"الصواريخ بعيدة المدى" خيار ياباني فلبيني لمواجهة "تهديدات الصين"

time reading iconدقائق القراءة - 9
سفن البحرية الفلبينية في بحر الصين الجنوبي. 5 مارس 2024 - Getty Images
سفن البحرية الفلبينية في بحر الصين الجنوبي. 5 مارس 2024 - Getty Images
دبي -الشرق

تقترب الفلبين واليابان، من تحقيق خطوة مهمة في خطتهما نحو الحصول على صواريخ جديدة؛ من شأنها توسيع نطاق قوتها العسكرية بمنطقة غرب المحيط الهادئ، لمواجهة "التهديدات الصينية" المتزايدة، وذلك حسبما ذكر موقع Breaking Defense.

وتتوقع الفلبين بحلول نهاية الشهر الجاري، الحصول على أول صواريخ كروز المضادة للسفن من طراز BrahMos. فيما تخطط اليابان للبدء في تدريب أفرادها على تشغيل صواريخ Tomahawk.

وتعكس هذه الخطة، الاعتقاد السائد بأن أفضل طريقة لمواجهة الصين في أي صراع؛ هي "استخدام أسلحة يمكن أن تبقي السفن الحربية الصينية في مأزق".

وقال المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في تقرير، إن تصرفات بكين في الخارج وتطويرها الصاروخي في الداخل، فضلاً عن التحركات المماثلة لكوريا الشمالية "تقوض الأمن الإقليمي وتدفع الدول الأخرى إلى تحسين قدراتها الهجومية بعيدة المدى رداً على ذلك". 

وأضاف أن الصواريخ التي تسعي طوكيو ومانيلا إلى الحصول عليها "ليست مماثلة" لتلك التي تمتلكها الصين وكوريا الشمالية، لكن التركيز على القدرات الهجومية بعيدة المدى ساهم في سباق تسلح إقليمي من غير المرجح أن يكون مقيداً بقيود الحد من الأسلحة في المستقبل القريب، ما يجعل من المحتمل أن تستمر جميع دول منطقة آسيا والمحيط الهادئ في توسيع ترساناتها أفقياً وعمودياً.

وأصبحت مانيلا أول مشتر أجنبي لصاروخ BrahMos في يناير 2022، إذ وقعت عقداً بقيمة 370 مليون دولار تقريباً لشراء ثلاث بطاريات والتدريب والدعم.

وقال وزير الدفاع الفلبيني آنذاك، دلفين لورينزانا، عند توقيع العقد، إن الصواريخ "الهندية - الروسية" ستوفر قدرات الردع ضد أي محاولة لتقويض سيادة بلاده وحقوقها.

وجرى اختيار BrahMos، الذي طوره مشروع "روسي - هندي" مشترك، ليكون بمثابة نظام الصواريخ المضادة للسفن المتمركز على الشاطئ التابع للبحرية الفلبينية، وهو جزء من جهد مستمر منذ سنوات لتحديث القوات المسلحة للبلاد.

ويبلغ مدى الصاروخ 180 ميلاً، ما يسمح له بالوصول إلى أهداف حول جزر سبراتلي أو في المضيق الحيوي استراتيجياً بين الفلبين وتايوان، كما أن سرعة إبحاره تزيد عن 2 ماخ ما يقلل الوقت الذي يجب أن تستجيب فيه الأهداف.

وتلقى الجنود الفلبينيون، تدريباً على صواريخ BrahMos، التي سيتم تشغيلها من قبل قوات مشاة البحرية الفلبينية.

تسليم الصواريخ

وكان من المتوقع تسليم الصواريخ بحلول ديسمبر الماضي، لكن جوناثان مالايا، المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الفلبيني، قال إن أنظمة الصواريخ ستصل بحلول مارس الجاري.

وقال الجنرال روميو براونر جونيور، رئيس أركان الجيش الفلبيني، في الخريف الماضي، إن الجيش يخطط للحصول على صواريخ BrahMos، وتشغيلها جنباً إلى جنب مع مشاة البحرية، لتغطية الثغرات في الدفاعات الساحلية.

ويعكس شراء مانيلا لصواريخ BrahMos وتحديثها العسكري المخاوف المتزايدة بشأن التهديدات الخارجية، المدفوعة بتصرفات الصين "العدوانية" تجاه الفلبينيين وقوات الأمن في بحر الصين الجنوبي.

وحددت وثائق الأمن القومي التي صدرت في عام 2018، نزاعات بحر الصين الجنوبي باعتبارها "التحدي الأمني ​​الأول لسيادة الفلبين وسلامة أراضيها".

وجرى التأكيد على هذا الوضع من خلال حادثة وقعت في 4 مارس الجاري، إذ أطلقت سفن خفر السواحل الصينية مدفع مياه على سفينة فلبينية، ما أدى إلى إصابة أربعة من أفراد الطاقم.

وتركز خطة التحديث العسكري الأخيرة للفلبين، والتي تمت الموافقة عليها في يناير الماضي على تفعيل استراتيجية دفاعية أرخبيلية من خلال القدرة على بسط القوة في المناطق الفلبينية.

وقال دون ماكلين جيل، المحلل الجيوسياسي والمحاضر في جامعة دي لا سال، في تصريحات سابقة، إن مانيلا تحاول الآن تفعيل تلك الاستراتيجية، التي تتحدث عن تأمين ليس فقط المياه الداخلية ولكن بالطبع المياه القريبة.

وأكد جيل أن صواريخ BrahMos وخطط الحصول على صواريخ HIMARS الأميركية الصنع "يُنظر إليها على أنها من أهم الجوانب والمشتريات اعتباراً من الأشهر القليلة المقبلة، خاصة لتسريع هذه الاستراتيجية".

فيما أوضح توم كاراكو، مدير مشروع الدفاع الصاروخي في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، أن اتفاقيات القواعد الأخيرة مع الجيش الأميركي واختبارات أسلحة أخرى تعد خطوات أخرى نحو نشر موزع للضربات الصاروخية والدفاع.

وأضاف كاراكو أن الحصول على صواريخ BrahMos أمر مثير للاهتمام لأنها تثير تساؤلات حول الاعتماد على التكنولوجيا الروسية، لكن تلك الخطوة تعكس إشارة طلب متزايد على القدرة الهجومية المتقدمة.

الضربة اليابانية المضادة

كان قرار اليابان في أواخر عام 2022، بتطوير قدرة على الضربة المضادة تسمح لها بشن هجمات على قوات العدو؛ بمثابة تحول كبير في التزامها بعد الحرب بقصر قدراتها العسكرية على الدفاع عن النفس. 

وجاء ذلك رداً على التهديدات الصاروخية الصينية والكورية الشمالية التي جعلت الدفاع الصاروخي وحده غير مقبول، وفقاً لاستراتيجية الأمن القومي الصادرة في ديسمبر 2022.

وقالت الاستراتيجية، إن الهجمات الصاروخية ضد اليابان، أصبحت تهديداً واضحاً، ما يجعل تنفيذ الضربات المضادة الحد الأدنى من الإجراءات الضرورية للدفاع عن النفس.

وأضافت أنه من خلال امتلاك هذه القدرة، ستقوم اليابان بردع أي هجوم مسلح بنفسها.

وأوضحت الاستراتيجية اليابانية، أنه في حالة حدوث محاولة غزو، ستكون هناك حاجة أيضاً إلى القدرة على الضربة من مسافة بعيدة، لمنع القوات الغازية والقضاء عليها من خارج غلاف التهديد الخاص بالخصم في أقرب وقت ممكن وعلى أبعد مسافة ممكنة.

وستتمكن اليابان من توفير تلك القدرة عبر امتلاك الصواريخ بعيدة المدى، سواء تم تطويرها محلياً أو شرائها من الخارج. 

وتعتبر أول هذه الصواريخ الأجنبية، هو Tomahawk الأميركي الصنع، والذي يبلغ مداه 1000 ميل ويمكنه الوصول إلى أهداف في كوريا الشمالية وشرق الصين.

وخططت اليابان في البداية لشراء 400 من أحدث طراز Tomahawk، متغير V، للتسليم في عامي 2026 و2027، ونشرها على متن المدمرات اليابانية المجهزة بأنظمة الدفاع الصاروخي الباليستي Aegis.

وقال وزير الدفاع الياباني مينورو كيهارا في أكتوبر الماضي إن التوترات المتزايدة جعلت من صواريخ TomaHawk أولوية قصوى.

وطلبت طوكيو بدلاً من ذلك، 200 صاروخ Block V، و200 صاروخ Block IV، وهو طراز أقدم يمكن تسليمه ابتداء من عام 2025. 

ووافقت الولايات المتحدة على عملية البيع في نوفمبر الماضي. ووقعت اليابان عقداً مع السفير الأميركي لديها رام إيمانويل في يناير الماضي. 

وقال مسؤولون أميركيون، الشهر الماضي، إن أفراد البحرية اليابانية سيبدأون التدريب على تشغيل الصواريخ في أواخر الشهر الجاري.

وإلى جانب صواريخ "توماهوك"، والنشر المتسارع لصاروخها المضاد للسفن من Type 12، والذي سيمتد مداه خمسة أضعاف إلى أكثر من 600 ميل، تشتري اليابان طائرات F-35. 

وتحول اليابان، حاملات طائراتها المروحية، إلى حاملات طائرات خفيفة، وتستثمر في الدفاعات على السفن. 

قيادة مشتركة

وتسعى أستراليا أيضاً للحصول على صواريخ بعيدة المدى أميركية الصنع. وتعمل مع الجيش الأميركي على تطوير صواريخ أرضية بعيدة المدى.

وقال  كاراكو، مدير مشروع الدفاع الصاروخي في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية لـ Breaking Defense، إن أستراليا واليابان وضعتا في مراجعاتهما الأخيرة للأمن الدفاعي، الضربات بعيدة المدى والدفاع الجوي والصاروخي كأولويتين أساسيتين للتحديث.

وقال كاراكو، إن حصول طوكيو وكانبرا على قدرة هجومية بعيدة المدى يمثل خطوة تاريخية تشتد الحاجة إليها لتعزيز الردع التقليدي في المنطقة. 

وذكر تقرير المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية أن أستراليا تستثمر المزيد في قدراتها الاستخباراتية والمراقبة والاستطلاع، ولكن من المرجح أن تظل قدراتها الهجومية بعيدة المدى معتمدة على الدعم الأميركي للبنية الأوسع.

وتواجه قدرة الضربات البحرية لدى الفلبين، مشكلات مماثلة، بما في ذلك الافتقار إلى الأقمار الصناعية العسكرية المخصصة وعدد محدود فقط من السفن السطحية والطائرات المزودة بأجهزة استشعار بعيدة المدى، وفقاً لتقرير معهد الدرسات الاستراتيجية. 

وساعد الدعم الأميركي في معالجة هذه الثغرات، ولكن مانيلا ستحتاج إلى معدات إضافية لربط قدراتها الحركية بقيادتها وسيطرتها بشكل أكثر فعالية.

وتستثمر طوكيو في الأقمار الصناعية والرادارات لتحسين خططها لإنشاء قيادة مشتركة لتسهيل التنسيق بين قواتها ومع الولايات المتحدة، لكن افتقارها إلى الخبرة يعني أن "قدراتها المستقبلية على الضربات المضادة من المرجح أن تظل تحت مظلة اليابان".

تصنيفات

قصص قد تهمك