هل تنجح نيجيريا في الانضمام إلى مجموعة العشرين؟

time reading iconدقائق القراءة - 14
أعلام نيجيريا في مدينة أبوجا. 12 يونيو 2020 - REUTERS
أعلام نيجيريا في مدينة أبوجا. 12 يونيو 2020 - REUTERS
دبي-الشرق

وصل الرئيس النيجيري بولا أحمد تينوبو إلى العاصمة الهندية نيودلهي، الخميس، للمشاركة في قمة مجموعة العشرين كضيف شرف، فيما تدرس بلاده تقديم طلب للانضمام إلى المجموعة، رغم صعوبة هذه المهمة بسبب غياب "معايير محددة" للعضوية.

ومن المتوقع أن يعقد رئيس نيجيريا اجتماعات ثنائية مع رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، بالإضافة إلى لقاءات مع قادة ألمانيا وكوريا الجنوبية والبرازيل على هامش القمة، التي ستبدأ السبت.

وكانت نيجيريا قد أعلنت، الأحد، أنها تدرس تقديم طلب للانضمام إلى مجموعة العشرين، وهي المجموعة التي تضم أكبر الاقتصادات في العالم. وتعد نيجيريا أكبر اقتصاد في إفريقيا وتحتل المرتبة 30 عالمياً.

ومن المتوقع أن يتم الإعلان عن دعوة الاتحاد الإفريقي للانضمام إلى مجموعة العشرين خلال قمة نيودلهي، وهو ما اعتبرته نيجيريا "خطوة مهمة للمساهمة في تنويع الأصوات" داخل هذا التكتل.

ما شروط الانضمام لمجموعة العشرين؟

تأسست مجموعة العشرين في عام 1999 بعد الأزمة المالية الآسيوية، كمنتدى لوزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية، ومنذ عام 2009، أصبحت المجموعة بمثابة المنتدى الأول للتعاون الاقتصادي الدولي.

وتضم المجموعة في عضويتها حالياً 19 دولة هي الأرجنتين، وأستراليا، والبرازيل، وكندا، والصين، وفرنسا، وألمانيا، والهند، وإندونيسيا، وإيطاليا، واليابان، وكوريا الجنوبية، والمكسيك، وروسيا، والسعودية، وجنوب إفريقيا، وتركيا، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة، إضافة إلى الاتحاد الأوروبي.

ويمثل أعضاء المجموعة حوالي 85% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وأكثر من 75% من التجارة العالمية، ونحو ثلثي سكان العالم.

والانضمام إلى المجموعة ليس عملية سهلة بالنسبة لنيجيريا، فمنذ تأسيس المجموعة لم تشهد انضمام أي عضو جديد، على الرغم من المحاولات المتكررة لعدد من الدول.

وترجع هذه الصعوبة إلى انعدام "معايير محددة للعضوية في المجموعة"، وفق أرشيف "مجموعة العشرين" في عام 2009، ولكنها تقول إن "جوانب مثل التوازن الجغرافي والتمثيل السكاني لعبت دوراً رئيسياً" في اختيار الأعضاء.

وسويسرا، على سبيل المثال، تحتل المرتبة 19 عالمياً من حيث الناتج المحلي الإجمالي، استناداً إلى بيانات صندوق النقد الدولي، ومع ذلك فهي ليست جزءاً من المجموعة.

وكذلك تتمتع إسبانيا بناتج محلي إجمالي يعد من بين الأعلى في العالم، لكنها مع ذلك ليست عضواً في المجموعة، ورغم محاولتها الانضمام إلا أنها حصلت فقط على صفة "الضيف الدائم".

من ناحية أخرى، فإن دولاً خارج قائمة أعلى 20 دولة من حيث الناتج المحلي الإجمالي، مثل الأرجنتين، تشكل جزءاً من المجموعة.

ما مؤهلات نيجيريا للانضمام إلى مجموعة العشرين؟

تقع نيجيريا في غرب إفريقيا وتمتد على مساحة تتجاوز 923 ألف كيلو متر مربع، ويبلغ عدد سكانها أكثر من 223 مليون نسمة، ما يجعلها في المرتبة السادسة من حيث عدد السكان في العالم.

وتعد نيجيريا أكبر اقتصاد في القارة الإفريقية، بناتج محلي إجمالي يبلغ 477 مليار دولار، محتلة بذلك المرتبة الأولى على مستوى القارة والـ30 عالمياً، وفقاً لبيانات "البنك الدولي".

ويعتمد الاقتصاد النيجيري على النفط إلى حد كبير، إذ تمثل صناعة النفط نحو 90% من إجمالي قيمة الصادرات. كما تحتل البلاد المرتبة 11 من بين كبار منتجي النفط في العالم، مع متوسط إنتاج يومي يبلغ حوالي 1.8 مليون برميل.

وتتركز معظم حقول النفط النيجيرية في منطقة دلتا النيجر، جنوب ووسط البلاد.

وفي نيجيريا أغنى رجل في إفريقيا، وهو أليكو دانجوتي صاحب مجمع "دانجوتي جروب"، الذي يستثمر في دول عدة بمنطقة غرب إفريقيا.

ودانجوتي من عرقية الهوسا، وتقدر "فوربس" ثروته بنحو 13.5 مليار دولار، ويستثمر في قطاعات عدة، على غرار النفط والإسمنت.

وإلى جانب صناعة النفط، تعد نيجيريا أكبر سوق لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات في إفريقيا، إذ يسهم هذا القطاع بنسبة 15.5% في إجمالي الناتج المحلي الحقيقي بقيمة تجاوزت 14 مليار دولار بحسب بيانات عام 2021، وفقاً لصحيفة "Niramitrics" النيجيرية.

ما أبرز المشاكل التي تعرقل انضمام نيجيريا إلى مجموعة العشرين؟

على الرغم من ثرائها النفطي وقوتها الاقتصادية، إلا أنَّ نيجيريا تعاني مشكلات عديدة بسبب سياسات حكومية واضطرابات أمنية، وتفشي للفساد والرشوة.

وظلت نيجيريا تعاني لسنوات طويلة من انتشار الفساد، إذ تصنفها "منظمة الشفافية العالمية" ضمن البلدان الـ25 الأكثر فساداً. ويعتقد على نطاق واسع أن الآلاف من رجال الأعمال النيجيريين يكدسون أموالاً ضخمة خارج النظام المصرفي خوفاً من المسائلة.

ولم يؤد ارتفاع أسعار النفط منذ عام 2021 إلى تعزيز أداء الاقتصاد النيجيري كما كان الحال في الماضي. وبدلاً من ذلك، ضعف استقرار الاقتصاد الكلي، وسط انخفاض إنتاج النفط، ودعم البنزين المكلف الذي يستهلك حصة كبيرة من إجمالي عائدات النفط، بحسب "البنك الدولي".

وتعاني نيجيريا أيضاً من الارتفاع الكبير في معدَّلات التضخم الذي بلغ حوالي 18.85% عام 2022.

وبلغت معدلات البطالة مستويات مرتفعة أيضاً، بحسب "صندوق النقد الدولي"، والذي يقدرها بأكثر من 22%، كما سجل الدين العام مستويات قياسية بلغت أكثر من 108 مليارات دولار، خلال العام الجاري، بحسب الصندوق.

ومنذ وصوله إلى السلطة في مايو الماضي، سعى الرئيس النيجيري بولا تينوبو إلى فرض إصلاحات اقتصادية، شملت إلغاء دعم البنزين، مع تدابير معززة للحماية الاجتماعية.

وبحسب البنك الدولي، شملت الإصلاحات اعتماد سعر صرف موحد يستجيب للسوق، وإعادة تركيز البنك المركزي على مهمته المتمثلة في خفض التضخم.

وفي ظل هذه الخطوات، من المتوقع أن ينمو الاقتصاد النيجيري بمعدل 2.9% سنوياً بين عامي 2023 و2025، وهو ما يزيد قليلاً عن معدل النمو السكاني المقدر بـ2.4%.

ورجَّح البنك الدولي أن يكون النمو مدفوعاً بقطاعات الخدمات والتجارة والتصنيع، محذراً في الوقت نفسه من المخاطر السلبية التي تهدد هذه التوقعات، بما في ذلك تذبذب مستوى الإنتاج النفطي، وندرة النقد الأجنبي.

ما مكونات السكان في نيجيريا؟

وفقاً لـ"مركز بيو للأبحاث"، فإن 50% من سكان البلاد مسلمون و48.1% مسيحيون، فيما ينتمي حوالى 2% إلى مجموعات دينية أخرى. وتتكون نيجيريا من 36 ولاية تتمتع بالحكم الذاتي، إضافة إلى منطقة العاصمة الفيدرالية.

توجد في نيجيريا مجموعة من العرقيات المختلفة دينياً ولغوياً، أبرزها عرقيتا الهوسا والفولاني المنتشرتان في المناطق الشمالية للبلاد.

وعلى الرغم من أنَّ العرقيتين نشأتا في أجزاء مختلفة من غرب إفريقيا، إلا أنَّ الدين والتزاوج واعتماد الفولاني للغة الهوسا وحّد بين المجموعتين بمرور الوقت، وفي المجتمع المعاصر، غالباً ما يشار إليهما بشكل جماعي باسم الهوسا-الفولاني.

ويعد الإسلام عنصراً رئيساً في الهوية العرقية للمجموعتين، وهما تتشاركان الهيمنة السياسية منذ استقلال نيجيريا عن بريطانيا في عام 1960.

ويمثل "الإيجبو"، المجموعة العرقية الرئيسة في جنوب شرق البلاد، ويدين معظم أفرادها بالمسيحية.

وخلال فترة الاستعمار البريطاني، خدم العديد من أفراد "الإيجبو" في مناصب حكومية وعسكرية، وكانوا بعد ذلك لاعبين رئيسيين في استقلال البلاد، لكن على مدى العقود القليلة الماضية، أصبحت المجموعة أقل هيمنة من الناحية السياسية.

وأدَّى اكتشاف احتياطيات كبيرة من النفط بالقرب من إجبولاند في أوائل الستينيات وإعادة تقسيم الدوائر المقترحة، إلى خوف كثيرين في مجموعة "الإيجبو" من حرمانهم من عائدات الموارد الطبيعية.

وفي عام 1967، قادت حركة انفصالية من "الإيجبو" في ولاية بيافرا حرباً استمرت 30 شهراً مع الحكومة النيجيرية، مات خلالها الآلاف، وبعد الحرب، تم إعادة دمج الإيجبو في المجتمع النيجيري، ولكن في دور أكثر تهميشاً.

أما "اليوروبا" فهي مجموعة عرقية تسكن المدن الكبرى في نيجيريا، ويشكلون حالياً الغالبية في لاجوس، ثاني أكبر مدينة من حيث عدد السكان في إفريقيا.

وينتشر الإسلام والمسيحية في عرقية اليوروبا، وكما هو الحال مع "الإيجبو"، اضطلع "اليوروبا" بأدوار مهمة في الحكومة الاستعمارية البريطانية، وشاركوا بشكل كبير في الحياة السياسية والاقتصادية. 

وفي مناطق دلتا نهر النيجر الغنية بالنفط، تنتشر مجموعة "إيجاو" التي تعد خامس أكبر مجموعة عرقية في البلاد.

كيف يتداولون السلطة في نيجيريا؟

في نيجيريا هناك اتفاق بين النخب السياسية على ضرورة التناوب على الرئاسة بين الشمال والجنوب، بعد كل فترتين مدة كل منهما أربع سنوات، وفق "رويترز".

ولا توجد إشارة في دستور نيجيريا إلى فكرة تداول الرئاسة بين الشمال والجنوب، ولكن الدستور يشير إلى "التوازن الجيوسياسي" باعتباره مبدأ أساسياً لتقاسم السلطة.

وتهدف فكرة تقاسم السلطة في نيجيريا بين مناطق الشمال، حيث معظم السكان من الأغلبية المسلمة، ومناطق الجنوب، حيث معظم السكان من الأغلبية المسيحية، إلى تجنب النزاعات العرقية والدينية، والتي تسببت في سقوط مئات الآلاف من الضحايا منذ استقلال البلاد عن التاج البريطاني في أكتوبر 1960.

وخلف الرئيس الحالي بولا أحمد تينوبو، وهو مسلم من الجنوب، الرئيس السابق محمد بوخاري، وهو مسلم أيضاً ولكنه يتحدر من شمال البلاد.

ما تاريخ نيجيريا مع الانقلابات العسكرية؟

شكلت نيجيريا نظاماً فيدرالياً يدار في المركز من الحكومة الفيدرالية، و3 حكومات مناطق في شرق وغرب وشمال البلاد، ولكنها شهدت الانقلابات العسكرية مبكراً.

وفي يناير 1966 تمت الإطاحة بالحكومة المدنية في انقلاب عسكري، ما شكل بداية لسلسلة من الحكومات العسكرية في التاريخ السياسي للبلاد. 

واستمر الحكم العسكري حتى عام 1979 عندما سلم رئيس الدولة آنذاك، الجنرال أولوسيجون أوباسانجو، وهو مسيحي من عرقية "اليوروبا"، السلطة إلى الحكومة المدنية للرئيس شيخو شاجاري.

لكن التدخلات العسكرية سرعان ما تجدَّدت في عام 1983، لتشهد البلاد سلسلة جديدة من الانقلابات والحكومات العسكرية التي استمرت حتى عام 1999، عندما أصبح أولوسيجون أوباسنجو، أول رئيس منتخب للبلاد.

ومنذ ذلك الحين، دخلت نيجيريا مرحلة من الحكم الديمقراطي. ويهيمن حالياً على المشهد السياسي جزئياً حزب "مؤتمر كل التقدميين" الحاكم، الذي يسيطر على الذراع التنفيذية للحكومة، ويشغل مقاعد الغالبية في كل من مجلسي الشيوخ والنواب في البرلمان، كما يشغل أيضاً الغالبية في مجالس الولايات.

هل تعاني نيجيريا من اضطرابات أمنية؟

وتشهد نيجيريا منذ عام 2011 اضطرابات أمنية في أجزاء واسعة من البلاد، نتيجة نشاط حركات مسلحة، منها جماعة "بوكو حرام".

ووفقاً للأمم المتحدة، أدى الصراع مع هذه الجماعة إلى سقوط ما يقرب من 350 ألف شخص، وإجبار ملايين المدنيين على ترك منازلهم، بحلول نهاية عام 2020، بحسب شبكة "بي بي سي" البريطانية.

وتنتشر في البلاد أيضاً عصابات متخصصة في الخطف، إذ شهدت اختطاف أكثر من 1000 طالب من مدارسهم منذ ديسمبر 2020، ولم يتم إطلاق سراح العديد منهم إلا بعد دفع آلاف الدولارات كفدية، وفقاً لـ"بي بي سي".

وإلى جانب تهديدات الجماعات المسلحة وعصابات الخطف، لا تزال الحركات الانفصالية لعرقية "الإيجبو" في جنوب شرق البلاد تجدد بين الفينة والأخرى محاولاتها الانفصالية، وتنخرط في مواجهات مع أجهزة الأمن.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات

قصص قد تهمك