تقييمات استخباراتية ترجح "توقفاً اضطرارياً" لهجوم روسيا بشرق أوكرانيا قريباً

time reading iconدقائق القراءة - 7
أعمدة الدخان تتصاعد في ظل احتدام القصف على مدينة ليسيتشانسك شرقي أوكرانيا - 18 يونيو 2022 - REUTERS
أعمدة الدخان تتصاعد في ظل احتدام القصف على مدينة ليسيتشانسك شرقي أوكرانيا - 18 يونيو 2022 - REUTERS
دبي -الشرق

توقعت تقييمات بعض أجهزة المخابرات الغربية وخبراء عسكريين أن يستنفد الجيش الروسي قدراته القتالية قريباً، ما سيجعله "مضطراً لوقف هجومه" في منطقة دونباس شرقي أوكرانيا، حسبما أفادت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية.

ونقلت الصحيفة، في تقرير، السبت، عن مسؤول غربي بارز، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، القول: "بالنظر للتكاليف الكبيرة ولحاجة القوات الروسية إلى توقف عملياتها لتجديد قدراتها القتالية، فإنه سيأتي وقت ستتوقف فيه التقدمات الصغيرة التي تحققها موسكو".

وأشارت "واشنطن بوست" إلى أن هذه التقييمات تأتي في الوقت الذي يستمر فيه التقدم الروسي ضد القوات الأوكرانية، بما في ذلك الاستيلاء على بلدة "سيفيرودونتسك"، والتي تعد أكبر مركز حضري تسيطر عليه موسكو في المنطقة الشرقية منذ شن هجوم "دونباس" الأخير قبل نحو ثلاثة أشهر.

وتقترب قوات روسيا في الوقت الراهن من مدينة "ليسيتشانسك" المجاورة، التي تقع على الضفة المقابلة لنهر "دونيتسك". وستمكن السيطرة على المدينة روسيا من الاستيلاء الكامل على إقليم لوغانسك، الذي يعد إحدى منطقتين تشملهما منطقة "دونباس".

تطويق ليسيتشانسك

ولفتت الصحيفة إلى أن الاستيلاء على "ليسيتشانسك" يمثل تحدياً كبيراً للروس، وذلك لأنها تقع على أرض مرتفعة كما أن نهر "دونيتسك" يعيق التقدم الروسي من الشرق، ولذا فإنه يبدو أن القوات الروسية عازمة على تطويق المدينة من الغرب.

ووفقاً للمعلومات التي نقلتها الصحيفة عن بعض قنوات "تليجرام" الروسية، وكذلك حساب نائبة وزير الدفاع الأوكراني، آنا ماليار، فإن الجيش الروسي يتعرض لضغوط شديدة لإخضاع "لوغانسك" لسيطرة موسكو بشكل كامل.

وبحسب المسؤول الغربي الذي تحدث مع "واشنطن بوست" شريطة عدم الكشف عن هويته، فإن "هذا التقدم الروسي الزاحف يعتمد بشكل كامل تقريباً على استخدام كميات هائلة من الذخيرة، لا سيما قذائف المدفعية".

وأوضح أنه على الرغم من أن روسيا تطلق القذائف "بمعدلات قد لا يتمكن أي جيش في العالم تقريباً من تحمله لفترة طويلة، فلا تزال موسكو تعاني من خسائر فادحة في معداتها ورجالها، مما يثير تساؤلات حول المدة التي يمكن أن يستمر فيها هجومها في أوكرانيا".

استنفاذ القوات الروسية

وذكرت "واشنطن بوست" أنه على الرغم من أن المسؤولين الذين تحدثت معهم رفضوا تقديم إطار زمني للحرب الروسية، إلا أن رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، أشار، الأسبوع الماضي، نقلاً عن تقييمات استخباراتية، إلى أن موسكو ستكون قادرة على مواصلة القتال خلال الأشهر القليلة المقبلة فقط.

وأضاف في مقابلة مع صحيفة "سود دويتشه تسايتونج" الألمانية: "يمكن لروسيا أن تصل إلى نقطة لن يعد فيها هناك أي زخم للمضي قدماً في هذه الحرب وذلك بسبب استنفاد مواردها".

ووفقاً لمسؤولين أوكرانيين، لم تكشف الصحيفة عن هوياتهم، فإن الهجوم الروسي تجاوز التوقعات بأن قدرات موسكو الهجومية ستبلغ ذروتها بحلول الصيف، إذ ساعد التجنيد المتسارع للجنود المتعاقدين وجنود الاحتياط في وجود ما يصل إلى 40 و 50 ألف جندي الذين قاموا بحل محل أولئك الذين فُقِدوا أو أصيبوا بالعجز في الأسابيع الأولى من القتال.

فيما يقول القائد السابق للقوات الأميركية في أوروبا والذي يعمل الآن مع مركز تحليل السياسة الأوروبية الجنرال المتقاعد بِن هودجز إنه "من المرجح أن يتحسن وضع القوات الأوكرانية مع وصول أسلحة غربية أكثر تطوراً، في حين أنه من المتوقع أن تتدهور أوضاع القوات الروسية وذلك لأنها تستنفد مخزوناتها من المعدات القديمة".

وأضاف: "في مرحلة ما خلال الأشهر المقبلة، سيكون الأوكرانيون قد تلقوا ما يكفي من الأسلحة الغربية التي من المحتمل أن تجعلهم قادرين على شن هجوم مضاد وتغيير مسار الحرب".

تفاؤل أميركي

وأعرب الجنرال الأميركي عن تفاؤله الشديد بأن "أوكرانيا ستفوز في هذه الحرب"، متوقعاً أن تعود روسيا إلى خطوط ما قبل 24 فبراير الماضي بحلول نهاية هذا العام، وذلك في إشارة إلى حدود المناطق التي احتلتها موسكو في شبه جزيرة القرم ومنطقة "دونباس" في عامي 2014 و2015.

ووفقاً للصحيفة، فإن هناك مؤشرات بالفعل على أن توريد الأسلحة الغربية بات آخذاً في الازدياد، إذ استلمت كييف مؤخراً أول دفعة من أنظمة "هيمارس" الأميركية التي طال انتظارها، والتي ستمنح كييف القدرة على ضرب أهداف على بُعد 50 ميلاً خلف الخطوط الروسية، حسبما نقلت عن مسؤولين أميركيين.

ويضيف المسؤول الغربي البارز للصحيفة، أن الروس كانوا قد توقعوا حرباً قصيرة تنهار فيها القوات الأوكرانية بسرعة، ولذا فإنهم لم يبذلوا أي جهد لزيادة إنتاجهم من الأسلحة قبل الغزو، مشيراً إلى أنه على الرغم من أنهم على الأرجح فعلوا ذلك مؤخراً، فإن مجمعهم الصناعي الدفاعي لا يملك القدرة على مواكبة المعدل الضخم الذي تستخدم به روسيا قذائف المدفعية، وتابع: "إمداداتهم ليست بلا حدود".

من جانبه، رأى مدير الدراسات الروسية في مركز التحليلات البحرية، مايكل كوفمان، أن المكاسب الطفيفة التي حققتها روسيا على الأرض تبدو أقل أهمية مقارنة بتوازن القوى في ساحة المعركة، قائلاً إنه "من المرجح أن يتم استنفاد قدراتها القتالية خلال الصيف، وبعد ذلك سيكون هناك توقف للعمليات".

وحسبما يقول مسؤولون أوكرانيون للصحيفة فإنه في هذه المرحلة، وبافتراض وصول كميات كافية من الأسلحة والذخيرة إلى أوكرانيا، فإن الأمل هو أن تتمكن الأخيرة من شن هجوم مضاد والبدء في دحر القوات الروسية.

فيما رأى المسؤول الغربي البارز، أنه في حال لم يتم الأمر بهذا الشكل، فإن الجانبين سيتدخلان للدفاع عن مواقفهما، وهو ما سيترتب عليه حالة من الجمود، مما يحول دون حدوث اختراق دبلوماسي.

وتابع: "سيكون لدينا طرفان لا يسعيان إلى التمتع بميزة على الأرض ولكنهما سيسعيان لتوقف العمليات، والتركيز على الحصول على الإمدادات وتخفيف العمليات على خط المواجهة، وعند هذه النقطة سنصبح في صراع ممتد لفترة طويلة".  

اقرأ أيضاً:

تصنيفات