ولاية بونتلاند الصومالية.. أرض النفط ومعقل القراصنة

time reading iconدقائق القراءة - 8
صورة جوية لجروي عاصمة ولاية بونتلاند. 31 مارس 2024 - twitter/UNSomalia
صورة جوية لجروي عاصمة ولاية بونتلاند. 31 مارس 2024 - twitter/UNSomalia
دبي-الشرق

تشهد العلاقة بين ولاية بونتلاند والحكومة الفيدرالية في الصومال شداً وجذباً منذ سنوات، عاد إلى الواجهة، الأحد، بعد إعلان الولاية أنها لم تعد تعترف "بمؤسسات الدولة الفيدرالية الصومالية"، ما يعني معارضتها لاعتماد البرلمان في اليوم السابق قراراً بالانتقال إلى النظام الرئاسي.

وتعارض السلطات في بونتلاند تبنّي البرلمان السبت، الانتقال إلى نظام رئاسي. وصوّت البرلمان الصومالي السبت، لصالح إنشاء الاقتراع العام المباشر ليحلّ محلّ عملية غير مباشرة معقّدة تتمحور حول عدد لا يحصى من العشائر التي تشكّل المجتمع، والتي تعدّ مصدراً للنزاع على السلطة ولعدم الاستقرار، وفقاً للعديد من المراقبين.

وتم التوصل إلى هذا الاتفاق بشأن الانتخابات في مايو 2023 بعد مناقشات جمعت الرئيس حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء حمزة عبدي بري وزعماء الولايات الفيدرالية، غير أن رئيس ولاية بونتلاند سعيد عبد الله دني لم يكن حاضراً للتوقيع عليه، واتهمت سلطات الولاية حسن شيخ محمود بـ"انتهاك الدستور" و"فقدان الشرعية الدستورية".

وأعرب الباحث في مجموعة الأزمات الدولية عمر محمود لوكالة "فرانس برس" عن خشيته من أن هذا الإصلاح "يهدد بزيادة التوترات السياسية، في ظل المعارضة القوية للتغييرات"، مشيراً أن "مناطق معينة في البلاد، مثل بونتلاند، التي بينها وبين مقديشو علاقات صعبة، لن تسعى إلا إلى مزيد من النأي بالنفس".

"أرض البنط"

وبونتلاند التي تقع في الطرف الشمالي الشرقي من الصومال، هي منطقة فقيرة أعلنت الحكم الذاتي من طرف واحد في 1998 من دون الانفصال عن الصومال، على غرار جارتها صومالي لاند (أرض الصومال) التي أعلنت استقلالها اعتباراً من عام 1991، وذلك بالتزامن مع الحرب الأهلية التي أطاحت بحكومة البلاد حينها.

وتعرف ولاية بونتلاند أيضاً باسم بـ"أرض البنط"، حيث كانت التجارة مزدهرة بينها وبين العديد من البلدان عبر البحر خاصة المصريين القدماء، بحسب هيئة الإذاعة البريطانية BBC.

والمنطقة التي تمثل وحدها قرابة ثلث مساحة أراضي الصومال وغنية بالنفط، وتضم ميناء بوصاصو المهم، تعترف بسلطة حكومة مقديشو، لكنها تعمل بواسطة مؤسساتها الذاتية وإدارتها الخاصة.

أزمة القرصنة

ورغم، ما تشهده المنطقة حالياً من استقرار نسبي، إلا أنها سبق أن عانت من صراع مسلح، كما احتلت عناوين الأخبار العالمية مع تصاعد هجمات القراصنة على الشحن الدولي في المحيط الهندي، بحسب BBC.

وبعد ذروتها في العام 2011، انخفضت أعمال القرصنة بشكل كبير مع نشر سفن حربية دولية منها "عملية الاتحاد الأوروبي (أتلانتا)"، و"القوة الدولية CTF-151"، والبحرية الهندية، وإنشاء قوة الشرطة البحرية في بونتلاند ووضع حراس مسلحين على متن السفن التجارية، بحسب وكالة "فرانس برس".

وجروي هي عاصمة الولاية، وتقدر مساحتها بأكثر من 212 ألف كيلومتر مربع، فيما يبلغ عدد سكانها 4.3 مليون نسمة، كما يبلغ الناتج المحلي الإجمالي للولاية عام 2019 أكثر من 1.8 مليار دولار، بحسب موقع صندوق النقد الدولي.

وعلى عكس المناطق الواقعة في جنوب غرب الصومال، لدى ولاية بونتلاند هيكلها السياسي الخاص، بحسب موقع geopolitical monitor الذي أشار إلى أن بونتلاند لا تسعى إلى الاعتراف الدولي بها كدولة ذات سيادة، كما تؤكد دوماً على أنها جزء من دولة الصومال، حتى مع تصاعد الصراعات.

لكن بونتلاند تطالب بمنطقة سول التي شهدت كبرى مدنها لاس عانود العام الماضي، معارك عنيفة بين القبائل وقوات أرض الصومال أوقعت ما لا يقل عن 210 أشخاص، بحسب وكالة "فرانس برس".

ويعود لب الخلاف حول لاس عانود إلى ادعاء تبعيتها وشرق منطقة ساناق، إلى أرض الصومال التي تعتمد الحدود الموروثة من الاستعمار، بينما ترى سلطات بونتلاند أن الامتدادات القبلية هو ما يجب اعتماده في الحدود، وبالتالي ضم المناطق التي تقطنها قبائل دولباهنتي ووارسنقلي إلى الولاية.

انتخابات يناير

ودخلت ولاية بونتلاند مرحلة جديدة مع إعلان سعيد عبد الله دني، والذي كان وزيراً للتخطيط في الصومال، الفوز بولاية ثانية مدتها 4 سنوات في يناير الماضي، مما جعله أول رئيس يعاد انتخابه منذ إعلان الولاية الحكم الذاتي عام 1998، بحسب BBC التي قالت إن وزير الخارجية الصومالي السابق أبشير عمر جامع، المدعوم من الحكومة الفيدرالية، احتل المركز الثالث.

وفي خطاب إعلان الفوز، حث دني المنتخب لأول مرة عام 2019، الصوماليين على "نسيان الماضي، وفتح صفحة جديدة للسلام والتنمية والوحدة".

وكانت هذه الانتخابات التشريعية والرئاسية في صلب التوترات مع المعارضة، التي اتهمت سعيد عبد الله دني بالرغبة في تعديل دستور بونتلاند للبقاء في السلطة.

وأدى القتال بين فصائل المعارضة المسلحة وقوات الأمن إلى سقوط ما لا يقل عن 8 أشخاص في العاصمة الإقليمية جروي في يونيو الماضي.

وفي البداية، كان يفترض تنظيم هذه الانتخابات بالاقتراع المباشر، لكنها أُجريت وفقاً للنظام التقليدي غير المباشر القائم على العشائر، بناء لطلب المعارضة.

وقبل 5 أشهر، نظمت المنطقة انتخابات محلية، وفقاً لمبدأ "شخص واحد، صوت واحد"، هي الأولى منذ 1969 في هذا البلد الواقع في القرن الإفريقي الذي مزقته عقود من الحرب الأهلية وتمرد مسلحي "حركة الشباب".

خلافات مستمرة

وأظهر دني بشكل مستمر خلافاته مع الحكومة الفيدرالية في مقديشو، ودافع بشدة عن الحكم الذاتي سياسياً واقتصادياً لبونتلاند التي تتمتع بموارد كبيرة.

وذكر موقع geopolitical monitor أن بونتلاند، التي كان يُنظر إليها على أنها أكثر الولايات الصومالية استقراراً خلال الحرب الأهلية في تسعينات القرن الماضي، بدأت تتحرك عقب الانتخابات بالاتجاه المعاكس.

ولفت إلى أن "عدم الاستقرار السياسي" و"الاقتتال الداخلي"، و"نشر قوات الأمن"، يسلط الضوء على الأسئلة المتعلقة بمستقبل بونتلاند ومدى تأثير عدم الاستقرار فيها على الصومال.

وقام دني مؤخراً بتعبئة القوات العسكرية والأمنية في جميع أنحاء الولاية، وسحب الشرطة البحرية المدربة تدريباً خاصاً، والسيطرة على البرلمان، مما يضمن بقاء العاصمة تحت السيطرة الصارمة، بحسب geopolitical monitor.

وأعرب المعارضون لهذه التحركات عن مخاوفهم من أن دني كان يستعد لتمديد ولايته بالقوة بدلاً من خوض الانتخابات الرئاسية، على الرغم من محاولات متكررة لتبديد هذه الفكرة، وفقاً للموقع.

تصنيفات

قصص قد تهمك