برز دور المركبات الجوية ذاتية القيادة بشكل كبير خلال الحرب الروسية الأوكرانية، بعد أن غيّرت الطائرات المسيرّة تكتيكات الحرب بين عشية وضحاها، الأمر الذي أدى إلى إطلاق دعوات لتجديد التركيز على المركبات البرية غير المأهولة، لا سيما في الولايات المتحدة، بحسب تقرير لموقع "C4ISRNET".
وأشار الموقع المختص بالشؤون الدفاعية إلى أن وزارة الدفاع الأميركية تمر بمنعطف مهم تُفكر فيه بشكل إبداعي وطموح حول كيفية الاستفادة من هذه التكنولوجيا الجديدة المهمة على نطاق واسع لتحقيق ميزة استراتيجية.
وشهد العقد الماضي تقدماً تكنولوجياً كبيراً على أرض الواقع، مع ظهور "ثورة يقودها الذكاء الاصطناعي"، وما يترتب عليها من آثار مهمة على قدرات الولايات المتحدة التنافسية الاقتصادية وأمنها القومي.
وبعد سنوات عديدة وإنفاق مليارات الدولارات على البحث والتطوير في القطاع الخاص، وصلت السيارات ذاتية القيادة إلى الجيش الأميركي.
تغيير استراتيجية الحرب
وفقاً للتقرير، قد تبدأ تكنولوجيا المركبات ذاتية القيادة قريباً في إحداث تغيير جذري في الطريقة التي تتحرك بها البضائع والأشخاص، بالإضافة إلى "تغيير استراتيجية الحرب البرية الحديثة" مع تعزيز احتمالات وإمكانيات إنقاذ الأرواح وإبعاد أفراد الخدمة عن العديد من المواقف الخطيرة.
ولسنوات، عمل الجيش الأميركي على تجربة تنفيذ عمليات برية مستقلة، من خلال طاقم بقيادة مركبة رائدة يقودها إنسان، ويضم (الطاقم) عدداً من المركبات التابعة المستقلة (ذاتية القيادة). ومع أن نجاح هذا النهج يعني توفير عدد العناصر البشرية اللازمة لتنفيذ عمليات كبيرة وخطيرة ويُقلل من الخسائر البشرية المحتملة، إلا أنه يجعل من المركبات الرائدة (التي تضم مركز القيادة البشرية) أهدافاً ذات قيمة عالية.
ولا تتمتع المركبات ذاتية القيادة بقدرة الحيلة مثل السائقين البشريين، إلا أنها مُبرمجة للتوقف الآمن، أو العودة إلى القاعدة، أو حتى استدعاء الإنسان عن بعد لتقديم المساعدة.
تحدي القوات البرية
وللاستفادة من تلك التكنولوجيا في التطبيقات العسكرية، عملت وحدة الابتكار الدفاعي في "البنتاجون"، بالشراكة مع الجيش الأميركي، على تجربة برنامج في العام 2022، للاستفادة من الحلول التجارية المستقلة لجعل مركبة "الروبوت" القتالية مستقلة تماماً.
ويواصل الجيش الأميركي التفكير في أفضل حالات الاستخدام التي تستفيد من المركبات المستقلة في المهام عالية المخاطر مثل إعادة الإمداد، ودعم الاستطلاع، وإجلاء المصابين، وتطهير الطرق، والتخلص من الذخائر المتفجرة.
ويُوفر استخدام فرق الروبوتات حلاً للتحدي الدائم الذي تواجهه القوات البرية، إلى جانب قدرات إضافية تتجاوز ما يستطيع البشر القيام به بمفردهم.
ويمكن للأنظمة المستقلة منخفضة التكلفة أن تتفوق على القوى المعادية من خلال تمشيط منطقة العمليات لإجبار الخصم على التحرك أو الكشف عنه أو استهدافه.
وقد تكون تلك الفرق قادرة على استخدام الخداع لإرباك الصورة العملياتية للخصم، وذلك عبر جعل عملية التمييز بين الأهداف الحقيقية والأفخاخ صعبة للغاية.
كما يُمكن أيضاً تجهيز المركبات البرية بقدرات الاستطلاع والاستخبارات والمراقبة وأنظمة الدفاع الجوي والصاروخي قصيرة المدى وقيادتها بشكل مستقل إلى المواقع المستهدفة لتوفير وعي أفضل بالوضع على الأرض، والتخطيط، والتدمير، ودعم القرار، وتوفير حماية أكثر تعزيزاً للجنود في مسرح العمليات.
مفاهيم جديدة للعمليات
ولتسخير هذه التكنولوجيا بشكل كامل والاستفادة من التقدم الهائل في القطاع التجاري، يحتاج الجيش الأميركي، بحسب موقع "C4ISRNET"، إلى إعادة تصور استراتيجيات الاستحواذ الخاصة به، وأن يكون منفتحاً على مفاهيم جديدة للعمليات.
وتمنح ملايين الأميال ذاتية القيادة التي قطعتها الشركات التجارية على الطرق العامة، ميزة كبيرة لتكييف أنظمتها الناضجة وتحقيق تقدم ملموس في البيئات المعقدة، وعلى الطرق الوعرة، بدون سائق بشري في السيارة.
وستقدم الشركات التي تعمل لأغراض تجارية حلاً مستقلاً للجيش الأميركي بشكل أسرع، خاصة بعد أن انتقلت إلى ما هو أبعد من التجارب العلمية والعروض المعملية لتطوير المنتج وتقديمه.
وأكد التقرير أنه عندما يتعلق الأمر بتبنّي مركبات برية مسيّرة على نطاق واسع، يحتاج الجيش الأميركي إلى التفكير بطموح حول كيفية الاستفادة من التقدم في القطاع التجاري لتحقيق ميزة استراتيجية فارقة لقواته.