في تحدٍ لنفوذ روسيا.. أوكرانيا تقترب من صفقة "نووية" مع بلغاريا

time reading iconدقائق القراءة - 6
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ورئيس والوزراء البلغاري نيكولاي دينكوف يوقعان مذكرة تعاون في مجال الطاقة بصوفيا. 6 يوليو 2023 - REUTERS
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ورئيس والوزراء البلغاري نيكولاي دينكوف يوقعان مذكرة تعاون في مجال الطاقة بصوفيا. 6 يوليو 2023 - REUTERS
دبي-الشرق

تقترب بلغاريا من التوصل إلى اتفاق لبيع مفاعلين نوويين روسيين، إلى جانب معدات حيوية أخرى لشركة طاقة نووية أوكرانية مملوكة للدولة، في الوقت الذي تتحرك فيه أوروبا لتقليص قبضة روسيا على إمدادات الطاقة في القارة.

وبموجب الاتفاق، الذي لا يزال قيد التفاوض، ستبيع شركة الكهرباء الحكومية في صوفيا، معدات لشركة الطاقة الحكومية الأوكرانية "إنرجواتوم" من محطة "بيلين" للطاقة النووية غير المكتملة، مقابل 600 مليون يورو، حسبما نقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" عن مسؤولين مطلعين ومصادر أخرى.

وقالت الصحيفة إنه في حال تمت الصفقة فإنها ستمثل المرة الأولى منذ بداية الحرب في أوكرانيا، التي تستخدم فيها معدات طاقة نووية روسية الصنع، للمساعدة في زيادة إنتاج الطاقة لكييف.

ورأت "وول ستريت جورنال"، أن دراسة بلغاريا، وهي دولة حليفة للاتحاد السوفيتي السابق، وكانت صديقة لموسكو لفترة طويلة، لهذا الاتفاق "علامة على مدى تآكل النفوذ الروسي في دول شرق الاتحاد الأوروبي".

وقال أشخاص مطلعون على الأمر، إنه في الوقت الذي تكافح فيه أوكرانيا لدفع فاتورة الطاقة، فإن أحد الخيارات التي تمت مناقشتها بين المسؤولين البلغاريين والأميركيين، هو أن تسهم الولايات المتحدة في ذلك من خلال مساعداتها لكييف.

دعم أميركي

وقد يشمل ذلك قيام واشنطن بإعطاء أموال لشركة "إنرجواتوم"، والتي ستدفع بعد ذلك لنظيرتها البلغارية. وثمة خيار آخر قيد الدراسة، يتمثل في أن تحصل صوفيا على حصة أقلية في محطة "خميلنيتسكي" للطاقة النووية في أوكرانيا، حيث سيتم تركيب المعدات.

ووقع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، في أول زيارة إلى بلغاريا منذ الغزو الروسي، خلال اجتماع مع رئيس الوزراء البلغاري نيكولاي دينكوف، على توقيع مذكرة تعاون في صناعة الطاقة بين الحكومتين.

وقال زيلينسكي عبر "تويتر" إن الطاقة هي "الأولوية الأساسية" للمحادثات.  

وأصبحت محطة "بيلين" نقطة اشتعال رئيسية في بلغاريا المنقسمة بين أولئك الذين يسعون إلى تكامل أوثق مع الغرب، وأولئك الذين يريدون تعزيز الروابط الثقافية والاقتصادية مع روسيا.

وأصدر البرلمان البلغاري، الخميس، قراراً يلزم الحكومة بإجراء مفاوضات مع كييف بشأن البيع.

وقال مسؤولون، إنَّ الاتفاق المحتمل، الذي يجري العمل عليه منذ أسابيع، ظل سرياً لمنع السياسيين الموالين لروسيا في بلغاريا من محاولة عرقلته، ثم تم تمريره على عجل من خلال المجلس التشريعي، مما أثار انتقادات من قبل حزبين معارضين رئيسيين مؤيدين لموسكو.

مشهد الطاقة الأوروبي

وتغير مشهد الطاقة في أوروبا إلى حد كبير، منذ غزو أوكرانيا العام الماضي، حيث أصبحت روسيا، التي كانت ذات يوم أكبر مورد للطاقة في المنطقة، في وضع غير موات بالسوق المربحة. في المقابل خفض الاتحاد الأوروبي العام الماضي، وارداته من النفط والغاز والفحم الروسي.

واعتمدت بلغاريا ذاتها على روسيا في معظم إمداداتها من الغاز قبل بدء الغزو في فبراير 2022.  

بدوره، قال مدير برنامج الطاقة والمناخ في "مركز دراسة الديمقراطية" بصوفيا، مارتن فلاديميروف، إن "الصفقة تظهر كيف أن نفوذ روسيا في مجال الطاقة بأوروبا يتضاءل بسرعة". وأضاف أن الصفقة أيضاً "جزء من استراتيجية غربية أكبر لجلب سوق الطاقة الأوكرانية إلى المدار الأوروبي".

وبالنسبة لأوكرانيا، التي تعمل على استكمال وحدتين لتوليد الطاقة في محطة "خميلنيتسكي" في غرب البلاد، فإن المعدات البلغارية ستسد فجوة في منشأتها التي صممها الاتحاد السوفيتي، كما ستساعد كييف على توسيع صادراتها من الطاقة إلى أوروبا.  

واستأنفت أوكرانيا تلك الصادرات هذا الربيع، بعد أن اتهمت موسكو بمحاولة تدمير بنيتها التحتية للطاقة بهجمات صاروخية وطائرات مسيرة. كما تم تدريب الفنيين النوويين الأوكرانيين أيضاً على استخدام المعدات روسية الصنع.

ولطالما استخدمت روسيا قيادتها لسلسلة التوريد النووية العالمية لزيادة نفوذها في جميع أنحاء العالم. كما توفر موسكو إمدادات الوقود الحيوية، بما في ذلك حوالي 46% من القدرة العالمية لتخصيب اليورانيوم، وفقاً للرابطة النووية العالمية.

نهاية شراكة نووية

وفي بلغاريا، سيمثل الاتفاق نهاية شراكة نووية مع موسكو شكلت سياستها في مجال الطاقة لعقود، وجعلت البلاد قريبة على نحو وثيق من الكرملين.

وتم إيقاف العمل في محطة "بيلين"، وإعادة تشغيلها عدة مرات منذ ثمانينات القرن الماضي. وانتقدتها الحكومات الغربية، ووصفتها بأنها مشروع معيب تقنياً وتجارياً، من شأنه أن يربط صوفيا لعقود بإمدادات الطاقة الروسية.

وبحسب "وول سترتيت جورنال"، لطالما سعى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى استغلال الانقسامات في الجناح الشرقي الأكثر فقراً في أوروبا، ونشر ترسانة من الأدوات، بما في ذلك الدعاية والضغط الاقتصادي، والقرصنة، والحيل السياسية، لممارسة النفوذ.  

ووجدت هذه الاستراتيجية أرضاً خصبة في بلغاريا، أفقر عضو في الاتحاد الأوروبي من حيث نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، والتي تربطها لقرون علاقات تاريخية واقتصادية عميقة مع روسيا، فيما تنفي موسكو ممارسة نفوذ لا مبرر له، وفقاً للصحيفة.

وبعد الغزو، أصبح مصنعو الأسلحة البلغاريون مصدرين رئيسيين للأسلحة إلى أوكرانيا، عادة عبر وسطاء في سلوفاكيا وبولندا. وفي أواخر العام الماضي، قرر البرلمان البلغاري إرسال دعم عسكري بشكل رسمي إلى كييف.

وقد وعدت الحكومة الجديدة، التي تشكلت الشهر الماضي، بزيادة هذا الدعم، لكن الانقسامات لا تزال قائمة.

واجتاحت البلاد أزمة سياسية، فقد شهدت 5 انتخابات برلمانية غير حاسمة في حوالي عامين، وكان دعم أوكرانيا أحد خطوط الصدع. وصوت حزبان مؤيدان لروسيا في البرلمان، الحزب الاشتراكي والحزب القومي "ريفيفال"، الخميس، ضد قرار "بيلين". 

اقرأ أيضاً:

تصنيفات