"الجزرة والعصا" سياسة جديدة ينتهجها بايدن تجاه إسرائيل على أعتاب نهاية الولاية

مبعوثة الرئيس الأميركي لمنظمات إغاثة: تل أبيب حليف وثيق ولا نية لتعليق شحنات الأسلحة

time reading iconدقائق القراءة - 10
الرئيس الأميركي جو بايدن خلال اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض. 4 أبريل 2024 - REUTERS
الرئيس الأميركي جو بايدن خلال اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض. 4 أبريل 2024 - REUTERS
واشنطن/ دبي -رويترزالشرق

في أشهره الأخيرة في منصبه، يبدي الرئيس الأميركي جو بايدن من جديد استعداده لاستخدام المساعدات العسكرية الأميركية المقدمة لإسرائيل كـ"جزرة وعصا"، للتأثير على المواجهة التي تنطوي على الكثير من المخاطر بينها من جهة وبين إيران، والجماعات المسلحة المدعومة منها من الجهة الأخرى.

ويقول خبراء إنه على الرغم من أن هذا النهج يزيد من مشاركة واشنطن في صنع القرار الإسرائيلي، قبل أسابيع فقط من انتخابات الرئاسة الأميركية، فمن غير الواضح ما إذا كان سيساعد في تحقيق أهداف بايدن بما في ذلك منع اندلاع صراع إقليمي أوسع نطاقاً، ودفع إسرائيل إلى معالجة الوضع الإنساني الآخذ في التدهور في قطاع غزة.

وأعلنت إدارة بايدن، الأحد، أنها سترسل نحو 100 جندي إلى إسرائيل إلى جانب منظومة أميركية متقدمة مضادة للصواريخ، وهو نشر نادر للقوات يأتي في الوقت الذي تدرس فيه حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو شن هجوم للرد على إيران بعد ضربة صاروخية شنتها طهران في الأول من أكتوبر الجاري.

كما نقلت إدارة بايدن رسالة لإسرائيل، الأحد الماضي، تبلغها فيها بأنه يتعين عليها اتخاذ خطوات خلال الشهر المقبل، لتحسين الوضع الإنساني في قطاع غزة، وإلا ستواجه قيوداً محتملة على المساعدات العسكرية الأميركية.

ويقول مسؤولون أميركيون علناً، إن هذه التحرّكات المتناقضة ظاهرياً، تتماشى مع سياسات راسخة تهدف إلى ضمان الدفاع عن إسرائيل، وفي الوقت نفسه الدعوة إلى حماية المدنيين في الحرب الإسرائيلية الدائرة منذ عام على القطاع الفلسطيني.

لكن مسؤولين حاليين وسابقين، يقرون سراً بأن هذه الخطوات ضرورية لزيادة تأثير الولايات المتحدة على الاستراتيجية الإسرائيلية، حتى مع قرب انتهاء ولاية بايدن.

صعوبات سياسية

وكثيراً ما عارضت إسرائيل النصائح الأميركية، وتسببت في صعوبات سياسية لإدارة بايدن، التي تواجه ضغوطاً من بعض الناشطين الليبراليين في الحزب الديمقراطي لاستخدام النفوذ الأميركي في كبح جماح إسرائيل.

وقال آرون ديفيد ميلر، الزميل البارز في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي، إن نهج "الجزرة والعصا"، الذي تنتهجه الإدارة الأميركية يأتي في وقت "قد لا تعتقد فيه أن الإدارة نشطة للغاية".

لكنه حذّر من أن واشنطن من غير المرجح أن تقلّص دعمها العسكري لإسرائيل إذا تفاقم الصراع مع إيران.

وأضاف: "من غير المتصوّر بالنسبة لي مع اقترابنا من احتمال حدوث تصعيد حادٍ وخطيرٍ، أي الهجوم الإسرائيلي، وما سيفعله الإيرانيون في المقابل، أن تفكر هذه الإدارة في أي شيء مثل فرض قيود أو شروط صارمة على المنظومات العسكرية".

وقال منسق الاتصالات الاستراتيجية بمجلس الأمن القومي الأميركي، جون كيربي، للصحافيين، الثلاثاء الماضي، إن الرسالة لم "تكن تهدف للتهديد"، لكن الإسرائيليين فيما يبدو يتعاملون مع الأمور بشكل جدي.

وقال مسؤول إسرائيلي في واشنطن: "تم استلام الرسالة ويقوم مسؤولون أمنيون إسرائيليون بمراجعتها بشكل وافٍ".

وأعلنت إسرائيل، الأربعاء، توجه 50 شاحنة مساعدات، إلى شمال غزة من الأردن، وهي نتيجة مبكرة محتملة للمطالب الأميركية.

مهلة لزيادة المساعدات

وأعطى بايدن الأولوية لتعزيز القدرات العسكرية الإسرائيلية منذ اندلاع الحرب على غزة في أكتوبر 2023. 

ورفض بايدن وقف تدفق الأسلحة إلى إسرائيل، باستثناء القنابل زنة ألفي رطل، وذلك رغم احتجاجات من أعضاء بالحزب الديمقراطي. 

وطالبت إدارة بايدن في أبريل الماضي، بحماية أفضل للمدنيين وعمال الإغاثة في غزة، وهو ما يقول مسؤولون أميركيون، إنه أدى إلى زيادة مؤقتة في تدفقات المساعدات إلى المنطقة.

لكن رسالة الأحد، بدت وكأنها الإنذار الأكثر وضوحاً حتى الآن لحكومة نتنياهو منذ اندلاع الحرب على غزة، إذ حددت خطوات يتعيّن على إسرائيل اتخاذها في غضون 30 يوماً، ومنها السماح بدخول 350 شاحنة محملة بالمساعدات إلى غزة يومياً كحد أدنى.

وقال جون رامينج تشابيل، المستشار القانوني في مركز "المدنيين في الصراع"، إن الخطوة تنطوي على احتمال أن تجعل واشنطن، إسرائيل، غير مؤهلة لتلقي الأسلحة الأميركية بسبب القيود التي تفرضها على تسليم المساعدات، مضيفاً "إنها خطوة صغيرة نحو تغيير كبير للغاية".

وقال 3 مسؤولين، إن نتنياهو دعا لاجتماع طارئ لمناقشة زيادة المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، ومن المرجح أن يحدث ذلك في وقت قريب.

دعم عسكري إضافي

واعتبر مسؤولون سابقون ومحللون، أن قرار إرسال منظومة الدفاع الصاروخي للارتفاعات العالية "ثاد" THAAD، خطوة رئيسية تتوافق مع استراتيجية تقديم الدعم العسكري الوثيق للإسرائيليين بهدف التأثير على كيفية قيامهم بالعمليات العسكرية.

ووصف مسؤول دفاعي سابق، إرسال منظومة الدفاع الصاروخية بأنه "تحوّل نمطي" بالنظر إلى العقيدة الأمنية، التي تتبناها إسرائيل للدفاع عن نفسها بنفسها. كما أنه قد يزيد المخاطر بالنسبة للولايات المتحدة.

وقال المسؤول: "الولايات المتحدة تقحم نفسها بنشر أميركيين داخل إسرائيل التي تعرّضت قبل أسبوعين فقط لهجوم بنحو 180 صاروخاً باليستياً إيرانياً".

وتحبس منطقة الشرق الأوسط الأنفاس، ترقباً لهجوم إسرائيلي على إيران، فيما تصعد تل أبيب من غاراتها على لبنان.

اقرأ أيضاً

بايدن "لا يؤيد" ضرب مواقع إيران النووية: يجب أن يكون رد إسرائيل متناسباً

قال الرئيس الأميركي جو بايدن، الأربعاء، إنه لا يؤيد شن هجوم على المواقع النووية الإيرانية في أعقاب الضربات الصاروخية التي شنتها طهران على إسرائيل.

واعترض بايدن على أي ضربة إسرائيلية على مواقع نووية إيرانية، كما عبر عن قلقه إزاء استهداف مواقع الطاقة.

وقال توماس كاراكو مدير مشروع الدفاع الصاروخي في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، في إشارة إلى إمكانية أن تختار إسرائيل ضرب أهداف نووية أو غيرها "ربما تكون هذه جزرة لمحاولة إقناع الإسرائيليين بعدم القيام بعملية كبيرة".

وأضاف: "كما تعلمون، لا يمكن إرسال أصول بمليارات الدولارات دون بعض الشروط".

ولم يرد البيت الأبيض بصورة مباشرة على سؤال بشأن ما إذا كان إرسال منظومة "ثاد" إلى إسرائيل جزءاً من صفقة للإسرائيليين للموافقة على عدم استهداف المواقع النفطية أو النووية الإيرانية.

وقال آرون ديفيد ميلر، الزميل البارز في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي، إن مهلة الثلاثين يوماً التي منحها بايدن لإسرائيل للامتثال للمطالب ستنتهي بعد الانتخابات الأميركية في الخامس من نوفمبر، ويمنح ذلك نتنياهو القدرة على تحديد إلى أي مدى سيمتثل، لا سيما إذا هَزم مرشح الحزب الجمهوري المقرب منه الرئيس السابق دونالد ترمب مرشحةَ الحزب الديمقراطي نائبة الرئيس كامالا هاريس.

وأضاف ميلر: "يظن نتنياهو أنه في أوج قوته، وقد يكون كذلك بالفعل. ربما يكون لدينا رئيس منتخب جديد أكثر إرضاء له في غضون أسابيع".

قواعد لا تنطبق على إسرائيل

وأشارت مجلة "بوليتيكو"، الأربعاء، إلى أن أكبر مسؤولة أميركية تعمل على الوضع الإنساني في غزة، أبلغت منظمات إغاثة في أغسطس الماضي بأن الولايات المتحدة لن تفكر في حجب الأسلحة عن إسرائيل؛ بسبب منعها دخول الغذاء والدواء إلى القطاع، في اعتراف نادر من أحد أفراد إدارة بايدن.

وذكرت المجلة، أنه في اجتماع عقد في 29 أغسطس الماضي في واشنطن، أخبرت المبعوثة الخاصة للقضايا الإنسانية في الشرق الأوسط ليز جراند، قادة أكثر من 10 منظمات إغاثية أن الولايات المتحدة ربما تفكر في تكتيكات أخرى لإقناع إسرائيل بالسماح بدخول المساعدات الحيوية إلى غزة، مثل ممارسة الضغط عبر الأمم المتحدة، لكنها شددت على أن الإدارة ستستمر في دعم إسرائيل، ولن تؤخر أو توقف شحنات الأسلحة.

وقال مسؤول في إحدى منظمات الإغاثة، حضر الاجتماع، لمجلة "بوليتيكو"، إن جراند أشارت إلى أن إسرائيل واحدة من "دائرة ضيقة جداً من الحلفاء"، الذين لن تعارضهم الولايات المتحدة، ولن "تحجب عنهم أي شيء يريدونه".

وأضاف المسؤول: "كانت تقول، بشكل ما، إنه مع بعض الحلفاء لا يمكننا أن نلعب دور الشرطي السيئ". بدوره قال أحد الحاضرين في الاجتماع للمجلة: "كانت (جراند) تقول إن القواعد لا تنطبق على إسرائيل".

وعلى الرغم من أن تصريحات جراند جاءت منذ أكثر من شهر، لكن تقييمها الصريح لاحتمالية أن تتخذ الولايات المتحدة إجراءات بشأن الأسلحة لإسرائيل، يثير تساؤلات بشأن جدية تهديدات الإدارة الأخيرة بالقيام بذلك، بحسب "بوليتيكو".

وكتب وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ووزير الدفاع لويد أوستن إلى المسؤولين في إسرائيل، الأحد، يطالبان باتخاذ تدابير ملموسة  خلال 30 يوماً، لمعالجة الوضع المتدهور في القطاع الفلسطيني، وإلا فإنها قد تواجه قيوداً محتملة على المساعدات العسكرية.

وعندما ضغط صحافيون على الإدارة، الاثنين الماضي، بشأن سبب تضمن الإنذار لإسرائيل فترة سماح، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية ماثيو ميلر: "نعتقد أنه من المناسب إعطائهم فرصة لحل المشكلة".

تصنيفات

قصص قد تهمك