مباحثات أميركية إسرائيلية وشيكة بشأن تأمين الحدود مع مصر "دون عملية كبيرة" في رفح

بايدن جدد خلال اتصال مع نتنياهو "قلقه العميق" تجاه المدنيين وأكد ضرورة "هزيمة حماس"

time reading iconدقائق القراءة - 9
الأسلاك الشائكة تحيط بخيام النازحين الفلسطينيين في رفح جنوبي قطاع غزة بينما تستعد تل أبيب لاجتياح المدينة التي تكتظ بأكثر من مليون نازح. 17 مارس 2024 - AFP
الأسلاك الشائكة تحيط بخيام النازحين الفلسطينيين في رفح جنوبي قطاع غزة بينما تستعد تل أبيب لاجتياح المدينة التي تكتظ بأكثر من مليون نازح. 17 مارس 2024 - AFP
دبي/ واشنطن -الشرق

اتفق الرئيس الأميركي جو بايدن، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال اتصال هاتفي، على اجتماع بين فريقيهما في واشنطن قريباً، لبحث "سبل بديلة لاستهداف" قادة حركة "حماس"، و"تأمين الحدود" بين مصر وقطاع غزة، دون "عملية برية كبيرة" في رفح.

وقال البيت الأبيض في بيان، الثلاثاء، إن بايدن ونتنياهو ناقشا خلال اتصال هاتفي المفاوضات الجارية في قطر بشأن "(إطلاق سراح) المحتجزين الإسرائيليين المحتجزين في قطاع غزة، وكذلك الأزمة الإنسانية في القطاع"، حسبما ورد في البيان.

وشدد الرئيس بايدن على "الحاجة الملحة إلى زيادة كبيرة في تدفق المساعدات المنقذة للحياة لتصل إلى المحتاجين في جميع أنحاء غزة، مع التركيز بشكل خاص على شمال القطاع". 

وأعرب الرئيس بايدن لنتنياهو مجدداً عن "قلقه العميق" بشأن احتمال تنفيذ إسرائيل عملية برية كبيرة في رفح، حيث يتواجد أكثر من مليون مدني نازح حالياً بعد فرارهم من القتال في الشمال. 

وأكد بايدن، وفق البيان "ضرورة هزيمة حماس في غزة، وفي الوقت نفسه حماية السكان المدنيين، وتسهيل توصيل المساعدات بشكل آمن ودون عوائق في جميع أنحاء غزة". 

واتفق الجانبان بحسب البيان، على أن "يجتمع فريقاهما قريباً في واشنطن، لتبادل الآراء ومناقشة أساليب بديلة، لاستهداف عناصر رئيسية في حماس، وتأمين الحدود بين مصر وغزة دون القيام بعملية برية كبيرة في رفح".

تحذّير لنتنياهو

من جانبه، قال مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان، إن الرئيس بايدن حذّر نتنياهو من أن تنفيذ إسرائيل عملية عسكرية في رفح سيؤدي إلى تفاقم "الفوضى" في غزة، مشيراً إلى أنهما اتفقا على أن يجتمع وفدان من الجانبين في واشنطن لبحث الأمر.

وأضاف أن البلدين سيجريان "مباحثات شاملة" تتعلق بسبل المضي قدماً في غزة، حيث تشتد أزمة إنسانية بعد 6 أشهر من القتال، مشيراً إلى أن الاجتماع قد يُعقد هذا الأسبوع أو الأسبوع المقبل، وأنه "لن تُنفذ أي عملية في رفح قبل المحادثات".

وذكر سوليفان، ملخصاً رسالة بايدن لنتنياهو، "الفوضى تسود المناطق التي طهرها الجيش الإسرائيلي، لكن (الوضع) لم يستقر" في غزة، وستتفاقم الأزمة الإنسانية إذا مضت إسرائيل قدما في هجومها على رفح.

وتابع: "أجرينا العديد من المباحثات على مختلف المستويات بين جيشينا وجهازي الاستخبارات لدينا ودبلوماسيينا، وخبراء الشؤون الإنسانية، لكن لم تتح لنا الفرصة بعد لإجراء مناقشة استراتيجية شاملة ومتكاملة".

"تنازل" وسط ضغوط داخلية

وقالت "بلومبرغ" إن بايدن ونتنياهو، حاولا "تخفيف حدة نزاعهما العلني غير المعتاد بشأن الحرب الإسرائيلية على غزة، لكن لا توجد إلا مؤشرات قليلة على تراجع الضغوط السياسية الداخلية التي تسببت في اتساع الهوة بينهما.

واعتبرت أنه بعد أسابيع من الغضب المتزايد بين الجانبين بشأن الغزو البري الإسرائيلي لقطاع غزة، حصل الرئيس الأميركي على "تنازل قيم" خلال المكالمة الهاتفية، إذ وافق نتنياهو، على إرسال مجموعة من المستشارين إلى الولايات المتحدة لبحث المخطط الإسرائيلي لاجتياح رفح. وستمنح الزيارة بعض الوقت الحاسم لبايدن، الذي كان هدفاً لانتقادات لاذعة في الولايات المتحدة لبذل المزيد من الجهد لوقف إراقة الدماء في غزة بعد قتل أكثر من 30 ألف شخص ووسط تحذيرات من "مجاعة وشيكة".

وقال بايدن عن المكالمة على منصة التواصل "إكس": "واصلت التأكيد على أن لإسرائيل الحق في ملاحقة حماس، وهم مجموعة من الإرهابيين المسؤولين عن أسوأ مذبحة للشعب اليهودي منذ المحرقة"، لافتا إلى أنه طلب من نتنياهو "إرسال فريق إلى واشنطن لبحث سبل استهداف حماس دون عملية برية كبيرة في رفح".

وأثناء الاحتفاء بهذا "التنازل"، بدأ المسؤولون التخمين بالفعل بشأن المدة التي سيستمر فيها ذلك بالنظر إلى الضغط الذي يتعرض له الزعيمان من القوى السياسية في الداخل.

ولفتت "بلومبرغ" إلى أن شركاء نتنياهو اليمينيين المتطرفين في الائتلاف الحاكم يريدون موقفاً عسكرياً أكثر عدوانية في غزة، ويرفضون إقامة دولة فلسطينية، في حين يريد الناخبون الذين يقلق بايدن بشأنهم؛ وهم التقدميون والأميركيون المسلمون والديمقراطيون الشباب، وقفاً دائماً لإطلاق النار وسيادة فلسطينية، فيما يشكل "تهديداً وجودياً" للرئيس الأميركي، لأنهم قد يحجبون الأصوات عنه في انتخابات نوفمبر المقبل في ولايات رئيسية مثل ميشيجان.

"تغيير اتجاه" لإدارة بايدن

فيما اعتبرت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل"، أن ما كشفه سوليفان بشأن استبعاد الرئيس الأميركي عملياً أي دعم محتمل لهجوم بري إسرائيلي "كبير" على رفح خلال الاتصال مع نتنياهو، الاثنين، يعد "تغييراً للاتجاه"، بعد أن أشارت الإدارة لعدة أشهر إلى أنها يمكن أن تدعم عملية عسكرية إسرائيلية هناك "في ظل ظروف معينة"، وفق الصحيفة. 

ونقلت عن سوليفان قوله، إن تنفيذ "عملية برية كبيرة هناك (في رفح) سيشكل خطأً. وذلك سيؤدي إلى سقوط المزيد من المدنيين الأبرياء، وتفاقم الأزمة الإنسانية الخطيرة بالفعل، وتعميق الفوضى في غزة وزيادة عزلة إسرائيل على الصعيد الدولي".

وأضاف سوليفان: "الأهم من ذلك، أن الأهداف الرئيسية التي تريد إسرائيل تحقيقها في رفح يمكن تحقيقها بوسائل أخرى"، دون أن يوضح المزيد، حسبما نقلت وكالة "أسوشيتد برس".

علاقات متوترة

ويأتي ذلك بعد خطوات أخرى اتخذها بايدن وحلفاؤه مؤخراً للضغط على حكومة نتنياهو لزيادة تدفق المساعدات الإنسانية إلى غزة مع تزايد مؤشرات على تفشي الجوع على نطاق واسع، والتوقيع على خطة أميركية لما بعد الحرب تشمل مساعي دبلوماسية جديدة لإقامة دولة فلسطينية مستقلة.

وأعلن بايدن في وقت سابق من هذا الشهر أنه قد يحجب شحنات أسلحة أميركية ما لم تتخذ إسرائيل خطوات لحماية المدنيين في رفح. لكن سوليفان قال إن "الرئيس لم يوجه تهديدات لنتنياهو".

وأضاف: "بايدن أبلغ نتنياهو بضرورة تبني استراتيجية متماسكة ومستدامة للتخلص من حماس"، داعياً إلى ممارسة مزيد من الضغط على الحركة الفلسطينية لإنهاء الصراع في غزة.

وتشهد العلاقات بين بايدن ونتنياهو توتراً متزايداً، بسبب الوضع في غزة. ووصف سوليفان المكالمة الهاتفية بأنها "عملية"، وقال إن بايدن لم يهدد بتقليص المساعدات الأميركية لإسرائيل.

وذكر سوليفان أن بايدن أبلغ نتنياهو بأنه يحتاج إلى "استراتيجية محكمة" تجاه غزة، "بدلاً من أن تقتحم إسرائيل رفح"، مؤكداً مجدداً دعم الولايات المتحدة للجهود الإسرائيلية للقضاء على مقاتلي "حماس"، الذين هاجموا جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر الماضي.

كما أكد سوليفان، أن "الرجل الثالث في حماس (الثاني في جناحها العسكري) مروان عيسى، قُتل في عملية إسرائيلية الأسبوع الماضي"، فيما لم تعلق الحركة.

أول اتصال منذ أكثر من شهر

وهذه المكالمة هي الأولى بين بيادن ونتنياهو منذ 15 فبراير، وتأتي في غمرة توترات محتدمة بين إسرائيل وأقرب حلفائها بشأن أسلوب تعامل نتنياهو مع الحرب الدائرة في غزة.

وقال نتنياهو إنه ناقش مع الرئيس الأميركي "التزام إسرائيل بتحقيق جميع الأهداف، التي حددتها للحرب، وهي القضاء على (حماس)، وإطلاق سراح جميع المحتجزين الإسرائيليين، وضمان ألا تشكل غزة تهديداً لإسرائيل بعد ذلك".

وأضاف في بيان، أن هذا سيُنفذ "مع تقديم المساعدات الإنسانية اللازمة التي تساعد على تحقيق هذه الأهداف".

نتنياهو "عقبة" أمام السلام

ودعا زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ الأميركي تشاك شومر، وهو مؤيد دائم لإسرائيل، وأرفع مسؤول أميركي يهودي منتخب، في كلمة ألقاها، الخميس الماضي، إلى إجراء انتخابات جديدة في إسرائيل، وقال إن نتنياهو يمثل "عقبة" أمام السلام.

وفي اليوم التالي، أشاد بايدن بالخطاب، وقال إن مخاوف شومر يشاركه فيها كثيرون من الأميركيين.

ونقلت "بلومبرغ" عن أشخاص مطلعين على استراتيجية الإدارة، قولهم إن فريق بايدن، على غرار شومر، تبنى ما وصفوه بـ"استراتيجية التمييز"، أي انتقاد نتنياهو مع التأكيد مجدداً على دعم إسرائيل. ونتنياهو فعل شيئاً مماثلاً، إذ صور نفسه على أنه الشخص الوحيد الذي يمكنه "الوقوف في وجه مطالب بايدن" بإقامة دولة فلسطينية مستقلة.

ورد نتنياهو محتداً، الأحد، وقال في حديث لشبكة CNN الأميركية، إن خطاب شومر "غير لائق بالمرة".

وأكد نتنياهو مجدداً في اجتماع لمجلس الوزراء، الأحد الماضي، أن القوات الإسرائيلية ستتوغل في رفح، التي تمثل آخر مكان آمن نسبياً في قطاع غزة الصغير المزدحم، وذلك على الرغم من الضغوط الدولية على إسرائيل للحيلولة دون سقوط المزيد من الضحايا المدنيين.

تصنيفات

قصص قد تهمك