أفادت "بلومبرغ"، نقلاً عن مسؤولين غربيين، بأن قرار إيران المتعلق بخفض مخزونها من اليورانيوم عالي التخصيب، وإنتاج وقود HALEU المتخصص في المفاعلات النووية ذات الاستخدامات المدنية المتقدمة، هو "تكتيك تفاوضي".
وأظهرت تقارير أصدرتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية، الشهر الماضي، أن مخزون إيران من اليورانيوم عالي التخصيب تراجع بشكل طفيف خلال الأشهر الثلاثة الماضية، لكن التوتر المتصاعد في الشرق الأوسط، بما في ذلك الاشتباكات العسكرية بين وكلاء الولايات المتحدة وإيران، أثار الشكوك بشأن ما تنوي طهران فعله في الخفاء.
وفي معظم الظروف، فإن أي تحرك من جانب طهران لتقليص مخزونها من اليورانيوم عالي التخصيب يكون موضع ترحيب من قبل الدبلوماسيين في الوكالة الذرية، الذين يعقدون اجتماعهم ربع السنوي، الاثنين، في فيينا.
وقال علي فايز من مجموعة الأزمات الدولية، الذي ردد تحليل كبار الدبلوماسيين الذين تحدثوا قبل اجتماع الوكالة، الأسبوع المقبل: "القلق الرئيسي بشأن الأنشطة النووية الإيرانية لا يتعلق بالظاهر، بل بالجزء الذي لم يعد مرئياً".
وأضاف: "خفض المخزون، والذي تم تحقيقه من خلال تحويل اليورانيوم إلى وقود HALEU، مرغوب للغاية من قبل الصناعات النووية في بريطانيا والولايات المتحدة، لا يخفف المخاوف بشأن الجوانب الأخرى من البرنامج الإيراني".
وقال أحد المسؤولين الأوروبيين، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، إن هذه الأمور "تتراوح بين مواقع جديدة غير معلنة محتملة إلى عدم التعاون مع المفتشين الدوليين"، فيما قال آخر، إن الدبلوماسية النووية مع إيران "معلقة بشكل أساسي، حتى بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية المقررة في 5 نوفمبر".
عنصر إيجابي
وعلىى الرغم من المخاوف، إلا أن بعض المسؤولين السابقين قالوا إن هناك عنصراً إيجابياً في تصرفات إيران، إذ أن قرار تخفيف مخزونها من اليورانيوم عالي التخصيب، وهي عملية تسمى الخلط، يمكن أن يكون له تأثير إيجابي على الصناعة النووية المدنية العالمية.
وقال المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية ومهندس الأسلحة النووية، روبرت كيلي: "ربما يُنظر إلى ذلك على أنه إشارة قوية للغاية إلى أن إيران مستعدة لخفض مخزونات المواد التي تعتبر تهديداً، وتحويلها إلى مواد مناسبة للأغراض المدنية فقط".
وأضاف: "يجب أن يكون هناك جهد دبلوماسي ذو أولوية عالية للسماح لإيران بإنتاج وبيع كل مخزونها المخفف بموجب الضمانات العادية للوكالة الدولية للطاقة الذرية".
ووفق "بلومبرغ"، فإن من المحتمل أن يفتح مخزون إيران المتزايد من اليورانيوم عالي التخصيب أو ما يعرف بـHALEU، مسارات تفاوض جديدة، لأن البلاد يمكنها تقديم منتج تحتاجه الأسواق الغربية.
وقالت جوخار موخاتزانوفا من مركز "فيينا لنزع السلاح وعدم الانتشار": "يبدو لي أن المعدل المرتفع للتحول إلى HALEU هو وسيلة إيران لتجنب المزيد من التصعيد".
وفي حين أن الدول الغربية قد لا تكون مستعدة بعد لإضفاء الشرعية على إيران كمورد محتمل لـ HALEU، فإن التغيير ربما يخلق مساحة للمناقشات في الأشهر المقبلة.
ما هو يورانيوم HALEU؟
ويتمتع وقود HALEU بمستوى أعلى من التخصيب من وقود "اليورانيوم 235" المخصب بنسبة 5%، وهو النظير الانشطاري الرئيسي الذي ينتج الطاقة أثناء التفاعل المتسلسل، والذي تستخدمه المفاعلات النووية الأميركية العاملة بالفعل، بحسب وزارة الطاقة الأميركية.
ويُخصب بنسبة تتراوح بين 5 إلى 20% (مستوى صنع الأسلحة 85% أو أكثر)، وهو مطلوب لمعظم المفاعلات المتقدمة في الولايات المتحدة لتحقيق تصميمات أصغر تحصل على طاقة أكبر لكل وحدة حجم. ويسمح HALEU أيضاً للمطورين بتحسين أنظمتهم من أجل عمر أطول، وزيادة الكفاءة، واستخدام أفضل للوقود.
ويساعد هذا الوقود عنصر الصوديوم المستخدم في عملية التبريد على الاستمرار لفترة أطول، وينتج المزيد من الطاقة باستخدام وقود أقل، بحسب مجلة "popularmechanics" الأميركية.
ومن المتوقع استخدام HALEU في المفاعلات المعيارية الصغيرة، ما يسمح لها بالعمل لفترة أطول دون إعادة التزود بالوقود، ما يساعد في تقليل تكاليف التشغيل.
وخصصت بريطانيا 300 مليون جنيه إسترليني (379 مليون دولار) لتعزيز إنتاج HALEU، الذي توفره روسيا فقط تجارياً حالياً.
ودفعت الولايات المتحدة 150 مليون دولار لشركة Centrus Energy Corp لإنتاج 20 كيلوجراماً فقط (44 رطلاً) في نوفمبر الماضي، وفي الوقت نفسه، أنتجت إيران 145 كيلوجراماً من الوقود في الأشهر الثلاثة الماضية، ولديها مخزون يبلغ 712 كيلوجراماً.