من الرابح الأكبر في جولة الضربات بين إسرائيل وإيران؟

إيران أعلنت رسمياً الهجوم على إسرائيل بينما لم تتبن تل أبيب قصف أصفهان

time reading iconدقائق القراءة - 8
سيدة تسير أمام لافتة في العاصمة طهران تُجسد إطلاق صواريخ إيرانية نحو إسرائيل. 19 أبريل 2024 - Reuters
سيدة تسير أمام لافتة في العاصمة طهران تُجسد إطلاق صواريخ إيرانية نحو إسرائيل. 19 أبريل 2024 - Reuters
دبي -الشرق

لم تتأخر إيران كثيراً في إعلان انتصارها على إسرائيل بعد موجة الضربات المتبادلة التي شهدها أبريل الجاري، إلا أن حجم الخسائر التي أحدثها هجوم 13 أبريل لا يعكس بنظر البعض تفوقاً لصالحها، إذ لا خسائر بالجيش الإسرائيلي ولا أضرار جديرة بالذكر، ومع ذلك هناك من يعتبر أن مجرد الرد يُمثّل هزيمة لتل أبيب التي أصبحت لأول مرة منذ نصف قرن تحت مرمى أحد الجيوش النظامية في المنطقة.

وهدّدت طهران بالانتقام لضباطها الذي لقوا حتفهم في قصف إسرائيلي على قنصليتها في دمشق مطلع أبريل، وهو ما فعلته عندما أطلقت عشرات الصواريخ والمسيرات، إلا أن تل أبيب أسقطت 99% منها، وفق زعمها، قبل وصولها إلى أهدافها، ثم بعد أيام تعرضت مواقع عسكرية إيرانية في مدينة أصفهان لهجوم على الأرجح تقف تل أبيب خلفه رغم عدم تبنيها له.

من غير الواضح ما إذا كان هجوم أصفهان سيكون نهاية سلسلة الضربات المتبادلة بين الإيرانيين والإسرائيليين، لكن المنطقة دخلت مرحلة جديدة قد تتغير فيها قواعد الاشتباك بين قوتين عسكريتين لا يستهان بهما، ما يطرح تساؤلات بشأن الطرف الرابح ومستقبل هذا الصراع.

"الكرة بملعب إسرائيل"

في حديث لـ"الشرق"، رأى الدكتور محمد صالح صدقيان رئيس المركز العربي للدراسات الإيرانية، أن الهجوم الإيراني الكبير يوم 13 أبريل "جعل الكرة في ملعب إسرائيل، وبالتالي يتوقف مستقبل هذا التصعيد على ما يريده رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وحكومة الحرب التي يقودها".

وقال صدقيان: "سنرى إذا كان نتنياهو سيتعقّل ويستفيد من بعد الدرس الذي لقنته إياه إيران، أو إذا كان يريد تجربة الإيرانيين وإعادة توجيه الضربات ضد مصالحهم، وعلى الأرجح ستكتفي إسرائيل بالرد الخجول، إذ لا يبدو أنها تريد التصعيد، لإدراكها مخاطر وتداعيات ذلك، لا سيما في ضوء الأزمات التي تواجهها، سواء المأزق العسكري في قطاع غزة والفشل في تحقيق أي نتائج أو أهداف استراتيجية بعد مضي أكثر من 6 أشهر على الحرب في غزة، إلى جانب التشتت السياسي الداخلي".

ويعتقد صدقيان أن طهران "خرجت رابحة من هذه المواجهة"، وذلك بالمقارنة بين عملية "الوعد الصادق"، والرد الإسرائيلي بقصف أصفهان.

 وأضاف: "ما فعلته إسرائيل يُظهر ضعف موقفها مقابل قوة الموقف الإيراني"، وتابع: "الإيرانيون أعلنوا بشكل صريح ليلة الهجوم بدء عملية القصف بالصواريخ والطائرات المسيرة، وعندما انتهت العملية قالوا إنها انتهت، بينما تجنّبت تل أبيب التصريح بشنّ هجوم أصفهان، وحتى ردها جاء بائساً وهزيلاً، وهو ما ورد على لسان سياسيين مثل وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن جفير الذي سخر من الهجوم".

وتابع أيضاً: "استطاعت إيران تغيير قواعد الاشتباك في المنطقة، أي أن تخلق سياسة ردع جديدة، كما قال قائد الحرس الثوري: عرفنا الطريق.. بمعنى أن مرحلة ضرب المصالح الإيرانية ستتغير، وما حدث بعد 13 أبريل كان درساً يخدم المصالح الإيرانية، ويوصل رسائل إلى الأطراف في الشرق الأوسط بأن إيران قوة لا يستهان بها، وضرب إسرائيل بعشرات الصواريخ والمسيّرات هو تعبير عن هذه القوة".

 وأشار المحلل السياسي الذي يعيش في طهران، إلى أن ما زاد الضغط على إسرائيل في تجنّب التصعيد ضد إيران موقف الولايات المتحدة الرافض لأي رد عسكري عنيف، حتى لا يتأجج الوضع أكثر في الشرق الأوسط، ولذلك تحتاج إسرائيل إلى ضوء أخضر أميركي لا يبدو أنها ستحصل عليه".

رسالة إسرائيلية

بدوره، رأى حسين عبد الحسين الباحث في مؤسسة "الدفاع عن الديمقراطيات" بالعاصمة الأميركية واشنطن، أن جولة الضربات المباشرة بين إيران وإسرائيل انتهت، مشيراً إلى أن "طهران قالت صراحة لإسرائيل عبر روسيا وسويسرا، إنه لا رغبة لديها في مواصلة هذه المواجهة أو التصعيد".

وبشأن صاحب الكلمة الأخيرة والرابح في هذه الجولة، قال عبد الحسين لـ"الشرق"، إن إيران تحدثت كثيراً عن ضربتها، وتبين أن نتائجها كانت "شبه معدومة"، فيما لم تتحدث إسرائيل أبداً عن ضربتها، ويبدو أنها دمرت رادارات الدفاع الجوي التي تحمي المفاعل النووي الإيراني "نطنز"، والخلاصة هي رسالة إسرائيلية للإيرانيين أنه "في حال اندلعت حرب مباشرة بيننا، يمكننا أن نوجعكم، ولا يمكنكم أن توجعونا".

وتابع: "على الأرجح تُدرك إيران ذلك منذ ما قبل محاولة ضرب إسرائيل، لكنها كانت مضطرة للقيام بالضربة حفظاً لماء وجهها، خصوصاً أمام أذرعها المنخرطة في حرب مع إسرائيل، ولا سيما حزب الله، الذي يتكبد خسائر كثيرة، في وقت تتوعد طهران إسرائيل من دون أن تُقاتل أو تخسر".

وفي ما يتعلق بتجنّب إسرائيل تبني ضربة أصفهان رسمياً، أوضح عبد الحسين، أن "هذا هو أسلوب إسرائيل منذ سنوات، حيث تُسدد الضربات على المصالح الإيرانية في سوريا، دون الإعلان عن ذلك أبداً، لأن ما يهم إسرائيل هو الأفعال، وفي المقابل تهتم إيران بالأقوال".

وحول شكل الصراع في المرحلة المقبلة، اعتبر الباحث في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات أن "قواعد الاشتباك ستبقى على ما كانت عليه قبل المواجهة المباشرة، حيث ستواصل إسرائيل استهداف الإيرانيين وضرب مواقعهم في سوريا من دون تبني ذلك رسمياً، بينما ستكتفي إيران بالتوعد كلامياً".

تصعيد غير مستبعد

الدبلوماسي الأميركي السابق، ريتشارد شميرر، رجّح أن يكون تبادل الضربات بين إيران وإسرائيل قد انتهى، وقال: "ذكرت إيران بشكل أساسي أن الهجوم الإسرائيلي لم يكن فعالاً، وهي على الأرجح طريقتها للقول إنها ليست بحاجة إلى الرد".

وفي حديث لـ"الشرق"، رأى شميرر، أنه "من المحتمل أن يدّعي كلا الجانبين النصر، إسرائيل من خلال الادعاء بأن الضربة التي شنتها كانت الأخيرة، وإيران من خلال الادعاء بأن إسرائيل لم تكن قادرة في الواقع على مهاجمتها بنجاح".

وبشأن عدم تبنّي إسرائيل رسمياً المسؤولية عن هجوم أصفهان، أشار الدبلوماسي الأميركي السابق إلى أن هناك تلميحات وإشارات من مسؤولين إسرائيليين وأميركيين حتى، بأن إسرائيل تقف خلف قصف مواقع إيرانية في أصفهان، وهذا يعود، بحسب قوله، إلى "رغبة تل أبيب في التوضيح أنها ردت على الهجوم الإيراني السابق عليها".

ويبدو أن التصعيد بين إسرائيل وإيران قد توقف مؤقتاً، كما يعتقد مارك فيتزباتريك وهو زميل مشارك في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، إلا أنه لم يستبعد في الوقت نفسه إمكانية استئناف التصعيد في أي وقت.

وفي حديث لـ"الشرق"، قال فيتزباتريك، إن "مفهوم الانتصار في مثل هذا الصراع هو أمر نسبي، فقد سعى كلا الجانبين إلى إعادة تأسيس الردع، لكن من غير الواضح ما إذا حقق أي منهما نجاحاً دائماً، إذ تؤثر المشاعر المحلية أيضاً على تصورات الانتصار، ويبدو مثلاً أن الجمهور الإيراني يحتفل بالرد العسكري لبلاده بشكل أكبر مقارنة بالجمهور الإسرائيلي، مما قد يجعل قادة إيران يشعرون بالانتصار أكثر من الإسرائيليين".

وأشار إلى أن ديناميات الاشتباك الإسرائيلي الإيراني، تغيرت، بعد أن أظهر الجانبان استعداداً وقدرة على شن ضربات مباشرة على أراضي الآخر، ومع ذلك، فإن الحذر لا يزال أمراً حيوياً لتجنب مزيد من التصعيد، وفق قوله.

وحول عدم إعلان إسرائيل، قصف مواقع عسكرية إيرانية في أصفهان، رغم أن كل المؤشرات تتوجه نحوها، أوضح فيتزباتريك، أن "إسرائيل عادة ما تمتنع عن التعليق على هجماتها ضد الأعداء الأجانب كوسيلة للتقليل من خطر التصعيد المحتمل".

تصنيفات

قصص قد تهمك