تفاؤل بإيجاد علاج لورم يصيب جذع الدماغ بعد شفاء طفل من سرطان نادر

time reading iconدقائق القراءة - 5
رسم توضيحي بالكمبيوتر يسلط الضوء على موقع  ورم الغدة النخامية وتأثيره على الهياكل المجاورة - AFP
رسم توضيحي بالكمبيوتر يسلط الضوء على موقع ورم الغدة النخامية وتأثيره على الهياكل المجاورة - AFP
باريس-أ ف ب

يعد الورم الدبقي الذي يصيب جذع الدماغ نادراً لكنّه قاتل، وهو أحد أخطر أشكال سرطان الدماغ لدى الأطفال، لكنّ حالة فريدة عالمياً لشفاء طفل منه باتت تثير آمالاً كبيرة في الأوساط البحثية الفرنسية.

فرغم التقدم الذي تحقق في علاج عدد من أنواع سرطان الأطفال الذي يحلّ يومه العالمي الخميس، يشكّل الورم الدبقي الدماغي الذي يصيب ما بين 50 و100 طفل ومراهق كل سنة في فرنسا تحدياً للطب.

ومع أن معدل البقاء على قيد الحياة في حالات سرطان الأطفال لمدة خمس سنوات بات يصل إلى 85%، فإن معالجة بعض هذه الحالات صعب، ومنها الورم الدبقي الجذعي الداخلي المنتشر.

ولا يمكن استئصال هذا الورم بعملية جراحية، وبالتالي يلجأ الأطباء عادةً إلى العلاج الإشعاعي الذي يساعد أحياناً في إبطاء المرض، لكنّ تأثيره يكون مؤقتاً. ولم يثبت أي دواء فاعليته إلى اليوم.

الطفل "لوكا"

ويكون نموّ هذا الورم سريعاً جداً بالفعل، ويؤدي عموماً إلى وفاة المريض خلال فترة تراوح ما بين تسعة أشهر و12 شهراً بعد اكتشافه.

إلاّ أن الطفل البلجيكي لوكا البالغ راهناً 13 عاماً، تحدى كل التوقعات، إذ اكتُشفت إصابته بهذا المرض غير القابل مبدئياً للشفاء عندما كان في السادسة، ولكن بات يُعتبَر أنه شُفِيَ، إذ لم تعد علامات الورم تظهر في دماغه.

وقال طبيبه جاك جريل الذي يتولى إدارة برنامج أورام الدماغ في قسم سرطان الأطفال في مركز جوستاف روسي لمكافحة السرطان جنوب باريس "لقد فجّر لوكا كل عدادات الحياة".

وروى طبيب الأطفال بتأثُّر أنه أبلغَ إلى والدَي لوكا قبل سبع سنوات أن ابنهما سيموت.

يومها، انتقلت عائلته إلى فرنسا لتمكينه من تلقّي العلاج، وكان الطفل الصغير من أوائل المرضى الذين انضموا إلى تجربة سريرية لاختبار دواء جديد هو علاج استهدافيّ.

منذ البداية، تجاوبَ لوكا مع العلاج بشكل جيد جداً. وبيّنت نتائج التصوير بالرنين المغناطيسي مرة بعد مرة  للدكتور جريل أن "الورم اختفى تماماً".

ومع ذلك، لم يجرؤ، رغم هذه النتائج المعجزة، على اتخاذ قرار بإيقاف الدواء، إلى أن أدرك قبل عام ونصف عام أن الطفل نفسه توقف عن تناوله.

وأضاف الطبيب الذي بدأ فريقه بإجراء البحوث في شأن هذا السرطان قبل نحو 15 عاماً "ليس علمياً أن ثمة حالة كهذه في العالم".

ويركّز الباحثون حالياً على معرفة سبب تعافي لوكا، وكيفية تحويل حالته الطبية مصدر أمل لمئات الصغار في المستقبل.

وما زال نحو عشرة أطفال آخرين شملتهم التجربة السريرية على قيد الحياة بعد سنوات من اكتشاف إصابتهم، وتجاوز متوسط عمرهم المتوقع العمر الذي تورده الإحصاءات، لكنّ أورامهم لم تختف كلياً.

"المسار العلاجي الجديد"

ورأى الدكتور جريل أن زيادة متوسط العمر المتوقع تعود إلى "خصائص بيولوجية لأورامهم"، تفسّر استجابتهم بشكل أفضل من المرضى الآخرين الذين يخضعون للعلاج.

ولاحظ طبيب الأطفال، وهو أيضاً باحث في المعهد الوطني للصحة والبحوث الطبية (Inserm)، أن "ورم لوكا كان متحوراً نادراً جداً". وأضاف "نعتقد أن هذا المتحور هو الذي جعل خلاياه السرطانية أكثر تأثراً بالدواء".

وفي تجربة قيد التنفيذ تجريها شركة "بيوميد" للأدوية، وتقارن الدواء الذي تلقاه لوكا بعقار جديد واعد، لا يكتفي باحثو مركز جوستاف روسي بدرس التشوهات الجينية لأورام جميع المرضى، بل يصنّعون أيضاً عضويات أورام (وهي نسخ ثلاثية الأبعاد من أورام المرضى تُعدّ في المختبر)، لفهم تركيبتها البيولوجية وكيفية تأثرها بالأدوية.

وقالت الأستاذة والباحثة المشرفة على هذا العمل ماري آن ديبيلي "إن حالة لوكا تفتح أملاً حقيقياً، وسنحاول مخبرياً إعادة إنتاج التغيّرات التي رصدناها في خلاياه".

عملياً، تسعى الفرق الطبية إلى أن تكتشف ما إذا كانت تغيّرات الحمض النووي التي ظهرت لدى لوكا، تؤدي أيضاً إلى تقلّص أورام مرضى آخرين بمجرد "إعادة إنتاجها" لديهم. 

وإذا تبيّن أن الأمر كذلك، ستكون "الخطوة التالية إيجاد الدواء الذي يُحدِث تأثير هذه التغيّرات الخلوية نفسه على الخلايا السرطانية"، بحسب ماري آن ديبيلي.

إلا أن الأطباء المتحمسين لهذا "المسار العلاجي" الجديد، ينبّهون أن الأمر سيستغرق سنوات قبل التوصل إلى ما يمكن أن يكون دواءً شافياً. 

وأوضح جاك جريل أن "الأمر يستغرق في المتوسط ما بين 10 أو 15 عاماً (...) وهو تالياً عمل طويل الأمد".

تصنيفات

قصص قد تهمك