تستضيف مدينة سان فرانسيسكو الأميركية على المحيط الهادئ الأربعاء، لقاءً تاريخياً بين الرئيس الأميركي جو بايدن ونظيره الصيني شي جين بينج، هو الثاني بينهما منذ تولي بايدن الرئاسة، والأول بعد الأزمات التي استفحلت أخيراً بين البلدين.
وقال مسؤول أميركي للصحافيين، إن الولايات المتحدة تعول على هذه القمة، برغم التوقعات المتدنية من نتائجها، قائلاً: "الرهانات عالية، لأن واشنطن أدركت أن كل مقاليد السلطة في الصين محصورة بيد الرئيس الصيني، وأن الدبلوماسية الجدية يجب أن تكون على هذا المستوى العالمي".
وقدم بايدن تعريفاً لما يمكن اعتباره قمة ناجحة مع شي، قائلاً إن ذلك يشمل "العودة إلى المسار الطبيعي"، مضيفاً: "يعني أن أكون قادراً على التقاط الهاتف والتحدث مع بعضنا البعض عند حدوث أزمة".
ووصل الرئيس الصيني، الثلاثاء، إلى مدينة سان فرانسيسكو، في أول رحلة له إلى الولايات المتحدة منذ 6 سنوات، وكان في استقباله، حاكم ولاية كاليفورنيا جافين نيوسوم، ووزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين، وعمدة مدينة سان فرانسيسكو لندن بريد، والسفير الأميركي لدى بكين نيكولاس بيرنز.
خطوط الاتصال
وقبيل انعقاد القمة، قال مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان، إن واشنطن "تتوقع أن يناقش الزعيمان بعض القضايا الأساسية لتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، بما في ذلك أهمية تعزيز خطوط الاتصال المفتوحة وإدارة المنافسة بشكل مسؤول، حتى لا تنحرف إلى صراع".
وفيما يتعلق بالخطوط المفتوحة، قال المسؤول إن أحد أهداف القمة المرتقبة يتمثل في "إعادة إحياء خطوط الاتصال العسكرية بين الجيشين الأميركي والصيني، التي قطعتها بكين على خلفية زيارة رئيسة مجلس النواب حينها نانسي بيلوسي إلى تايوان".
وأضاف أن بعض الآليات التي تم استخدامها خلال الحرب الباردة، يمكن إعادة توظيفها لضمان أن تكون هناك قدرة على التواصل بين الجيشين، حال حدوث أزمة، مشيراً إلى أن الجيش الأميركي "لم يتمكن من التواصل مع الجيش الصيني خلال أزمة المنطاد الصيني الذي حلق في الأجواء الأميركية، وأسقطه الجيش الأميركي في فبراير ما خلق أزمة بين البلدين".
وستُحسب عودة الاتصالات العسكرية إنجازاً لواشنطن، لأنها لطالما طالبت بعودتها، وذكرت تقارير أن الصين قبلت إعادتها، رغم رفض واشنطن تلبية شروطها المتمثلة برفع العقوبات عن بعض مسؤوليها. وينتظر أن يعلن بعد القمة استئناف تلك الاتصالات.
وينتظر أن تشهد القمة توسعاً في التعاون في مجال مكافحة تجارة مادة الفنتانيل المخدرة (Fentanyl)، كما سيناقش الزعيمان الخطوات المقبلة التي يعتقد أنها ستكون ذات أهمية كبيرة في معالجة هذا الأمر في الولايات المتحدة.
وأوضح المسؤول في الإدارة الأميركية أن العشرات من منتجي المكونات الفرعية لهذه المادة المخدرة يأتون من الصين، ويشقون طريقهم إلى أميركا اللاتينية، ومن ثم إلى الولايات المتحدة.
أوكرانيا والشرق الأوسط
وفيما ستحضر أزمة أوكرانيا المتواصلة على طاولة الزعيمين، خصوصا أنها تأتي بعد لقاء جمع شي وبوتين، فإنها لن تكون الملف الخارجي الوحيد، فملف الشرق الأوسط حاضر أيضاً، إذ يحاول الأميركيون دفع الصين للعب دور أكبر في منع الحرب في غزة من التوسع من خلال التأثير على إيران.
وسجلت مواقف الطرفين تبايناً منذ بداية حرب إسرائيل على غزة، حيث دعا شي إلى وقف إطلاق النار وتنفيذ حل الدولتين بعد مرور أسبوعين على الحرب التي اندلعت في السابع من أكتوبر.
وأشار المسؤول الأميركي إلى أنه في ظل ارتفاع الهواجس من تضاؤل قدرة الولايات المتحدة على التعامل مع أي أزمة عالمية تطالها مباشرة، في ظل انخراطها عسكرياً في عدد من الأزمات، إلا أن الأزمات في الشرق الأوسط وأوكرانيا خطيرة، وتتطلب انخراطاً أميركياً دائماً، مشيراً إلى أن كون الولايات المتحدة لا تشارك بشكل مباشر في أي من الصراعين، يعني أن لديها القدرة على الانخراط فوراً في أزمات على مستوى عالمي.
وبالنسبة لملف تايوان والمخاوف من تدخل صيني في الانتخابات المقبلة، قال المسؤول الأميركي إنهم أوضحوا للصينيين أهمية احترام العملية الانتخابية في تايوان، مشيراً إلى أن بايدن "سيؤكد تصميمه على دعم الديمقراطية والحفاظ على السلام والاستقرار".
ويروج الأميركيون إلى أنهم يدخلون إلى هذه القمة في ظل انتعاش اقتصادي، تعكسه أرقام التضخم المتراجعة، ومعدلات البطالة المنخفضة، مقابل وضع غير مريح للرئيس الصيني الذي يواجه مشاكل اقتصادية جمة وسط خفض في التوقعات بتحقيق النمو المرجو اقتصادياً وارتفاع كبير في معدلات البطالة.
وعكس ذلك، تصريح بايدن عشية القمة، والذي قال فيه إن الصين تعاني من "مشاكل فعلية" في عهد شي.
وبعد ساعات من لقائه بايدن، سيستضيف شي على طاولة عشاء مجموعة من الرؤساء التنفيذيين لكبرى الشركات الأميركية والمستثمرين، بينهم الرئيس التنفيذي لشركة "مايكروسوفت" ساتيا ناديلا، والرئيس التنفيذي لشركتي "تسلا" و"سبيس إكس" إيلون ماسك، وجين فريزر من "سيتي جروب".
لكن الولايات المتحدة استبقت هذا اللقاء بالقول إن شي يرغب أن يرى بعضاً من رأس المال يأتي من الولايات المتحدة، وإنه شاهد بعض هذه الشركات والمستثمرين باتوا ينظرون بعناية أخرى للتنويع الذي تدعمه الولايات المتحدة، مشيرة إلى أن القطاعات التي تقلق واشنطن فُرِض قيود عليها.