مخاوف أميركية من "أعمال انتقامية" بعد قصف إسرائيل لقنصلية إيران في سوريا

وسط مساعي "تجنب حرب شاملة".. البرنامج النووي أحد خيارات طهران في الرد

time reading iconدقائق القراءة - 7
سيارة إسعاف أمام سفارة طهران في دمشق عقب غارة إسرائيلية على القنصلية الإيرانية. 2 أبريل 2024 - Reuters
سيارة إسعاف أمام سفارة طهران في دمشق عقب غارة إسرائيلية على القنصلية الإيرانية. 2 أبريل 2024 - Reuters
دبي/ واشنطن -الشرقرويترز

أعرب مسؤولون أميركيون حاليون وسابقون، الثلاثاء، عن مخاوفهم من أن يؤدي الهجوم الإسرائيلي على القنصلية الإيرانية في العاصمة السورية دمشق إلى تصعيد الأعمال العدائية في المنطقة، وإثارة هجمات انتقامية ضد إسرائيل وحليفتها الولايات المتحدة.

ونقلت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، عن المسؤولين قولهم، إن الهجوم، الذي أودى بحياة ثلاثة من كبار قادة فيلق القدس الإيراني، وأربعة ضباط آخرين قبل يومين، وجه ضربة قوية للحرس الثوري الإيراني، وجيشه الخارجي، وجهاز المخابرات التابع له. 

ووصف رالف جوف، أحد كبار المسؤولين السابقين في وكالة الاستخبارات المركزية CIA، الهجوم الإسرائيلي، بأنه "متهور بشكل لا يُصدق". 

وقال إن الهجوم "لن يؤدي إلا إلى تصعيد من قبل إيران ووكلائها، ما يمثل خطورة شديدة على الجنود الأميركيين في المنطقة، والذين قد يتم استهدافهم في هجمات انتقامية من قبل وكلاء إيران". 

ويرى جوف أن الهجوم القاتل الذي وقع في سوريا يتماشى مع استراتيجية إسرائيل "طويلة المدى المتمثلة في إضعاف الحرس الثوري الإيراني وفيلق القدس التابع له، ومعاقبتهما على مؤامراتهم المستمرة لقتل أو اختطاف اليهود الإسرائيليين في جميع أنحاء العالم". 

وأسقطت القوات الأميركية المتمركزة في جنوب شرقي سوريا مُسيرة هجومية، بعد القصف الذي شنته إسرائيل في حي المزة بدمشق، حسبما نقلت "نيويورك تايمز" عن مسؤول بوزارة الدفاع الأميركية. 

ولم يتضح ما إذا كانت المُسيرة تستهدف القوات الأميركية، ولكن إذا كان الأمر كذلك، فسيكون هذا أول هجوم تشنه الميليشيات المدعومة من إيران ضد القوات الأميركية في العراق أو سوريا منذ ما يقرب من شهرين. 

انتقاد إسرائيل

بدورها، قالت مسؤولة شؤون الشرق الأوسط السابقة في وزارة الدفاع الأميركية "البنتاجون"، دانا سترول: "الهجوم يمثل تصعيداً كبيراً، ويهدد بدفع منطقة مضطربة وغير مستقرة بالفعل إلى حرب واسعة النطاق".

ووصفت سترول، التي تعمل حالياً في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، الهجوم بأنه "النسخة الإسرائيلية من القصف الأميركي لقاسم سليماني"، القائد السابق لفيلق القدس الذي قُتل في هجوم أميركي بمُسيرة بالقرب من مطار بغداد عام 2020. 

وترى سترول، أن تقييم حقبة ما بعد سليماني أمر مفيد، بسبب تدهور قيادة فيلق القدس ونفوذه، قائلة: "لقد شهدنا الميليشيات المدعومة من إيران تتخذ القرارات بنفسها تحت قيادة إسماعيل قاآني قائد الفيلق، فضلاً عن صعود مراكز قوة متنافسة في إيران". 

وأضافت: "أدى ذلك إلى تكوين شبكة أكثر انتشاراً، ولكن أقل فتكاً، يقودها فيلق القدس في الخارج، لكن الاستراتيجية الأساسية لإيران لم تتغير قط. طهران ستواصل الاستثمار في شبكتها الإرهابية في الخارج من أجل إبعاد القتال عن حدودها". 

وترى سترول، أن عناصر وقادة الحرس الثوري "ليسوا بمأمن في أي مكان"، فيما توقع القائد السابق للقيادة المركزية الأميركية في الشرق الأوسط "سنتكوم"،  كينيث ماكنزي، أن تنتقم إيران بطريقة ما، لكنه قلل من شأن المخاوف من حدوث تصعيد كبير للأعمال العدائية بين إسرائيل وإيران.

وفي الحرب الخفية المستمرة منذ سنوات بين إيران وإسرائيل، كانت سوريا تمثل أراضاً هامة بالنسبة لإسرائيل، حيث تسعى إلى إضعاف قدرة إيران على نقل الأسلحة المتقدمة عن طريق البر والجو بالقرب من حدود إسرائيل. 

خيارات الرد الإيراني

ولدى طهران خيارات، إذ يمكنها إطلاق العنان للجماعات المتحالفة معها لشن عمليات على القوات الأميركية، أو استخدامها لشن ضربات على إسرائيل مباشرة، أو تكثيف برنامجها النووي الذي تسعى واشنطن وحلفاؤها منذ فترة طويلة إلى كبح جماحه.

وقال مسؤولون أميركيون، تحدثوا شريطة عدم كشف هوياتهم، لـ "رويترز"، إنهم يراقبون الوضع عن كثب لمعرفة ما إذا كانت الجماعات المتحالفة مع إيران ستهاجم القوات الأميركية المتمركزة في العراق وسوريا، مثلما حدث في الماضي.

اقرأ أيضاً

البيت الأبيض: سقوط 3 جنود أميركيين في هجوم بالأردن.. وعمّان: خارج حدودنا

قال الرئيس الأميركي جو بايدن، الأحد، إن هجوماً بطائرة مسيرة على قوات أميركية متمركزة في شمال الأردن بالقرب من الحدود مع سوريا، قتل 3 جنود أميركيين، وأصاب آخرين.

وتوقفت مثل هذه الهجمات الإيرانية في فبراير الماضي، بعد أن ردت واشنطن على سقوط 3 جنود أميركيين في منطقة حدودية بين سوريا والأردن بعشرات الضربات الجوية على أهداف مرتبطة بالحرس الثوري الإيراني وفصائل مدعومة منه، في سوريا والعراق.

وقال المسؤولون الأميركيون، إنهم لم يحصلوا بعد على معلومات استخباراتية تشير إلى أن الجماعات المتحالفة مع إيران تتطلع إلى مهاجمة القوات الأميركية.

تجنب حرب شاملة

بدوره، قال مصدر، إن إيران تواجه من جديد إشكالية الرغبة في الرد لردع إسرائيل عن شن مزيد من تلك الهجمات، بينما تريد أيضاً "تجنب حرب شاملة".

وتابع قائلاً: "يواجهون تلك المعضلة الحقيقية (...) فإذا ردوا قد يستتبع ذلك مواجهة لا يريدونها بوضوح يحاولون تعديل وضبط أفعالهم بطريقة تظهر استعدادهم للرد، لكن ليس للتصعيد".

وأضاف: "إذا لم يردوا في تلك الحالة، فستكون حقاً علامة على أن ردعهم نمر من ورق"، قائلاً إن إيران قد تهاجم سفارات لإسرائيل أو منشآت يهودية في الخارج.

وقال المسؤول الأميركي إنه بالنظر إلى حجم الضربة الإسرائيلية قد تضطر إيران للرد بمهاجمة مصالح إسرائيلية أكثر من ميلها إلى النيل من قوات أميركية.

كما يمكن أن ترد إيران بتسريع وتيرة تطوير برنامجها النووي الذي كثفت العمل عليه منذ انسحاب الولايات المتحدة في عهد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب في 2018 من الاتفاق النووي الإيراني الموقع في 2015، وهو اتفاق يهدف لتقييد قدرات طهران النووية مقابل منافع اقتصادية.

لكن أقوى خطوتين، وهما زيادة نسبة النقاء الذي تخصب له اليورانيوم لترتفع إلى 90% وهي نسبة صالحة لصنع قنابل وإحياء العمل على تصميم سلاح فعلي قد يكون لها أضرار على طهران، إذ قد تستدعي ضربات إسرائيلية أو أميركية.

تصنيفات

قصص قد تهمك