
قالت وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا إن الصين "ما زالت في موقف متوازن" بشأن الغزو الروسي لأوكرانيا، وأشارت إلى أن مضامين المقترح الصيني لإحلال السلام بين موسكو وكييف "مهمة للغاية"، وذلك عشية أول زيارة للرئيس الصيني إلى روسيا منذ اندلاع الحرب.
ودعت كولونا، في مقابلة مع صحيفة "لو جورنال دو ديمانش" الفرنسية، نُشرت الأحد، الرئيس الصيني للحفاظ على مبدأ احترام سيادة الدول.
وأضافت: "لاحظنا خلال اتصالات التحضير للزيارة المرتقبة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى بكين، المقررة مطلع أبريل، أن الصين لا تزال في موقف متوازن".
وأشارت إلى أن الصين "تطالب باحترام مبادئ ميثاق الأمم المتحدة"، موضحة أن "هذا الموقف يلاحظ أيضاً في الفقرة الأولى من المقترح المكون من 12 بنداً، والذي قدمته الدبلوماسية الصينية الشهر الماضي".
ودعا المقترح الصيني لإحلال السلام في أوكرانيا في بنده الأول إلى "احترام سيادة كافة الدول، والالتزام الصارم بالقانون الدولي المعترف به عالمياً، بما فيه مقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة".
واعتبرت وزيرة الخارجية الفرنسية أن مضمون المقترح الصيني لإحلال السلام في أوكرانيا "مهم للغاية". وتابعت: "آمل أن يحافظ الرئيس الصيني في موسكو على نفس الأولوية المتمثلة في احترام هذا المبدأ المتعلق بحرمة الحدود واحترام السيادة الإقليمية للدول".
زيارة ماكرون إلى الصين
وقالت وزيرة الخارجية الفرنسية إن "الصين شديدة التعلق بالاستقرار، وأي خلل مفاجئ في التوازن يبدو غير مواتٍ لها"، مضيفةً أن "الحرب الجارية في أوكرانيا ليست في مصلحتها".
وأضافت أن الرئيس الفرنسي سيركز خلال زيارته إلى بكين "على هذا البحث المشترك عن الاستقرار، خلال حوار جاد مع الرئيس الصيني".
وأعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، فبراير الماضي، أنه سيزور الصين مطلع أبريل المقبل، وذلك بالتزامن مع إعلان الصين عن مقترحها لتسوية الصراع في أوكرانيا.
وتأتي الزيارة استكمالاً للقاء عُقد بين ماكرون ونظيره الصيني شي جين بينج على هامش قمة مجموعة العشرين التي استضافتها بالي في 15 نوفمبر الماضي، وفق ما أعلن قصر الإليزيه.
وكان ماكرون طلب من شي جين بينج، الذي لم تصدر عنه حتى اليوم أيّ إدانة للغزو الروسي لأوكرانيا، السعي لإقناع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالعودة إلى "طاولة المفاوضات".
محاسبة بوتين
واعتبرت وزيرة الخارجية الفرنسية أنّ إصدار المحكمة الجنائيّة الدوليّة، الجمعة، مذكرة توقيف بحقّ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بتهمة ارتكاب جرائم حرب في أوكرانيا هو قرار "بالغ الأهمية".
وقالت كولونا إنّ "هذا القرار في منتهى الأهمّية لأنّه يعني أن أي شخص مسؤول عن جرائم حرب أو جرائم ضدّ الإنسانية يجب أن يُحاسَب بغض النظر عن وضعه أو منصبه".
وأضافت: "لا توجد أيّ حلقة في السلسلة يمكنها أن تعتقد الآن أنها ستُفلِت من العدالة، وهذا يجب أن يدفع كثيرين إلى التفكير. لذلك فإنّ هذا القرار يمكن أن يُغيّر مجرى الأحداث".
وذكرت المحكمة أنّ مذكّرة التوقيف جاءت على خلفيّة "جريمة الحرب المفترضة المتمثّلة في الترحيل غير القانوني لأطفال من المناطق المحتلّة في أوكرانيا إلى روسيا الاتحادية" منذ بدء الغزو.
ورفض الكرملين قرار المحكمة، واصفاً إياه بأنه "باطل" لأن روسيا ليست طرفاً في "الجنائيّة الدوليّة". في المقابل، رحّبت أوكرانيا التي مزّقتها الحرب بإعلان المحكمة، واعتبر رئيسها فولوديمير زيلينسكي أن القرار "تاريخي".
وعلّقت كولونا على ذلك بالقول إن "فرنسا تدعم المحكمة، وتُساعد العدالة الأوكرانيّة من خلال إرسال فرق متخصّصة إلى الميدان لتوثيق الانتهاكات أو التعرّف إلى الضحايا".
تزويد أوكرانيا بالمقاتلات
ورداً على سؤال بشأن إرسال سلوفاكيا 13 مقاتلة من طراز "ميج-29" لأوكرانيا، وأربعاً أخرى من جانب بولندا، أجابت الوزيرة الفرنسيّة بأن "كل ما يساعد أوكرانيا مفيد".
وأردفت: "الدول التي لديها معدّات سوفيتيّة يعرفها الأوكرانيّون، كانت قادرةً على اتّخاذ هذا القرار"، وقالت: "لمواجهة (الهجوم الروسي)، يجب أن تكون أوكرانيا قادرة على المقاومة بالوسائل المتاحة حالياً".
وفي ما يتعلّق بتسليم فرنسا طائرات مقاتلة أكثر تطوّراً في المستقبل، أوضحت كولونا أنه "من حيث المبدأ، قال رئيس الجمهورية ووزير الجيوش إنه ليست هناك مُحرّمات" في هذا الإطار.
وعبَّر الرئيس الفرنسي عن عدم تأييده لإرسال طائرات مقاتلة إلى أوكرانيا، وأكد، في فبراير الماضي، أنه يفضل أسلحة "أكثر فائدة" ويكون تسليمها بشكل "أسرع".
"الأمن الجماعي"
وبسؤالها عن معارضة تركيا لانضمام السويد إلى حلف الناتو، دعت وزيرة الخارجية الفرنسية أنقرة إلى "القيام بواجبها" وحذرت من "اللعب بالأمن الجماعي".
وانتقدت كولونا ضمنياً قرار أنقرة التعامل مع ملفي عضوية السويد وفنلندا للناتو بشكل منفصل، قائلةً إنه "تم تقديم ترشيحات فنلندا والسويد معاً رداً على الخطر الذي تشكله الحرب الروسية في أوكرانيا على الأمن في أوروبا".
وخاطبت تركيا قائلةً: "أن تكون عضواً في منظمة مثل الناتو يعني ضمنياً أن لك حق الاستفادة من حماية الحلف، ولكن عليك كذلك التزامات تجاه الحلف. واحد من هذه الالتزامات هو المساهمة في أمن المنطقة الأوروبية الأطلسية".
وتابعت: "بما أن فنلندا والسويد ستساهمان بشكل كبير في أمن المنطقة، نتوقع أن تقوم تركيا بواجباتها"، في إشارة إلى ضرورة موافقتها على انضمام البلدين للحلف.
وقالت: "لا يمكننا أن نلعب بالأمن الجماعي للدفع بمصالح أخرى. هذه لسيت طريقة عمل التحالف".
وأعلنت تركيا، الجمعة، البدء في إجراءات المصادقة على انضمام فنلندا إلى حلف الناتو. فيما تواصل المفاوضات مع السويد للموافقة على انضمامها للحلف.
ونسقت ستوكهولم وهلسنكي بين طلبيهما للانضمام للحلف على نحو وثيق قبل تسليمهما معاً العام الماضي، لكن الرئيس التركي أبدى اعتراضه على انضمام الدولتين الاسكندنافيتين بحجة أنه يريد أن تتبنى السويد "موقفاً أكثر حزماً ضد النشطاء الأكراد"، الذين يعتبرهم "إرهابيين".
وتأخذ تركيا على السويد خصوصاً إيواء ناشطين أكراد تعتبرهم "إرهابيين"، لا سيما مؤيدي حزب العمال الكردستاني.
وقدّمت أنقرة لائحة مطالب إلى ستوكهولم تشمل طرد عشرات المقيمين في السويد، معظمهم من الأكراد، إذ تشتبه في ارتباطهم بمجموعات انفصالية.
اقرأ أيضاً: