غضون ساعات، سيغزو الرئيس فلاديمير بوتين ممر سوالكي البري".. تصريح أطلقه عضو البرلمان الروسي، نائب وزير الدفاع السابق، أندريه كارتابولوف، منتصف يوليو الماضي، وفق ما نقلت شبكة "سكاي نيوز" البريطانية.

مرت أسابيع، ولم يحدث الغزو، لكن ما قاله كارتابولوف، سلَّط الضوء على الممر البري الممتد لمسافة 100 كيلو متر على طول الحدود الليتوانية البولندية بين بيلاروس في الشرق وجيب كالينينجراد الروسي إلى الغرب، والذي يصفه خبراء بأنه "أخطر بقعة على وجه الأرض"، وذلك وسط تصاعد التوتر بين روسيا والغرب.

ولطالما حذّر مراقبون من أن هذه المنطقة ستكون على الأرجح أحد الأهداف الأولى للرئيس الروسي فلاديمير بوتين إذا اختار يوماً ما تصعيد الهجوم باتجاه أوروبا، وهو ما وصفه خبراء بأنه سيناريو "يوم القيامة".

ثمّة تطورات أسهمت مؤخراً في زيادة المخاوف من استغلال روسيا هذا الجيب الرخو في الخاصرة الأوروبية، إذ تسبب انتقال "فاجنر" إلى بيلاروس بعد تسوية بين الكرملين والمجموعة العسكرية الخاصة أعقبت تمرد الأخيرة وتهديدها بالزحف نحو موسكو.

كما أثار رئيس الوزراء البولندي، ماتيوش مورافيتسكي، أيضاً قلقاً دولياً خلال الفترة الماضية، بتحذيره من هجوم مرتقب لمجموعة "فاجنر" شبه العسكرية الروسية على بلاده، بعدما نشرت أكثر من 100 جندي بالقرب من "ممر سوالكي" (Suwalki Gap) ذي الأهمية الاستراتيجية الكبرى.

بدورها، أشارت مجلة "نيوزويك" الأميركية خلال تقرير نُشر في يوليو الماضي إلى أن "التوترات بين بولندا و"فاجنر" تصاعدت في الأسابيع الأخيرة، وسط مخاوف متزايدة من أي هجوم محتمل.

أما صحيفة "ذا صن" البريطانية، فقد رأت أن "ذهاب قوات فاجنر إلى بيلاروس يبدو واضحاً أنه لتدريب قواتها المسلحة".

ثغرة في دفاعات الغرب

في تصريحات لمجلة "بوليتيكو" الأميركية العام الماضي، أشار الرئيس الإستوني الأسبق، توماس هندريك إيلفس، إلى أنه ناقش مع وزيرة الدفاع الألمانية آنذاك، أورسولا فون دير لاين، في العام 2015، قضية ممر سوالكي، في محاولة لإثارة الإنذار بشأن "الثغرة في الدفاعات الغربية".

وأضاف إيلفس أن القلق يكمن في قدرة روسيا على اكتساح الممر من الشرق والغرب معاً، حال نشوب صراع، ما يفصل دول البلطيق في الاتحاد الأوروبي عن حلفائها في الجنوب، منبهاً من أن ممر سوالكي "نقطة ضعف كبيرة"، لأن الغزو سيعزل ليتوانيا ولاتفيا وإستونيا عن بقية دول حلف شمال الأطلسي "الناتو".

وأكد أن أي تحرك ضد هذا الجيب، سيؤدي إلى مواجهة فورية بين موسكو وأعضاء "الناتو" المسلحين نووياً، ما يدفع العالم إلى حافة الهاوية.

وبحسب المجلة الأميركية، جاء تحذير الرئيس الإستوني لوزيرة الدفاع الألمانية، كرد فعل على ضم روسيا لشبه جزيرة القرم في 2014، غيرَ أن سيناريو "يوم القيامة" اكتسب مصداقية جديدة في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا.

"عنصر حيوي"

بعد تفكك الاتحاد السوفيتي عام 1991، لم تطعن أي حكومة في مطالبة موسكو بـ"كالينينجراد"، على الرغم من أن بعض الجماعات في ليتوانيا دعت إلى ضم المقاطعة أو أجزاء منها، بينما تفاوضت روسيا وليتوانيا على نظام العبور المبسط إلى كالينينجراد في أواخر التسعينيات، حيث ضغطت الأولى في البداية، حتى يصبح لها الحق في أن يكون لها ممر عسكري، لكن الثانية رفضت، لأن تلك الخطوة ستنتهك سيادتها.

وذكر تقرير لموقع "مودرن دبلوماسي" الأميركي أن روسيا تُواصل النظر إلى المنطقة كعنصر حيوي في قدرتها على إظهار قوتها في منطقة البلطيق.

مشكلات في العبور

التقرير الذي نُشر في أبريل الماضي، أشار إلى أن ليتوانيا نفّذت سلسلة من القيود على العبور بين كالينينجراد والبر الرئيسي لروسيا خلال يونيو 2022، وذلك ضمن العقوبات الأوروبية على موسكو في أعقاب الغزو.

وتوقف عبور الفحم والمعادن والأسمنت والخشب ومواد البناء ومنتجات التكنولوجيا الفائقة عن طريق النقل بالسكك الحديدية، وقال حاكم مقاطعة كالينينجراد أنتون عليخانوف إن الحظر أثّر على 40 إلى 50% من البضائع المنقولة بين المنطقة وبقية روسيا.

وأوضح "مودرن دبلوماسي" أن ليتوانيا وسعت القيود في 21 يونيو الماضي، لتشمل منع عبور مركبات الشحن أيضاً.

تهديد روسي

في المقابل، هددت روسيا ليتوانيا علناً، وقال رئيس لجنة حماية سيادة الدولة في البرلمان الروسي أندري كليموف خلال أبريل الماضي إنه "إذا لم يصحح الاتحاد الأوروبي الوضع مع الحصار، فإنه سيطلق يد روسيا لحل هذه المشكلة بأي وسيلة".

وبحسب الموقع، يتمثل التساؤل الآن حول مدى استعداد روسيا لتحمل سلوك ليتوانيا، لافتاً إلى أن موسكو لن توقف نفسها إذا تم عزل سكانها في منطقة كالينينجراد.

وذكرت تقرير "بوليتيكو" الذي نُشر في يونيو الماضي، أنه مثلما يحاول بوتين إنشاء جسر بري بين روسيا وشبه جزيرة القرم، فإن الاستيلاء على "ممر سوالكي" الذي سُمي على اسم بلدة بارزة على الجانب البولندي من الحدود، يُمكن أن يربط القوات الروسية في كالينينجراد مع المتمركزين في بيلاروس.

وكانت روسيا أقامت في كالينينجراد وجوداً عسكرياً هائلاً، يشمل أسلحة نووية، وعشرات آلاف الجنود.

ويبلغ قوام الجيش الليتواني 20 ألفاً فقط، إضافة إلى قوة جوية تتألف من طائرات، بما في ذلك المخصصة منها للنقل، وطائرة "سيسنا" ذات المحرك الواحد، وفي حال أي مواجهة محتملة مع موسكو، فإن فيلنيوس، مثل جيرانها في البلطيق، ليست مجهزة بشكل جيد لأي هجوم محتمل، وفقاً للمجلة.

"كعب أخيل"

في المقابل، قال راموناس سيربيتوسكاس الذي يقود ميليشيا تطوعية في ليتوانيا تحت مسمى "رايفل مين يونيون" (Riflemen’s Union) إنه لا يتوقع من روسيا تصعيد وتطوير الهجوم طالما أنها منشغلة في أوكرانيا.

وأضاف في تصريحات لـ"بوليتيكو"، أنه ومجموعات عسكرية أخرى يُراقبون الوضع في المنطقة الحدودية مع روسيا، واصفاً ممر سوالكي بـ"كعب أخيل" (مصطلح مستوحى من أسطورة إغريقية يُشير إلى نقطة الضعف).

وأوضح سيربيتوسكاس أن البعض لا يرى فائدة من مهاجمة "ممر سوالكي"، لكن تلك المنطقة تُعتبر طريقاً برياً مباشراً إلى كالينينجراد، وإذا تم التغلب على أوكرانيا، فمن المحتمل أن تكون الضربة التالية هناك.

تصنيفات

قصص قد تهمك